مجلة أميركية: تزايد التطرف اليميني بين «كبار السن» في بريطانيا

ربما ارتبطت الأحداث الإرهابية وجرائم التطرف سواء كانت يمينية أو يسارية بأعمار الشباب وصغار السن، إلا أن مؤشراً جديداً بدأ يدق ناقوس الخطر في القارة الأوروبية والمملكة المتحدة على وجه الخصوص، وهو التطرف اليميني بين كبار السن الذين تزيد أعمارهم على 45 عاماً، حيث تشير دراسة ميدانية إلى ارتفاعها بنسبة 35 في المائة.
ويعتبر هذا التهديد الذي وصفته الحكومة البريطانية في برنامج «بريفينت» بأنه «تهديد ناشئ» حسبما نقلته مجلة محاربة الإرهاب الأميركية في عددها الأخير الصادر عن شهر مارس (آذار) الحالي، مشيرة إلى أن الهجمات الأخيرة والمؤامرات المعطلة والاعتقالات في أوروبا والولايات المتحدة، تنبئ بأن التهديد الإرهابي الذي يشكله كبار السن من اليمين المتطرف قد يكون في ازدياد، وهجمات هؤلاء المتطرفين ربما تكون محدودة الأهداف والتخطيط وسريعة في التطبيق كذلك.
وقالت إن هناك زيادات كبيرة في عدد الرجال المرتبطين باليمين المتطرف الذين تتراوح أعمارهم بين 51 عاماً وما فوق، والذين تمت إحالتهم إلى برنامج مكافحة الإرهاب المعروف بـ«بريفينت» في بريطانيا ومناقشتها ضمن برنامج القناة الخاص بها، وتثير دراسة الحالة والبيانات أسئلة مهمة حول السياسة فيما يتعلق بالفعالية المحتملة لمنع ومكافحة التطرف العنيف. واستعرضت المجلة الأميركية، 5 حالات لهجمات إرهابية ارتكبها عدد من المتطرفين الكبار في السن في بريطانيا، ووجدت أن القاسم المشترك فيما بينهم هو السجلات الإجرامية القديمة لهم، إضافة إلى شعورهم بالوحدة وتعاطي المخدرات والبطالة، وكذلك دور الإنترنت، والجو السياسي المحموم على نحو متزايد في المملكة المتحدة، جميعها تعد عوامل مساعدة على التطرف أو محفزة له، فيما لا توجد أيضاً طريقة هجوم متسقة أو منهجية استهداف.
وأشارت إلى أن الخيوط المشتركة الوحيدة عبر جميع الهجمات الخمس هي فشلها النسبي من حيث التأثير، حيث لم تكن أي هجمات جماعية أو حتى متعددة الإصابات نتيجة تخطيط مسبق، بل يبدو أن العديد منها كان عفوياً في توقيته وأهدافه. ورغم أن العديد من المهاجمين كان لديهم بعض الاتصالات عبر الإنترنت مع مجموعات وأفراد من اليمين المتطرف، يبدو أنهم كانوا متلقين سلبيين إلى حد كبير للروايات والدعايات.
وتقوم جهات إنفاذ القانون والكيانات العامة الأخرى والمجتمع ككل، بإحالة الأفراد الذين يعتبرونهم معرضين لخطر الانجرار إلى الإرهاب إلى برنامج «بريفينت»، ورغم أن إجمالي الإحالات للأفراد من جميع الأعمار المتعلقة باليمين المتطرف قد زاد بنسبة 35 في المائة بين أبريل (نيسان) 2016 ومارس 2022، فإن الإحالات من الفئة العمرية 50 عاماً وأكبر، زادت بمقدار 58 في المائة، وبلغت ذروتها في عامي 2020 – 2021، وانخفضت في 2022.
ويقول جوناثان لويس الباحث في «مركز محاربة التطرف» بجامعة جورج واشنطن، إنه في كل من سياقات الدول الغربية التي يظهر بها التطرف اليميني بين كبار السن، وخصوصاً في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، يكون التحدي واسع الانتشار بسبب «اللامركزية» المتزايدة للحركات اليمينية المتطرفة اليوم، حيث لا يتطلب المرء العضوية في مجموعات منظمة ليصبح متطرفاً، بل «يحتاج فقط إلى هاتف نقّال أو جهاز كومبيوتر وحساب على وسائل التواصل الاجتماعي لتبدأ رحلة التطرف».
وأشار لويس خلال حديثه مع «الشرق الأوسط»، إلى أن انتشار نظريات «المؤامرة الخطيرة» في السنوات الأخيرة بدأ يزداد مع عودة هتافات «التفوق الأبيض العنصري» عن «النازيين الجدد»، التي وجدت بشكل متزايد موطناً لمنصات التواصل الاجتماعي السائدة مثل «فيسبوك» و«تويتر»، منبهاً إلى أن الأهم من ذلك، هو أنه لا يمكن حل هذا التحدي من خلال الملاحقات القضائية فقط... حيث تشير هذه الأنواع من المشاكل إلى تدهور ديمقراطي أكثر مكراً وعمقاً، وهو تدهور أدى إلى تدهور ثقة الجمهور في الحكومات والخبراء، وخلق بيئة يمكن أن تنتشر فيها المعلومات المضللة بسرعة مع القليل من اللجوء إلى التحقق من الحقائق كحل فعال. هذه العوامل مجتمعة تخلق أرضاً خصبة للتطرف لأي فئة عمرية، وبخاصة الجيل الأكبر سناً».