خفض إضاءة المنزل قبل النوم يقلل مخاطر إصابة الحوامل بالسكري

سكري الحمل يختفي في معظم الحالات بعد الولادة (رويترز)
سكري الحمل يختفي في معظم الحالات بعد الولادة (رويترز)
TT

خفض إضاءة المنزل قبل النوم يقلل مخاطر إصابة الحوامل بالسكري

سكري الحمل يختفي في معظم الحالات بعد الولادة (رويترز)
سكري الحمل يختفي في معظم الحالات بعد الولادة (رويترز)

كشفت دراسة أميركية جديدة أنه ينبغي على النساء الحوامل خفض درجة الإضاءة في المنزل وعلى شاشات الكومبيوتر والهواتف الذكية قبل النوم بعدة ساعات للحد من مخاطر الإصابة بسكري الحمل.
ووفقاً لـ«وكالة الأنباء الألمانية»، يقصد بمرض سكري الحمل ارتفاع نسبة السكر في الدم لدى المرأة الحامل التي لم يسبق تشخيصها بالمرض، ويمكن أن يظهر خلال أي مرحلة من مراحل الحمل. وقد تحدث هذه المشكلة بسبب تطور مقاومة هرمون الأنسولين المسؤول عن تنظيم سكر الدم أو عدم إفراز الجسم ما يكفي من الأنسولين.
ورغم أن سكري الحمل يظهر للمرة الأولى أثناء الحمل ويختفي في معظم الحالات بعد الولادة، فإنه قد يسبب بعض المشاكل الصحية للأم والجنين أثناء الحمل وبعد الولادة ما لم تتم السيطرة عليه بشكل جيد.
ويقول الدكتور مينغي كيم، اختصاصي طب الأعصاب بجامعة نورث ويسترن الأميركية: «الدراسة تشير إلى أن التعرض للضوء قبل النوم ربما يكون من الأسباب غير المعروفة للإصابة بسكري الحمل». واستطرد أنه لا توجد معلومات كافية بشأن مخاطر التعرض للضوء خلال فترة المساء بشكل عام بالنسبة للمرأة الحامل.
وأضاف كيم في تصريحات أوردها الموقع الإلكتروني «ميديكال إكسبريس» المتخصص في الأبحاث الطبية: «لا نعتقد أن هناك خطورة محتملة من البقاء في الضوء الساطع وقت الاستيقاظ، ولكن لا بد من خفض الإضاءة لعدة ساعات قبل النوم».
وبحسب الدراسة التي نشرتها الدورية العلمية American Journal of Obstetrics and Gynecology Maternal Fetal Medicine، وشملت 741 امرأة خلال الثلث الثاني من فترة الحمل خلال الفترة من 2011 حتى 2013، تبين أن التعرض للضوء قبل النوم ربما يؤثر على عملية الأيض بسبب ارتفاع نشاط الجهاز العصبي في الوقت الذي لا بد أن يهدأ فيه الجسم استعداداً للنوم.
وأشار الباحثون إلى أن خفض الوزن وممارسة الرياضة يقللان من مخاطر الإصابة بسكري الحمل، غير أن «خفض الإضاءة ربما يكون من التعديلات البسيطة التي يمكن أن تقوم بها المرأة الحامل» للتقليل من احتمالات الإصابة بهذه المشكلة الصحية.



إمساك في السماء وإفطار بين السُّحب… حكايات رمضانية من قُمرة القيادة

TT

إمساك في السماء وإفطار بين السُّحب… حكايات رمضانية من قُمرة القيادة

من داخل قمرة القيادة قائدا الطائرة يترقبان غروب الشمس الكامل لإعلان الإفطار (الشرق الأوسط)
من داخل قمرة القيادة قائدا الطائرة يترقبان غروب الشمس الكامل لإعلان الإفطار (الشرق الأوسط)

في سماءٍ تعلو 30 ألف قدمٍ، حيث تتغيَّر الأوقات ويتبدَّل الشروق والغروب بسرعة تفوق إدراك الإنسان على الأرض، يعيش الملاحون تجربة صيام مختلفة، تعتمد على حسابات دقيقة ومعادلات فيزيائية، لضبط أوقات الإمساك والإفطار في ظل التَّحليق بسرعات عالية، وعبور مناطق زمنية متعددة.

التحدي الأكبر

يشرح الكابتن علي الشهري، مدير أسطول طائرات «البوينغ» في «الخطوط السعودية»، كيف أن تحديد أوقات الفجر والمغرب أثناء الطيران ليس بالأمر البسيط؛ إذ تؤثر عوامل عدّة على هذه الحسابات، من بينها الارتفاع عن سطح البحر. فكلما زاد الارتفاع زاد انكسار ضوء الشمس؛ ما يؤثر على توقيتَي الفجر والغروب، كما أن الطائرة إذا كانت متجهة إلى الشرق، فالشروق يحدث مبكراً، والعكس صحيح عند توجُّهها غرباً. أيضاً هناك سرعة الطائرة؛ فالسفر بسرعات عالية قد يجعل الشمس تغيب أو تشرق أسرع من المعتاد. وإذا أقلعت الطائرة قريبة من وقت الفجر أو المغرب، فإن الحسابات تختلف كلياً، وأخيراً تاريخ الرحلة فاختلاف طول النهار بين الصيف والشتاء يلعب دوراً مهماً في مدة الصِّيام.

