زلزال تركيا: النازحون يضاعفون الأعداد في القرى والأحياء غير المتضررة

بعض السكان فضلوا العيش في الخيام... والنساء والأطفال يعانون صدمات نفسية

عائلة تركية أمام الخيمة التي تسكن فيها منذ الزلزال، في ولاية كهرماناراس (أ.ف.ب)
عائلة تركية أمام الخيمة التي تسكن فيها منذ الزلزال، في ولاية كهرماناراس (أ.ف.ب)
TT

زلزال تركيا: النازحون يضاعفون الأعداد في القرى والأحياء غير المتضررة

عائلة تركية أمام الخيمة التي تسكن فيها منذ الزلزال، في ولاية كهرماناراس (أ.ف.ب)
عائلة تركية أمام الخيمة التي تسكن فيها منذ الزلزال، في ولاية كهرماناراس (أ.ف.ب)

دفعت كارثة زلزالي 6 فبراير (شباط) الماضي في تركيا مئات الآلاف من الناس إلى هجرة أماكنهم الأصلية بسبب تدمير منازلهم. ومن المفارقات الكثيرة التي كشفتها الكارثة أن بعض الأماكن في الولايات الـ11 المنكوبة دمرت بالكامل، فيما بعضها لم يصب بأي أضرار، ولذلك أصبحت هذه الأماكن مقصداً لمن لا يريدون مغادرة موطنهم الأصلي والانتقال إلى ولايات أخرى.
ونتيجة لموجة الهجرة الداخلية، ارتفعت الكثافة السكانية في المناطق الآمنة التي أصبحت مقصداً لمن اختاروا البقاء في بيئتهم التي تعودوا عليها ريثما يعاد البناء وينتهي مشروع إعادة الإعمار ويعودون إلى بيوتهم.
كانت ولاية هطاي في جنوب البلاد من أكثر الولايات التركية المنكوبة تضرراً حيث فقد أكثر من 21 ألف شخص حياتهم في الزلازل المدمرة، أي ما يقرب من نصف العدد الإجمالي للضحايا، البالغ 46 ألفاً و104 قتلى، وتحولت آلاف المباني إلى أنقاض، ولا سيما مدينة أنطاكيا التي لم يبق فيها حجر على حجر، حيث انتقل غالبية سكانها إلى مناطق أخرى في هطاي، وبخاصة القرى والمناطق التي لم يضربها الزلزال العنيف، بينما هاجر الآلاف إلى ولايات أخرى أو مدن أخرى.
تقدمت بلدة ريحانلي (أو الريحانية) قائمة المناطق الآمنة التي شهدت نزوحاً كبيراً إليها تسبب في تضاعف عدد سكانها بعد الزلزال.
على سبيل المثال، لم يصب أي مبنى بأذى كبير أو أضرار تستوجب الإزالة في حي كافالجيك، المعروف سابقاً باسم قرية حران في بلدة ريحانلي. ومع ذلك، فإن سكانه يخافون الاقتراب من بيوتهم خوفاً من الزلازل، بعدما انفردت هطاي بعد الزلزالين الكبيرين في كهرمان ماراش، بزلزالين آخرين بقوة 6.7 درجة في بلدة دفنة، و5.8 درجة في بلدة صامان داغ في 20 فبراير.
يعتصم سكان الحي، الذي يضم نحو 400 منزل، ولا تزيد فيه ارتفاعات المباني عن طابق واحد أو طابقين فقط، بالشوارع والأماكن الخالية ويطالبون بخيام مجهزة وطبيب لأطفالهم.
ينظر إلى هؤلاء السكان على أنهم محظوظون، فمنازلهم لا تزال على حالها نظراً لطبيعة الأرض الصخرية التي أقيمت عليها، وبينما هم خائفون توافدت عليهم مئات الأسر الهاربة من جحيم أنطاكيا.
في هذا الحي المتاجر ومحلات البقالة مفتوحة، ويواصل الناس حياتهم اليومية وعملهم. ورغم ذلك، يقول النساء إنهن لا يردن دخول بيوتهن خوفاً من الزلازل بعد تجربة الهلع التي عاشوها في 6 فبراير، وإن نفسيتهن تحطمت ولا يرغبن في القيام بأعمال تجارية. العائلات التي تقضي الوقت أمام منازلها، وتحتفظ بأطفالها في أحضانهم، يقولون أيضاً إنهم بحاجة إلى دعم نفسي.
وروى حسن دمير تجربته وعائلته مع زلزالي 6 فبراير، قائلاً: «استيقظنا على اهتزاز البيت، ركضنا إلى الباب وخرجنا، وعندما توقف دخلنا، وعندما اهتز البيت مرة أخرى في الزلزال الثاني، ألقينا بأنفسنا في الخارج مرة أخرى... ظهرت تشققات في مآذن مساجدنا...نريد الخيام وليس الطعام والماء. نبقى في الخارج، الأطفال وكبار السن يشعرون بالبرد في الليل. بالأمس، تعرض ابني لكابوس وهو نائم، حلم بوقوع زلزال، فجأة أصيب بالذعر ونقلناه إلى المستشفى. لقد تأثر نفسياً بشدة».
في حي آخر، هو بوكولماز، الذي كان في السابق قرية جبلية أيضاً في ريحانلي، زاد عدد السكان بنسبة 25 في المائة بعد الزلزال، بحسب ما قال «مختار الحي»، حسين دولغون، الذي لا يزال متمسكاً بتسمية القرية، مضيفاً: «لم يتم تدمير أي مبنى خلال الزلزال الذي ضرب قريتنا، الأرض صلبة، لكن هناك الكثير من الوافدين من الخارج، بشكل عام، عاد أولئك الذين دمرت منازلهم وتضررت في أنطاكيا إلى قريتهم، لأنها أكثر أماناً، الآن يعيش في كل بيت 4 أو 5 عائلات، نحتاج إلى خيام لاستيعاب الوافدين، عدد السكان كان يتراوح بين 1500 و2000 شخص، الآن زاد هذا العدد بشكل كبير، والحل هو تزويدنا بالخيام».
بعض من اختاروا الاستمرار في أماكنهم ويقيمون في حدائق منازلهم أو في الأماكن المفتوحة، حاولوا إقامة خيام مؤقتة يعيشون فيها بوسائلهم الخاصة، لكنهم يعانون بسبب البرد الشديد، وبدأ الأطفال يمرضون.
وفي ولاية عثمانية (جنوب تركيا)، لم يختلف الحال كثيراً عن هطاي، وتضاعف عدد سكان بلدة سومباس.
رئيس بلدية سومباس، زكي دمير أوغلو، قال إنهم شعروا بالزلزال بشدة في مناطقهم، لكن لم تكن هناك مبانٍ مدمرة أو منهارة، بسبب طبيعة المنطقة التي لا تزيد فيها الارتفاعات عن 4 طوابق كحد أقصى، فضلاً عن صلابة الأرض، لم يسقط إلا 10 مبانٍ قديمة جداً.
وأضاف أنه بعد الزلزال، حدثت موجة هجرة كثيفة، نستقبل الوافدين علينا بكل حب ومودة وتضامن حتى نزيل الجروح معاً، إجمالاً كان عدد السكان نحو 20 ألفاً، وبعد أن جاء إخوتنا الذين نزحوا من أضنة وغازي عنتاب وعثمانية إلى منطقتنا تضاعف العدد، والوافدون يعبرون عن شهورهم بالأمان في الحي، وأصبحوا يخافون من السكن في مبانٍ ذات ارتفاعات عالية.


