مخاوف من عدوى إفلاس مصرف «سيليكون فالي» الأميركي... والأنظار على الشرق الأوسط

«المركزي» الكويتي: التأثير على البنوك المحلية «ضئيل للغاية»

ضباط شرطة أمام مقر بنك سيليكون فالي في كاليفورنيا في 10 مارس 2023 (أ.ف.ب)
ضباط شرطة أمام مقر بنك سيليكون فالي في كاليفورنيا في 10 مارس 2023 (أ.ف.ب)
TT

مخاوف من عدوى إفلاس مصرف «سيليكون فالي» الأميركي... والأنظار على الشرق الأوسط

ضباط شرطة أمام مقر بنك سيليكون فالي في كاليفورنيا في 10 مارس 2023 (أ.ف.ب)
ضباط شرطة أمام مقر بنك سيليكون فالي في كاليفورنيا في 10 مارس 2023 (أ.ف.ب)

بينما تتجه الأنظار إلى مستثمرين من الشرق الأوسط لإنقاذ وحدات مصرف «سيليكون فالي» الأميركي في دول أوروبية، قالت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين، أمس الأحد، إنها تعمل عن كثب مع الجهات التنظيمية المصرفية لمواجهة انهيار بنك سيليكون فالي (إس.في.بي) وحماية المودعين، لكنها قالت إنه ليست هناك خطة إنقاذ كبيرة قيد البحث.
وقالت يلين لشبكة سي.بي.إس: «دعوني أوضح أنه خلال الأزمة المالية وضعت خطط إنقاذ لمستثمرين، ومالكي بنوك نظامية كبيرة... والإصلاحات التي جرى تطبيقها تعني أننا لن نفعل ذلك مرة أخرى». وأضافت «لكننا نشعر بقلق إزاء المودعين، ونركز على محاولة تلبية احتياجاتهم».
وأكدت أن الحكومة تريد تجنب تأثير إفلاس بنك سيليكون فالي (إس في بي) على بقية النظام المصرفي: «نريد أن نتأكد من أن مشكلات أحد البنوك لا تسبب عدوى لبنوك أخرى قوية».
ووضعت وكالة تأمين الودائع الحكومية الجمعة يدها على بنك سيليكون فالي الذي أعلن إفلاسه تحت تأثير عمليات السحب الهائلة من مودعيه.
ورغم أن البنوك الكبيرة لم تتأثر، فإن أسهم العديد من المصارف متوسطة الحجم أو المحلية تراجعت في البورصة الجمعة، آخر تعاملات الأسبوع، في ظل قلق المستثمرين.
من أبرز المصارف المتضررة بنك فيرست ريبابلك الذي انخفضت أسهمه بنسبة 30 في المائة تقريباً في جلستي الخميس والجمعة، وسيغنتشر بنك الذي فقدت أسهمه ثلث قيمتها منذ مساء الأربعاء.
عدد كبير من زبائن البنكين عبارة عن شركات غالبا ما تتجاوز ودائعها الحد الأقصى للمبلغ الذي تضمنه مؤسسة التأمين الفدرالية، وهو 250 ألف دولار لكل مودع، ما قد يؤدي بها إلى سحب أموالها.
وأوضحت جانيت يلين الأحد أن الحكومة تعمل في نهاية هذا الأسبوع مع وكالة تأمين الودائع من أجل إيجاد «حل» لبنك سيليكون فالي الذي لا يغطي التأمين نحو 96 في المائة من ودائعه.
وقالت وزيرة الخزانة «أنا متأكدة من أن وكالة تأمين الودائع تدرس مجموعة واسعة من الحلول، بما في ذلك الاستحواذ» من بنك آخر.
مستثمر من الشرق الأوسط
في الأثناء، ذكرت صحيفة فايننشال تايمز أمس أن الحكومة البريطانية تسعى لإبرام صفقة للاستحواذ على الذراع البريطانية لبنك وادي السيليكون بهدف الحيلولة دون اتساع نطاق الضرر في قطاع التكنولوجيا، مع وجود عرض من مستثمر من الشرق الأوسط.
ونقل التقرير عن مصادر مطلعة قولها إن ودائع الوحدة البريطانية للبنك كانت تبلغ حوالي 7 مليارات إسترليني (8.42 مليار دولار) عندما اعتبرها بنك إنجلترا (المركزي) معسرة يوم الجمعة. وأضاف التقرير أن عرض المشتري من الشرق الأوسط هو أحد أبرز العروض المقدمة.
