ترمب عرضة لأول تهمة جنائية في سلسلة الدعاوى ضده

في تطور لافت من شأنه أن يطرح تحديات قانونية وسياسية، وجه مكتب المدعي العام في منطقة مانهاتن بمدينة نيويورك، إخباراً للرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، يدعوه للمثول أمام هيئة محلفين كبرى، الأسبوع المقبل، إذا رغب في الإدلاء بشهادته في القضية المرفوعة ضده بشأن دفع أموال سرية لنجمة إباحية.
وأخبر مكتب المدعي العام ألفين براغ، محامي ترمب أخيراً، أن الرئيس السابق قد يواجه اتهامات جنائية لدوره في القضية، ما قد يكون مؤشراً قوياً على احتمال أن توجه لترمب اتهامات جنائية للمرة الأولى، في سلسلة الدعاوى المرفوعة ضده.
ونقلت وسائل إعلام أميركية عدة عن ممثلي الادعاء، أن المدعين عرضوا على ترمب فرصة الإدلاء بشهادته أمام هيئة المحلفين الكبرى، التي تستمع إلى الأدلة في القضية المحتملة، حيث يحق للمتهمين المحتملين الإجابة على الأسئلة أمامها، قبل توجيه الاتهام إليهم. لكنهم نادراً ما يدلون بشهاداتهم، ومن غير المتوقع أن يلبي ترمب هذه الدعوة، كما جرى في حالات عدة سابقة. وفي حال تم توجيه التهم لترمب، ستكون أول قضية اتهام جنائية بحق رئيس سابق، ما قد يكون له تداعيات سياسية كبيرة على السباق الرئاسي عام 2024، خصوصاً أن ترمب قد أعلن ترشحه رسمياً.
وواجه ترمب مجموعة من التحقيقات الجنائية وتحقيقات مستشار خاص، في قضايا عدة، من بينها قضية احتفاظه بوثائق سرية في منتجعه بفلوريدا، لكنه لم يتهم أبداً بارتكاب جريمة، ما يؤكد جدية التحقيق وخطورته، في حال صدور حكم بحقه، الذي قد لا يقل عن السجن لأربع سنوات. وعد الكشف عن دعوة مكتب المدعي العام، تطوراً رئيسياً في تحقيق يلوح في أفق الرئيس السابق منذ ما يقرب من خمس سنوات، وأثار عدداً من الأسئلة حول ملامح القضية المحتملة ضده. ويركز المدعي العام براغ، على تورط ترمب في دفع أموال سرية لستورمي دانيلز، وهي نجمة إباحية، قالت إنها كانت على علاقة معه، وقام مايكل كوهين، مساعد ترمب في ذلك الوقت، بتسديد مبلغ 130 ألف دولار خلال الأيام الأخيرة من الحملة الرئاسية لعام 2016، ومن المتوقع أن يدلي كوهين، الذي قال إن ترمب أمره بدفع أموال لدانيلز، بشهادته أمام هيئة المحلفين.
ويمكن أن يرقى تزوير السجلات التجارية في نيويورك إلى حد الجريمة، وإن كان جنحة. ولكي تتحول الجنحة إلى جريمة، يجب على المدعين إثبات أن «نية الاحتيال» لدى ترمب تضمنت نية ارتكاب جريمة ثانية أو إخفاءها. وفي هذه الحالة، قد تكون تلك الجريمة الثانية انتهاكاً لقانون انتخابات ولاية نيويورك. ورغم أن «الأموال السرية» ليست غير قانونية بطبيعتها، يمكن للمدعين العامين أن يجادلوا بأن دفع 130 ألف دولار أصبح فعلياً تبرعاً غير لائق لحملة ترمب، وفقاً لنظرية أنه أفاد ترشيحه لأنه أسكت دانيلز.
ورغم أن براغ قد يكون أول مدعٍ عام يوجه التهم لترمب، لكنه قد لا يكون الأخير، حيث يحقق المدعي العام في مقاطعة فولتون بولاية جورجيا فيما إذا كان ترمب قد تدخل لقلب نتائج انتخابات عام 2020 في تلك الولاية التي فاز فيها جو بايدن، بعدما عرضت وثائق وتسجيلات تشير إلى طلبه من وزير خارجية الولاية «التفتيش» عن أصوات لقلب النتائج فيها.
كما أن مستشاراً فيدرالياً خاصاً، يدقق في جهود ترمب لقلب نتائج الانتخابات، فضلاً عن تعامله مع الوثائق السرية في منتجعه بمارالاغو بفلوريدا.
وقد استجوب مكتب المدعي العام بالفعل ستة أشخاص آخرين على الأقل أمام هيئة المحلفين الكبرى، وفقاً لعدة أشخاص على دراية بالتحقيق.
وحتى لو تم توجيه الاتهام إلى ترمب، فإن إدانته أو إرساله إلى السجن سيكونان أمرين صعبين، لسبب واحد على الأقل. إذ إنه من المؤكد أن محامي ترمب سيهاجمون صدقية كوهين من خلال الاستشهاد بسجله الإجرامي، حسب ما نقلته العديد من وسائل الإعلام الأميركية، عن قانونيين استطلعت آراءهم. ومن المحتمل أيضاً أن تتوقف القضية المرفوعة ضد الرئيس السابق، على نظرية قانونية غير مختبرة، وبالتالي محفوفة بالمخاطر، تنطوي على تفاعل معقد بين القوانين. فالجمع بين تهمة تزوير السجلات التجارية وانتهاك قانون انتخابات الولاية سيكون نظرية قانونية جديدة لأي قضية جنائية، ناهيك عن قضية ضد رئيس سابق، مما يزيد من احتمال أن القاضي أو محكمة الاستئناف يمكن أن يرفضاها أو يقللا من تهمة الجناية إلى جنحة. وحتى ولو بقيت تهمة الجناية، فإنها ترقى إلى جناية منخفضة المستوى.
وإذا أدين في النهاية، فسيواجه عقوبة قصوى مدتها أربع سنوات، ولن تكون إلزامية. ولا يزال من الممكن ألا يواجه ترمب اتهامات، حيث يمكن لمحاميه أن يجتمعوا على انفراد مع المدعين العامين على أمل تفادي التهم الجنائية.
وكان ترمب قد قال في وقت سابق إن المدعين العامين يشاركون في «مطاردة ساحرات» ضده بدأت قبل أن يصبح رئيساً. ووصف براغ، وهو ديمقراطي أسود، بأنه «عنصري» ذو دوافع سياسية. وفي بيان أصدره مساء الخميس على شبكته «تروث سوشال» الاجتماعية الخاصة، كرر ترمب هذه المزاعم، ونفى أن يكون على علاقة مع دانيلز. وأشار إلى أن المدعين العامين من مختلف المكاتب، بما في ذلك سلف المدعي براغ، حققوا في الأمر ولم يسبق لهم أن اتهموه بارتكاب جريمة. وقال إن لائحة الاتهام المحتملة كانت محاولة لإفشال حملته الرئاسية. وكتب: «لا يمكنهم الفوز في صناديق الانتخاب، لذلك يتعين عليهم الذهاب إلى أداة لم يتم استخدامها أبداً بهذه الطريقة في بلدنا، وهي أداة تطبيق القانون كسلاح».