200 شاب من أصل لبناني يزورون وطنهم لتوطيد علاقته مع بلاد الاغتراب

تبرعوا بالدم.. وتركوا بصماتهم على جدار في طرابلس وقدموا القبعة المكسيكية لإهدن

200 شاب وشابة تركوا بصماتهم على جدار وسط شارع سوريا في طرابلس عنوانا للسلام - شباب الوفد يحملون العلمين اللبناني والمكسيكي خلال زيارتهم الى سرايا طرابلس - أحد شباب الوفد أثناء مشاركته في حملة التبرع بالدم في بلدة فتقا الكسروانية.
200 شاب وشابة تركوا بصماتهم على جدار وسط شارع سوريا في طرابلس عنوانا للسلام - شباب الوفد يحملون العلمين اللبناني والمكسيكي خلال زيارتهم الى سرايا طرابلس - أحد شباب الوفد أثناء مشاركته في حملة التبرع بالدم في بلدة فتقا الكسروانية.
TT

200 شاب من أصل لبناني يزورون وطنهم لتوطيد علاقته مع بلاد الاغتراب

200 شاب وشابة تركوا بصماتهم على جدار وسط شارع سوريا في طرابلس عنوانا للسلام - شباب الوفد يحملون العلمين اللبناني والمكسيكي خلال زيارتهم الى سرايا طرابلس - أحد شباب الوفد أثناء مشاركته في حملة التبرع بالدم في بلدة فتقا الكسروانية.
200 شاب وشابة تركوا بصماتهم على جدار وسط شارع سوريا في طرابلس عنوانا للسلام - شباب الوفد يحملون العلمين اللبناني والمكسيكي خلال زيارتهم الى سرايا طرابلس - أحد شباب الوفد أثناء مشاركته في حملة التبرع بالدم في بلدة فتقا الكسروانية.