مقالات ذات صلة

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

شؤون إقليمية أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية. وقال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين إن بلاده تتوقع موقفاً واضحاً من دمشق حيال «تنظيم حزب العمال الكردستاني الإرهابي» والتنظيمات التابعة له، في إشارة إلى وحدات حماية الشعب الكردية، أكبر مكونات قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، التي تنظر إليها أنقرة على أنها امتداد لـ«العمال الكردستاني» في سوريا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية خصوم إردوغان يتهمونه بـ«مفاوضة» أوجلان في سجنه طلباً لأصوات كردية

خصوم إردوغان يتهمونه بـ«مفاوضة» أوجلان في سجنه طلباً لأصوات كردية

واجه الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ادعاءً جديداً من خصومه في المعارضة، بشأن إرساله مبعوثين للتفاوض مع زعيم «حزب العمال الكردستاني» السجين مدى الحياة، عبد الله أوجلان، من أجل توجيه رسالة للأكراد للتصويت لصالحه في الانتخابات الرئاسية المقررة في 14 مايو (أيار) الحالي. وقالت رئيسة حزب «الجيد» المعارض، ميرال أكشنار، إن إردوغان أرسل «شخصية قضائية» إلى أوجلان في محبسه، وإنها تعرف من الذي ذهب وكيف ذهب، مشيرة إلى أنها لن تكشف عن اسمه لأنه ليس شخصية سياسية. والأسبوع الماضي، نفى المتحدث باسم الرئاسة التركية، إعلان الرئيس السابق لحزب «الشعوب الديمقراطية» السجين، صلاح الدين دميرطاش، أن يكون إردوغان أرسل وف

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية دخول تركيا «النادي النووي» مهم... وزوال مخاوف «تشيرنوبل» مسألة وقت

دخول تركيا «النادي النووي» مهم... وزوال مخاوف «تشيرنوبل» مسألة وقت

<div>دفع إقدام تركيا على دخول مجال الطاقة النووية لإنتاج الكهرباء عبر محطة «أككويو» التي تنشئها شركة «روساتوم» الروسية في ولاية مرسين جنوب البلاد، والتي اكتسبت صفة «المنشأة النووية» بعد أن جرى تسليم الوقود النووي للمفاعل الأول من مفاعلاتها الأربعة الخميس الماضي، إلى تجديد المخاوف والتساؤلات بشأن مخاطر الطاقة النووية خصوصاً في ظل بقاء كارثة تشيرنوبل ماثلة في أذهان الأتراك على الرغم من مرور ما يقرب من 40 عاما على وقوعها. فنظراً للتقارب الجغرافي بين تركيا وأوكرانيا، التي شهدت تلك الكارثة المروعة عام 1986، ووقوعهما على البحر الأسود، قوبلت مشروعات إنتاج الكهرباء من الطاقة النووية باعتراضات شديدة في البد</div>

