السودان: المدنيون يسعون للتهدئة بين الجيش و«الدعم السريع»

اتهامات لأنصار البشير بـ«السعي لإثارة الفتنة وإدخال البلاد في حرب أهلية»

قائد الجيش الفريق البرهان (أ ف ب)  -  قائد «الدعم السريع» الفريق {حميدتي} (رويترز)
قائد الجيش الفريق البرهان (أ ف ب) - قائد «الدعم السريع» الفريق {حميدتي} (رويترز)
TT

السودان: المدنيون يسعون للتهدئة بين الجيش و«الدعم السريع»

قائد الجيش الفريق البرهان (أ ف ب)  -  قائد «الدعم السريع» الفريق {حميدتي} (رويترز)
قائد الجيش الفريق البرهان (أ ف ب) - قائد «الدعم السريع» الفريق {حميدتي} (رويترز)

دخلت القوى المدنية في السودان على الخط لتهدئة المشاحنات بين الجيش وقوات «الدعم السريع»، وقطع الطريق أمام أنصار النظام المعزول «الذي يسعى للفتنة بينهما، تقود إلى حرب تفتت وحدة البلاد». ووصف المتحدث الرسمي باسم العملية السياسية خالد عمر يوسف، ارتفاع حدة التوتر بين الطرفين، بأنه «حدث لا يجب التعامل معه بتهاون وتساهل».
وتقود هذه الوساطة القوى السياسية الموقعة على «الاتفاق الإطاري»، أبرزها الائتلاف الحاكم السابق تحالف «الحرية والتغيير» و«الجبهة الثورية» التي تضم عدداً من الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق «جوبا للسلام»، وأحزاب وجماعات سياسية داعمة للانتقال.
وشهدت الفترة الماضية تراشقاً بالتصريحات الحادة بين قادة الجيش و«الدعم السريع»، حول عملية دمج الأخيرة في الجيش، أثارت مخاوف في الشارع من مواجهات مسلحة بين الطرفين، تنسف الاستقرار والعملية السياسية الجارية في البلاد.
وقال يوسف في إفادات نُشرت على الصفحة الرسمية للعملية السياسية في موقع «فيسبوك»، يوم الأحد، إن ارتفاع التوتر بين الجيش و«الدعم السريع» ومقتل متظاهر على يد ضابط شرطة، حدثان كبيران شغلا الرأي العام، وأثارا تساؤلات موضوعية حول جدوى العملية السياسية الجارية.
وأضاف أن عناصر النظام المعزول تثير هذه الأيام قضية «الدعم السريع» وتحاول الوقيعة بينها وبين القوات المسلحة، لدفع البلاد إلى حرب ضروس تفتت وحدتها وتماسكها.
وقال يوسف إن قيادة قوات «الدعم السريع» وقعت في «الاتفاق الإطاري» على مبدأ دمجها في القوات المسلحة ضمن حزمة شاملة من الإصلاحات في القطاع الأمني والعسكري، وكررت أكثر من مرة التزامها بذلك. وأشار إلى أن القضية الحالية ليست خاصة بين الطرفين، بل هي قضية الإصلاح الأمني والعسكري الذي يضمن الوصول لجيش واحد مهني وقومي لا يتدخل في السياسة، ولا تدخل السياسة في أوساط قادته وجنوده.
وأوضح أن الاتفاق السياسي نصّ على مبدأ وحدة الجيش السوداني، وخضوع المؤسسة العسكرية والأمنية للسلطة المدنية الشرعية. وأكد المتحدث الرسمي باسم العملية السياسية، أن إنهاء تعدد الجيوش يأتي عبر الوصول إلى اتفاق سياسي نهائي يكمل ما تم التوافق عليه في «الاتفاق الإطاري»، «وليس بدق طبول الحرب أو التعامل بتبسيط مع قضايا معقدة تحتاج لحلول عميقة ومفصلة».
وبدوره، قال القيادي في «الحرية والتغيير»، محمد عصمت، لـ«الشرق الأوسط»، إن هنالك جهوداً متواصلة من قوى التغيير والانتقال المدني لتهدئة الأوضاع بين قوات «الدعم السريع» والقوات المسلحة، لتجنب أي صدام بينهما سيقود البلاد إلى مهاوي الضياع، مشيراً إلى أن المرحلة الراهنة تتطلب تغليب الحس الوطني حتى يصل «الاتفاق الإطاري» إلى نهايته المرجوة.
وأضاف أن الجيش و«الدعم السريع» طرفان أصيلان في حماية الانتقال المدني خلال المرحلة الانتقالية المقبلة، «ونعلم أن عناصر النظام المعزول – نظام الرئيس السابق عمر البشير - تسعى لإيقاع الفتنة بين الطرفين، وعلى قوى الانتقال المدني أن تعمل جاهدة لمنع ذلك». وأضاف عصمت أن تحالف «الحرية والتغيير» في لقاءات وتواصل مع الأطراف العسكرية للوصول إلى صيغة تضمن سلاسة دمج «الدعم السريع» في الجيش، وهي خطوة مرهونة بإجراء إصلاحات هيكلية داخل القوات المسلحة نفسها. وقال: «على الرغم من أن هناك تعهدات من قادة الجيش بإجراء هذه الإصلاحات، فإنها تحتاج إلى توافق بين أطراف العملية السياسية، على اعتبار أن هناك خصوصية للقوات المسلحة و(الدعم السريع)».
وأشار عصمت إلى أن عملية دمج «الدعم السريع» في الجيش تحتاج إلى ترتيبات مختلفة ودقيقة، وتحتاج إلى المزيد من التشاور بين أطراف العملية السياسية كافة، على خلاف دمج الفصائل المسلحة الموقعة على اتفاقية «جوبا للسلام» المتفق حولها وفقاً لمواقيت زمنية تم تحديثها في مصفوفة خلال الأيام الماضية.
ودخلت العملية السياسية مراحل متقدمة بعقد مؤتمرات لحسم عدد من القضايا، أبرزها إزالة آثار النظام المعزول، وتقييم اتفاقية «جوبا للسلام» وحل الأزمة في شرق السودان، وتبقى عقد ورشة خاصة بـ«الإصلاح الأمني والعسكري» ستناقش ترتيبات دمج الجيوش في المؤسسة العسكرية.
وفي الخامس من ديسمبر (كانون الأول) الماضي وقّع رئيس مجلس السيادة الانتقالي قائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان، ونائبه قائد «الدعم السريع» الفريق محمد حمدان دقلو (حميدتي)، اتفاقاً إطارياً مع القوى المدنية يقضي بخروجهما من السلطة والعودة إلى الثكنات، وفتح الطريق للقوى السياسية لتشكيل حكومة مدنية لإدارة المرحلة الانتقالية المقبلة.


