من «لعبة العروش» إلى «لعبة الحبّار»

مسلسلات تحولت إلى ظاهرة وحققت أعلى نسبة مشاهدات

"لعبة الحبّار"، من أكثر المسلسلات مشاهدةً في العالم (نتفليكس)
"لعبة الحبّار"، من أكثر المسلسلات مشاهدةً في العالم (نتفليكس)
TT

من «لعبة العروش» إلى «لعبة الحبّار»

"لعبة الحبّار"، من أكثر المسلسلات مشاهدةً في العالم (نتفليكس)
"لعبة الحبّار"، من أكثر المسلسلات مشاهدةً في العالم (نتفليكس)

لماذا تخترق بعض المسلسلات قلوب الجماهير وتحقق أرقام مشاهدات وإيرادات قياسية، بينما تبقى مسلسلات أخرى خارج السباق والذاكرة؟ كيف يتحول مسلسل دون سواه إلى ظاهرة، ويصبح محطة مفصلية في تاريخ صناعة الترفيه؟
رسّخت السنوات الأخيرة، وبالتزامن مع انتشار منصات البث ورواجها، مجموعة من المسلسلات العالمية في الذاكرة الجماعية. استقطبت الجيلَين الجديد والقديم وما بينهما، وصنعت ثورة تلفزيونية وتسويقية وثقافية.
إنه جيل «الأشياء الغريبة» (Stranger Things)، و«لعبة الحبار» (Squid Game)، و«مناورة الملكة» (The Queen’s Gambit)، وغيرها من أساطير عصر الترفيه الحديث.

الحبّار الذي اصطاد أعلى نسبة مشاهدة

قد تكون حكاية كواليس «لعبة الحبار» أو «Squid Game» الأغرب في تاريخ منصة «نتفليكس». انطلق المسلسل الكوري بموسمه الأول وحلقاته التسع سنة 2021، من دون دعاية تُذكَر. كان موجَّهاً بالأساس إلى الجمهور الكوري والآسيوي عموماً، من ضمن خطة «نتفليكس» التوسعية. لكن ما لم تتوقعه المنصة، هو أن يجتاح العمل كل شاشة في كل بيت، في كل مدينة وقرية في هذا العالم. لقد استخفت «نتفليكس» بـ«لعبة الحبار»، فصُعقت بالنتيجة.

اليوم، وبينما يستعد فريق المسلسل لإطلاق موسمٍ ثانٍ، بات من الممكن إلقاء نظرة هادئة على ما حققه الموسم الأول. حتى صيف 2022، حافظ المسلسل على مرتبته الأولى ضمن قائمة مسلسلات «نتفليكس» الأكثر مشاهدة، وذلك بحسب أرقام المنصة.
• «لعبة الحبار» بالأرقام:
- 87 مليون شخص شاهدوا المسلسل بالكامل خلال أول 23 يوماً بعد بثه.
- حصد المسلسل مليارين و100 مليون ساعة مشاهدة في أقل من شهرين بعد انطلاقته.
- ارتفعت أسهُم «نتفليكس» في البورصة 7 في المائة بعد بث «Squid Game»
- هو المسلسل رقم «1» على مستوى المشاهدة في تاريخ المنصة العالمية
أما الرقم الصادم، الذي يتناقض مع كل تلك الأرقام الصاروخية؛ فهو تكلفة الإنتاج التي تُعتبر متواضعة جداً مقارنة بباقي إنتاجات المنصة؛ إذ كلف المسلسل بجميع حلقات موسمه الأول 21.4 مليون دولار، في وقتٍ كلفت حلقة واحدة من «أشياء غريبة» Stranger Things في موسمه الرابع، 30 مليوناً.
قابل هذا الإنتاج الضئيل مردودٌ هائل؛ فقد كشفت أرقام حصلت عليها «بلومبرغ» أن المسلسل حقق إيرادات بقيمة 891 مليون دولار، في وقتٍ تحفظت «نتفليكس» على الموضوع؛ فالمنصة ليست من هواة كشف الأرقام.