وقال وزير المالية جيريمي هنت الأحد إنه يعمل مع رئيس الوزراء ريشي سوناك وبنك إنجلترا (المركزي) «لتفادي أو تقليل الضرر» الناجم عن الفوضى التي حلت على البنك. وقال هنت لقناة سكاي نيوز «نعمل بخطى حثيثة على مدى عطلة نهاية الأسبوع وخلال الليل... سنقدم قريبا جدا خططا للتأكد من قدرة الناس على تلبية التزاماتهم من التدفقات النقدية لسداد رواتب موظفيهم». وأرسل أكثر من 250 مسؤولا تنفيذيا بشركات تقنية بريطانية خطابا موجها إلى هنت يوم السبت، اطلعت رويترز على نسخة منه، يطالب الحكومة بالتدخل.
في الأثناء، نقلت وكالة الأنباء الكويتية عن محافظ البنك المركزي باسل الهارون قوله أمس إن تأثير انهيار بنك سيليكون فالي الأميركي على البنوك المحلية «ضئيل للغاية». وقال الهارون إنه من خلال تواصله المباشر مع البنوك الكويتية فإن «انكشاف البنوك الكويتية على بنك سيليكون فالي ضئيل جدا للغاية». وأضاف أن البنوك الكويتية «تمتلك مصدات مالية كبيرة».
وأصبح بنك سيليكون فالي أكبر مصرف يتعرض للانهيار منذ الأزمة المالية العالمية في عام 2008، متسببا في اضطرابات في الأسواق، كما أدى لضياع مليارات الدولارات للشركات والمستثمرين.
تزايد القلق من الدومينو
يتزايد القلق لدى بعض المسؤولين التنفيذيين والمستثمرين بالقطاع المالي من أن يكون لانهيار بنك وادي السيليكون (إس.في.بي) تأثير الدومينو على البنوك الأخرى بالولايات المتحدة ما لم تجد الجهات التنظيمية مشتريا مطلع هذا الأسبوع لحماية الودائع غير المؤمنة.
وقالت مصادر مطلعة يوم الجمعة، وفق رويترز، إن المؤسسة الاتحادية للتأمين على الودائع، التي تولت الحراسة القضائية على البنك، تسعى لإيجاد بنك آخر خلال مطلع الأسبوع الجاري مستعد للاندماج مع بنك وادي السيليكون.
وقال بعض المسؤولين التنفيذيين بالقطاع إن حجم مثل ذلك الاتفاق سيكون ضخما بالنسبة لأي بنك ومن المرجح أن يتطلب من الجهات التنظيمية تقديم ضمانات خاصة، وتسهيلات أخرى لأي مشترٍ.
وأضاف المسؤولون الذين طلبوا عدم نشر هوياتهم أن البنك الذي مقره سانتا كلارا بولاية كاليفورنيا يحتل المركز السادس عشر بين أكبر البنوك الأميركية بأصول قيمتها 209 مليارات دولار وهو ما يجعل قائمة المشترين المحتملين الذين يمكنهم تنفيذ صفقة خلال مطلع الأسبوع قصيرة نسبيا.
وذكرت بلومبرغ أن مجلس الاحتياطي الاتحادي (المركزي الأميركي) والمؤسسة الاتحادية للتأمين على الودائع يدرسان إنشاء صندوق يتيح للجهات التنظيمية دعم الودائع في البنوك التي تواجه تعثرات.
وقال البيت الأبيض، مساء السبت، إن الرئيس جو بايدن تحدث مع محافظ كاليفورنيا جافين نيوسم بشأن البنك وجهود التعامل مع الموقف. وقال نيوسم: «الكل يعمل مع المؤسسة الاتحادية للتأمين على الودائع لتحقيق استقرار الوضع بأسرع ما يمكن».
وحذر محللون ومستثمرون كبار من أنه دون التوصل لحل بحلول اليوم (الاثنين) فمن المحتمل أن تتعرض بنوك أخرى لضغوط إذا ساور المودعين القلق بشأن مدخراتهم.