مقالات ذات صلة

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

بعد 3 أيام عصيبة قضتها المسنة السودانية زينب عمر، بمعبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان، وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على غر

شمال افريقيا الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص توقعت أن يفروا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين هذا النداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مضيفة أن مصر وجنوب السودان سيسجّلان أكبر عدد من الوافدين. وستتطلب الاستجابة للأزمة السودانية 445 مليون دولار حتى أكتوبر؛ لمواجهة ارتفاع عدد الفارين من السودان، بحسب المفوضية. وحتى قبل هذه الأزمة، كانت معظم العمليات الإنسانية في البلدان المجاورة للسودان، التي تستضيف حالياً الأشخاص الفارين من البلاد، تعاني نقصاً في التمو

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

وجّه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة للمركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم. كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة. وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى ومصارف ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية. حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

بحث الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية السعودي والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، اليوم (الخميس)، الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف في السودان، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين السودانيين والمقيمين على أرضه. وأكد الأمير فيصل بن فرحان، خلال اتصال هاتفي أجراه بغوتيريش، على استمرار السعودية في مساعيها الحميدة بالعمل على إجلاء رعايا الدول التي تقدمت بطلب مساعدة بشأن ذلك. واستعرض الجانبان أوجه التعاون بين السعودية والأمم المتحدة، كما ناقشا آخر المستجدات والتطورات الدولية، والجهود الحثيثة لتعزيز الأمن والسلم الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

مصر تعدد «إنجازاتها» في «حقوق الإنسان» قبل مراجعة دورية بجنيف

بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر تعدد «إنجازاتها» في «حقوق الإنسان» قبل مراجعة دورية بجنيف

بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

عدّدت مصر «إنجازاتها» في ملف حقوق الإنسان خلال السنوات الأخيرة، قبل مناقشة «تقرير المراجعة الشاملة» أمام المجلس الدولي لحقوق الإنسان بجنيف، في يناير (كانون الثاني) المقبل، وأكدت القاهرة «هدم السجون (غير الآدمية) وإقامة مراكز إصلاح حديثة».