ولحسم هذه التحديات، يلجأ الطيارون المسلمون إلى التكنولوجيا الحديثة؛ إذ طوّر الكابتن محمد جايل العتيبي تطبيق «Muslim Pilot»، الذي يعتمد على خوارزميات دقيقة لتحديد أوقات الصَّلوات والإفطار خلال الرحلات الجوية. يقول الكابتن الشهري: «هذا التطبيق أصبح أداةً لا غنى عنها للطيارين المسلمين حول العالم؛ إذ يمكّنهم من حساب أوقات الصلوات والإفطار بدقة متناهية، حتى في ظل التنقل بين خطوط الطول المختلفة».

قائد طائرة «الخطوط السعودية» يتناول تمرة الإفطار أثناء رحلته الجوية (الشرق الأوسط)

تأثير الارتفاع والاتجاه على موعد الإفطار

يرتبط وقت غروب الشمس على الأرض بزاوية انحدارها تحت الأفق، التي تبلغ نحو 0.83333 درجة عند مستوى سطح البحر. ولكن على ارتفاع 30 ألف قدم، يمكن أن تصل هذه الزاوية إلى 3 درجات؛ ما يؤدي إلى تأخير الغروب لبضع دقائق إضافية، تصل أحياناً إلى 15 دقيقة.

وهذا يعني أنه عندما يرى المسافرون في الأرض الشمس قد غربت، قد يظل الطيارون يرونها في الأفق لبعض الوقت؛ ما يستوجب انتظار التأكد من الغروب الكامل قبل الإفطار.

قائد طائرة «الخطوط السعودية» يردد دعاء الإفطار (الشرق الأوسط)

اتجاه الطائرة هو عامل رئيسي في حساب مواقيت الصلاة والصيام. فإذا كانت الطائرة تتجه شرقاً، فإن النهار يصبح أقصر، حيث تقترب الطائرة من الشروق التالي بسرعة أكبر. أما عند التوجه غرباً، فإن الطائرة «تهرب» من الغروب؛ ما يطيل ساعات النهار، وقد يجعل الصِّيام أصعب وأطول.

يقول الكابتن الشهري: «في بعض الرحلات المتجهة غرباً، يمكن أن يزيد طول النهار إلى 24 ساعة أو أكثر؛ ما يجعل الصيام غير ممكن، وهذا يتطلَّب من الطيارين استخدام رخصة الإفطار وفق الفتاوى الشَّرعية».

أقصر مدة للصِّيام

في الرحلات المتجهة شرقاً، خصوصاً خلال فصل الشتاء، قد يكون النهار قصيراً جداً. على سبيل المثال، رحلة من جدَّة إلى مانيلا (الفلبين)، حين تقلع الساعة 06:00 صباحاً بتوقيت السعودية، تصل إلى لحظة الغروب فوق كمبوديا بعد نحو 8 ساعات، أي نحو الساعة 14:00 بتوقيت السعودية، ما يجعل مُدَّة الصِّيام قصيرة نسبياً.

متى يكون الصِّيام مستحيلاً؟

يقول الكابتن الشهري: «في رحلات الصيف الطويلة من السعودية إلى أميركا، التي تستغرق 13 أحياناً، قد يُقلع الطيارون بعد الفجر بخمس ساعات، ويصلون إلى أميركا بعد الظهر، ليتبقَّى على المغرب نحو 6 ساعات. عند حساب ذلك، قد يصل طول النهار إلى 24 ساعة، وأحياناً أكثر؛ ما يجعل الصِّيام غير ممكن عملياً؛ لذا يُلجأ إلى رخصة الإفطار».

 

التعامل مع الظروف الصعبة

وحسب الكابتن الشهري، فإن في بعض الحالات، قد تُصادف الطائرة سُحُباً كثيفة تحجب رؤية الشمس؛ ما يجعل تحديد أوقات الفجر أو الغروب صعباً. في هذه الحالات، يعتمد الطيارون على تطبيق «Muslim Pilot»، كما يتبعون قاعدة الاحتياط الشرعي بتقديم وقت الإمساك وتأخير الإفطار؛ لضمان صحة الصيام وفق الفتاوى الإسلامية».

 

بين السماء والأرض... الصِّيام في عالم متغير

في النهاية، يظلُّ صيام الملاحين تجربة مختلفة، حيث تتداخل قوانين الفيزياء مع الأحكام الشرعية، ليُصبح ضبط الوقت تحدياً يومياً في رحلات تمتد لآلاف الكيلومترات. وفي حين يواجه الصائمون على الأرض فروقاً زمنية بسيطة، يعيش الطيارون في عالم تتبدَّل فيه الأوقات كل لحظة؛ ما يجعلهم في حاجة دائمة إلى العِلم والدِّقة والتقنية، ليؤدوا عباداتهم وسط سماء لا حدود لها.