هل تُحدث التحركات الأميركية اختراقات في الملف الأمني الأفريقي؟

بلينكن ورئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا أغسطس الماضي (غيتي)
بلينكن ورئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا أغسطس الماضي (غيتي)
TT

هل تُحدث التحركات الأميركية اختراقات في الملف الأمني الأفريقي؟

بلينكن ورئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا أغسطس الماضي (غيتي)
بلينكن ورئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا أغسطس الماضي (غيتي)

يتواصل الحضور السياسي والدبلوماسي الأميركي في أفريقيا بوتيرة متنامية، في محاولة للتعاطي مع مسائل ملحة عدة، بينها غياب الأمن والاستقرار في القارة، على خلفية تمدد الإرهاب والعنف والاقتتال الداخلي، لأسباب عرقية وإثنية وسياسية وغيرها.
وأعلنت الخارجية الأميركية، الجمعة، أن وزير الخارجية أنتوني بلينكن «سيتوجه إلى إثيوبيا والنيجر الأسبوع الحالي، في جولة يطغى عليها الملف الأمني».
وستكون الزيارة ثالث زيارة رفيعة المستوى لأفريقيا هذا العام يقوم بها مسؤول كبير من إدارة بايدن؛ حيث سبق أن زارت وزيرة الخزانة جانيت يلين، وسفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد، والسيدة الأولى، جيل بايدن، القارة بالفعل هذا العام.وخلال الزيارة، يعتزم بلينكن لقاء مسؤولين من إثيوبيا وتيغراي في أديس أبابا. وسيكون أول وزير خارجية أميركي يزور النيجر، التي شهدت عمليات عسكرية أميركية استهدفت جماعات تابعة لـ«داعش» في المنطقة. وقالت الخارجية الأميركية، في بيان صحافي، إن الزيارة ستشمل مباحثات مع رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، ومسؤولين من تيغراي، ستركز على «تنفيذ اتفاق وقف الأعمال العدائية لدفع السلام وتعزيز العدالة الانتقالية في شمال إثيوبيا».
وتم التوصل إلى اتفاق نوفمبر (تشرين الثاني) للسلام العام الماضي، بعد عامين من الحرب الطاحنة بين الحكومة الإثيوبية ومتمردي تيغراي، التي تسببت في توتر العلاقات بين واشنطن وأديس أبابا. ودفع صراع تيغراي واشنطن إلى تعليق بعض اتفاقيات التجارة التفضيلية مع إثيوبيا، التي تتوق البلاد إلى استعادتها.
وقالت مولي في، مساعدة وزيرة الخارجية الأميركية للشؤون الأفريقية، إن «واشنطن تتطلع إلى إعادة تشكيل الشراكة مع إثيوبيا، بما يتناسب مع حجم إثيوبيا وتأثيرها ومع اهتمام واشنطن والتزامها تجاه أفريقيا». وأضافت: «التطبيع الكامل للعلاقات بين البلدين سيعتمد على المزيد من الإجراءات من جانب الحكومة الإثيوبية للعمل على كسر دائرة العنف العرقي والسياسي».
وفي نيامي، سيجري وزير الخارجية الأميركي يومَي الخميس والجمعة لقاءات مع رئيس النيجر محمد بازوم ومع نظيره حسومي مسعودو، وفق البيان. وسيناقش بلينكن خلال الزيارة «سبل تعزيز الشراكة بين البلدين في مجالات الدفاع والدبلوماسية والديمقراطية والتنمية».
وفي نوفمبر الماضي، قام بلينكن بجولة أفريقية شملت جنوب أفريقيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية، ورواندا، أعقبت جولة أفريقية قام بها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، شملت إثيوبيا والكونغو وأوغندا ومصر. وتتهم أميركا روسيا بـ«استخدام مجموعة فاغنر العسكرية لزيادة النفوذ في عدة دول أفريقية منها مالي، وبوركينا فاسو، وأفريقيا الوسطى، عبر قيامها بانتهاكات لحقوق الإنسان، تشمل الإعدام الجماعي، والاغتصاب، وخطف الأطفال، والاعتداء الجسدي». وصنفت واشنطن المجموعة الروسية ذات النفوذ المتنامي في القارة «منظمة إجرامية عابرة للحدود»، وشددت العقوبات عليها.
والعام الماضي، أعلنت واشنطن استراتيجية أميركية جديدة تجاه أفريقيا جنوب الصحراء، قالت إنها تهدف «لتعزيز أولويات الولايات المتحدة في أفريقيا جنوب الصحراء، وإعادة صياغة مكانة أفريقيا بالنسبة إلى مصالح الأمن القومي الأميركي خلال السنوات الـ5 المقبلة».
وخلال القمة الأفريقية - الأميركية التي عقدت العام الماضي، بحضور معظم القادة الأفارقة في واشنطن، أعلن الرئيس جو بايدن عن «أكثر من 15 مليار دولار في صورة التزامات تجارية واستثمارية وصفقات وشراكات»، فيما رآه خبراء ومراقبون «تحركاً أميركياً لمجابهة تنامي النفوذ الاقتصادي الصيني في القارة». وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» رأى الخبير في شؤون الساحل الأفريقي، محمد الأمين ولد الداه، أن انخراط أميركا في الساحل بشكل فعال «سيأخذ وقتاً ولا بد ألا تقتصر الجهود على المساعدات الأمنية والعسكرية... أميركا تستطيع عبر حضور اقتصادي يهدف إلى التنمية الحقيقية الشاملة، ويخاطب المهمشين عرقياً وإثنياً، أن تساهم في خلق مناخ يؤدي إلى استقرار حقيقي ومستدام في المنطقة».
ولفت ولد الداه إلى أن واشنطن «تستطيع بنفوذها وإمكاناتها المساهمة في دفع الأنظمة الانقلابية في مالي، وبوركينا فاسو، وغينيا، إلى التوجه نحو إنهاء الفترات الانتقالية والوصول إلى أنظمة منتخبة».
في حين أكد رامي زهدي، الخبير في الشؤون الأفريقية، أن «إثيوبيا تحتاج إلى دعم الولايات المتحدة لاتفاق السلام ووقف أي محاولات مستقبلية للتمرد أو الصراع العرقي أو القبلي». وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن «أميركا هي القوة الدولية الوحيدة التي تستطيع تأمين استمرارية أي اتفاق سلام في القارة بما تملكه من نفوذ في الهيئات الدولية، وقدرات على الضغط على مختلف أطراف النزاعات علاوة على الإمكانات العسكرية والأمنية والمعلوماتية الكبيرة».
ويعتقد زهدي أن أميركا «تبذل جهوداً حقيقية في مجال التنسيق الأمني والعسكري في أفريقيا في الوقت الحالي وبوتيرة غير مسبوقة»، لكنه يرى أن «على المقاربة الأميركية أن تدعم بوتيرة أكبر جهود الحوكمة، وموازنات الدول، واقتصاداتها المتآكلة لحل مشكلة غياب الأمن من جذورها».