وتقدمت الحكومة المصرية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بتقريرها الرابع أمام «آلية المراجعة الدورية الشاملة» التابعة لمجلس حقوق الإنسان الدولي، تمهيداً لمناقشته الشهر المقبل، وهو تقرير دوري تقدمه مصر كل 4 سنوات... وسبق أن قدّمت القاهرة 3 تقارير لمراجعة أوضاع حقوق الإنسان في أعوام 2010، و2014، و2019.

وقال عضو «المجلس القومي لحقوق الإنسان» بمصر، رئيس «المنظمة المصرية لحقوق الإنسان» (مؤسسة حقوقية)، عصام شيحة، إن «الحكومة المصرية حققت (قفزات) في ملف حقوق الإنسان»، وأشار في تصريحات تلفزيونية، مساء الخميس، إلى أن «السنوات الأخيرة، شهدت قنوات اتصال بين المنظمات الحقوقية والمؤسسات الحكومية بمصر»، منوهاً إلى أن «مصر هدمت كثيراً من السجون القديمة التي كانت (غير آدمية) وأقامت مراكز إصلاح حديثة».

وأوضح شيحة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، الجمعة، أن «الحكومة المصرية تبنت فلسفة عقابية جديدة داخل السجون عن طريق الحد من العقوبات السالبة للحريات، وأنها هدمت نحو 15 سجناً، وقامت ببناء 5 مراكز إصلاح وتأهيل وفق أحدث المعايير الدولية، وتقدم برامج لتأهيل ودمج النزلاء».

عادّاً أن تقديم مصر لتقرير المراجعة الدورية أمام «الدولي لحقوق الإنسان» بجنيف، «يعكس إرادة سياسية للتواصل مع المنظمات الدولية المعنية بملف حقوق الإنسان».

وشرعت وزارة الداخلية المصرية أخيراً في إنشاء «مراكز للإصلاح والتأهيل» في مختلف المحافظات، لتكون بديلة للسجون القديمة، ونقلت نزلاء إلى مراكز جديدة في «وادي النطرون، وبدر، و15 مايو»، وتضم المراكز مناطق للتدريب المهني والفني والتأهيل والإنتاج، حسب «الداخلية المصرية».

ورغم الاهتمام الحكومي بملف حقوق الإنسان في البلاد، وفق مراقبين؛ فإن عضو «المجلس القومي لحقوق الإنسان» يرى أن «هناك ملفات تحتاج إلى تحرك مثل ملف الحبس الاحتياطي في التهم المتعلقة بالحريات».

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يستعرض التقرير الثالث لـ«الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان» في مصر (الرئاسة المصرية)

وفي وقت سابق، أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، استجابته لتوصيات مناقشات «الحوار الوطني» (الذي ضم شخصيات عامة وحزبية وأكاديميين وسياسيين) بشأن قضية الحبس الاحتياطي، داعياً في إفادة للرئاسة المصرية، أغسطس (آب) الماضي، إلى «أهمية تخفيض الحدود القصوى لمدد الحبس، وتطبيق بدائل مختلفة للحبس الاحتياطي».

ويرى وكيل «لجنة حقوق الإنسان» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، النائب أيمن أبو العلا، أن «الحكومة المصرية حققت تقدماً في تنفيذ محاور (الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان) التي أطلقتها عام 2021»، ودلل على ذلك بـ«إلغاء قانون الطوارئ، وتشكيل لجان للعفو الرئاسي، والسعي إلى تطبيق إصلاح تشريعي مثل تقديم قانون جديد لـ(الإجراءات الجنائية) لتقنين الحبس الاحتياطي».

وكان وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، قد عرض على الرئيس المصري، الأربعاء الماضي، التقرير الثالث لـ«الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان»، متضمناً «المبادرات والبرامج التي جرى إعدادها للارتقاء بأوضاع حقوق الإنسان بمفهومها الشامل، السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي».

وحسب إفادة للرئاسة المصرية، وجه الرئيس المصري بـ«استمرار جهود نشر الوعي بحقوق الإنسان في مؤسسات الدولة كافة، ورفع مستوى الوعي العام بالحقوق والواجبات»، وشدد على «تطوير البنية التشريعية والمؤسسية لإنجاح هذا التوجه».

عودة إلى وكيل «لجنة حقوق الإنسان» بـ«النواب» الذي قال إن ملف حقوق الإنسان يتم استغلاله من بعض المنظمات الدولية سياسياً أكثر منه إنسانياً، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك ازدواجية في معايير بعض المنظمات التي تغض الطرف أمام انتهاكات حقوق الإنسان في غزة ولبنان، وتتشدد في معاييرها مع دول أخرى».