تركيا: إردوغان يعلن اليوم رسمياً موعد إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية

يعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في وقت لاحق اليوم (الجمعة) القرار الرسمي بشأن موعد الانتخابات البرلمانية والرئاسية، علماً بأنه أكد من قبل أكثر من مرة أنه سيتم تقديم موعدها من 18 يونيو (حزيران) إلى 14 مايو (أيار) المقبل. ويأتي ذلك في الوقت الذي بدأ الحديث فيه يتصاعد بشأن توسيع «تحالف الشعب» المكون من حزب العدالة والتنمية الحاكم برئاسة إردوغان، وحزب الحركة القومية برئاسة دولت بهشلي وحزب الوحدة الكبرى برئاسة مصطفى دستيجي.
على الجانب الآخر، تدور مناقشات في الأروقة السياسية عن احتمال انضمام أحزاب أخرى إلى «تحالف الأمة» المعارض و«طاولة الستة»، بما يعني مزيداً من الدعم لمرشح المعارضة للرئاسة المنافس لإردوغان، كمال كليتشدار أوغلو، الذي أظهرت أحدث استطلاعات الرأي أن فرصته بالفوز بالانتخابات الرئاسية باتت أكبر من إردوغان. وتوجه كليتشدار أوغلو إلى المناطق المنكوبة بزلزالي 6 فبراير (شباط)، اليوم رفقة رئيس بلدية أنقرة منصور ياواش، وبدأ جولته، التي تعد الثانية بعد وقوع الزلزالين، من ولاية مالاطيا شرق البلاد.
ومن المنتظر أن يعلن إردوغان في كلمة سيلقيها من قصر بيش تبه الرئاسي في أنقرة في الساعة 14:00 بالتوقيت المحلي (تغ +3) رسمياً إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في 14 مايو، ومن ثم يُنشر القرار في الجريدة الرسمية.
بالتزامن، تصاعد الحديث عن احتمالات توسيع «تحالف الشعب»، بعد اللقاءين اللذين عقدهما إردوغان مع كل من بهشلي ودستيجي، الأربعاء والخميس على التوالي، وتصريح دستيجي بأن أبواب التحالف مفتوحة لكل الأحزاب التي تظهر الحساسية تجاه العمل بمبادئ تحالف الشعب، وأهمها الحفاظ على وجود الدولة، وسلامة الوطن واستقلاله ومستقبله.
وتصاعدت التكهنات بشأن توسيع «تحالف الشعب»، ليضم حزبين آخرين، هما حزب «اليسار الديمقراطي»، الذي أسسه رئيس الوزراء الراحل بولنت أجاويد قبل 37 عاماً والذي يرأسه حالياً أوندر أكسكال الذي تحدث عن إمكانية الانضمام إلى التحالف وهاجم «طاولة الستة» ووصفها بأنها مشروع لتدمير وحدة تركيا، وحزب «الوطن الأم». وهذان الحزبان من الأحزاب الصغيرة حالياً التي ليس لها تمثيل بالبرلمان على الرغم من أنها كانت ضمن الأحزاب التي حكمت البلاد من قبل. وسيكون «تحالف الشعب» مع حلفائه في الانتخابات في مواجهة «طاولة الستة» لأحزاب المعارضة التي تضم أحزاب «الشعب الجمهوري»، و«الجيد»، و«الديمقراطية والتقدم»، و«السعادة»، و«المستقبل» و«الديمقراطي». وأعطت أحزاب وتحالفات أخرى مثل حزب «الشعوب الديمقراطية» المؤيد للأكراد، وتحالف «العمل والحرية»، الذي يضم إلى جانبه 5 أحزاب يسارية، مؤشراً قوياً على دعمها مرشح الطاولة للانتخابات الرئاسية كمال كليتشدار أوغلو.
ويعد «الشعوب الديمقراطية» رقماً صعباً في الانتخابات في تركيا، ورغم عدم وجوده بشكل رسمي ومباشر في تحالف المعارضة، فإنه لعب دوراً حاسماً في فوز «تحالف الأمة»، المؤلف من أحزاب «الشعب الجمهوري» و«الجيد» و«السعادة»، برئاسة عدد من البلديات الكبرى، في مقدمها إسطنبول وأنقرة في الانتخابات المحلية في 2019.
ويمتلك الحزب كتلة تصويتية لا تقل عن 10 في المائة من أصوات الناخبين أي أكثر من 6 ملايين صوت وتسعى الأطراف المختلفة إلى جذبها.
وأعلن مرشح المعارضة، كمال كليتشدار أوغلو، أنه سيزور مقر الحزب، الذي يواجه اتهامات بدعم الإرهاب، رداً على دعوة رئيسه المشارك مدحت سانجار، ورئيسه المشارك السابق السجين صلاح الدين دميرطاش، قبل الانتخابات مثله مثل أي حزب آخر ممثل في البرلمان.
وحسم كليتشدار أوغلو الجدل الكبير حول زيارته للحزب الذي تفجّر عقب إعلان ترشيحه للانتخابات الاثنين الماضي قائلاً «بالطبع سأزور حزب الشعوب الديمقراطية أيضاً، بصفتي مرشحاً رئاسياً، وكشخص يسعى لأن يكون رئيساً لجميع الأتراك الـ85 مليوناً. نحن نعمل مع الحزب تحت مظلة البرلمان ومن الطبيعي أن أزوره كأي حزب آخر في البلاد».
