تطورات متلاحقة تسبق انطلاق حملات الانتخابات التركية

إردوغان يلتقي بهشلي... وظهور أول ملصق لحملة كليتشدار أوغلو

الملصق الانتخابي الأول لمرشح المعارضة كمال كليتشدار أوغلو (تويتر)
الملصق الانتخابي الأول لمرشح المعارضة كمال كليتشدار أوغلو (تويتر)
TT

تطورات متلاحقة تسبق انطلاق حملات الانتخابات التركية

الملصق الانتخابي الأول لمرشح المعارضة كمال كليتشدار أوغلو (تويتر)
الملصق الانتخابي الأول لمرشح المعارضة كمال كليتشدار أوغلو (تويتر)

شهدت الساحة السياسية في تركيا تطورات متلاحقة مع اقتراب انطلاق الحملات الانتخابية بشكل رسمي بعد الإعلان المرتقب لموعد الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقررة في 14 مايو (أيار) المقبل عبر الجريدة الرسمية غدا (الجمعة).
وبينما كشف حزب «الشعب الجمهوري»، أكبر أحزاب المعارضة عن «الأفيش» الأول للحملة الدعائية لمرشح المعارضة رئيس الحزب كمال كليتشدار أوغلو، عقد الرئيس رجب طيب إردوغان اجتماعاً مع رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بشهلي شريكه في «تحالف الشعب» استمر لمدة ساعة و15 دقيقة بالقصر الرئاسي في بيشتبه في أنقرة. وأثار الاجتماع العديد من التكهنات بشأن ما إذا كان إردوغان وبهشلي ناقشا مسألة توسيع «تحالف الشعب»، الذي يضم مع حزبيهما حزب «الوحدة الكبرى» بشكل غير رسمي، حتى يتمكن التحالف من مواجهة تكتل أحزاب المعارضة في الانتخابات.
في الوقت ذاته، نفت رئيسة حزب «الجيد» ميرال أكشينار، التي تسببت في أزمة في صفوف «طاولة الستة» لأحزاب المعارضة أشعلت التوتر السياسي في أنقرة لمدة 3 أيام قبل أن تعود عن قرارها الانفصال عن الطاولة والقبول باختيار كليتشدار أوغلو كمرشح مشترك للطاولة، ما تردد من مزاعم حول عقدها لقاءً سرياً مع إردوغان من أجل الانضمام إلى «تحالف الشعب». وقالت أكشينار، في مقابلة تلفزيونية ليل الثلاء – الأربعاء: «حتى الآن، لم يفعل السيد طيب (إردوغان) أي شيء للتحدث معي. لم أعقد أبداً أي اجتماع سري معه. أود أن أقول إذا حدث ذلك سيبدو الأمر وكأنني أغمز والسيد طيب يركض، لا يوجد شيء من هذا القبيل في الواقع، كلانا لديه موقف صعب من الآخر، ولدينا معركة صعبة... لن أنسى ما قاله السيد إردوغان في 31 مارس (آذار) العام الماضي، قال: سأقوم باعتقالك، ليس لديك حصانة... ومن وقت لآخر يلقي مثل هذه الخطابات ويتهمني تارة بأنني متحالفة مع حزب الشعوب الديمقراطية (مؤيد للأكراد) وتارة بأنني أنتمي إلى تنظيم فتح الله غولن».

- سجال حول الأكراد
وبشأن الجدل الذي تفجر عقب دعوة الرئيس المشارك لحزب «الشعوب الديمقراطية» مدحت سانجار، الذي يتهمه إردوغان بأنه ذراع لحزب «العمال الكردستاني»، لمرشح المعارضة المشترك كمال كليتشدار أوغلو، لزيارتهم في مقر الحزب، قالت أكشينار: «يمكن للسيد كليتشدار أوغلو أن يلتقي حزب الشعوب الديمقراطية كرئيس ومرشح في الوقت نفسه من جانب حزب الشعب الجمهوري، لكن لا يمكنه طرح مطالبه على طاولة الستة، أو أن يكون جزءاً من الطاولة».
ورد الرئيس المشارك السابق لحزب «الشعوب الديمقراطية»، السجين، صلاح الدين دميرطاش، أمس الأربعاء، على تصريحات أكشينار برسالة موجهة إليها عبر حسابه على «تويتر» الذي يديره محاميه، مشيراً إلى أنه يكتب إليها بهويته الانتخابية وانتمائه إلى «الشعوب الديمقراطية».
وقال: «لقد توليت أنت والمرشح الرئاسي لتحالف الأمة، السيد كمال كليتشدار أوغلو، مهمة صعبة في فترة تاريخية، بادئ ذي بدء أقول لك حظاً سعيداً وأتمنى لك التوفيق. بقدر ما أستطيع أن أرى أن قادة أحزاب أخرى غير حزبك يريدون جمع كل الناخبين، بمن في ذلك ناخبو حزب الشعوب الديمقراطية، على أمل التحول الديمقراطي، إذا قلت نحن ضد اتخاذ حزب شرعي كمحاور لنا، يجب أن أشير على الفور إلى أنني منحت حزب الشعوب الديمقراطية واجب ومسؤولية حماية حقوقي السياسية، تماما كما يفعل ناخبو حزب الجيد والأحزاب الأخرى».
وأضاف أن «حزب الشعوب الديمقراطية حصل على شرعيته من الشعب تماما مثل الأحزاب الأخرى. علاوة على ذلك، أظهر الجمهور اهتماماً أكبر بالشعوب الديمقراطية، أكثر من حزبك، مما جعله الطريق الثالث في تركيا. أنت بالفعل جنباً إلى جنب مع حزب الشعوب الديمقراطية في البرلمان وتجلسين على الطاولة نفسها في اللجان... أرى فائدة كبيرة في توضيح بعض القضايا من أجل الفهم بشكل أفضل، كجزء من تحالف الأمة، كانت لديك مفاوضات مريرة حتى مع الأطراف في تحالفك، فلماذا سياسة التفاوض حق لك وليست حقاً لحزب الشعوب الديمقراطية؟... أنا متأكد من أنك لا ترين ناخبي حزبنا كمواطنين من الدرجة الثانية من دون قوة إرادة. في هذه الحالة، كيف يمكن أن يكون هناك أي ضرر في مفاوضات حزب الشعوب الديمقراطية مع المرشح الرئاسي الذي سيصوت لصالحه؟ ما ورد في وثيقة خريطة الطريق الصادرة عن طاولة الستة ليست شيئاً سرياً، إذا قرر حزب الشعوب الديمقراطية تقديم الدعم، فمن المرجح أن يصبح السيد كليتشدار أوغلو رئيساً وستكونين نائباً للرئيس بحسب خريطة الطريق. بالإضافة إلى ذلك، سيتولى حزبك حقائب وزارية».
وواصل دميرطاش قوله: «في هذه الحالة، يجب أن أسأل بصراحة: هل تريدين تصويتنا كناخبين من حزب الشعوب الديمقراطية؟ كيف تنوين إقناعي بالتصويت لك لتجلسي على مقعد نائب الرئيس ويتسلم حزبك حقائب وزارية بأصواتي؟... بالمناسبة، أود أن أذكرك أنك لم تقولي لا أريد أصوات حزب الشعوب الديمقراطية التي مكنت مرشحي تحالف الأمة من الفوز في الانتخابات المحلية عام 2019... الآن لا تريدين حزب الشعوب الديمقراطية رغم تصريح رئيسه بأنه لن يطلب من السيد كليتشدار أوغلو غير تحقيق مبادئ الديمقراطية؟».
وقال: «صرحت بأن حزب الشعب الجمهوري يمكنه إقامة حوار مع حزب الشعوب الديمقراطية، لكنه لا يمكنه تقديم تنازلات، ولا يمكنه طرح مطالبه على هذه الطاولة، فهل تعتبر المطالبة بالديمقراطية تنازلات؟ إذا وصلت إلى السلطة ولم تطرحي مطالب الشعوب الديمقراطية على طاولتك، فما هي الطاولة التي توصينا بها؟ هل تفكرين في توجيهنا إلى (طاولة مكافحة الإرهاب) مرة أخرى، كما كانت منذ خمسين عاماً؟».
وأضاف دميرطاش: «لن يقبل ناخبو حزب الشعوب الديمقراطية وناخبوه أبداً نهجاً من وجهة نظر متعجرفة تسعى للفرض والهيمنة، والتفاوض يجب أن يكون بين أنداد... أعرف أننا أكراد... نحن على حق في حالتنا، نحن لا نتبنى أي طريقة أخرى غير حل مشاكلنا في مجال السياسة الديمقراطية، بشكل سلمي، من خلال الحديث بطريقة حديثة. هل هناك طريقة أخرى تقترحينها؟».

- فوائد أزمة أكشينار
وعلقت أكشينار خلال المقابلة على الأزمة التي أثارتها يوم الجمعة الماضي والألفاظ الحادة التي اختارتها ضد «طاولة الستة»، قائلة إنها هي من كتبت النص بيدها، وإنه أحيانا يكون الطريق مغلقا أمامك فتعبّر عما بداخلك بلا توقف طويل أمام الأحداث.
واعتبر رئيس حزب «المستقبل»، أحمد داود أوغلو، أن الأزمة التي مرت بها «طاولة الستة» عقب مغادرة أكشينار كانت مفيدة أيضاً، لأنه في السياسة أحيانا ما تفيد الأزمات.
وقال داود أوغلو، في مقابلة تلفزيونية الأربعاء: «إذا كان هدفك هو إعطاء الأمل للأمة، فلن تركز على المنصب... السيدة أكشينار خاضت كفاحاً مهماً وصعباً قبل انفصالها عن حزب الحركة القومية، وربما تكون هي أكثر سياسي انضباطاً وصرامة في تركيا، عاشت صراعاً صعباً وصنعت قصة نجاح من خلال تأسيس حزب الجيد، ويجب أن تتوج هذه التضحيات الآن».
وأضاف «أعتقد أن التصريحات التي أدلت بها السيدة أكشينار الليلة الماضية كانت أهم الأشياء في هذه العملية، اتصلت بها وهنأتها وشكرتها، لقد كنا قريبين كعائلة لفترة طويلة، لذلك يجب أن أقف إلى جانبها عندما يتم الافتراء عليها. نعم وقعت أزمة، لكن هذه الأزمة كانت مفيدة، لأن حلها جعل الضربة التي لا تقتل تقوي، لهذا السبب كان من المهم أن تحضر السيدة أكشينار اجتماع إعلان المرشح المشترك».
في السياق ذاته، توقع الكاتب والمحلل السياسي، فكرت بيلا، أن يجعل حصول مرشح المعارضة كمال كليتشدار أوغلو على دعم حزب «الشعوب الديمقراطية» والأحزاب اليسارية المتحالفة معه، فرصته في الفوز بالرئاسة عالية جداً وأن يحصل على نسبة تتراوح بين 55 و60 في المائة من الأصوات.

