مزيد من الذخائر والقذائف الصاروخية، وبسرعة أكبر. هذا هو التحدي الذي يواجه الاتحاد الأوروبي حالياً أمام الحرب الدائرة في أوكرانيا. وهو ما دفع المسؤول الأعلى عن السياسة الخارجية الأوروبية جوزيب بورّيل إلى مضاعفة الاقتراح المشترك الذي كانت قدمته المفوضية إلى الدول الأعضاء لتخصيص مليار يورو من الميزانية العادية للاتحاد من أجل تزويد القوات الأوكرانية بقذائف من عيار 155 ملم بأقصى سرعة ممكنة. واقترح بورّيل رفع هذا المبلغ إلى ملياري يورو لتسريع الإمدادات من الترسانات الوطنية، ومساعدة الدول الأعضاء على تجديد مخزوناتها الوطنية من الذخائر، وذلك خلال الاجتماع الذي عقده وزراء الدفاع في الاتحاد الأوروبي، الأربعاء، في استوكهولم. ويشمل هذا الاقتراح الجديد، الذي يلحظ اللجوء إلى الصندوق الأوروبي من أجل السلام، زيادة القدرة الإنتاجية للصناعات الحربية الأوروبية بشكل دائم، وليس فقط إبان النزاعات المسلحة.
وصرح سياسي ألماني بارز، بأنه يرى أن نقص الذخيرة في أوكرانيا يعدّ فشلاً لشركاء أوكرانيا. وقال نوربرت روتجن، خبير شؤون السياسة الخارجية بالحزب المسيحي الديمقراطي، أمس (الخميس)، لإذاعة ألمانيا «كان ذلك متوقعاً ولم يقم أحد برد فعل». وأضاف، أن حقيقة أن الأوروبيين وحلفاء أوكرانيا وأنصارها سمحوا بحدوث هذا الموقف المتوقع يعد «فشلاً جسيماً»، وأكد أنه من المهم حالياً محاولة سد النقص في الذخيرة عن طريق جمع كل المخزون وتوفير حل لهذا النقص.
وكانت أوكرانيا قد شدّدت على حاجتها الملحة في جبهات القتال المفتوحة حالياً إلى ما يزيد على 400 ألف قذيفة شهرياً، كما قال وزير الدفاع الأوكراني أولكسي رزنيكوف لنظرائه الأوروبيين المجتمعين في العاصمة السويدية. وصرّح المسؤول الأوروبي عن السياسة الخارجية أمس بقوله «كي تكسب أوكرانيا السلام، لا بد لها أن تنتصر في الحرب، وقواتها المسلحة تحتاج إلى دعمنا المتواصل، خاصة للذخائر المدفعية»، مضيفاً «الجميع متّفق على ضرورة العمل بشكل عاجل؛ لأن الجميع متّفق على هدف مساعدة أوكرانيا بأكبر قدر ممكن وبأسرع وقت ممكن».
ووضع الوزراء الذين اجتمعوا في استوكهولم بحضور الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) ينس ستولتنبرغ ونظيرهم الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف، خطة من ثلاثة أجزاء. وقال ممثل كييف للصحافيين: إن «أولويتنا الأولى هي أنظمة الدفاع الجوي، وكذلك الذخيرة والذخيرة والمزيد من الذخيرة». وكان الهدف تسريع اعتمادها في حين الجيش الأوكراني مهدد بمحاصرته في باخموت في شرق البلاد.
والمشروع القائم على مشتريات مشتركة كبيرة لطمأنة الشركات المصنعة بشأن استمرارية الطلبات، يهدف إلى تلبية الحاجات الفورية لكييف وتعزيز قدرات صناعة الدفاع الأوروبية على الأمد الطويل. ويهدف الجزء الأول الذي وضعه دبلوماسيو الاتحاد الأوروبي إلى استخدام مليار يورو تسحب من «صندوق السلام الأوروبي» من أجل إرسال قذائف متوافرة في مخزونات جيوش الدول خلال أسابيع. وحتى الآن، لجأ حلفاء أوكرانيا الأوروبيون بشكل كبير إلى مخزوناتهم العسكرية بدعم يصل إلى 12 مليار يورو بما في ذلك 3.6 مليار من الصندوق نفسه. ورغم أن مخزونات العديد من الجيوش الأوروبية كانت أصلاً منخفضة قبل الحرب وأصبحت مستنفدة بشكل خطير، قدّرت الدول الأوروبية أن ما زال لديها هامش لتلبية الحاجات الأوكرانية.