لعبة الحبّار (نتفليكس)
لكن ما الذي جعل من مسلسل ينطق باللغة الكورية ويروي حكاية غريبة، ظاهرة عالمية تخطت حدود الشاشة الصغيرة؟
قد يبدو الأمر بدايةً وكأنه مجرد لعبة يتبارز فيها 456 شخصاً للفوز بمبلغ ضخم، مخاطرين بحياتهم من أجل المال. لكن الموضوع ليس بتلك البساطة؛ فالمسلسل انعكاسٌ لواقع المجتمعات الرأسمالية، التي يكافح فيها الفقراء من أجل البقاء تحت أنظار الأغنياء المستمتعين بالمشاهَدة. كم من سيونغ جي هون (بطل المسلسل) في هذا العالم الواسع يصارع من أجل سداد ديونه والحصول على علاج لوالدته المريضة؟
ليس ما يقدمه المسلسل خيالاً، بل واقع نابع من اللاعدالة الاجتماعية والاقتصادية السائدة. تعاطفَ المشاهدون مع حكايات اللاعبين الفقراء الوحيدين الغارقين في الديون، لكنهم في المقابل استمتعوا بالجلوس على كراسي الأغنياء المتفرجين والمراهنين على رواد اللعبة، كما لو كانوا أحصنة في ميدان السباق.
إلى جانب هذا البُعد النفسي، استطاع «Squid Game» أن يصور الواقع بطريقة جديدة ومختلفة عن كل ما سبقه من مسلسلات؛ أبعد من مشاهد التشويق والقتل والدماء، فرضت القصة تفاعلاً إنسانياً مع أشخاص قد يبدون مختلفين، لكنهم يشبهون غالبية البشر. كل ذلك ضمن إطار شبيه بتلفزيون الواقع، وفي أجواء من اللعب المتواصل، وسط أزياء مبتكرة وديكورات ملونة تتناقض مع سوداوية الحكاية.
بالتزامن مع التفاف الجيل الصاعد حول الثقافة الكورية (K - pop)، اجتاح المسلسل كالإعصار وسائل التواصل الاجتماعي، فسمع به من لم يكن قد فعل سابقاً، من خلال «الترندات» و«الهاشتاغ» وتحديات «تيك توك» المستوحاة من «ألعاب الحبار».

المسلسل الأكثر شعبية في العالم

قبل 10 سنوات من ولادة المسلسل الكوري الأشهر على الإطلاق، كانت لعبة من نوعٍ آخر تعصف بعالم التلفزيون... لعبة لا تقل عنفاً، وتطفو هي الأخرى على بحرٍ من الدماء، وعلى منطق إلغاء الآخر.
عام 2011، أطلقت شركة «HBO» مسلسل «لعبة العروش»Game of Thrones الذي عمَّر 8 مواسم، مشكّلاً ظاهرة تلفزيونية في وقتٍ لم تكن منصات البث فيه رائجة كما هي الحال الآن. وبحسب تصنيف «IMDb»، فإن «لعبة العروش» المسلسل الأكثر مشاهَدة في تاريخ الشاشة الصغيرة.
لم يأتِ ذلك من عدم، بل من عوامل عدة صنعت مجد المسلسل الذي حصد 59 جائزة «إيمي». يُجمع النقاد على صلابة القصة، وجاذبية الشخصيات، واحترافية الممثلين، وسخاء الإنتاج، رغم تحفظات كثيرة على مشاهد العري والعنف الطافح. أما المشاهدون فيتفقون على أن المسلسل منحَهم فسحة هروب إلى عالم من الخيال؛ تعلقوا بأبطاله الطالعين من القرون الوسطى، الذين لا يختلفون بمشاكلهم الواقعية وبطباعهم وعلاقاتهم عن بشر الزمن الحالي.