مقالات ذات صلة

هل تنجح دعوات استعادة الجواهر الأفريقية المرصِّعة للتاج البريطاني؟

أفريقيا هل تنجح دعوات استعادة الجواهر الأفريقية المرصِّعة للتاج البريطاني؟

هل تنجح دعوات استعادة الجواهر الأفريقية المرصِّعة للتاج البريطاني؟

بينما تستعد بريطانيا لتتويج الملك تشارلز الثالث (السبت)، وسط أجواء احتفالية يترقبها العالم، أعاد مواطنون وناشطون من جنوب أفريقيا التذكير بالماضي الاستعماري للمملكة المتحدة، عبر إطلاق عريضة للمطالبة باسترداد مجموعة من المجوهرات والأحجار الكريمة التي ترصِّع التاج والصولجان البريطاني، والتي يشيرون إلى أن بريطانيا «استولت عليها» خلال الحقبة الاستعمارية لبلادهم، وهو ما يعيد طرح تساؤلات حول قدرة الدول الأفريقية على المطالبة باسترداد ثرواتها وممتلكاتها الثمينة التي استحوذت عليها الدول الاستعمارية. ودعا بعض مواطني جنوب أفريقيا بريطانيا إلى إعادة «أكبر ماسة في العالم»، والمعروفة باسم «نجمة أفريقيا»، وا

أفريقيا «النقد الدولي»: أفريقيا الخاسر الأكبر من «الاستقطاب العالمي»

«النقد الدولي»: أفريقيا الخاسر الأكبر من «الاستقطاب العالمي»

مع تركيز مختلف القوى الدولية على أفريقيا، يبدو أن الاقتصادات الهشة للقارة السمراء في طريقها إلى أن تكون «الخاسر الأكبر» جراء التوترات الجيو - استراتيجية التي تتنامى في العالم بوضوح منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية. وتوقَّع تقرير صدر، (الاثنين)، عن صندوق النقد الدولي أن «تتعرض منطقة أفريقيا جنوب الصحراء للخسارة الأكبر إذا انقسم العالم إلى كتلتين تجاريتين معزولتين تتمحوران حول الصين وروسيا من جهة، والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في المقابل». وذكر التقرير أن «في هذا السيناريو من الاستقطاب الحاد، ما يؤدي إلى أن تشهد اقتصادات أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى انخفاضا دائماً بنسبة تصل إلى 4 في الما

أفريقيا السعودية والاتحاد الأفريقي يبحثان وقف التصعيد العسكري في السودان

السعودية والاتحاد الأفريقي يبحثان وقف التصعيد العسكري في السودان

بحث الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله، وزير الخارجية السعودي، مع رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، موسى فكي، اليوم (الثلاثاء)، الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف المتنازعة في السودان، وإنهاء العنف، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين السودانيين والمقيمين على أرضها، بما يضمن أمن واستقرار ورفاهية البلاد وشعبها. جاء ذلك خلال اتصال هاتفي أجراه وزير الخارجية السعودي، برئيس المفوضية، وتناول آخر التطورات والأوضاع الراهنة في القارة الأفريقية، كما ناقش المستجدات والموضوعات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
أفريقيا «مكافحة الإرهاب» تتصدر الأجندة الأوغندية في «السلم والأمن» الأفريقي

«مكافحة الإرهاب» تتصدر الأجندة الأوغندية في «السلم والأمن» الأفريقي

تتصدر جهود مكافحة ظاهرة التطرف والإرهاب، التي تؤرق غالبية دول القارة الأفريقية، الأجندة الأوغندية، خلال رئاستها مجلس السلم والأمن، التابع للاتحاد الأفريقي، في شهر مايو (أيار) الجاري. ووفق المجلس، فإنه من المقرر عقد اجتماع تشاوري في بروكسل بين الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي، لمناقشة النزاعات والأزمات في البحيرات الكبرى والقرن والساحل، والصراع المستمر في جمهورية الكونغو الديمقراطية، ومكافحة تمرد حركة «الشباب» في الصومال، والتحولات السياسية المعقدة، فضلاً عن مكافحة الإرهاب في بلدان منطقة الساحل، كبنود رئيسية على جدول الأعمال. وأوضح المجلس، في بيان له، أن مجلس السلم والأمن الأفريقي سيناقش نتا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
أفريقيا مكافحة «الإرهاب» تتصدر أجندة أوغندا في مجلس الأمن الأفريقي

