الفيوم... سحر المتناقضات في محافظة مصرية واحدة

شلالات وبحيرات تجاور كثباناً رملية وآثاراً فرعونية

وادي الريان فيه بحيرتان عليا وسفلى (شاترستوك)
وادي الريان فيه بحيرتان عليا وسفلى (شاترستوك)
TT

الفيوم... سحر المتناقضات في محافظة مصرية واحدة

وادي الريان فيه بحيرتان عليا وسفلى (شاترستوك)
وادي الريان فيه بحيرتان عليا وسفلى (شاترستوك)

حالة من النشوة تدب في أوصالك ممتزجة بطاقة إيجابية وحماس بمجرد أن تخطو أولى خطواتك داخل محافظة الفيوم المصرية، فهنا تمتزج المتناقضات في تناغم فريد يجعل من تلك المحافظة الصغيرة التي تغفو بوداعة على بعد مائة كيلومتر من القاهرة مزارا سياحيا مدهشا يجمع بين الشلالات والبحيرات والكثبان الرملية والآثار الفرعونية والمحميات الطبيعية والطقوس البدوية في مكان خلاب واحد!
تكتسب تلك الوجهة السياحية إذن تميزها لكونها اختيارا رائعا لعشاق سياحة السفاري والسياحة الثقافية وسياحة الترفيه، فضلا عن سياحة الصيد والسياحة الدينية معا. تكمن الخطوة الأولى في المجيء عبر الطيران حيث يمكن للسائح الهبوط في مطار «سفنكس» الواقع ضمن محيط مدينة 6 أكتوبر القريبة ثم يستقل سيارة إلى الفيوم في مدة قصيرة لا تكاد تستغرق نحو ساعة. أما المجيء من العاصمة المصرية القاهرة، فيزيد المدة إلى ساعة ونصف تقريبا.

شلالات وادي الريان (شاترستوك)

تعد محمية «وادي الريان» بداية مثالية هنا، فهي تتميز بوجود بحيرتين «عليا وسفلى» تفصل بينهما منطقة الشلالات الشهيرة، ما يوفر فرصة رائعة للاستمتاع بالطبيعة الخلابة، فضلا عن صيد البط والأسماك وممارسة بعض الرياضات المائية وكذلك التقاط الصورة التذكارية في بقعة شديدة الجمال والتفرد. ولا تتوقف عبقرية المحمية عند هذا الحد، فهي تشمل كذلك «عيون الريان» التي تضم العديد من الكثبان الرملية البديعة والتي تحتوي على ثلاث عيون مياه كبريتية وكذلك «جبل المدورة» و«بحيرات الريان».
وينصح الباحث المتخصص في شؤون البيئة محمد سيد، بزيارة الفيوم في بداية فصل الشتاء حيث سيكون السائح «على موعد مع مشهد بديع يتمثل في أسراب الطيور المهاجرة من موطنها الأصلي بأوروبا وغرب البحر المتوسط وغرب الهند وبعض مناطق الشرق الأوسط»، مشيراً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «أهم أنواع هذه الطيور هي الفلامنغو والسمان والبلشون وأبو منجل الأسود وأبو المغازل وكروان البحر وفرخة الماء».
ومن المزارات المدهشة التي يصعب أن تنساها لاحقا «وادي حيتان» الذي يبعد عن وادي الريان بنحو 40 كيلومترا، وهو مصنف ضمن التراث الإنساني العالمي بحسب هيئة «اليونيسكو». يضم الوادي حفريات وهياكل عظمية لحيتان يعود عمرها إلى 40 مليون سنة، فضلا عن أكثر من 300 حوت متحجر، حين كانت المنطقة عبارة عن بحر عظيم لكنها تحولت الآن إلى أحد أشهر المتاحف المفتوحة في العالم.
ويعد هذا الوادي خيارا رائعا للتخييم والمبيت تحت سماء صافية ليلا تغري بممارسة أنشطة الرصد الفلكي؛ نظرا لوضوح الرؤية وقرب السماء لكن ينصح بأخذ العديد من الاحتياطات مثل التزود سابقا بمياه مثلجة ومصادر الطاقة (باور بنك)، حيث يصعب الحصول على مياه باردة هنا كما أن المنطقة معزولة فلا توجد تغطية لشبكات الهاتف المحمول. ويفضل المجيء إلى هنا بسيارات الدفع الرباعي عبر طريق ممهد من «وادي الريان».