شؤون إقليمية أنقرة: وزراء خارجية تركيا وسوريا وروسيا قد يجتمعون في 10 مايو

أنقرة: وزراء خارجية تركيا وسوريا وروسيا قد يجتمعون في 10 مايو

قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، اليوم الأربعاء، إن اجتماع وزراء خارجية تركيا وسوريا وروسيا قد يُعقَد بموسكو، في العاشر من مايو (أيار)، إذ تعمل أنقرة ودمشق على إصلاح العلاقات المشحونة. كان جاويش أوغلو يتحدث، في مقابلة، مع محطة «إن.تي.في.»

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
شؤون إقليمية «أككويو» تنقل تركيا إلى النادي النووي

«أككويو» تنقل تركيا إلى النادي النووي

أصبحت تركيا رسمياً عضواً في نادي الدول النووية بالعالم بعدما خطت أولى خطواتها لتوليد الكهرباء عبر محطة «أككويو» النووية التي تنفذها شركة «روسآتوم» الروسية في ولاية مرسين جنوب البلاد. ووصف الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خطوة تزويد أول مفاعل من بين 4 مفاعلات بالمحطة، بـ«التاريخية»، معلناً أنها دشنت انضمام بلاده إلى القوى النووية في العالم، مشيراً إلى أن «أككويو» هي البداية، وأن بلاده ستبني محطات أخرى مماثلة. على ساحل البحر المتوسط، وفي حضن الجبال، تقع محطة «أككويو» النووية لتوليد الكهرباء، التي تعد أكبر مشروع في تاريخ العلاقات التركية - الروسية.


إيران تكشف عن موقع لتخزين السفن والزوارق تحت الأرض

زوارق مجهزة برشاشات وصواريخ في أنفاق تحت الأرض في إيران (لقطة من فيديو بثه التلفزيون الإيراني الرسمي)
زوارق مجهزة برشاشات وصواريخ في أنفاق تحت الأرض في إيران (لقطة من فيديو بثه التلفزيون الإيراني الرسمي)
TT

إيران تكشف عن موقع لتخزين السفن والزوارق تحت الأرض

زوارق مجهزة برشاشات وصواريخ في أنفاق تحت الأرض في إيران (لقطة من فيديو بثه التلفزيون الإيراني الرسمي)
زوارق مجهزة برشاشات وصواريخ في أنفاق تحت الأرض في إيران (لقطة من فيديو بثه التلفزيون الإيراني الرسمي)

كشفت القوة البحرية التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني، السبت، عن موقع لتخزين السفن تحت الأرض في «المياه الجنوبية» لإيران، وفق لقطات بثها التلفزيون الرسمي.

وأظهرت اللقطات، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، عشرات السفن الصغيرة المجهزة برشاشات وصواريخ في أنفاق المنشأة تحت الأرض.

وأوضح التلفزيون الرسمي أن «هذه المنشأة، حيث تخزن قطع بحرية هجومية وقطع قاذفة للصواريخ، تقع على عمق 500 متر في المياه الجنوبية لإيران»، دون مزيد من التفاصيل حول الموقع.

وتفقّد المنشأة قائد «الحرس الثوري» اللواء حسين سلامي، وقائد القوة البحرية في «الحرس الثوري» العميد علي رضا تنكسيري، وفق اللقطات التلفزيونية.

وقال سلامي: «نؤكد للأمة الإيرانية العظيمة أن شبابها قادرون على الخروج بشرف وتحقيق النصر من أي معركة بحرية ضد الأعداء الكبار والصغار».

وكُشف عن الموقع قبل يومين من تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، الذي اعتمد خلال ولايته الأولى سياسة «ضغوط قصوى» على إيران.

وأكد التلفزيون الرسمي أن «بعض هذه السفن قادر على ضرب سفن ومدمرات أميركية».

وكان التلفزيون الرسمي عرض في 10 يناير (كانون الثاني) مشاهد نادرة ظهر فيها سلامي يزور قاعدة صاروخية تحت الأرض استخدمت، حسب القناة، في أكتوبر (تشرين الأول) لشن هجوم على إسرائيل بنحو 200 صاروخ، تضمنت لأول مرة صواريخ فرط صوتية.

وقالت طهران يومها إن هذه الضربات أتت رداً على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية في طهران في يوليو (تموز)، وعلى مقتل جنرال إيراني في الضربة الإسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية التي أودت في 27 سبتمبر (أيلول) بالأمين العام السابق لـ«حزب الله» اللبناني المدعوم من إيران حسن نصر الله.

وأعلنت إسرائيل نهاية أكتوبر أنها شنت ضربات على مواقع عسكرية في إيران، رداً على هجوم طهران.