تضاعف واردات الأسلحة في أوروبا بفعل حرب أوكرانيا

«معهد استوكهولم للسلام» أكد تسارع الإنفاق العسكري في القارة

نظام دفاع صاروخي «باتريوت» خلال تمارين عسكرية في بولندا في 7 فبراير الماضي (رويترز)
نظام دفاع صاروخي «باتريوت» خلال تمارين عسكرية في بولندا في 7 فبراير الماضي (رويترز)
TT

تضاعف واردات الأسلحة في أوروبا بفعل حرب أوكرانيا

نظام دفاع صاروخي «باتريوت» خلال تمارين عسكرية في بولندا في 7 فبراير الماضي (رويترز)
نظام دفاع صاروخي «باتريوت» خلال تمارين عسكرية في بولندا في 7 فبراير الماضي (رويترز)

تضاعفت واردات الأسلحة إلى أوروبا في عام 2022، مدفوعة بعمليات تسليم ضخمة إلى أوكرانيا التي أصبحت ثالث أكبر وُجهة لها في العالم، وفق تقرير لمعهد استوكهولم الدولي لأبحاث السلام (سيبري) نشر أمس الاثنين.
ومع زيادة نسبتها 93 في المائة على مدار عام واحد، ازدادت الواردات أيضا بفعل تسارع الإنفاق العسكري من جانب دول أوروبية عدة مثل بولندا والنرويج، ومن المتوقع أن تتسارع أكثر استنادا إلى هذه الدراسة المرجعية.
وقال بيتر ويزمان، المشارك منذ أكثر من ثلاثة عقود في إعداد التقرير السنوي، إن «الغزو تسبب فعلا في زيادة كبيرة في الطلب على الأسلحة في أوروبا، وهو ما سيكون له تأثير أكبر، وسيؤدي على الأرجح إلى زيادة واردات الأسلحة من جانب دول أوروبية». وإذا ما استثنيت أوكرانيا، فإن واردات الأسلحة الأوروبية سجلت ارتفاعا وصل إلى 35 في المائة في 2022 وفق بيانات المعهد. وبعدما كانت أوكرانيا لا تسجل واردات أسلحة تذكر أصبحت مع الحرب ثالث وجهة للأسلحة في العالم العام الماضي بعد قطر والهند، في ظل المساعدات الغربية التي تدفقت إليها لدعمها في التصدي للغزو الروسي.
واستأثر هذا البلد وحده بـ31 في المائة من واردات الأسلحة في أوروبا و8 في المائة من الصفقات في العالم، وفق أرقام أوردها المعهد في إطار تقريره السنوي. ولفت المعهد إلى أن واردات كييف بما فيها الإمدادات التي قدمها لها الغرب ازدادت بأكثر من ستين مرة في 2022.
ويعتمد المعهد في وضع ترتيبه لتجارة الأسلحة في العالم وحدات خاصة به ولا يأخذ بالدولار أو اليورو.
وإذا كان من الصعب وضع أرقام دقيقة بسبب السرية المحيطة بكثير من العقود، فإن حجم تجارة الأسلحة في العالم يتخطى مائة مليار دولار في السنة بحسب الخبراء.
وكانت القفزة في الواردات الأوروبية متوقعة بسبب الحرب المستمرة في أوكرانيا. لكنها تُسرّع بشكلٍ هائل الاتّجاه التصاعدي الذي تشهده القارّة العجوز نتيجة إعادة التسلّح التي بدأت منذ سنوات عدّة بعد ضمّ روسيا شبه جزيرة القرم. ويؤكد ويزمان أن «الدول الأوروبية طلبت أو تخطط لطلب جميع أنواع الأسلحة؛ الغواصات والطائرات المقاتلة، بما في ذلك الطائرات المسيّرة والصواريخ المضادة للدبابات والبنادق والرادارات». ويضيف أنه «يتم بحث كل شيء، لأن الهدف هو تعزيز القدرات العسكرية من كل الأصناف». ويعمل الاتحاد الأوروبي الذي يعد حاليا خطة لإمداد أوكرانيا بملايين القذائف، أيضاً على زيادة إنتاجه محليا في أوروبا. وأعلن المفوض الأوروبي للصناعة تييري بروتون أمس الاثنين أن المشروع يشمل «15 مصنعا في 11 دولة».
وعلى مدى السنوات الخمس الماضية (2018 - 2022)، وهي الفترة التي تناولها المعهد لتحديد الاتجاهات الرئيسية، زادت الواردات الأوروبية بنسبة 47 في المائة مقارنة بالسنوات الخمس السابقة، بينما تراجعت التجارة العالمية في القطاع بنسبة 5 في المائة.
وخلافاً لأوروبا، أظهرت كل القارات الأخرى انخفاضا في الواردات على مدى السنوات الخمس الماضية، مع تراجع ملحوظ في أفريقيا (- 40 في المائة) وأميركا الشمالية والجنوبية (- 20 في المائة) وحتى في آسيا (- 7 في المائة) والشرق الأوسط (- 9 في المائة).
وفي تغيير ملحوظ آخر، أصبح الشرق الأوسط أول منطقة استيراد في عام 2022 بنسبة 32 في المائة من الإجمالي، وفق «سيبري».
وتقدمت منطقة الشرق الأوسط على آسيا وأوقيانوسيا (30 في المائة) التي احتلت الصدارة لسنوات. واحتلت أوروبا المركز الثالث بنسبة 27 في المائة ارتفاعاً من أقل من 11 في المائة قبل عقد.
وصارت الصين، الزبون التاريخي لروسيا، تنتج أسلحتها بشكل متزايد محليا، وهو ما يميل إلى تقليل الصادرات إلى آسيا، وفق المعهد. وإلى جانب قطر (10 في المائة من الإجمالي)، فإن بين المستوردين الرئيسيين الهند (9 في المائة) وأوكرانيا (8 في المائة) والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة (7 في المائة لكل منهما) وباكستان (5 في المائة).
وعلى صعيد التصدير، لا تزال الولايات المتحدة في المقدمة (40 في المائة) تليها روسيا (16 في المائة) وفرنسا (11 في المائة) والصين (5 في المائة) وألمانيا (4 في المائة)، لكن الحصتين الأميركية والفرنسية ارتفعتا بشكل ملحوظ، بينما انخفضت حصة الدول الثلاث الأخرى.
ويشير ويزمان إلى أن صادرات الأسلحة الروسية التي كانت تمثل نحو 30 في المائة من الإجمالي قبل بضع سنوات «تراجعت بشكل واضح»، مضيفا أنه مع استمرار حرب أوكرانيا صار السؤال: هل ستتزود موسكو من الصين؟


