دراسة تتوصل لأسباب أهم الانقراضات على الأرض! فما هي؟

توصلت دراسة جديدة إلى أن استنفاد الأكسجين وارتفاع مستويات كبريتيد الهيدروجين في المحيطات ربما كانا مسؤولين عن أحد أهم حالات الانقراض الجماعي على الأرض منذ أكثر من 350 مليون سنة. ومن المحتمل أن تكون التغييرات مدفوعة بارتفاع مستويات سطح البحر ولديها بعض أوجه التشابه المخيفة مع الظروف التي نراها اليوم.
فقد درس الباحثون عينات من الصخر الزيتي الأسود من تشكيل باكن؛ وهي منطقة تبلغ مساحتها 200000 ميل مربع (518000 كيلومتر مربع) تم وضعها جزئيًا خلال أواخر العصر الديفوني والتي تشمل أجزاء من داكوتا الشمالية وكندا وهي واحدة من أكبر الرواسب المتجاورة للغاز الطبيعي والنفط في الولايات المتحدة. ووجد الفريق دليلاً على أن الأرض شهدت فترات من استنفاد الأكسجين وتوسع كبريتيد الهيدروجين، ما ساهم على الأرجح في أحداث الانقراض الكاسح الذي دمر الأرض خلال العصر الديفوني (419.2 و 358.9 مليون سنة مضت)، أو «عصر الأسماك».
ويتكون كبريتيد الهيدروجين عندما تتحلل الطحالب في قاع المحيط. وعملية التحلل هذه تستنزف أيضًا الأكسجين.
وحسب المؤلف المشارك في الدراسة الجيولوجي بجامعة ماريلاند الدكتور آلان جاي كوفمان في بيان له «كانت هناك انقراضات جماعية أخرى من المحتمل أن تكون ناجمة عن تمدد كبريتيد الهيدروجين من قبل، ولكن لم يدرس أحد على الإطلاق تأثيرات آلية القتل هذه بشكل شامل خلال هذه الفترة الحرجة من تاريخ الأرض»، وذلك وفق موقع «لايف ساينس» العلمي المتخصص.
وخلال العصر الديفوني، تم تحديد ملامح الحياة البحرية. إذ تنوعت الأسماك الخالية من الفك والمعروفة باسم placoderms على نطاق واسع في جميع أنحاء المحيطات التي طوقت القارات العملاقة Gondwana و Euramerica. وكانت المحيطات مليئة أيضًا بثلاثيات الفصوص والأمونيت المبكرة، كما كانت الشعاب المرجانية واسعة النطاق تحيط بالقارات. وعلى اليابسة شهدت الأرض غاباتها الأولى من السراخس والأشجار المبكرة. وبحلول منتصف العصر الديفوني زحف أول رباعي الأرجل Tiktaalik roseae من سطح البحر.
ومع ذلك، شهدت الفترة الديفونية أيضًا بعضًا من أهم حالات الانقراض في تاريخ الأرض، بما في ذلك أحد أحداث «الانقراضات الجماعية» الخمس الشائنة التي أدت إلى تطور النباتات والحيوانات التي نعرفها اليوم. فقد اختفت الأدمة الجلدية وثلاثية الفصوص والأمونيا المبكرة، في حين تكاثرت أسماك القرش والأشعة الغضروفية الشبيهة بالأسماك.
وللكشف أكثر عن الانقراضات الديفونية، قام فريق البحث بتحليل أكثر من 100 عينة أساسية تم حفرها من رواسب الصخر الزيتي الأسود في تشكيل باكن. حيث تراكمت هذه الرواسب الغنية بالمواد العضوية قرب نهاية العصر الديفوني، مسجلة البيئة في تركيبتها الكيميائية.
وفي هذا الاطار، وجد الفريق دليلاً على «أحداث نقص الأكسجين»؛ حيث استنفدت المياه تمامًا من الأكسجين، حسبما أفاد باحثو الدراسة، التي نُشرت في 8 مارس (آذار) الحالي بمجلة «نيتشر» العلمية المرموقة.
وعلق كوفمان على هذا الأمر بالقول «إن هذه الانخفاضات الحادة من المحتمل أن تكون مرتبطة بسلسلة من الارتفاعات السريعة في مستوى سطح البحر بسبب ذوبان الصفائح الجليدية للقطب الجنوبي خلال الفترة السيلورية السابقة (443.8 مليون إلى 419 مليون سنة مضت). في الوقت نفسه، حولت النباتات الأرض الصخرية إلى تربة، والتي من شأنها أن تطلق المغذيات لتتدفق للمحيطات المرتفعة. كان من الممكن أن يؤدي تدفق المغذيات إلى المحيطات لتكاثر الطحالب الضخمة التي ماتت، فيجري التحلل وامتصاص الأكسجين. فعندما تحللت أطلقت الطحالب الميتة كبريتيد الهيدروجين، ما أدى إلى زيادة مستويات المادة الكيميائية السامة. وكانت البحار المستنفدة للأكسجين أكثر من اللازم للحياة البحرية في العصر الديفوني. لذا يقدر الباحثون أن 75 % من الحياة انقرضت بنهاية العصر الديفوني».
وخلص مؤلفو الدراسة في بيانهم الى ان «الانقراض الجماعي الديفوني هو تحذير لنا اليوم. إذ تظهر المناطق الميتة المستنفدة للأكسجين في المحيطات كل عام في أماكن مثل خليج المكسيك وبحر البلطيق. كما ان الاستخدام المكثف للأسمدة وجريان مياه الصرف الصحي يعززان مستويات المغذيات في المحيط ويشجعان على تكاثر الطحالب الضخمة. ومع ارتفاع درجة حرارة الكرة الأرضية وارتفاع مستوى سطح البحر لن تقوم المحيطات بتوزيع الأكسجين أيضًا». وأضافوا «يمكن أن تساعد حالات الانقراض الجماعي السابقة العلماء على فهم عواقب أفعالنا اليوم. فعلى الرغم من أن أسباب ارتفاع مستوى سطح البحر وتدفق المغذيات في العصر الديفوني تختلف عن اليوم، إلا أنها قد تؤدي إلى نفس النتيجة؛ خسارة هائلة في الأرواح وفي محيطات كوكبنا».