كذلك، تنص الخطة على طلبيات مشتركة لجيوش الاتحاد الأوروبي وأوكرانيا من أجل تشجيع مصنعي القذائف على زيادة قدراتهم. وتطالب دول مثل إستونيا التي عرضت تقديم المزيد (أربعة مليارات يورو ومليون قذيفة) بالذهاب أبعد من ذلك. وقال ماديس رول، المسؤول في وزارة الدفاع الإستونية لوكالة الصحافة الفرنسية «وفقاً للحاجات الأوكرانية، سيحتاجون إلى 350 ألف قذيفة 155 ملم على الأقل في الشهر». وأوضح ريزنيكوف «هذا لا يكفي لأننا نحتاج إلى مليون قذيفة أي نحو أربعة مليارات يورو». وأضاف «نحن في حاجة إلى المزيد».
وهناك توافق بين الدول الـ27 على أنه بعد سنوات عدة من خفض الاستثمارات العسكرية بعد الحرب الباردة وما يسمى بالصراعات غير المتكافئة، يجب الاستعداد مجدداً للصراعات بين القوى العظمى.
وحذّر مفوض السوق الداخلية في الاتحاد الأوروبي تييري بروتون، الثلاثاء، من أن «الصناعة الأوروبية ليست مستعدة لحاجات صراع شديد الحدة». وقال أمام الصحافيين «يجب أن تعمل صناعة الدفاع لدينا بسرعة على تنشيط وضع اقتصاد الحرب». لكن من جهته، اعتبر الوزير الألماني بوريس بيستوريوس، أن تلك المفردات العسكرية زائدة عن حدّها. وأوضح «ستكون إشارة قاتلة (تعني) أننا نوظف كل شيء لإنتاج الأسلحة والذخيرة»، مضيفاً «نحن، الاتحاد الأوروبي وألمانيا، لسنا في حالة حرب».
وعلمت «الشرق الأوسط» أن بورّيل سيقدّم اقتراحاً مفصلاً بهذا الشأن إلى اجتماع مجلس وزراء خارجية الاتحاد نهاية الأسبوع المقبل في بروكسل؛ تمهيداً لطرحه في اليوم التالي على قمة رؤساء الدول والحكومات، التي ينتظر أن تصدر عنها القرارات النهائية بهذا الشأن توطئة للمباشرة بإرسال المساعدات العسكرية التي قال: إن الجيش الأوكراني أصبح في حاجة ماسّة إليها. وقال بورّيل «لم تعد مسألة أشهر، بل أسابيع، قبل أن يفوت الأوان».
وقالت مصادر المفوضية الأوروبية: إن الحاجة الملحة تقتضي اللجوء إلى المخزونات الوطنية في الدول الأعضاء لتزويد أوكرانيا بالذخائر في الأسابيع المقبلة، إلى أن تبدأ الشركات المنتجة في تسليم الدفعات الأولى من الطلبات المبرمة مع الحكومات، واللجوء إلى الصندوق الأوروبي من أجل السلام لتمويلها في المراحل الأولى.
وذكّر بورّيل بأن هذه الحرب، التي بدأت منذ أكثر من عام تحوّلت إلى حرب استنزاف وسيطرة على المواقع، يلعب فيها سلاح المدفعية الدور الأساسي ويحتاج إلى كميات كبيرة من الذخائر. وأضاف، أن الوضع على جبهات القتال، والمواجهة الدائمة في إقليم دونباس، والمعركة الضارية التي تدور في باخموت، فضلاً عن التحضيرات للهجوم المضاد الحاسم على جبهة الجنوب، تجعل الحاجة إلى قذائف مدفعية من الضرورات الأساسية للجيش الأوكراني. وذكّر بأن الجيش الروسي يطلق يومياً نحو 50 ألف قذيفة على جبهات القتال، مقابل خمسة أو ستة آلاف تطلقها القوات الأوكرانية؛ وذلك استناداً إلى أجهزة المخابرات العسكرية في دول الاتحاد.
وتفيد المصادر العسكرية الأوروبية، بأن روسيا، وفي محاولة منها للتخفيف من الاعتماد على القصف المدفعي، لجأت مؤخراً إلى استراتيجية إرسال فرق مشاة لاقتحام المواقع الأوكرانية بهدف دفع الجيش الأوكراني إلى استخدام كميات كبيرة من الذخائر لصدّها. وتوقعت المصادر، أن تزداد حاجة القوات الأوكرانية إلى الذخائر الصاروخية في الأشهر المقبلة.
الغرب يواجه تحدي نقص الذخائر أمام الحرب في أوكرانيا
اقترح زيادة القدرة الإنتاجية للصناعات الحربية بشكل دائم وليس فقط إبان النزاعات المسلحة
الغرب يواجه تحدي نقص الذخائر أمام الحرب في أوكرانيا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة