«النصرة» تهاجم حلفاء الولايات المتحدة وتدفع طائرات التحالف لضربها

تبنت اختطاف مقاتلين دربتهم واشنطن ووصفتهم بأنهم «وكلاء لتمرير مشاريعها»

«النصرة» تهاجم حلفاء الولايات المتحدة وتدفع طائرات التحالف لضربها
TT

«النصرة» تهاجم حلفاء الولايات المتحدة وتدفع طائرات التحالف لضربها

«النصرة» تهاجم حلفاء الولايات المتحدة وتدفع طائرات التحالف لضربها

لم تمنع العداوة المشتركة من قبل «جبهة النصرة»، وهي فرع تنظيم القاعدة في سوريا، والولايات المتحدة، مع تنظيم «داعش»، من استفزاز «النصرة» لواشنطن، عبر خطف مقاتلين معتدلين مدعومين أميركيًا في شمال سوريا الأربعاء الماضي، ومهاجمتهم أمس، في ظل الجبهات المفتوحة لتنظيم «داعش» مع التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب، والمقاتلين الإسلاميين في الشمال على حد سواء. وباتت الجبهة المتشددة «أكثر قربًا إلى موقع تنظيم داعش بالنسبة للغرب» بالنظر إلى أولويات ضرب التنظيم، بعد ضرب حلفاء واشنطن، وهو ما دفع طائرات التحالف أمس إلى استهداف مقرات لها في شمال سوريا.
وجاءت الضربة، بعد هجوم شنته «جبهة النصرة» وحلفاؤها من المقاتلين الإسلاميين، ضد مقر «الفرقة 30» التي تلقى أعضاؤها تدريبات عسكرية في إطار البرنامج الأميركي للمعارضة المعتدلة، تلته اشتباكات في شمال سوريا تسببت بمقتل 5 مقاتلين من «الفرقة 30»، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان. وقال مدير المرصد لـ«الشرق الأوسط» إن 18 شخصًا قتلوا من «النصرة» أمس، جراء ضربات التحالف والاشتباكات.
ويأتي هجوم «النصرة» على مقر الفرقة، غداة إقدام الجبهة على خطف ثمانية عناصر من الفرقة بينهم قائدها، وهو أمر نفته وزارة الدفاع الأميركية، لكن «النصرة» أكدته أمس. وأشار المرصد بعدها، إلى أن طائرات حربية يعتقد أنها تابعة للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة قصفت مواقع لـ«جبهة النصرة» في أعزاز بريف حلب الشمالي، بعد هجوم «النصرة» على مقر «الفرقة 30».
وتشير تلك العمليات العسكرية المتبادلة، إلى تزعزع التكتيك المتبع وغير المعلن بخصوص أولويات القتال في سوريا. وأشار ممثل الائتلاف الوطني في واشنطن نجيب الغضبان إلى «معلومات تم تداولها في أوساط المراقبين في وقت سابق، تحدثت عن أن أولوية واشنطن، لم تكن قتال (النصرة) رغم أنها تعدها فصيلاً إرهابيًا بالنظر إلى ارتباطها بتنظيم القاعدة، بل الأولوية لقتال (داعش)».
وقال الغضبان: «(النصرة)، بالتأكيد، غير قادرة على استعداء واشنطن في هذا الوقت، التي تقاتل أيضًا عدوًا مشتركًا لهما، وليس من مصلحتها مهاجمة حلفاء أميركا»، لكنه أشار إلى أن واشنطن «لن تقف مكتوفة الأيدي إذا هاجم طرف ما حلفاءها، وسيكون ردعه أولوية، نظرًا إلى أن التفكير الاستراتيجي بالأولويات يتحكم بالخطط الاستراتيجية». كما رأى أن هجوم «النصرة» على مقاتلين مدربين ضمن الخطة الأميركية لقتال «داعش»، غير مناسب، «ويعد مخاطرة بالنسبة للتنظيم».
غير أن الهجوم الأخير على مقاتلين معتدلين، يعيد إلى الأذهان هجمات شنتها «جبهة النصرة» ضد «جبهة ثوار سوريا» التي كان يتزعمها جمال معروف، وأدت إلى إقصاء التنظيم المعتدل عن المشهد الميداني في ريف إدلب، أواخر العام الماضي. كما أقصت الجبهة تنظيم «حركة حزم» المدعوم أميركيًا من ريف حلب الغربي، وأدت إلى حله، مطلع العام الحالي. ويتخوف معارضون سوريون من أن يكون الهجوم على «الفرقة 30»، استمرارًا لنهج «جبهة النصرة» في إقصاء المعتدلين.