غادر 200 شاب وشابة يتحدرون من أصل لبناني وآتيين من 22 دولة أميركية وأوروبية لبنان، بعدما أقاموا في ربوعه على مدى 10 أيام بدعوة من الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم بالتعاون مع وزارة السياحة في لبنان.
هدف هذه الزيارة التي حملت عنوان «lebolution» هو توثيق العلاقة ما بين لبنان والمغتربين، وحثّ الشباب المتحدّر من أصل لبناني على التعرّف إلى بلده الأم عن كثب. وقد استغرق التحضير والتنظيم لهذه الزيارة نحو العام، من خلال لقاءات وتجمعات قامت بها نسرين اسبر (رئيسة المجلس العالمي للشبيبة) في مختلف دول الاغتراب.
جال الوفد الذي يقوم معظم أفراده بزيارة لبنان لأول مرة، في مختلف المناطق اللبنانية فقصدوا جبيل وصيدا وصور وطرابلس، وعرّجوا على إهدن وبعلبك وبلدة فتقا في كسروان وغيرها حيث تبادلوا الأحاديث بينهم وبين شباب لبنان المقيم.
وفي حديث مع نسرين اسبر لـ«الشرق الأوسط»، فقد أكدت أن هذا النوع من الزيارات سبق وحصل في سنوات ماضية، إنما عدد الشبّان الذي يزور لبنان حاليا كان الأكبر نسبة إلى غيره. وعن كيفية انخراط هؤلاء الشباب في كنف لبنان رغم عدم إلمام غالبيتهم بتقاليده وعاداته ومعالمه الأثرية أجابت: «لقد فوجئنا بحماسهم لهذه الزيارة منذ البداية، لا سيما أننا لم نخترهم شخصيا، بل هم من سجّلوا أسماءهم في مراكز خاصة في دول الاغتراب، وطالبوا بأن يكونوا من ضمن هذا الوفد». وأضافت: «يمكن القول إن لبنان كان اللغة الأساسية الذي تواصلوا فيها مع أهله، فعدم إجادتهم العربية أو جهلهم لأي تفاصيل أخرى عنه، لم تشكّل عائقا فيما بينهم وبين أهله على السواء، لا بل استمتعوا في تبادل الثقافات بين بلادهم الاغترابية ووطنهم الأم، إلى حدّ أن بعضهم كابن عمي مثلا يعيش قصة حبّ وهو يفكّر في العودة إلى لبنان تكرارا».
أما أمين عام الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم طوني قديسي فقد أكد من جهته، أن وزارة السياحة بشخص وزيرها ميشال فرعون، إضافة إلى تجمّع رجال الأعمال في لبنان ساهموا في نجاح هذه الزيارة التي استمرّت على مدى أيام متتالية. وأضاف في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «أبدى هؤلاء الشباب تجاوبا كبيرا مع اللبنانيين المقيمين، فكانوا سفراء فوق العادة للبلدان التي ولدوا فيها، وأمضوا برنامجا كاملا متكاملا، تخلله تبادل الثقافات الاجتماعية والفنية والإنسانية».
وكانت زيارة الوفد إلى مدينة طرابلس واحدة من أكثر الزيارات التي لفتت اللبنانيين والتي أقيمت تحت شعار «يوم السلام في طرابلس»، فجالوا في شوارعها وتعرّفوا إلى أزقتها وأصروا على جمع شمل أهالي طرابلس، الذين شرذمتهم حرب مناطقية ما بين باب التبانة وجبل محسن. هناك وفي شارع سوريا في التحديد رسموا جدارية السلام، فطبعوها ببصمات أياديهم حول شعار الجيش، للإشارة إلى تلاقي أبناء المنطقتين المذكورتين بسلام. وقدموا هدية تذكارية لرئيس بلديتها عامر طيب الرافعي في مركز رشيد كرامي الثقافي البلدي، وهي كناية عن أرزة لبنانية وخريطة لبنان كتب عليها «نحن نحبّ لبنان».
وكما في طرابلس كذلك في إهدن، جال الشباب المتحدر من أصل لبناني على معالمها، وقدموا لرئيس بلديتها شهوان الغزال معوّض هدية تذكارية هي كناية عن قبعة مكسيكية (sombrero) مشغولة بالفضّة، صممها شباب الوفد وترمز إلى أميركا اللاتينية التي جاء منها معظم أفراد الوفد.
ولطبع زيارتهم هذه بلفتة إنسانية أصيلة، تؤكّد صلة الدم بينهم وبين وطنهم لبنان، فقد شارك شباب الوفد في حملة تبرّع للدم أقيمت في بلدة فتقا في منطقة كسروان نظمتها جمعية (عطاء دون حدود)، فأخذوا صورا تذكارية وهم يقومون بها رافعين شعارات تبرز تعلّقهم في وطنهم الأم وبينها «أنا لبناني أصيل».
وطالبت نسرين اسبر (رئيسة المجلس العالمي للشبيبة) شركة طيران الشرق الأوسط (MEA)، في اللقاء الذي جمع الوفد بتجمّع رجال اللبنانيين في مطعم «عنب» في بيروت، إلى ضرورة تأمين رحلات مباشرة من دول أميركا اللاتينية إلى لبنان، التي تضم أكبر جالية لبنانية في العالم، لتشجيع المغتربين لزيارة لبنان ولو مرة واحدة في السنة. وقالت: «هذه اللفتة في حال حصولها ستعود بإيجابيات كثيرة على اللبنانيين المغتربين والمقيمين معا وعلى اقتصاد لبنان بشكل عام».
وكان لـ«الشرق الأوسط» لقاءات مع بعض الشباب المتحدرين من أصل لبناني، وبينهم خوسيه فرّة، الذي تعود أصوله اللبنانية إلى بلدة ريفون في منطقة كسروان، فقال: «كلمة سعادة وحدها لا تكفي لوصف شعورنا تجاه لبنان، فلقد اجتاحنا الحماس منذ اللحظة الأولى لوصولنا أرضه، وأنا كما غيري من أصدقائي المشاركين في هذا الوفد قررنا العودة إلى لبنان مرات أخرى ولا أستبعد استقراري فيه في المستقبل»، وأضاف: «لقد خسرت والدي منذ نحو ثلاث سنوات، هو الذي كان يحدثني دائما عن لبنان، واليوم عندما تصل إلى «تشيلي» من حيث أتيت، سأروي لوالدتي بالتفاصيل مجريات هذه الزيارة، لعلّ أبي ومن العالم الآخر الذي هو فيه اليوم، سيفرح هو أيضًا في سماعها».
أما ريتا حكيم من كندا، التي انتخبت ملكة جمال المغتربين لعام 2013، فقد أكدت أنها ستدعو أصدقاءها لزيارة لبنان، وأنها شخصيا تعتز بجذورها اللبنانية والتي تعود إلى بلدة غوسطا الكسروانية.
«تعرّف إلى لبنان» كان العنوان الرئيسي لزيارة وفد الشباب المتحدّر من أصل لبناني إلى بلدهم الأم، الذي نتج عنه مواقف مؤثّرة كثيرة من قبلهم. فان أنطونيو ابن الـ22 ربيعا والآتي من البرازيل لم يتوانَ عن القول: «أنتم تعيشون في الجنّة وعليكم الحفاظ على لبنان، لأنكم لن تعرفوا قيمته الحقيقية إلا عندما تغادرونه للعيش في بلد غيره».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».