مقالات ذات صلة

بوتين يحدد أولويات بلاده... مواصلة الحسم العسكري وتعزيز التحالفات في مواجهة أميركا

أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يتحدث خلال اجتماع موسع لمجلس وزارة الدفاع في موسكو الاثنين (أ.ب)

بوتين يحدد أولويات بلاده... مواصلة الحسم العسكري وتعزيز التحالفات في مواجهة أميركا

أوجز الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الاثنين، مجريات العام الحالي على خطوط المواجهة في أوكرانيا وعدّه «عاماً تاريخياً».

رائد جبر (موسكو)
أوروبا جندي أوكراني على خط المواجهة مع القوات الروسية في منطقة دونيتسك (رويترز)

روسيا تسيطر على بلدات استراتيجية في شرق أوكرانيا

أعلنت روسيا، الأحد، أن قواتها سيطرت على بلدات في منطقتين رئيسيتين تقعان على خط الجبهة في شرق أوكرانيا، فيما يتقدم جيشها باتجاه مدينتين استراتيجيتين.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا أرشيفية لأحد مباني مدينة بيلغورود الروسية عقب استهدافها بمسيرة أوكرانية (إ.ب.أ)

 روسيا تعلن تدمير 15 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل

قالت وزارة الدفاع الروسية، اليوم (الأحد)، إن أنظمة الدفاع الجوي الروسية دمرت 15 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أميركا اللاتينية قوات روسية بمنطقة كورسك على الحدود مع أوكرانيا (أ.ب)

زيلينسكي: هناك مزيد من الجنود الكوريين الشماليين يقاتلون في كورسك

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إن الجيش الروسي بدأ في نشر المزيد من الجنود الكوريين الشماليين خلال الهجمات على كورسك بالقرب من الحدود الأوكرانية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (قناته عبر «تلغرام»)

زيلينسكي يصدر تعليمات لإنشاء آليات لتوريد الغذاء إلى سوريا

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إنه أصدر تعليمات لحكومته بإنشاء آليات لتوريد الغذاء إلى سوريا بالتعاون مع المنظمات الدولية في أعقاب سقوط نظام الأسد.

«الشرق الأوسط» (كييف)

لندن وطوكيو وروما تطلق مشروعها لبناء طائرة قتالية جديدة

تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)
تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)
TT

لندن وطوكيو وروما تطلق مشروعها لبناء طائرة قتالية جديدة

تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)
تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)

اتفقت المملكة المتحدة وإيطاليا واليابان، اليوم الجمعة، على إنشاء شركة مشتركة لبناء طائرتها المقاتِلة الأسرع من الصوت، والمتوقع أن تجهز في عام 2035، في إطار برنامج يحمل اسم القتال الجوي العالمي «GCAP».

وأعلنت الشركات المصنّعة الثلاث المسؤولة عن تطوير الطائرة المقاتِلة، الجمعة، في بيان، أنها وقّعت على اتفاقية إنشاء الشركة التي تملك كلٌّ منها ثُلثها. والشركات هي: «بي إيه إي سيستمز (BAE Systems)» البريطانية، و«ليوناردو (Leonardo)» الإيطالية، و«جايك (JAIEC)» اليابانية، التي أنشأتها، على وجه الخصوص، شركة ميتسوبيشي للصناعات الثقيلة.

وأنشئت الشركة المشتركة، التي ستبدأ أنشطتها منتصف عام 2025، في إطار برنامج القتال الجوي العالمي الذي أُعلن في عام 2022 بالشراكة بين لندن وروما وطوكيو. وستحلّ الطائرة الضخمة ذات الذيل المزدوج على شكل حرف V محل طائرات «إف-2» (F-2) اليابانية ومقاتِلات يوروفايتر الإيطالية والبريطانية. ومن المتوقع أن يمتد عمرها الافتراضي إلى ما بعد عام 2070، وفقاً للبيان.

وفي حال احترام الجدول الزمني، الذي وضعه القائمون على المشروع، فإنها ستدخل الخدمة قبل خمس سنوات على الأقل من الطائرة التي يبنيها مشروع نظام القتال الجوي المستقبلي «SCAF» الذي تُنفذه فرنسا وألمانيا وإسبانيا.