«التوك توك» يثير الجدل في مصر مجددًا

البعض يعتبره سلاحًا ذا حدين

«التوك توك» يثير الجدل في مصر مجددًا
TT

«التوك توك» يثير الجدل في مصر مجددًا

«التوك توك» يثير الجدل في مصر مجددًا

جاء تصريح رئيس الوزراء المصري المهندس إبراهيم محلب حول «التوك توك» مؤخرا ليعيد الجدل مجددا حول واحدة من وسائل المواصلات غير المقننة في البلاد رغم انتشارها الواسع في كثير من أحياء العاصمة وفي جميع قرى ومدن دلتا ووادي النيل تقريبا.
وفي حوار تلفزيوني مؤخرا، طالب محلب الشباب المصري بعدم انتظار فرص عمل حكومية بعد التخرج من الجامعة، وحثهم على العمل في المهن الشاقة أحيانا لكنها تحقق ربحا، وضرب مثالا بقيادة «التوك توك» بدلا من فتح المقاهي.
وأثارت هذه التصريحات حالة من الجدل في الشارع المصري وبين رواد مواقع التواصل الاجتماعي، حيث اعتبرها البعض مهنة لا تليق بخريج جامعة قضى سنوات طويلة من عمره في الدارسة والتعليم، بينما رأى آخرون فيها مهنة شريفة وتمثل تفكيرا خارج الصندوق لمشكلة البطالة التي تعاني منها مصر منذ عقود.
لكن مجلس الوزراء أصدر بيانا قال فيه إن تصريحات المهندس إبراهيم محلب انتزعت من سياقها وتم فهمها بشكل خاطئ، مشيرًا إلى أن رئيس الوزراء لم يدعُ الشباب للعمل كسائقي توك توك، بل على العكس فإن ما قيل بالفعل كان حثًا للشباب على العمل والإنتاج وعدم انتظار الوظائف الحكومية أو اللجوء إلى وظائف سهلة للكسب مثل فتح المقاهي أو قيادة التوك توك، بل يجب عليهم العمل في مهن إنتاجية تضيف للمجتمع.
لكن هذه ليست أول مرة يحتل فيها «التوك توك» صدارة المشهد في مصر، فكان الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي، قد ذكر سائقي التوك توك في أولى خطبه فور انتخابه رئيسا للجمهورية في يونيو (حزيران) 2012.
ما آثار الجدل هذه المرة وفي عام 2012، هو أن التوك توك لا يزال وسيلة مواصلات غير قانونية في بعض المحافظات المصرية وعلى رأسها العاصمة القاهرة، كما لا توجد أي رقابة حكومية على سائقيه أو حالته الفنية ومدى صلاحيته، خاصة لأنه يتحرك داخل الأحياء المكتظة والمناطق النائية بعيدا عن أعين الدولة.
وفي فبراير (شباط) 2014، قرر مجلس الوزراء المصري وقف استيراد الدراجات النارية والتوك توك لمدة عام بناء على طلب من وزارة الداخلية التي ترى أنه رفع معدل العمليات الإجرامية، ويتم استخدامه لاستهداف القيادات الأمنية وتنفيذ التفجيرات. وفي نوفمبر (تشرين الثاني) من نفس العام، أيدت محكمة القضاء الإداري قرار وقف استيراد التكاتك، حينما رفضت طعنا قدمه أحد مستوردي التوك توك بسبب الخسائر المالية التي تعرض لها نتيجة القرار.
وفي يونيو الماضي، كشف الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء أن عدد التكاتك المرخصة في مصر بلغ 74 ألفا و231 توك توك حتى نهاية ديسمبر (كانون الأول) 2014، بينما بلغ عدد الدراجات النارية مليوني و200 ألف.
وأظهر التقرير السنوي لحصر المركبات المرخصة في مصر عدم وجود أي تكاتك مرخصة في 9 محافظات، هي القاهرة، وبورسعيد، والسويس، والإسكندرية، والبحر الأحمر والوادي الجديد ومطروح وشمال وجنوب سيناء دون أن يذكر عددًا محددًا للتكاتك غير المرخصة في هذه المحافظات، وكان العدد الأكبر منها في محافظة الدقهلية (شمال القاهرة) بنحو 19 ألف توك توك.
ويرى كثير من المصريين أن التوك توك يمثل سلاحا ذا حدين، فمن ناحية يعد حلا لكثير من المشكلات، سواء للتنقل داخل الشوارع الضيقة والتي قد لا يصل إليها التاكسي، كما يستعين به كبار السن لنقلهم خاصة إذا كانوا يحملون أغراضا ثقيلة، وهو أيضا يشكل أحد الحلول لمشكلة البطالة بالنسبة لمن يعملون على قيادته. وتكون أجرة التوك توك وفق المسافة التي يقطعها والتي تبدأ من جنيهين وقد تصل إلى عشرة أو خمسة عشر جنيها، مما يجعله في متناول كثيرين.
وطالب كثير من السائقين في محافظات متفرقة بمصر تقنين التوك توك، خاصة في ظل الصعوبات التي يواجهونها في الحصول على الوقود من محطات البنزين في ظل تفعيل نظام الكروت الذكية للمواطنين والتي لن يكون لهم نصيب منها لعدم وجود تراخيص لهم.
لكن في الوقت ذاته، يشكل التوك توك بعض الخطورة نظرا لأن قائديه غالبا لا يحملون رخصة قيادة وقد يستغلونه في القيام بعمليات إجرامية، مثل حوادث الخطف والاغتصاب والسرقة التي تقع أحيانا نتيجة عدم مراقبة أو ترخيص المركبة، بالإضافة إلى أنه لا يمكن مسائلة قائده أو اتهامه حال ارتكاب حادث سير، في ظل القيادة المتهورة المعروفة عن قائدي التوك توك، والتي لا تضر المشاة فحسب وإنما تمتد أيضا إلى السيارات في الشوارع.
وينتشر «التوك توك» في الأحياء الشعبية والمناطق العشوائية ذات الكثافة السكانية العالية بالقاهرة، بينما تندر رؤيته في الأحياء الراقية ووسط المدينة، ويتجنب سائقوه التحرك في الشوارع الرئيسية للبقاء بعيدا عن أعين شرطة المرور.
ولم يغب التوك توك عن الأضواء مع اقتراب الحفل العالمي لافتتاح قناة السويس الجديدة المقرر له الخميس المقبل، حيث تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي صورة توك توك لدى عبوره قناة السويس فوق أول كوبري عائم يتم إنشاؤه على القناة تيسرا على المواطنين.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.