- حملة كليتشدار أوغلو
إلى ذلك، كشف نائب رئيس المجموعة البرلمانية لحزب «الشعب الجمهوري»، أنجين أوزكوتش الأفيش الأول للحملة الانتخابية لكليتشدار أوغلو، والذي حمل صورته وعبارة «أنا كمال قادم» وفي الخلفية وضعت مجموعة من الصور التي ترتبط بأحداث شهدتها تركيا كشفت الأداء السلبي للحكومة في بعض الحوادث المهمة كحرائق المناجم والغابات، فضلاً عن وقائع اعتبرت قمعاً للحريات ومنافية للديمقراطية مثل قمع احتجاج طلاب جامعة بوغازيتشي على تعيين رئيس لها من خارج كادرها رغم أنه كان يختار بالانتخاب، وهناك صور أخرى لمعاناة العاملين في القطاع الصحي والفلاحين، ما يشير إلى الوعود بتحسين أوضاعهم، فضلاً عن صورة تحمل سؤالا عن: «أين الـ128 مليار دولار؟» التي سبق أن أكدت المعارضة اختفاءها من الاحتياطي النقدي للمصرف المركزي منذ العام 2018 ولم تستطع الحكومة الكشف عن مصيرها حتى الآن.


مقالات ذات صلة

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

شؤون إقليمية أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية. وقال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين إن بلاده تتوقع موقفاً واضحاً من دمشق حيال «تنظيم حزب العمال الكردستاني الإرهابي» والتنظيمات التابعة له، في إشارة إلى وحدات حماية الشعب الكردية، أكبر مكونات قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، التي تنظر إليها أنقرة على أنها امتداد لـ«العمال الكردستاني» في سوريا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية خصوم إردوغان يتهمونه بـ«مفاوضة» أوجلان في سجنه طلباً لأصوات كردية

خصوم إردوغان يتهمونه بـ«مفاوضة» أوجلان في سجنه طلباً لأصوات كردية

واجه الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ادعاءً جديداً من خصومه في المعارضة، بشأن إرساله مبعوثين للتفاوض مع زعيم «حزب العمال الكردستاني» السجين مدى الحياة، عبد الله أوجلان، من أجل توجيه رسالة للأكراد للتصويت لصالحه في الانتخابات الرئاسية المقررة في 14 مايو (أيار) الحالي. وقالت رئيسة حزب «الجيد» المعارض، ميرال أكشنار، إن إردوغان أرسل «شخصية قضائية» إلى أوجلان في محبسه، وإنها تعرف من الذي ذهب وكيف ذهب، مشيرة إلى أنها لن تكشف عن اسمه لأنه ليس شخصية سياسية. والأسبوع الماضي، نفى المتحدث باسم الرئاسة التركية، إعلان الرئيس السابق لحزب «الشعوب الديمقراطية» السجين، صلاح الدين دميرطاش، أن يكون إردوغان أرسل وف

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية دخول تركيا «النادي النووي» مهم... وزوال مخاوف «تشيرنوبل» مسألة وقت

دخول تركيا «النادي النووي» مهم... وزوال مخاوف «تشيرنوبل» مسألة وقت

<div>دفع إقدام تركيا على دخول مجال الطاقة النووية لإنتاج الكهرباء عبر محطة «أككويو» التي تنشئها شركة «روساتوم» الروسية في ولاية مرسين جنوب البلاد، والتي اكتسبت صفة «المنشأة النووية» بعد أن جرى تسليم الوقود النووي للمفاعل الأول من مفاعلاتها الأربعة الخميس الماضي، إلى تجديد المخاوف والتساؤلات بشأن مخاطر الطاقة النووية خصوصاً في ظل بقاء كارثة تشيرنوبل ماثلة في أذهان الأتراك على الرغم من مرور ما يقرب من 40 عاما على وقوعها. فنظراً للتقارب الجغرافي بين تركيا وأوكرانيا، التي شهدت تلك الكارثة المروعة عام 1986، ووقوعهما على البحر الأسود، قوبلت مشروعات إنتاج الكهرباء من الطاقة النووية باعتراضات شديدة في البد</div>

شؤون إقليمية أنقرة: وزراء خارجية تركيا وسوريا وروسيا قد يجتمعون في 10 مايو

أنقرة: وزراء خارجية تركيا وسوريا وروسيا قد يجتمعون في 10 مايو

قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، اليوم الأربعاء، إن اجتماع وزراء خارجية تركيا وسوريا وروسيا قد يُعقَد بموسكو، في العاشر من مايو (أيار)، إذ تعمل أنقرة ودمشق على إصلاح العلاقات المشحونة. كان جاويش أوغلو يتحدث، في مقابلة، مع محطة «إن.تي.في.»