ورأى مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن، أن سلوك «النصرة»، يشير إلى أن الجبهة «حاولت القضاء على الفرقة المعتدلة المدعومة أميركيًا، قبل أن تصبح لها حيثية شعبية في شمال سوريا». وعدّ أن الهجوم «يمنع تكرار تجربة (حركة حزم) وغيرها من الأطراف المعتدلة التي تضاعف نفوذها، فأرادت أن تنهيها من بدايات عملها».
وإذ أكد أن «النصرة» أفاد تنظيم «داعش» في ذلك الهجوم، أشار إلى أن «جيش الثوار» قاتل مع «الفرقة 30» ضد هجمات «النصرة» وحلفائها «الذين برزت من بينهم أطراف إسلامية، كانت تلقت دعمًا بالذخيرة من (الفرقة 30) قبل أيام، خلال معركتها مع تنظيم داعش في ريف حلب الشمالي».
كما أشار عبد الرحمن إلى أن الأميركيين «يدربون الآن مجموعة ثانية تتألف من 100 شخص، بهدف قتال (داعش)».
وأفاد «المرصد السوري» أمس، باندلاع اشتباكات بين «جبهة النصرة» ومقاتلين من فصائل مقاتلة بينها «الفرقة 30»، تلت هجوما من الجبهة فجر أمس على مقر الفرقة في محيط مدينة أعزاز في ريف حلب الشمالي. وقتل خمسة عناصر من «جبهة النصرة» ومقاتلون موالون لها، وستة مقاتلين من فصائل مقاتلة مؤيدة للفرقة كانوا يدافعون عن المقر.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن إن «جبهة النصرة».. «تسعى إلى الاستيلاء على أسلحة عناصر (الفرقة 30)».
وكان 54 عنصرا من «الفرقة 30» من الذين تلقوا تدريبات عسكرية في تركيا في إطار البرنامج الأميركي لتدريب المعارضة المعتدلة، اجتازوا قبل أكثر من أسبوعين الحدود إلى داخل سوريا مزودين بثلاثين عربة رباعية الدفع وأسلحة وذخيرة أميركية، بحسب المرصد.
وخطفت «جبهة النصرة» ثمانية عناصر من «الفرقة 30» بينهم قائد الفرقة العقيد نديم الحسن مساء الأربعاء، بحسب ما ذكر المرصد والفرقة نفسها في بيان نشر على مواقع التواصل الاجتماعي.
وتبنت «جبهة النصرة» أمس، خطف المجموعة، واصفة إياهم بـ«وكلاء لتمرير مشاريع ومصالح أميركا في المنطقة». وأشارت إلى أن تعاون هؤلاء «ظهر من خلال التدخل السريع للمؤازرة وقصف مواقع (جبهة النصرة) بعشرة صواريخ، أدت إلى سقوط قتلى وجرحى».
وجاء في بيان صادر عن الجبهة ونشر في حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي، أن «مجموعة تحت مسمى (الفرقة مشاة 30) دخلت قبل أيام إلى سوريا»، وأن جبهة النصرة «قامت باعتقال عدد من جنود تلك الفرقة» الذين خضعوا «لبرامج تدريب وتأهيل برعاية وكالة الاستخبارات الأميركية». كما حذرت الجبهة في بيان أي شخص آخر من المشاركة فيما وصفته بـ«المشروع الأميركي».
وكان المرصد، أكد أن طائرات حربية يعتقد أنها تابعة لتحالف تقوده الولايات المتحدة، قصفت مواقع لـ«جبهة النصرة» في شمال سوريا، أمس، بعد هجوم شنته الجبهة على مقرات «الفرقة 30» فجر الجمعة.
وتقول مصادر في المعارضة السورية إن أفراد «الفرقة 30» تلقوا تدريبات ضمن برنامج تقوده الولايات المتحدة للتدريب والتزويد بالعتاد، وبدأ في مايو (أيار) الماضي.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.