أبعد من الأزياء الصادمة، ومن فرسان القرون الوسطى وسيوفهم ومعاركهم، ومن التنين الذي يدخل المشهد بين الحين والآخر، فرضَ المسلسل على المتفرج مجهوداً ذهنياً، بنصه الذكي وشخصياته المعقدة ومواضيعه الأخلاقية. أما عنصر المفاجأة فحضر في كل الحلقات، محولاً عرساً إلى مجزرة، أو منهياً حياة إحدى أهم الشخصيات؛ وقد ساهمت تلك الأحداث غير المتوقعة برفع نسبة المشاهدة وتعلُّق الناس بالسلسلة.
في أسطورة الخير والشر تلك، رأى كثيرون انعكاساً لأنفسهم؛ فأحبوا جون سنو، وتيريون لانستر، وآريا ستارك، وغيرها من الشخصيات التي بات فراقها صعباً بالنسبة لعشاق المسلسل، الذين ثارت ثائرتهم يوم حل الموسم الأخير.
• «لعبة العروش» بالأرقام:
- عدد المواسم 8 وعدد الحلقات 73
- عدد الشخصيات 566
- الكلفة الإنتاجية 1.5 مليار دولار
- المردود من خلال الاشتراكات 3.1 مليار دولار
- متوسط عدد مشاهدات الحلقة الواحدة (حتى 2019) 44 مليون
- مشاهدات الحلقة الأخيرة في يوم العرض 19.3 مليون
في عملية تعداد المسلسلات الحديثة التي تحولت إلى ظواهر، لا بد من التوقف عند «أشياء غريبة» Stranger Things الذي كان أحد الأحصنة الرابحة في رهانات «نتفليكس»؛ فهو يحتل المرتبة الثانية من ناحية المشاهدات على المنصة، بعد «لعبة الحبار». بات واضحاً إذن انجذاب الجمهور العريض إلى كل ما هو خيالي وخارق.

يُغرق «أشياء غريبة» متابعيه في أجواء من الإثارة والمؤامرات والألغاز العلمية التي تلامس الرعب، ويعود بهم إلى ثمانينات القرن الماضي ضمن رحلة تقطع الأنفاس امتدت 4 مواسم قابلة للتجديد. تدين «نتفليكس» لهذا المسلسل بالكثير، إذ إن المنصة شهدت، عام 2016، وفور بث الموسم الأول، ارتفاعاً غير مسبوق في نسب المشاهدات والاشتراكات. في ذلك الوقت، رد المسلسل عن «نتفليكس» منافسة المنصات الأخرى، ورفع عدد المشتركين إلى 158 مليوناً. أما اليوم، فما زال يحصد أعلى الأرقام، بدليل أن أحدث مواسمه هو الأكثر مشاهدة على المنصة، بعد الموسم الأول من «لعبة الحبار».
ومن ضمن المسلسلات التي تميزت على منصات البث وأحدثت ضجة عالمية على مدى السنوات العشر الأخيرة، «بريكينغ باد»، و«ناركوس»، و«لوسيفر»، و«ذا كراون»، و«كازا دي بابيل»، و«بردجرتون»، و«كوينز غامبيت».



مصر لتطوير حديقتي «الحيوان» و«الأورمان» وفق مواصفات عالمية

جانب من حديقة الحيوان بالجيزة (فيسبوك)
جانب من حديقة الحيوان بالجيزة (فيسبوك)
TT

مصر لتطوير حديقتي «الحيوان» و«الأورمان» وفق مواصفات عالمية

جانب من حديقة الحيوان بالجيزة (فيسبوك)
جانب من حديقة الحيوان بالجيزة (فيسبوك)

تواصل مصر خطتها لإحياء وتطوير حديقتي «الحيوان» و«الأورمان» بمحافظة الجيزة (غرب القاهرة)، وفق أحدث المعايير العالمية والدولية، مع العمل على وصلهما ببعضهما البعض وافتتاحهما قريباً بإدارة من القطاع الخاص.

