اليمن: اغتيال رجل دين يدعو إلى المناصحة والحوار في حضرموت

لقاءات لقيادات جنوبية في بيروت.. وحشود في عدن للمطالبة بالانفصال

الشيخ علي بن سالم بن يعقوب باوزير
الشيخ علي بن سالم بن يعقوب باوزير
TT

اليمن: اغتيال رجل دين يدعو إلى المناصحة والحوار في حضرموت

الشيخ علي بن سالم بن يعقوب باوزير
الشيخ علي بن سالم بن يعقوب باوزير

اغتال مسلحون مجهولون مساء أول من أمس الشيخ علي بن سالم بن يعقوب باوزير، أحد أبرز رجال الدين السلفيين في حضرموت، وذلك عندما استهدفه مسلحون يستقلون سيارة بالرصاص أثناء ذهابه لصلاة العشاء في مدينة غيل باوزير.
وأدانت الكثير من الأوساط اليمنية اغتيال الداعية اليمني البارز في مجال دعم برنامج المناصحة والحوار مع المتطرفين، إضافة إلى كونه من أبرز الأصوات التي ناهضت في الآونة الأخيرة، عمليات الاغتيالات التي شهدتها حضرموت وبالأخص مدينة «غيل باوزير» التي كانت تستهدف ضباط أجهزة الأمن والمخابرات من قبل عناصر متطرفة يعتقد أنها تنتمي لتنظيم القاعدة.
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر محلية في حضرموت، أن باوزير أصدر حديثا، بيانا يشبه الفتوى أدان فيه عمليات الاغتيالات، وقالت المصادر ذاتها إنه وعقب ذلك البيان أو الفتوى لوحظ تراجع عمليات الاغتيالات في حضرموت بصورة كبيرة.
وتعد هذه المرة الأولى في اليمن منذ بدء موجة الاغتيالات قبل نحو ثلاثة أعوام، التي يجري فيها اغتيال شخصية تنتمي للتيار السلفي مخالفة للرأي للتيار المتشدد الذي يعتقد أنه يقف وراء أكثر من 150 عملية اغتيال جرت واستهدفت ضباطا في جهاز الأمن السياسي (الاستخبارات) وأجهزة الأمن الأخرى وقادة عسكريين في عدد من المحافظات، إضافة إلى عمليات التفجيرات بالعبوات الناسفة التي تستهدف حافلات الجيش وقوات الأمن.
في غضون ذللك, يتوافد على مدينة عدن، كبرى مدن جنوب البلاد، الآلاف من المواطنين الجنوبيين للمشاركة في مهرجان يقام اليوم للمطالبة باستقلال جنوب البلاد عن شمالها ورفض عملية التقسيم إلى أقاليم التي خرج بها مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقال شهود عيان في عدن لـ«الشرق الأوسط»، إن أجهزة الأمن في عدن استنفرت قواتها خشية حدوث مواجهات في المهرجان الجماهيري الذي سيقام في ساحة العروض (الشابات) بحي خور مكسر في عدن، حيث نشرت عددا من الآليات العسكرية الثقيلة وتعزيزات عسكرية في محيط المنطقة.
وتأتي التطورات في عدن في ظل لقاءات مهمة تجري بين القيادات الجنوبية في الخارج، حيث عقد لقاء ثلاثي وصف بالتاريخي والذي جمع بين الرئيسين علي ناصر محمد وعلي سالم البيض وزعيم الحراك الجنوبي في الداخل، حسن أحمد باعوم في العاصمة اللبنانية بيروت، وحسب ما تسرب عن ذلك اللقاء, جرى رفض مخرجات الحوار الوطني ويؤكد أن مشروع التقسيم إلى أقاليم هدفه تضييع القضية الجنوبية.
وأعرب المكتب التنفيذي للملتقى التشاوري لأبناء الجنوب بصنعاء عن قلقه إزاء التطورات الحالية في الجنوب «منذ ما قبل انتهاء مؤتمر الحوار الوطني، وتصاعد العنف ضد أبناء الجنوب بشكل عام، ومن ذلك إنزال قوات الأمن بمحافظة عدن يوم أمس، ونشر قوات أمنية ترافقها مصفحات ومدرعات انتشرت بهدف منع أبناء الجنوب من التعبير السلمي عن حقوقهم من خلال المهرجان الجماهيري المقرر إقامته يوم 21 فبراير (شباط)». وعد المكتب ما يجري «يعيد إلى الأذهان تلك المجزرة البشعة التي ارتكبت من قبل قوات الأمن، يوم 21 فبراير 2013 وراح ضحيتها عدد من القتلى والجرحى، وكان ذلك قبل أقل من شهر من انعقاد مؤتمر الحوار الوطني».
وأكد المكتب التنفيذي لأبناء الجنوب بصنعاء، أن «حق التظاهر السلمي مكفول وفقا للمواثيق والاتفاقيات الدولية». وحذر «السلطة المحلية في عدن من تكرار أحداث 21 فبراير العام الماضي».
ودعا في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، القيادة السياسية في صنعاء إلى منع أي عنف قد تقدم عليه قوات الأمن ضد المتظاهرين السلميين، ذلك أن الأسلوب الأمني لا يمكن أن يحل المشكلة التي يخرج أبناء الجنوب وحراكه السلمي للتعبير عنها بصورة سلمية.
وأشار الملتقى إلى أن «الخطوات الأمنية والتصعيدية ضد الجنوب والتي زادت وتيرتها قبل وعقب انتهاء مؤتمر الحوار، جعلت الأوضاع مشتعلة ونتج عنها سقوط الكثير من المدنين قتلى وجرحى بينهم نساء وأطفال في الضالع وحضرموت وشبوة، وردفان جراء استخدام مختلف الأسلحة الثقيلة والطيران، ما يجعل البلاد في حالة حرب غير معلنة».
وطالب الملتقى «المجتمع الدولي والأمم المتحدة، ومنظمات حقوق الإنسان في اليمن والعالم، القيام بدورها في التدخل لدى السلطة في اليمن لوقف هذه الأعمال، باعتبار أن حقوق الإنسان في الجنوب جزء من منظومة حقوق الإنسان في العالم».



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.