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
شؤون إقليمية «أككويو» تنقل تركيا إلى النادي النووي

«أككويو» تنقل تركيا إلى النادي النووي

أصبحت تركيا رسمياً عضواً في نادي الدول النووية بالعالم بعدما خطت أولى خطواتها لتوليد الكهرباء عبر محطة «أككويو» النووية التي تنفذها شركة «روسآتوم» الروسية في ولاية مرسين جنوب البلاد. ووصف الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خطوة تزويد أول مفاعل من بين 4 مفاعلات بالمحطة، بـ«التاريخية»، معلناً أنها دشنت انضمام بلاده إلى القوى النووية في العالم، مشيراً إلى أن «أككويو» هي البداية، وأن بلاده ستبني محطات أخرى مماثلة. على ساحل البحر المتوسط، وفي حضن الجبال، تقع محطة «أككويو» النووية لتوليد الكهرباء، التي تعد أكبر مشروع في تاريخ العلاقات التركية - الروسية.


عملية تجسس كبرى: كيف جندت إيران إسرائيليين ضد دولتهم؟

صورة وزعتها الشرطة الإسرائيلية لشخصين كتبا شعارات مؤيدة لإيران على سيارات
صورة وزعتها الشرطة الإسرائيلية لشخصين كتبا شعارات مؤيدة لإيران على سيارات
TT

عملية تجسس كبرى: كيف جندت إيران إسرائيليين ضد دولتهم؟

صورة وزعتها الشرطة الإسرائيلية لشخصين كتبا شعارات مؤيدة لإيران على سيارات
صورة وزعتها الشرطة الإسرائيلية لشخصين كتبا شعارات مؤيدة لإيران على سيارات

أثار اعتقال إسرائيل لما يقارب 30 مواطناً، معظمهم يهود، للاشتباه بأنهم تجسسوا لصالح إيران ضمن تسع خلايا سرية، قلقاً داخل الدولة، ويعد أحد أكبر الجهود التي بذلتها طهران منذ عقود لاختراق خصمها الرئيس اللدود، وفقاً لأربعة مصادر أمنية إسرائيلية.

ومن بين الأهداف التي لم تتحقق للخلايا المزعومة كانت اغتيال عالم نووي إسرائيلي ومسؤولين عسكريين سابقين، وجمع معلومات عن قواعد عسكرية ودفاعات جوية، وفقاً لجهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (شين بيت).

وذكر جهاز الأمن الداخلي، الذي يعرف أيضاً باسم الشاباك، والشرطة الأسبوع الماضي أن فريقاً مكوناً من أب وابنه نقل تفاصيل عن تحركات لقوات إسرائيلية، بما في ذلك في هضبة الجولان حيث يعيشان.

ونقلت وكالة «رويترز» عن المصادر الأربعة، التي تضم مسؤولين عسكريين وأمنيين حاليين وسابقين، أن الاعتقالات جاءت بعد جهود متكررة من عملاء استخبارات إيرانيين على مدى عامين لتجنيد إسرائيليين من المواطنين العاديين لجمع معلومات استخباراتية وتنفيذ هجمات مقابل المال.

وطلبت المصادر عدم الكشف عن أسمائها نظراً لحساسية الأمر.

وقال شالوم بن حنان وهو مسؤول كبير سابق في الشاباك «هناك ظاهرة كبيرة هنا»، في إشارة إلى ما أسماه العدد المفاجئ من المواطنين اليهود الذين وافقوا عن علم على العمل لصالح إيران ضد الدولة من خلال جمع المعلومات الاستخباراتية أو التخطيط للتخريب والهجمات.

ولم يرد الشاباك ولا الشرطة الإسرائيلية على طلبات للتعليق. كما لم ترد وزارة الخارجية الإيرانية على الأسئلة.

وفي بيان أرسل إلى وسائل إعلام بعد موجة الاعتقالات، لم تقدم بعثة إيران لدى الأمم المتحدة تأكيداً أو نفياً لسعي طهران إلى تجنيد إسرائيليين، وقالت إنه «من وجهة نظر منطقية» فإن أي جهود من هذا القبيل من جانب أجهزة الاستخبارات الإيرانية ستركز على أفراد غير إيرانيين وغير مسلمين لتقليل الشكوك.

وقالت الشرطة والشاباك إن اثنين على الأقل من المشتبه بهم ينتمون إلى مجتمع اليهود المتزمتين دينياً في إسرائيل.

موتي مامان المتهم بتجنيده من قبل إيران لتنفيذ مخطط اغتيال رئيس الوزراء الإسرائيلي أو وزير الدفاع أو رئيس جهاز الأمن العام (رويترز)

الفئات المستهدفة

وعلى النقيض من عمليات تجسس إيرانية في العقود السابقة تمت من خلال تجنيد رجل أعمال بارز ووزير سابق في الحكومة فإن معظم الجواسيس المشتبه بهم الجدد أشخاص مهمشون في المجتمع الإسرائيلي، ومن بينهم مهاجرون وصلوا حديثاً وهارب من الجيش ومدان بجرائم جنسية، وفقاً للمصادر ولسجلات قضائية وتصريحات رسمية.

وقال جهاز الشاباك إن الكثير من نشاط هؤلاء المشتبه بهم كان يقتصر على نثر شعارات معادية لنتنياهو أو للحكومة على الجدران وإلحاق الضرر بسيارات.

القلق من التوقيت

ومع ذلك فإن حجم الاعتقالات وتورط مثل هذا العدد من اليهود الإسرائيليين بالإضافة إلى المواطنين العرب تسبب في حالة من القلق في إسرائيل وسط استمرار الحرب مع حركة «حماس» المدعومة من إيران في قطاع غزة وهشاشة اتفاق وقف إطلاق النار مع جماعة «حزب الله» في لبنان.

وفي 21 أكتوبر (تشرين الأول) قال الشاباك إن أنشطة التجسس الإيرانية تعد «من أخطر الأنشطة التي شهدتها دولة إسرائيل».

كما جاءت الاعتقالات في أعقاب موجة من محاولات القتل والاختطاف التي تم الربط بينها وبين طهران في أوروبا والولايات المتحدة.

وقال بن حنان إن القرار غير المعتاد بتقديم تقارير علنية مفصلة عن المؤامرات المزعومة يشكل خطوة من جانب أجهزة الأمن الإسرائيلية لتحذير إيران وكذلك تحذير المخربين المحتملين داخل إسرائيل بأنه سيتم الوصول إليهم.

وقال «ينبغي تنبيه الجمهور. وينبغي أيضاً تقديم العبرة لمن قد يكون لديهم أيضاً نيات أو خطط للتعاون مع العدو».

صورة وزعتها الشرطة الإسرائيلية لحرق سيارات من قِبل عملاء جندتهم إيران

نجاحات إسرائيل الاستخباراتية

وحققت إسرائيل نجاحات استخباراتية كبيرة على مدى السنوات القليلة الماضية في حرب ظل مع خصمتها الإقليمية، بما في ذلك قتل عالم نووي كبير. وقال مسؤول عسكري إنه مع الاعتقالات الأخيرة أحبطت إسرائيل «حتى الآن» جهود طهران للرد.

وتسببت الهجمات الإسرائيلية على جماعة «حزب الله» اللبنانية، وكيل إيران في لبنان، والإطاحة ذات الصلة بحليف طهران الرئيس السوري السابق بشار الأسد في إضعاف إيران.

أساليب التجنيد

قالت الشرطة الإسرائيلية في مقطع فيديو نُشر في نوفمبر (تشرين الثاني) إن وكالات الاستخبارات الإيرانية غالباً ما تجد مجندين محتملين على منصات التواصل الاجتماعي، محذرة من محاولات تسلل مستمرة.

وتكون جهود التجنيد مباشرة في بعض الأحيان. وتعد إحدى الرسائل المرسلة إلى مدني إسرائيلي والتي اطلعت عليها «رويترز» بتقديم مبلغ 15 ألف دولار مقابل الحصول على معلومات مع بريد إلكتروني ورقم هاتف للاتصال.

وقال أحد المصادر، وهو مسؤول كبير سابق عمل في جهود إسرائيل لمكافحة التجسس حتى عام 2007، إن إيران تتصل أيضاً بشبكات المغتربين من اليهود من دول القوقاز الذين يعيشون في كندا والولايات المتحدة.

وقالت السلطات الإسرائيلية علناً إن بعض المشتبه بهم اليهود هم في الأصل من دول القوقاز.

وقال المسؤول السابق إن الأفراد المجندين يتم تكليفهم أولاً بمهام تبدو غير ضارة مقابل المال، قبل مطالبتهم تدريجياً بمعلومات استخبارية محددة عن أهداف، بما في ذلك عن أفراد وبنية تحتية عسكرية حساسة، مدعومين في ذلك بتهديد بالابتزاز.

صورة نشرتها وسائل إعلام إسرائيلية لفلاديسلاف فيكتورسون وصديقته آنا بيرنشتاين بعد توقيفهما

قضية فيكتورسون

وأُلقي القبض على أحد المشتبه بهم الإسرائيليين، فلاديسلاف فيكتورسون (30 عاماً)، في 14 أكتوبر مع صديقته البالغة من العمر 18 عاماً في مدينة رامات جان الإسرائيلية قرب تل أبيب. وكان قد سُجن في عام 2015 بتهمة ممارسة الجنس مع قاصرات لا تتجاوز أعمارهن 14 عاماً وفقاً للائحة اتهام للمحكمة منذ ذلك الوقت.

وقالت إحدى معارف فيكتورسون لـ«رويترز» إنه أخبرها أنه تحدث إلى إيرانيين باستخدام تطبيق «تلغرام» للتراسل. وقالت إن فيكتورسون كذب على المتعاملين معه بشأن تجربته العسكرية. ورفض أحد معارفه الكشف عن اسمه بسبب مخاوف تتعلق بالسلامة.

وقال إيجال دوتان محامي فيكتورسون لـ«رويترز» إنه يمثل المشتبه به مضيفاً أن الإجراءات القانونية ستستغرق وقتاً وأن موكله محتجز في ظروف صعبة. وأوضح دوتان أنه لا يمكنه الرد إلا على القضية الحالية، ولم يدافع عن فيكتورسون في محاكمات سابقة.

أنشطة التخريب

وقال جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (شين بيت) والشرطة إن فيكتورسون كان يعلم أنه يعمل لصالح المخابرات الإيرانية، ويقوم بمهام تشمل الكتابة على الجدران وإخفاء أموال وتوزيع منشورات وحرق سيارات في هياركون بارك بتل أبيب والتي تلقى مقابلها أكثر من 5000 دولار. وأظهرت التحقيقات أنه وافق لاحقاً على تنفيذ اغتيال لشخصية إسرائيلية، وإلقاء قنبلة يدوية على منزل، والسعي للحصول على بنادق قنص ومسدسات وقنابل يدوية.

وقالت الأجهزة الأمنية إنه جنّد صديقته التي كُلفت بتجنيد المشردين لتصوير المظاهرات.