مكافحة «الإرهاب» تتصدر أجندة أوغندا في مجلس الأمن الأفريقي

تتصدر جهود مكافحة ظاهرة «التطرف والإرهاب»، التي تقلق كثيراً من دول القارة الأفريقية، أجندة أوغندا، خلال رئاستها مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي، في مايو (أيار) الحالي. ومن المقرر عقد اجتماع تشاوري في بروكسل بين الاتحادين الأوروبي والأفريقي؛ لمناقشة النزاعات والأزمات في البحيرات الكبرى والقرن والساحل، والصراع المستمر في جمهورية الكونغو الديمقراطية، ومكافحة تمرد حركة «الشباب الإرهابية» في الصومال، والتحولات السياسية المعقدة، فضلاً عن مكافحة «الإرهاب» في بلدان منطقة الساحل، كبنود رئيسية على جدول الأعمال. وأوضح المجلس، في بيان، أنه سيناقش نتائج الحوار الوطني في تشاد، ولا سيما المسألتين ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

تجميد ترمب المساعدات الخارجية قد يتسبب في وفاة ملايين بالإيدز

ويني بيانيما وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة والمديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بفيروس الإيدز (أ.ف.ب)
ويني بيانيما وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة والمديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بفيروس الإيدز (أ.ف.ب)
TT

تجميد ترمب المساعدات الخارجية قد يتسبب في وفاة ملايين بالإيدز

ويني بيانيما وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة والمديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بفيروس الإيدز (أ.ف.ب)
ويني بيانيما وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة والمديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بفيروس الإيدز (أ.ف.ب)

حذّرت ويني بيانيما وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة والمديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بفيروس نقص المناعة البشرية (الإيدز)، الأحد، من أن قرار الرئيس دونالد ترمب بتعليق التمويل الأميركي في الخارج قد يؤدي إلى وفاة ملايين إضافيين بسبب الإيدز.

وتُعد الولايات المتحدة أكبر مزود للمساعدات التنموية الرسمية على مستوى العالم، مع توجيه معظم الأموال عبر الوكالة الأميركية للتنمية الدولية.

وجمّد ترمب الجزء الأكبر من المساعدات الخارجية الأميركية لمدة ثلاثة أشهر عند عودته إلى منصبه في يناير (كانون الثاني)، تاركاً العاملين في المجال الإنساني يتخبّطون للتعامل مع تداعيات قراره.

وقالت بيانيما، لوكالة الصحافة الفرنسية: «الأمر مأساوي في العديد من البلدان. يجب أن أرفع الصوت حتى يكون من الواضح أن ذلك جزء كبير (من تمويل الإغاثة المرتبط بالإيدز). إذا توقّف، سيموت أشخاص».

وتضمن القرار الأميركي تعليقاً لمدة 90 يوماً لكل أنشطة «خطة الرئيس الطارئة للإغاثة من الإيدز» (بيبفار).

ويدعم هذا البرنامج أكثر من 20 مليون مريض بفيروس نقص المناعة البشرية و270 ألف عامل صحي، وفقاً لتحليل أجرته مؤسسة «أمفار» للأبحاث حول الإيدز.

وقالت بيانيما، نقلاً عن تقديرات لبرنامجها: «قد نشهد زيادة في الوفيات الإضافية بمقدار عشرة أضعاف» خلال خمس سنوات، مضيفة: «أو قد نشهد زيادة في عدد الإصابات الجديدة بما يصل إلى 8.7 ملايين» في الفترة نفسها.

كانت الولايات المتحدة أعلنت أن «العلاجات المنقذة للحياة» ستستثنى من قرار التجميد، رغم أن العاملين في الخطوط الأمامية في أفريقيا يقولون إن المرافق الصحية المعنية أغلقت.

وقالت ويني بيانيما، على هامش قمة الاتحاد الأفريقي في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، إنها ناقشت هذه المسألة مع القادة وحضّتهم على التحول من التمويل الأجنبي إلى استخدام الإيرادات المحلية.

لكنها أشارت إلى أن العديد من الدول الأفريقية مثقلة بديون بعضها «يصل إلى أكثر من 50 في المائة من إيراداتها الإجمالية»، ما يعوّق قدرتها على سد الفراغ الذي سيتركه وقف التمويل الأميركي.

وأوضحت أن «جزءاً من الحل يكمن في الضغط بقوة من أجل إعادة هيكلة فورية وشاملة للديون».