بعد التحذيرات الغربية... روسيا وإيران مترددتان بشأن التعاون العسكري

صاروخ «ذو الفقار» (وكالة فارس)
صاروخ «ذو الفقار» (وكالة فارس)
TT

بعد التحذيرات الغربية... روسيا وإيران مترددتان بشأن التعاون العسكري

صاروخ «ذو الفقار» (وكالة فارس)
صاروخ «ذو الفقار» (وكالة فارس)

تتردد روسيا في شراء صواريخ باليستية من إيران، خوفاً من قيام حلفاء أوكرانيا بتزويد كييف بصواريخ بعيدة المدى، وفقاً لما نقل تقرير لصحيفة «فايننشال تايمز» عن تقديرات المسؤولين الغربيين.
وكانت إيران قد أرسلت مئات المسيّرات إلى روسيا، التي استخدمت لمهاجمة البنية التحتية الحيوية في أوكرانيا، كما ترى العواصم الغربية أن طهران منفتحة على مزيد من التعاون العسكري مع موسكو.
لكن رغم الضغوط على إمداداتها الخاصة، امتنعت روسيا حتى الآن عن شراء الصواريخ الباليستية طويلة المدى الإيرانية، التي تطير أسرع من سرعة الصوت ولديها حمولات متفجرة أكبر، وفق التقرير.
وحسب تقديرات دول حلف شمال الأطلسي (الناتو)، فإن أحد العوامل المهمة هو تهديد الولايات المتحدة بتزويد كييف بصواريخ «Atacms»، التي طال انتظارها، والتي يمكن أن يصل مداها إلى 300 كيلومتر إلى عمق الأراضي التي تسيطر عليها روسيا.
وكثفت الولايات المتحدة مؤخراً تحذيراتها بشأن تعميق التعاون العسكري بين روسيا وإيران، بينما أثار دبلوماسيون أوروبيون مخاوف مع طهران. وقالت سفيرة الولايات المتحدة لدى «الناتو» جوليان سميث، إن «الحلفاء الغربيين يجدون العلاقة مقلقة للغاية».
وأضافت: «من الواضح أن هذا الوضع يزعجنا جميعاً بشكل كبير. إنه موضوع نقاش داخل التحالف. وسنواصل إرسال إشارات إلى إيران حول مخاطر دعم روسيا بالدعم المادي في هجماتها وحربها داخل أوكرانيا». ولفت التقرير إلى أن تلك التحذيرات تتوافق مع نمط منذ غزو أوكرانيا، حيث أعلن حلفاء كييف الغربيون عن كميات غير مسبوقة من المعلومات الاستخباراتية السرية، في محاولة لتقويض واستباق وردع روسيا وحلفائها المحتملين.
وأشار التقرير أيضاً إلى أن المسؤولين يعترفون بأن موسكو قد تغير موقفها من الصواريخ الباليستية الإيرانية، حيث أصبح النقص في ذخائرها الموجهة بدقة أكثر حدة، وتعثر الإنتاج المحلي.
وقال أحد المسؤولين، وفق التقرير، إن الجيش الروسي قلق بالفعل بشأن قدرته على استمرار الحرب، حيث انخفضت إمدادات الصواريخ والمدفعية إلى نصف مستوياتها في أواخر العام الماضي.
وقال مسؤول أوروبي، «إن الروس في حالة يرثى لها. إنهم بحاجة إلى صواريخ».
بمساعدة التكنولوجيا الروسية التي تم توفيرها في التسعينات، قامت إيران ببناء أكبر أسطول من الصواريخ الباليستية في الشرق الأوسط، في إطار برنامج وصفته وزارة الدفاع الأميركية في عام 2019 بأنه «دقيق بشكل متزايد ومتطور». ونفت إيران باستمرار أنها قدمت أسلحة لروسيا منذ أن شنت موسكو غزوها الشامل لأوكرانيا في فبراير (شباط) الماضي.
وقال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، لشبكة «سي إن إن»، الأسبوع الماضي، «لقد كان لدينا تعاون دفاعي مع روسيا في الماضي، ونواصل هذا التعاون، لكننا لم نزود روسيا بأي أسلحة لاستخدامها في الحرب في أوكرانيا».
ورفضت واشنطن نفي طهران. وحذر جون كيربي، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي، الشهر الماضي، من أن موسكو قد تزود إيران بطائرات مقاتلة حديثة ومعدات متطورة أخرى مقابل ذخيرة مدفعية ودبابات. في غضون ذلك، قال البنتاغون إن روسيا مهتمة بـ«قدرة الصواريخ الباليستية الإيرانية».
وقدمت الولايات المتحدة هذا العام وحده 10 مليارات دولار من الأسلحة إلى أوكرانيا، لكن واشنطن رفضت طلبات كييف للحصول على منظومة صواريخ «Atacms»، وهي صواريخ باليستية تكتيكية يصل مداها إلى 300 كيلومتر. يمتلك النظام ما يقرب من أربعة أضعاف مدى أنظمة صواريخ «هيمارس» التي زودتها الولايات المتحدة، والتي استخدمتها أوكرانيا بمفعول مدمر ضد القوات الروسية.
وقال مسؤولون غربيون ومحللون، إن طهران وموسكو بحثتا إمكانية تبادل الأسلحة الروسية الحديثة مقابل صواريخ باليستية، لكن تلك المحادثات توقفت لأسباب، منها التداعيات المحتملة لمثل هذه الصفقة على الجانبين.
ويبلغ مدى صواريخ «فاتح 313» الإيرانية وصواريخ «ذو الفقار» الباليستية 500 كيلومتر و700 كيلومتر على التوالي، وستضيف قدرات كبيرة إن لم تكن متقدمة إلى مخزون الصواريخ الروسية المستنفد.
وقال علي واعظ، مدير مشروع إيران في مجموعة الأزمات، «كانت هناك مناقشات حول الصواريخ الباليستية، لكنهم لم يفعلوا ذلك حتى الآن. أخبرهم الأوروبيون أن العواقب ستكون وخيمة للغاية. كما رسمت الولايات المتحدة خطاً أحمر».
لكن محللين عسكريين قالوا إن تحذيرات الغرب العلنية لطهران سيكون لها نفوذ محدود بالنظر إلى أن إيران تخضع بالفعل لعقوبات واسعة النطاق. قال مسؤول دفاعي أميركي، «إيران واحدة من الدول القليلة التي لديها استعداد لبيعها لروسيا».
وتشير موجة الزيارات الأخيرة التي قام بها بعض كبار المقربين الاقتصاديين لبوتين إلى أن صداقة روسيا المتنامية مع إيران توسع التعاون العسكري السابق.
وقال دبلوماسيون إيرانيون إن محافظ البنك المركزي الروسي إليفيرا نابيولينا، يستعد لزيارة طهران قريباً. كما زار أليكسي ميللر، الرئيس التنفيذي لشركة «غاز بروم» الروسية التي تحتكر الغاز، والتي تديرها الدولة، طهران، الأسبوع الماضي.
ومن المرجح أن تركز زيارة نابيولينا على دمج أنظمة المدفوعات البنكية الروسية والإيرانية، التي تم استبعادها من الاقتصاد العالمي بسبب العقوبات الغربية، وفقاً لمسؤول سابق بالبنك المركزي الروسي.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».