مقالات ذات صلة

«الفيدرالي» بين خيارين صعبين في ظل اضطرابات سوق السندات

الاقتصاد مبنى بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)

«الفيدرالي» بين خيارين صعبين في ظل اضطرابات سوق السندات

وضعت الاضطرابات الهائلة في سوق السندات بنك الاحتياطي الفيدرالي في موقف صعب للغاية، حيث يواجه خيارين حاسمين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
الولايات المتحدة​ سفينة شحن تَعبر قناة بنما في سبتمبر الماضي (أ.ب)

«قناة بنما»: ما تاريخها؟ وهل يستطيع ترمب استعادة السيطرة عليها؟

يستنكر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، الرسوم المتزايدة التي فرضتها بنما على استخدام الممر المائي الذي يربط المحيطين الأطلسي والهادئ.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد متداولون يعملون في بورصة نيويورك (أ.ب)

عائدات سندات الخزانة الأميركية تسجل أعلى مستوى منذ أبريل

سجلت عائدات سندات الخزانة قفزة كبيرة يوم الأربعاء، حيث سجلت عائدات السندات القياسية لمدة عشر سنوات أعلى مستوى لها منذ أبريل (نيسان) الماضي.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد عضو مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي كريستوفر والر (أ.ب)

كبير مسؤولي «الفيدرالي» يواصل دعم خفض الفائدة رغم التضخم والتعريفات الجمركية

قال أحد كبار صناع السياسات في بنك الاحتياطي الفيدرالي إنه لا يزال يدعم خفض أسعار الفائدة هذا العام على الرغم من ارتفاع التضخم واحتمال فرض تعريفات جمركية

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد يصطف الناس خارج مركز التوظيف في لويسفيل بكنتاكي (رويترز)

انخفاض غير متوقع في طلبات إعانة البطالة الأسبوعية الأميركية

انخفض عدد الأميركيين الذين تقدموا بطلبات جديدة للحصول على إعانات البطالة بشكل غير متوقع في الأسبوع الماضي مما يشير إلى استقرار سوق العمل بداية العام

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

مصر تقر زيادة حصتها في صندوق النقد 50 %

معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
TT

مصر تقر زيادة حصتها في صندوق النقد 50 %

معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)

نشرت الجريدة الرسمية في مصر قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي، بشأن الموافقة على زيادة حصة البلاد في صندوق النقد الدولي بنسبة 50 في المائة. كما نص القرار على أن الزيادة في الحصة لن تصبح سارية إلا بعد استيفاء شروط التصديق، رابطاً ذلك بموافقة جميع الدول الأعضاء في الصندوق على زيادة حصصهم.

وحسب مراقبين، تهدف زيادة الحصة إلى تعزيز الموارد المتاحة لصندوق النقد لدعم السياسات الاقتصادية والمالية للدول الأعضاء. كما أنها تزيد من القوة التصويتية لمصر في الصندوق.

ويرتبط القرار بالمراجعة العامة الـ16 للحصص، التي تشمل زيادات في حصص الدول الأعضاء، والتي تعتمد على الموافقة الكتابية للدول المشاركة والالتزام بالشروط المالية المحددة. علماً أن نحو 97 في المائة من الدول الأعضاء توافق على الزيادة.

كان مجلس النواب قد وافق في جلسة عامة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، على زيادة حصة مصر في الصندوق بنسبة 50 في المائة. ومن المقرر أن تقوم مصر بإتمام الإجراءات المالية اللازمة لدفع الزيادة في حصتها، والتي ستتم في إطار الزمان المحدد في القرار، حسبما أوضح مسؤولون مصريون.