وتتبنى رئيسة حزب «الجيد»، ميرال أكشينار، موقفاً رافضاً شديد الصرامة تجاه انضمام «الشعوب الديمقراطية» إلى «طاولة الستة». لكنها قالت، إن كليتشدار أوغلو يمكنه زيارة الحزب كمرشح رئاسي، لكنه لا يمكنه طرح مطالبه على «طاولة الستة»، في حين يقول الحزب إن مطالبه هي الديمقراطية وليست له مطالب أخرى.
وأشاد نائب رئيس المجموعة البرلمانية لحزب الشعوب الديمقراطية، صاروهان أولوتش، بتصريحات كليتشدار أوغلو، قائلاً «هذا بيان ديمقراطي للغاية، وهو أمر يجب أن يحدث، من الطبيعي جداً لمرشح رئاسي أن يسعى للحصول على الدعم، لم يأتِ لنا شيء من حزب الشعب الجمهوري بشأن موعد الزيارة حتى الآن، لكننا نرى أن هذا الاجتماع مهم من وجهة نظر ديمقراطية، الدخول في حوار أمر إيجابي وهو نهجنا العام».
وقررت المحكمة الدستورية العليا، أمس (الخميس)، رفع التجميد المؤقت الذي فرضته مؤخراً على حسابات حزب الشعوب الديمقراطية التي يتلقى فيها الدعم المقدم من خزينة الدولة بطلب من المدعي العام الجمهوري في أنقرة بكير شاهين، كما قررت المحكمة تأجيل الجلسة التي كان مقرراً عقدها للاستماع إلى الدفاع الشفهي للحزب في الدعوى المقامة، بواسطة شاهين، لإغلاقه وحظر نشاط مئات من قياداته وأعضائه من 14 مارس (آذار) الحالي إلى 11 أبريل (نيسان) المقبل، بناءً على طلب الحزب.
وقالت المحكمة، الخميس، إنه بتقييم طلب حزب «الشعوب الديمقراطية» على أساس الزلزال الذي شهدته تركيا في 6 فبراير الماضي، وجدول الانتخابات، قررت تأجيل موعد الدفاع إلى 11 أبريل.
واعتبر قرار المحكمة بمثابة مؤشر على أن حزب الشعوب الديمقراطية قد ينجو من قضية الإغلاق، كما أكد حقوقيون أن المحكمة لن تتمكن من إصدار قرارها في الدعوى قبل الانتخابات البرلمانية والرئاسية في 14 مايو.
وسبق للمحكمة، وهي أعلى هيئة قضائية في البلاد، إصدار قرار بالتجميد المؤقت للحسابات المصرفية التي يتلقى فيها الحزب، الذي يعد ثاني أكبر أحزاب المعارضة وثالث أكبر حزب بالبرلمان، الدعم من خزينة الدولة، بناءً على طلب المدعي العام الجمهوري، بكر شاهين، ضمن دعوى إغلاق الحزب التي قدمها إلى المحكمة في مارس 2021، حيث رفضتها المحكمة لأخطاء في الأصول، ثم قبلتها في يونيو من العام ذاته، وطلب فيها أيضاً فرض حظر على ممارسة 451 من قياداته وأعضائه العمل السياسي لمدة 5 سنوات، لاتهامه بأنه أصبح ذراعاً سياسية لحزب «العمال الكردستاني»، المصنف كتنظيم إرهابي، وأنه بات يقع في مركز الأنشطة التي تستهدف وحدة البلاد مع شعبها.
وسبق أن قدم المدعي العام مرافعته الشفهية في قضية إغلاق الحزب، كما قدم كل من المدعي العام والحزب مرافعتيهما مكتوبتين إلى المحكمة الدستورية، عقب قبولها الدعوى في يونيو 2021. ويتطلب قرار إغلاق الحزب موافقة 10 من أعضاء هيئة المحكمة الـ15.
في السياق ذاته، لمح رئيس حزب «البلد» محرم إينجه، المنشق عن حزب الشعب الجمهوري ومرشحه في انتخابات الرئاسة السابقة في 2018، إلى إمكانية قبول الانضمام إلى تحالف المعارضة، لكنه أوضح أنه لم يتلق أي عرض بعد، وحين تلقي العرض يمكن الحديث عنه. وكان إينجه ترك الشعب الجمهوري وأسس حزبه الجديد بسبب خلافات مع كليتشدار أوغلو الذي سبق وترشح ضده على رئاسة الحزب.
ولفتت زيارة التهنئة التي قام بها السياسيون البارزون ألطان أويمان وحكمت شتين ورئيس الحزب الشعبي الديمقراطي الاجتماعي السابق مراد كارايالتشين إلى حزب الشعب الجمهوري لتقديم التهنئة بترشيح كمال كليتشدار أوغلو للرئاسة الأنظار، وتردد أنهم اقترحوا وضع أسمائهم كمرشحين في الانتخابات البرلمانية في قوائم حزب الشعب الجمهوري.
وبحسب نتائج أحدث استطلاع للرأي أجرته شركة «آلف» في 26 ولاية تركية في 6 و7 مارس الحالي، حصل كليتشدار أوغلو على تأييد 55.1 في المائة من الأصوات وإردوغان على 44.9 في المائة؛ ما يعني قدرة الأول على حسم الانتخابات الرئاسية من جولتها الأولى، حيث يتطلب الفوز بالانتخابات من جولتها الأولى الحصول على نسبة 50 في المائة+1 من أصوات الناخبين.