قرية تونس في الفيوم (شاترستوك)

ولا يمكن الحديث عن الفيوم دون التطرق إلى وجهتها السياحية الشهيرة المتمثلة في «بحيرة قارون» التي تصنف أقدم وأجمل بحيرة للماء العذب في العالم وتمتد على مساحة 600 كيلومتر مربع بشواطئ تبلغ 50 كيلومترا. ويؤكد العلماء أنها قديما كانت تبلغ عشرة أضعاف حجمها الحالي، لكن مساحتها تقلصت على مدار آلاف السنين.
وتعد البحيرة ملاذا آمنا للعديد من الطيور المهاجرة التي تأتي هنا لتتكاثر، لا سيما في جزيرتي «القرن الذهبي» و«حمود». هنا يمكنك الاستمتاع بوجبة أسماك شهية تقدمها المطاعم الممتدة عبر شاطئ البحيرة الذي يضم كذلك العديد من الفنادق والمنتجعات، وأهمها فندق «الأوبرج» الذي كان خيارا مفضلا لآخر ملوك مصر والسودان، الملك فاروق الأول.
وإن كنت تظن أن مزارات الفيوم انتهت، فأنت مخطئ؛ إذ لا يزال بوسعك زيارة متحف الكاريكاتير الذي شيده الفنان التشكيلي المصري العالمي محمد عبلة، فضلا عن قرية «يونس» التي تضم العديد من المشغولات والحرف اليدوية التي تعد فرصة رائعة لشراء هدايا وملابس مميزة بأسعار معقولة للغاية وغير مبالغ فيها بالمرة.
وتحفل الفيوم بروائع الآثار الفرعونية غير التقليدية مثل هرم «هوارة» الذي بناه الملك أمنحتب الثالث على نحو مختلف عن أهرامات الجيزة، وكذلك مدينة «كرانيس» ومتحف «كوم أوشيم».
كما تتجاور فيها المزارات المسيحية والإسلامية كما في «دير الملاك غبريال»، و«مسجد سليمان» الذي يعرف أيضا باسم «المعلق»؛ نظرا لتشييده فوق ربوة عالية.
وفضلا عن «هلنان الأوبرج»، تتنوع خياراتك في الفنادق والمنتجعات فهناك «لازب إن ريزورت» و«تلال كامب» و«مراسي البحيرة» و«نيو بانوراما شكشوك» و«زاد المسافر»، كما تتوفر شقق فندقية وبيوت استضافة بالإيجار.


مقالات ذات صلة

جولة على أجمل أسواق العيد في ألمانيا

سفر وسياحة أسواق العيد في ميونخ (الشرق الاوسط)

جولة على أجمل أسواق العيد في ألمانيا

الأسواق المفتوحة تجسد روح موسم الأعياد في ألمانيا؛ حيث تشكل الساحات التي تعود إلى العصور الوسطى والشوارع المرصوفة بالحصى

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد جانب من المنتدى التاسع لمنظمة الأمم المتحدة لسياحة فن الطهي المقام في البحرين (الشرق الأوسط) play-circle 03:01

لجنة تنسيقية لترويج المعارض السياحية البحرينية السعودية

كشفت الرئيسة التنفيذية لهيئة البحرين للسياحة والمعارض سارة أحمد بوحجي عن وجود لجنة معنية بالتنسيق فيما يخص المعارض والمؤتمرات السياحية بين المنامة والرياض.

بندر مسلم (المنامة)
يوميات الشرق طائرة تُقلع ضمن رحلة تجريبية في سياتل بواشنطن (رويترز)

الشرطة تُخرج مسنة من طائرة بريطانية بعد خلاف حول شطيرة تونة

أخرجت الشرطة امرأة تبلغ من العمر 79 عاماً من طائرة تابعة لشركة Jet2 البريطانية بعد شجار حول لفافة تونة مجمدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق أشخاص يسيرون أمام بوابة توري في ضريح ميجي بطوكيو (أ.ف.ب)

اليابان: اعتقال سائح أميركي بتهمة تشويه أحد أشهر الأضرحة في طوكيو

أعلنت الشرطة اليابانية، أمس (الخميس)، أنها اعتقلت سائحاً أميركياً بتهمة تشويه بوابة خشبية تقليدية في ضريح شهير بطوكيو من خلال نقش حروف عليها.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
يوميات الشرق سياح يصطفون للدخول إلى معرض أوفيزي في فلورنسا (أ.ب)

على غرار مدن أخرى... فلورنسا الإيطالية تتخذ تدابير لمكافحة السياحة المفرطة

تتخذ مدينة فلورنسا الإيطالية التاريخية خطوات للحد من السياحة المفرطة، حيث قدمت تدابير بما في ذلك حظر استخدام صناديق المفاتيح الخاصة بالمستأجرين لفترات قصيرة.

«الشرق الأوسط» (روما)

مصر تعوّل على «سوق السفر العالمي» لتنشيط السياحة

الجناح المصري في «بورصة لندن للسياحة» حظي بتفاعل الزوار (وزارة السياحة والآثار المصرية)
الجناح المصري في «بورصة لندن للسياحة» حظي بتفاعل الزوار (وزارة السياحة والآثار المصرية)
TT

مصر تعوّل على «سوق السفر العالمي» لتنشيط السياحة

الجناح المصري في «بورصة لندن للسياحة» حظي بتفاعل الزوار (وزارة السياحة والآثار المصرية)
الجناح المصري في «بورصة لندن للسياحة» حظي بتفاعل الزوار (وزارة السياحة والآثار المصرية)

تُعوّل مصر على اجتذاب مزيد من السائحين، عبر مشاركتها في فعاليات سياحية دولية، أحدثها «سوق السفر العالمي» (WTM)، التي افتتح خلالها وزير السياحة والآثار المصري، شريف فتحي، جناح بلاده المُشارك في الدورة الـ43 من المعرض السياحي الدولي، الذي تستمر فعالياته حتى 7 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي بالعاصمة البريطانية لندن.

