منتجات وسلع مغشوشة تغزو مدن سيطرة الميليشيات الحوثية

وصلت إلى 65 % من حجم التجارة في السوق المحلية

يمني يعرض بالونات للبيع في أحد شوارع صنعاء (إ.ب.أ)
يمني يعرض بالونات للبيع في أحد شوارع صنعاء (إ.ب.أ)
TT

منتجات وسلع مغشوشة تغزو مدن سيطرة الميليشيات الحوثية

يمني يعرض بالونات للبيع في أحد شوارع صنعاء (إ.ب.أ)
يمني يعرض بالونات للبيع في أحد شوارع صنعاء (إ.ب.أ)

أفادت مصادر يمنية مطلعة بأن مئات الأصناف من السلع والمنتجات الغذائية والاستهلاكية المقلدة والمغشوشة والمهربة وغير الصالحة للاستخدام الآدمي باتت تغزو معظم الأسواق والمحال التجارية في صنعاء العاصمة وغيرها من مدن سيطرة الميليشيات الحوثية، وسط تحذيرات من مخاطرها على الاقتصاد المحلي وصحة المستهلكين.
وفي حين عزت المصادر أسباب الانتشار غير المسبوق للسلع المغشوشة في الأسواق المحلية بأنها تعود إلى عدم وجود أي رقابة حقيقية من سلطات الانقلاب الحوثية، قدرت بيانات حديثة صادرة عن جمعية حماية المستهلك بأن نسبة تلك السلع المخالفة تبلغ 65 في المائة من حجم التجارة في السوق اليمنية.
وذكرت البيانات أن مكونات العصائر والنشويات والألبان والكريمات وأدوات التنظيف وغيرها تعد ضمن المواد الاستهلاكية التي يقبل عليها أغلب السكان في صنعاء وبقية مدن سيطرة الجماعة بعد نزولها الأسواق وهي منتهية الصلاحية أو شارفت على الانتهاء.
وتتهم مصادر تجارية في صنعاء قادة الميليشيات الحوثية بوقوفهم خلف استيراد تلك السلع وبيعها بشكل متعمد بأسعار زهيدة بعد إجراء بعض التغييرات على فترة صلاحيتها.
وتواصل الجماعة الحوثية عبر عشرات التجار الموالين لها منذ سنوات استيراد البضائع والمنتجات المغشوشة من شركات إيرانية وأخرى مجهولة، بهدف التربح غير المشروع، وزيادة معاناة اليمنيين بمناطق سيطرتها.
إلى ذلك، كشفت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن وجود عشرات المعامل السرية تتبع تجاراً حوثيين كباراً في صنعاء وضواحيها ومحافظات إب وذمار والحديدة وعمران وغيرها لا تزال تنتهج الغش التجاري، من خلال إنتاجها مواد غذائية متنوعة مخالفة لجميع الاشتراطات والمعايير الصحية.
وكان عاملون بما تسمى «جمعية حماية المستهلك» الخاضعة للانقلاب في صنعاء، أبدوا في وقت سابق اعترافهم الضمني بانتشار أصناف متعددة من السلع والبضائع المغشوشة في أسواق وشوارع ومتاجر العاصمة ومدن أخرى تحت سيطرة الميليشيات. وجدد سكان في صنعاء ومدن يمنية أخرى شكواهم من استمرار معاناتهم التي تزداد يومياً مع انتشار مزيد من المنتجات المغشوشة والمهربة، وأكدوا لـ«الشرق الأوسط» أنه لا تكاد تخلو أي سوق شعبية من أصناف متنوعة من تلك المنتجات التي تباع للناس البسطاء على مرأى ومسمع من أجهزة الميليشيات.
ومع قرب حلول شهر رمضان المبارك الذي يشهد انتشاراً غير مسبوق للسلع الاستهلاكية المقلدة والمغشوشة والمهربة، أفاد عبد الله، وهو أحد السكان في مدينة إب، باختفاء كثير من المنتجات الرمضانية التي اعتاد على شرائها في كل عام. وقال إنه لاحظ أثناء تجوله في بعض الأسواق والمحال التجارية وجود أصناف متعددة لمواد غذائية مجهولة لم يعرفها من قبل.
ونتيجة لتدهور أوضاع اليمنيين بفعل انقطاع المرتبات وغلاء المعيشة وتفشي البطالة وغيرها، يلجأ الكثير من المواطنين البسطاء في العاصمة المختطفة وغيرها كعادتهم إلى شراء مثل تلك السلع والمنتجات رغم علمهم المسبق بأنها رديئة الجودة أو فاسدة.
في سياق ذلك، ذكر صالح، وهو أحد السكان في صنعاء، أنه نظراً لظروفه الصعبة يضطر أغلب الأيام لشراء بعض المنتجات والسلع الرديئة الصنع ومنها زيت الطبخ، والمعكرونة والبقوليات والبسكويتات والعصائر بأنواعها، بأسعار تتناسب مع دخله المادي البسيط.
وقال إن اضطراره لشراء تلك السلع هو من أجل إشباع رمق أطفاله ولكونها تباع بنصف قيمتها الحقيقية لأنها قاربت على فترة الانتهاء.
وتواصل الجماعة الحوثية منذ أعوام نهب رواتب موظفي الدولة وافتعال كثير من الأزمات المتلاحقة في مناطق سيطرتها، إلى جانب ارتكابها أبشع الانتهاكات والجرائم بحق اليمنيين بغية تضييق الخناق عليهم وتجويعهم.
وتشير مصادر تجارية في صنعاء إلى أن عدم قيام بعض الهيئات الخاضعة للانقلاب بدورها الرقابي ناتج عما تعانيه تلك المؤسسات جراء استمرار تغول الفساد الحوثي، الذي امتد إلى تحويل بعضها إلى ملكيات خاصة لعناصر وقادة الميليشيات مع انتهاج أعمال التدمير والعبث والنهب المنظم بحقها.
وكانت تقارير محلية اتهمت في وقت سابق قيادات انقلابية تدير هيئة المواصفات والمقاييس الخاضعة للجماعة في صنعاء بنهب أكثر من 540 ألف دولار على شكل مساعدات ممنوحة من برنامج الغذاء العالمي خلال أحد الأعوام الفائتة.
وأوضحت أن برنامج الغذاء يصرف منذ عام ونصف العام 36 ألف دولار شهرياً لموظفي الهيئة كمنحة، غير أن المنحة تصل إلى رئيس الهيئة ونائبه اللذين يقومان بنهبها، ما أسهم في زيادة معاناة موظفي هيئة المواصفات والمقاييس.
ووفق هذه التقارير، فإن مبالغ المنحة المقدمة من البرنامج الأممي تذهب إلى خزانة النائب المالي في الهيئة الذي يقوم بدوره بتوزيعها على قيادات الهيئة ووزير الصناعة في حكومة الانقلاب غير المعترف بها.


مقالات ذات صلة

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أوروبا مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أفاد تقرير صحافي أن روسيا تقوم بتجنيد رجال من اليمن لإرسالهم إلى الجبهة في أوكرانيا بمساعدة من الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

تحليل إخباري ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)

الحوثيون يحولون المنازل المصادرة إلى معتقلات

أفاد معتقلون يمنيون أُفْرج عنهم أخيراً بأن الحوثيين حوَّلوا عدداً من المنازل التي صادروها في صنعاء إلى معتقلات للمعارضين.

محمد ناصر (تعز)

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.