وأكد رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، أن الحكومة تتابع باهتمام تنفيذ مشروع تطوير الحديقتين، انطلاقاً من أهميته في ظل الطابع التاريخي المميز لهما، وتتطلع لإعادة إحيائهما، والانتهاء من عملية التطوير وفق الخطة الزمنية المقررة، وإدارتهما وتشغيلهما على النحو الأمثل.

وقال مدبولي في بيان عقب اجتماع، الأحد، مع عدد من الوزراء والمسؤولين المعنيين بالمشروع: «هذا المشروع بمثابة حلم للحكومة نعمل جميعاً على تحقيقه، وهدفنا أن يرى النور قريباً، بإدارة محترفة من القطاع الخاص، تحافظ على ما يتم ضخه من استثمارات».

وشهد الاجتماع استعراض مراحل مشروع إحياء وتطوير حديقتي الحيوان والأورمان، حيث تمت الإشارة إلى اعتماد التصميمات وأعمال الترميم والتطوير من جانب المنظمات العالمية المُتخصصة، ونيل شهادات ثقة عالمية من جانبها، مع التعامل مع البيئة النباتية بأسلوب معالجة علمي، إلى جانب تدريب الكوادر العاملة بالحديقتين وفق أعلى المعايير العالمية، بما يواكب رؤية التطوير، ويضمن توافق التشغيل مع المعايير الدولية»، وفق تصريحات المتحدث باسم رئاسة مجلس الوزراء، المستشار محمد الحمصاني.

ويتضمن مشروع تطوير «حديقة الحيوان بالجيزة» مساحة إجمالية تبلغ 86.43 فدان، ويبلغ إجمالي مساحة مشروع «حديقة الأورمان» 26.7 فدان، بمساحة إجمالية للحديقتين تصل إلى 112 فداناً، واستعرض الاجتماع عناصر ربط المشروعين معاً عبر إنشاء نفق يربط الحديقتين ضمن المنطقة الثالثة، بما يعزز سهولة الحركة، ويوفر تجربة زيارة متكاملة، وفق البيان.

وتضمنت مراحل التطوير فتح المجال لبدء أعمال تطوير السافانا الأفريقية والمنطقة الآسيوية، إلى جانب الانتهاء من أعمال ترميم الأماكن الأثرية والقيام بتجربة تشغيلية ليلية للمناطق الأثرية بعد تطويرها بواقع 8 أماكن أثرية.

التشغيل التجريبي للمناطق الأثرية ليلاً بعد تطويرها (حديقة الحيوان بالجيزة)

وأشار البيان إلى أن مستشاري مشروع الإحياء والتطوير؛ وممثلي الشركة المُشغلة للحديقتين، عرضوا خلال الاجتماع مقترحاً للعودة للتسمية الأصلية لتكونا «جنينة الحيوان»، و«جنينة الأورمان»؛ حرصاً على التمسك بهويتهما لدى جموع المواطنين من روادهما منذ عقود، كما أكدوا أن إدارة الحديقتين وتشغيلهما سيكون وفق خطة تضمن اتباع أحدث النظم والأساليب المُطبقة في ضوء المعايير العالمية.

وتم تأكيد ارتفاع نسب الإنجاز في الجوانب التراثية والهندسية والفنية بمشروع تطوير الحديقتين، حيث شملت أعمال الترميم عدداً من المنشآت التاريخية، أبرزها القصر الملكي والبوابة القديمة والكشك الياباني.

وحقق المشروع تقدماً في الاعتمادات الدولية من جهات مثل الاتحاد الأوروبي لحدائق الحيوان (EAZA) والاتحاد العالمي (WAZA) والاتحاد الأفريقي (PAAZA)، وفق بيان مجلس الوزراء المصري.

وترى الدكتور فاتن صلاح سليمان المتخصصة في التراث والعمارة أن «حديقة الحيوان بالجيزة من أكبر حدائق الحيوان في الشرق الأوسط وأعرق حدائق الحيوان على مستوى العالم، حيث تأسست في عهد الخديو إسماعيل، وافتُتحت في عصر الخديو محمد توفيق، وكان بها في بداية افتتاحها أكثر من 175 نوعاً من الحيوانات النادرة من بيئات مختلفة حول العالم، كما كان تصميمها من أجمل التصميمات في العالم وقتها، وكانت متصلة بحديقة الأورمان وقت إنشائها».

وأضافت لـ«الشرق الأوسط» أن «حديقة الأورمان من أهم الحدائق النباتية في العالم، وكانت جزءاً من القصر الخاص بالخديو إسماعيل، وكانت مخصصة لمد القصر بالفواكه والخضراوات، وصممها مهندسون فرنسيون»، وأشارت إلى أن كلمة أورمان بالأساس هي كلمة تركية تعني الغابة أو الأحراش، وعدت مشروع تطوير الحديقتين «من أهم المشروعات القائمة حالياً والتي من شأنها أن تعيد لهما طابعهما التراثي القديم، وهو من المشروعات الواعدة التي من شأنها أن تغير كثيراً في شكل الحدائق المصرية» وأشادت بفكرة العودة إلى الاسمين القديمين للحديقتين وهما «جنينة الحيوان» و«جنينة الأورمان»، لافتة إلى تغيير الصورة الاستثمارية للحديقتين بعد التطوير لوجود مناطق ترفيهية وكافيهات ومناطق لأنشطة متنوعة.


نادين لبكي: السينما هاجس داخلي… وأفلامي تولد من أسئلة لا تهدأ

نادين لبكي تتحدث عن مشوارها الفني في «البحر الأحمر» (إدارة المهرجان)
نادين لبكي تتحدث عن مشوارها الفني في «البحر الأحمر» (إدارة المهرجان)
TT

نادين لبكي: السينما هاجس داخلي… وأفلامي تولد من أسئلة لا تهدأ

نادين لبكي تتحدث عن مشوارها الفني في «البحر الأحمر» (إدارة المهرجان)
نادين لبكي تتحدث عن مشوارها الفني في «البحر الأحمر» (إدارة المهرجان)

قالت المخرجة والممثلة اللبنانية نادين لبكي إن العمل الفني لا يولد مصادفة، بل يأتي من تلك الرجفة الداخلية التي يخلّفها هاجس ما، أو من أسئلة لا تتوقف عن الإلحاح حتى تتحوّل إلى قصة.

وبدت نادين في جلستها الحوارية بمهرجان البحر الأحمر السينمائي، الأحد، التي أدارها أنطوان خليفة، مدير البرنامج العربي والكلاسيكي بالمهرجان، كأنها تفتح كتاباً شخصياً، تقلب صفحاته بهدوء وثقة، وتعيد ترتيب ذكرياتها وتجاربها لتشرح كيف تُصنع الأفلام. فمنذ اللحظة الأولى لحديثها، شددت على أن الصدق هو ما يميّز الفيلم؛ ليس صدق رؤيتها وحدها، بل صدق كل مَن يقف خلف الكاميرا وأمامها.

وأكدت أن الشغف والهوس هما ما يسبقان الولادة الفعلية لأي فكرة؛ فقبل أن تصوغ أولى كلمات السيناريو، تكون قد أمضت زمناً في مواجهة فكرة لا تريد مغادرة ذهنها. شيئاً فشيئاً يبدأ هذا الهاجس بالتشكّل والتحول إلى موضوع محدد يصبح البوصلة التي تضبط كل التفاصيل الأخرى. قد تتغير القصة، وقد يتبدّل مسار الفيلم، لكن الفكرة الجوهرية، ذلك السؤال الملحّ، تبقى العنصر الثابت الذي يجب بلوغه في النهاية.

وتسترجع نادين لحظة ولادة فيلم «هلّأ لوين؟»، فتعود إلى حرب 2008، حين كانت مع طفلها في شوارع بدت كأنها على وشك الانزلاق إلى حرب أهلية جديدة. وتروي كيف تسلّل إليها الخوف عندما تخيّلت ابنها شاباً يحمل السلاح، وكيف تحوّلت تلك اللحظة إلى بذرة فيلم كامل.

نادين لبكي خلال «مهرجان البحر الأحمر» (إدارة المهرجان)

وفي «كفرناحوم» حدث شيء مشابه، إذ تقول إنها كانت ترى الأطفال في الشوارع، وتنصت إلى قصصهم، وتراقب نظرتهم إلى العالم وإلى الناس الذين يمرّون أمامهم كأنهم عابرون بلا أثر. من هنا بدأت الفكرة، ثم امتدّ المشروع إلى 5 سنوات من البحث الميداني، أمضت خلالها ساعات طويلة في محاولة فهم القوانين، والحياة اليومية، والدوافع الإنسانية التي تحكم هذه البقع المهمَّشة.

وتؤكد نادين أن مرحلة الكتابة ليست مجرد صياغة نص، بل لحظة مشاركة وتجربة مشتركة، فالعلاقة بين فريق الكتابة بالنسبة إليها أساسية. وتشير إلى أنها تحب العمل مع أشخاص يتقاسمون معها الرؤية والمبادئ نفسها. أحياناً يكتبون أسبوعين متواصلين، ثم يتوقفون شهوراً قبل أن يعودوا للعمل من جديد، بلا مواعيد نهائية صارمة، لأن القصة، كما تقول، هي التي تحدد إيقاعها وزمنها، لا العكس.

وعندما تنتقل إلى الحديث عن اختيار الممثلين، تكشف أن العملية تستغرق وقتاً طويلاً، لأن أغلب أبطال أفلامها ليسوا محترفين. ففي «كفرناحوم» مثلاً، كان من المستحيل بالنسبة إليها أن تطلب من ممثل محترف أن ينقل ذلك القدر من الألم الحقيقي، لذلك اتجهت إلى أشخاص عاشوا التجارب نفسها أو عايشوا مَن مرّ بها. وتؤكد أنها مفتونة بالطبيعة الإنسانية، وأن فهم الناس ودوافعهم هو بوابة الإبداع لديها؛ فهي لا تفكر في النتيجة في أثناء التصوير، بل في التجربة نفسها، وفي اللحظة التي يُصنع فيها المشهد.

نادين لبكي عقب الجلسة الحوارية (مهرجان البحر الأحمر)

وتتوقف نادين أيضاً عند تجربتها التمثيلية في فيلم «وحشتيني»، كاشفة أنه من أكثر الأعمال التي أثّرت فيها على مستوى شخصي، وأنها سعدت بالعمل مع النجمة الفرنسية فاني أردان. وترى أن التمثيل هذه المرة جعلها تعيش السينما من زاوية مختلفة، فهي تؤمن ـ كما تقول ـ بنُبل السينما وقدرتها على تغيير الإنسان وطريقة تفكيره ونظرته إلى الأشياء، وهو ما يشجعها على الاستمرار في خوض تجارب سينمائية تركّز على السلوك الإنساني، مع سعي دائم لفهم الدوافع غير المتوقعة للأفراد أحياناً.

وتشير إلى أن المدرسة الإيرانية في إدارة الممثلين كانت ذات تأثير كبير في تكوينها الفني. ورغم غياب صناعة سينمائية حقيقية في لبنان عندما بدأت مسيرتها الإخراجية، فإنها تعلّمت عبر الإعلانات والفيديو كليبات، وصنعت طريقها بنفسها من عمل إلى آخر، لعدم وجود فرصة الوقوف إلى جانب مخرجين كبار. وقد عدت ذلك واحداً من أصعب التحديات التي واجهتها.

