تركيا «واثقة» من تمديد اتفاق البحر الأسود للحبوب

موسكو تتمسك بموقفها عشية انعقاد اجتماع جنيف… وأوروبا تدعو للضغط عليها

سفن تنتظر التفتيش قبالة إسطنبول في ديسمبر 2022 (رويترز)
سفن تنتظر التفتيش قبالة إسطنبول في ديسمبر 2022 (رويترز)
TT

تركيا «واثقة» من تمديد اتفاق البحر الأسود للحبوب

سفن تنتظر التفتيش قبالة إسطنبول في ديسمبر 2022 (رويترز)
سفن تنتظر التفتيش قبالة إسطنبول في ديسمبر 2022 (رويترز)

استبقت تركيا جولة محادثات بين روسيا والأمم المتحدة تعقد في جنيف، يوم غد (الاثنين)، بشأن تمديد اتفاق إسطنبول لتصدير الحبوب عبر البحر الأسود بالتأكيد على موافقة كل من موسكو وكييف على التمديد، وأن الاتفاق سيتم تمديده قبل موعد انتهائه في 18 مارس (آذار) الحالي. وعشية انعقاد المحادثات الروسية - الأممية قال وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، في مقابلة صحافية أمس: «نتوقع تمديد اتفاق الحبوب الذي ينتهي في 18 مارس... نحن على قناعة بأن روسيا وأوكرانيا تنظران بإيجابية إلى تمديد الاتفاق».
في المقابل، نفت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، اليوم أن يكون ممثلون عن روسيا شاركوا، حتى الآن، في مفاوضات لتمديد اتفاق تصدير الحبوب عبر البحر الأسود، قائلة: «لم تجرِ مفاوضات بشأن هذا الموضوع، لا سيما بمشاركة ممثلين روس».
ورداً على سؤال بشأن ما نسبته وكالة «رويترز» إلى مسؤول أوكراني، الأسبوع الماضي، بشأن استئناف أوكرانيا المفاوضات بخصوص تجديد اتفاق الحبوب مع الشركاء، قالت زاخاروفا إن الجانب الروسي على علم بهذه التصريحات، لكن لم تتم حتى الآن مفاوضات حول ذلك بمشاركة ممثلين عن روسيا، وإن «مبادرة البحر الأسود»، التي تبلغ مدة سريانها 120 يوما، ستنتهي في 18 مارس. وأضافت: «موقفنا معروف، ويبقى دون تغيير تجاه حزمة الاقتراحات المقدمة من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، التي في أساسها مبادرة البحر الأسود، ومذكرة روسيا - الأمم المتحدة بشأن تطبيع الصادرات الزراعية الروسية. ننطلق من أن الاتفاقيات التي تم إبرامها في إسطنبول في 22 يوليو (تموز) 2022 يجب أن تنفذ بالتزامن مع بعضها البعض من أجل حل المهام الإنسانية المعلنة، للتغلب على أزمة الغذاء، ومساعدة البلدان المحتاجة في أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية». ولفتت إلى أنه تم تنفيذ الشق الأوكراني فقط بشكل فعال حتى الآن، فيما لا يزال تصدير المنتجات الزراعية الروسية معطلا نتيجة العقوبات الغربية أحادية الجانب.
وذكرت أن الجولة التالية من المحادثات بشأن تمديد الاتفاق ستعقد في جنيف في 13 مارس بين وفد روسي وريبيكا جرينسبان، أكبر مسؤولة تجارية في الأمم المتحدة.
وكانت وزارة الخارجية الروسية، قالت، في وقت سابق، إن الغرب «يدفن» المبادرة الإنسانية للأمين العام للأمم المتحدة، ويعرقل تنفيذ الجزء الروسي من صفقة الحبوب... ووصفت المفاوضات الرامية إلى تمديد اتفاق الحبوب بأنها «معقدة».
وبينما أكدت تركيا وأوكرانيا والأمم المتحدة استمرارها في بذل الجهود لاستمرار الاتفاق وتمديده، بدا أن روسيا، الطرف الرابع للاتفاق، لا تزال تتمسك بموقفها الذي يرهن الموافقة على التمديد بتنفيذ الشق المتعلق بخروج أسمدتها ومنتجاتها الزراعية أسوة بالحبوب الأوكرانية.
وأكدت أنقرة أنها تبذل كل ما تستطيع من جهود لتمديد اتفاق الممر الآمن للحبوب في البحر الأسود الذي تم توقيعه بين روسيا وأوكرانيا وتركيا والأمم المتحدة في إسطنبول في 22 يوليو 2022، وجرى تمديده للمرة الأولى في 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وقال وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، في خطاب الأحد أمام مؤتمر الأمم المتحدة الخامس المعني بالبلدان الأقل نمواً في العاصمة القطرية الدوحة الأسبوع قبل الماضي: «نعمل جاهدين لتحقيق تطبيق سلس، وإقرار مزيد من التمديد لاتفاق ممر الحبوب بالبحر الأسود». وأضاف الوزير التركي: «إنه لأمر مخزٍ أن يكون العالم بعيداً لهذه الدرجة عن القضاء على الجوع في القرن الحادي والعشرين». ولفت إلى أن اتفاق إسطنبول بشأن شحن الحبوب، الذي توسطت فيه تركيا مع الأمم المتحدة، «ساعد الأسر في جميع أنحاء العالم، خصوصاً في البلدان الأقل نمواً، من خلال خفض الأسعار العالمية للغذاء»، مؤكداً أن تركيا «تعمل جاهدة من أجل ضمان استمرار العمل بالاتفاق دون انقطاع، وتمديده»، وأنه «ناقش جهود تمديد الاتفاق مع الأمين العام للأمم المتحدة غوتيريش في الدوحة». وأكد وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، لنظيره التركي، جاويش أوغلو، أن روسيا لن تمدد اتفاق إسطنبول لتصدير الحبوب الأوكرانية «إن لم تؤخذ مصالح منتجي الحبوب والأسمدة الروس في الاعتبار».
في السياق ذاته، قال الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية نائب رئيسة المفوضية الأوروبية، جوزيف بوريل، إنه يتعين العمل معا للضغط على روسيا لتمديد اتفاق نقل الحبوب في البحر الأسود، وتنفيذه بحسن نية.
وأضاف بوريل، في حوار مع صحيفة «الخبر» الجزائرية نشر اليوم: «يمتد تأثير الحرب في أوكرانيا إلى ما وراء الحدود الأوروبية، وأدى الاستخدام العسكري للطاقة والحبوب من قبل روسيا إلى إفقار العديد من البلدان النامية، وتهديد سكانها». وتابع: «نحن نعمل على الحد من تداعيات هذه الحرب على الأمن الغذائي، وأتاحت أروقة التضامن التي أنشأناها في مايو (أيار) 2022 تصدير 25 مليون طن من الحبوب، والمنتجات الزراعية الأوكرانية».
وتسبب الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 فبراير (شباط) من العام الماضي في توقف شحنات الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود جراء حصار السفن الحربية الروسية للموانئ الأوكرانية إلى أن أبرم اتفاق إسطنبول في 22 يوليو، والذي أوجد ممرا آمنا لصادرات الحبوب الحيوية عبر البحر الأسود لمدة 120 يوما، وجرى تمديده في 18 نوفمبر الماضي للمرة الأولى لمدة 120 يوما أخرى. وأكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش خلال زيارة إلى كييف، الثلاثاء الماضي، على أهمية تمديد اتفاق الحبوب.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».