ووفق فتحي، فإن وزارته تركّز خلال مشاركتها بالمعرض هذا العام على إبراز الأنماط والمنتجات السياحية المتعدّدة الموجودة في مصر، واستعراض المستجدات التي تشهدها صناعة السياحة في مصر.

هدايا تذكارية بالجناح المصري (وزارة السياحة والآثار المصرية)

ووفق بيان وزارة السياحة والآثار، فإن «الجناح المصري المشارك شهد خلال اليوم الأول إقبالاً من الزوار الذين استمتعوا بالأنشطة التفاعلية الموجودة به، والأفلام التي تُبرز المقومات المختلفة والمتنوعة للمقصد السياحي المصري، كما شهد اليوم الأول عقد لقاءات مهنية مع ممثّلي شركات السياحة والمنشآت الفندقية المصرية».

وتشارك مصر هذا العام بجناح يضم 80 مشاركاً، من بينهم 38 شركة سياحة، و38 فندقاً، بالإضافة إلى شركتَي طيران، هما: شركة «Air Cairo»، وشركة «Nesma»، إلى جانب مشاركة محافظتَي البحر الأحمر وجنوب سيناء، وجمعية «الحفاظ على السياحة الثقافية».

وصُمّم الجناح من الخارج على شكل واجهة معبد فرعوني، مع شعار على هيئة علامة «عنخ» (مفتاح الحياة)، في حين صُمّم الجناح من الداخل على شكل صالات صغيرة للاستقبال، بدلاً من المكاتب (Desks).

وتمت الاستعانة بمتخصصين داخل الجناح المصري؛ لكتابة أسماء زائري الجناح المصري باللغة الهيروغليفية على ورق البردي، وبشكل مجاني خلال أيام المعرض، بجانب عازفة للهارب تعزف المقطوعات الموسيقية ذات الطابع الفرعوني.

جانب من الإقبال على جناح مصر في «بورصة لندن» (وزارة السياحة والآثار المصرية)

ويُعدّ «سوق السفر العالمي» معرضاً مهنياً، يحظى بحضور كبار منظّمي الرحلات، ووكلاء السياحة والسفر، وشركات الطيران، والمتخصصين في السياحة من مختلف دول العالم.

واقترح فتحي خلال لقائه بوزيرة السياحة اليونانية إمكانية «الترويج والتسويق السياحي المشترك لمنتج السياحة الثقافية في البلدين بعدد من الدول والأسواق السياحية، لا سيما أن مصر واليونان لديهما تكامل سياحي في هذا الشأن». على حد تعبيره.

واستعرض الوزير المصري المقومات السياحية المتعددة التي تتمتع بها بلاده، كما تحدث عن المتحف المصري الكبير، وما سيقدمه للزائرين من تجربة سياحية متميزة، لا سيما بعد التشغيل التجريبي لقاعات العرض الرئيسية الذي شهده المتحف مؤخراً.

فتحي خلال تفقّده للجناح المصري بـ«بورصة لندن» (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وتوقّع الوزير المصري أن تشهد بلاده زيادة في أعداد السائحين حتى نهاية العام الحالي بنسبة 5 في المائة عن العام الماضي، خلال مؤتمر صحافي عقده في المعرض، وأشار إلى أهمية السوق البريطانية بالنسبة للسياحة المصرية، حيث تُعدّ أحد أهم الأسواق السياحية الرئيسية المستهدفة، لافتاً إلى ما تشهده الحركة السياحية الوافدة منها من تزايد، حيث يصل إلى مصر أسبوعياً 77 رحلة طيران من مختلف المدن بالمملكة المتحدة.

وأكّد على أن «مصر دولة كبيرة وقوية، وتدعم السلام، وتحرص على حماية حدودها، والحفاظ على زائريها، وجعْلهم آمنين، حيث تضع أمن وسلامة السائحين والمواطنين في المقام الأول، كما أنها بعيدة عن الأحداث الجيوسياسية»، لافتاً إلى أن هناك تنوعاً في جنسيات السائحين الوافدين إلى مصر من الأسواق السياحية المختلفة، حيث زارها خلال العام الحالي سائحو أكثر من 174 دولة حول العالم.

الجناح المصري في «بورصة لندن» للسياحة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وأعرب فتحي عن تفاؤله بمستقبل الساحل الشمالي المصري على البحر المتوسط، وما يتمتع به من مقومات سياحية متميزة، خصوصاً مدينة العلمين الجديدة، ومشروع رأس الحكمة بصفته أحد المشروعات الاستثمارية الكبرى التي تشهدها منطقة الساحل الشمالي، لافتاً إلى أنه من المتوقع أن يجذب هذا المشروع أكثر من 150 مليار دولار استثمارات جديدة، ويساهم في إضافة ما يقرب من 130 ألف غرفة فندقية.