وأكدت أن فيلمها الجديد، الذي تعمل عليه حالياً، مرتبط بفكرة مركزية، وسيُصوَّر في أكثر من بلد، ويأتي ضمن هاجسها الأكبر، قصة المرأة وتجاربها. ولأن أفكارها تولد غالباً من معايشة ممتدة لقضايا تحيط بها يومياً، تقول: «نعيش زمناً تختلط فيه المفاهيم بين الصواب والخطأ، ولا نجد مرجعاً سوى مبادئنا الشخصية»، مؤكدة أنها تستند في اختياراتها الفنية إلى ما تؤمن به فقط.

وفي ختام حديثها، تتوقف عند شراكتها مع زوجها الموسيقي خالد مزنَّر، وتصفها بأنها واحدة من أهم ركائز تجربتها، موضحة أن رحلتهما في العمل على الموسيقى تبدأ منذ لحظة ولادة الفكرة. وأحياناً يختلفان بشدة، ويتجادلان حول الموسيقى أو الإيقاع أو الإحساس المطلوب، لكنهما يصلان في النهاية إلى صيغة فنية تجمع رؤيتهما، وترى نفسها محظوظة بأنها ترافق شخصاً موهوباً فنياً وإنسانياً.


تسرب مياه في متحف اللوفر يتلف كتباً بقسم الآثار المصرية

سائحون يلتقطون صوراً بساحة متحف اللوفر في باريس 6 يوليو 2024 (رويترز)
سائحون يلتقطون صوراً بساحة متحف اللوفر في باريس 6 يوليو 2024 (رويترز)
TT

تسرب مياه في متحف اللوفر يتلف كتباً بقسم الآثار المصرية

سائحون يلتقطون صوراً بساحة متحف اللوفر في باريس 6 يوليو 2024 (رويترز)
سائحون يلتقطون صوراً بساحة متحف اللوفر في باريس 6 يوليو 2024 (رويترز)

أدّى تسرب مياه الشهر الماضي إلى إتلاف مئات الكتب في قسم الآثار المصرية بمتحف اللوفر، ما يسلط الضوء على الحالة المتدهورة للمتحف الأكثر زيارة في العالم، بعد أسابيع فقط من عملية سطو جريئة لسرقة مجوهرات كشفت عن ثغرات أمنية.

وذكر موقع «لا تريبين دو لار» المتخصص في الفن التاريخي والتراث الغربي أن نحو 400 من الكتب النادرة لحقت بها أضرار ملقياً باللوم على سوء حالة الأنابيب. وأضاف أن الإدارة سعت منذ فترة طويلة للحصول على تمويل لحماية المجموعة من مثل هذه المخاطر، لكن دون جدوى.

وقال نائب مدير متحف اللوفر، فرانسيس شتاينبوك، لقناة «بي إف إم» التلفزيونية، اليوم (الأحد)، إن تسرب أنابيب المياه يتعلق بإحدى الغرف الثلاث في مكتبة قسم الآثار المصرية.

وأضاف، وفقاً لوكالة «رويترز»: «حددنا ما بين 300 و400 عمل، والحصر مستمر»، وتابع أن الكتب المفقودة هي «تلك التي اطلع عليها علماء المصريات، لكن ليست الكتب القيمة».

وأقرّ بأن المشكلة معروفة منذ سنوات، وقال إن الإصلاحات كان من المزمع إجراؤها في سبتمبر (أيلول) 2026.

وسرق 4 لصوص في وضح النهار مجوهرات بقيمة 102 مليون دولار في 19 أكتوبر (تشرين الأول)، ما كشف عن ثغرات أمنية واسعة في المتحف.

وأدّت الثغرات الهيكلية في نوفمبر (تشرين الثاني) إلى إغلاق جزئي لقاعة عرض، تضم مزهريات يونانية ومكاتب.