وأعلن صندوق النقد الشهر الماضي التوصل إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع مصر بشأن المراجعة الرابعة لاتفاق تسهيل الصندوق الممدد الذي يستمر 46 شهراً، وهو ما قد يتيح صرف شريحة جديدة تبلغ 1.2 مليار دولار. وقال وزير المالية المصري أحمد كوجك، قبل أيام إن مصر ستحصل على الشريحة هذا الشهر، نافياً طلب مصر توسيع القرض البالغة قيمته 8 مليارات دولار مرة أخرى.

وفي تصريحات إعلامية، أعرب كوجك عن قلقه من حجم الدين الخارجي الذي يتخطى 152 مليار دولار، وأكد تعهد الحكومة بخفضه بما يعادل نحو ملياري دولار سنوياً مع السداد بأكثر من قيمة الاقتراض.

في سياق منفصل، أفادت بيانات من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر بأن التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية تراجع إلى 24.1 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، من 25.5 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني). وهذا هو أدنى مستوى في عامين، ويتماشى ذلك مع ما خلص إليه استطلاع رأي أجرته «رويترز»، وذلك في ظل استمرار تراجع أسعار المواد الغذائية.

وعلى أساس شهري، ارتفعت الأسعار في المدن المصرية 0.2 في المائة، مقارنةً مع 0.5 في المائة في نوفمبر. وانخفضت أسعار المواد الغذائية بنسبة 1.5 في المائة في ديسمبر بعد انخفاضها بنسبة 2.8 في المائة في نوفمبر، مما جعلها أعلى بنسبة 20.3 في المائة مما كانت عليه قبل عام.

وارتفع التضخم في أغسطس (آب) وسبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول)، لكنه انخفض في نوفمبر وظل أقل بكثير من أعلى مستوى له على الإطلاق عند 38 في المائة الذي سجله في سبتمبر 2023.

وساعد النمو السريع في المعروض النقدي لمصر على زيادة التضخم. وأظهرت بيانات البنك المركزي أن المعروض النقدي (ن2) نما 29.06 في المائة في العام المنتهي في آخر نوفمبر، وهو ما يقل قليلاً عن أعلى مستوى على الإطلاق البالغ 29.59 في المائة المسجل في العام المنتهي بنهاية سبتمبر.

وبدأ التضخم في الارتفاع بشكل كبير عام 2022 عقب الغزو الروسي لأوكرانيا، وهو ما دفع المستثمرين الأجانب إلى سحب مليارات الدولارات من أسواق الخزانة المصرية. وسجل التضخم ذروته عند 38 في المائة في سبتمبر 2023، وكان أدنى مستوى له منذ ذلك الحين عندما سجل 21.27 في المائة في ديسمبر 2022.

ووقَّعت مصر في مارس (آذار) الماضي على حزمة دعم مالي مع صندوق النقد الدولي بهدف مساعدتها على تقليص عجز الميزانية وتبني سياسة نقدية أقل تأجيجاً للتضخم، لكنَّ الحزمة تُلزم الحكومة بخفض الدعم على بعض السلع المحلية، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع أسعارها.

ومعدلات التضخم من أهم النقاط التي تراعيها لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري عندما تجتمع لاتخاذ قرارات أسعار الفائدة.

وتتوقع اللجنة استمرار هذا الاتجاه، إذ قالت في محضر آخر اجتماعاتها في 2024: «تشير التوقعات إلى أن التضخم سيتراجع بشكل ملحوظ بدءاً من الربع الأول من عام 2025، مع تحقق الأثر التراكمي لقرارات التشديد النقدي والأثر الإيجابي لفترة الأساس، وسوف يقترب من تسجيل أرقام أحادية بحلول النصف الثاني من عام 2026».

كانت اللجنة قد ثبَّتت أسعار الفائدة في اجتماعاتها الستة الأحدث، إذ لم تغيرها منذ أن رفعتها 600 نقطة أساس في اجتماع استثنائي خلال مارس في إطار اتفاق قرض تمت زيادة حجمه إلى 8 مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي. وكان هذا الرفع قد جاء بعد زيادة بلغت 200 نقطة أساس أول فبراير (شباط).