هل تل أبيب أكثر المستفيدين من حرب أوكرانيا؟

(تحليل إخباري)

جنود قرب آليات روسية ببلدة بالاكلافا في شبه جزيرة القرم (أرشيفية - رويترز)
جنود قرب آليات روسية ببلدة بالاكلافا في شبه جزيرة القرم (أرشيفية - رويترز)
TT

هل تل أبيب أكثر المستفيدين من حرب أوكرانيا؟

جنود قرب آليات روسية ببلدة بالاكلافا في شبه جزيرة القرم (أرشيفية - رويترز)
جنود قرب آليات روسية ببلدة بالاكلافا في شبه جزيرة القرم (أرشيفية - رويترز)

كشفت الصناعات الحربية، التابعة لوزارة الدفاع في تل أبيب، أن العام 2023 سيشهد قفزة في حجم مبيعات الأسلحة، من بينها مجموعة صفقات جديدة تم توقيعها أو جرى إبرامها مع عدد من الدول الأوروبية والآسيوية. يأتي ذلك، فيما أعلن كل من تل أبيب وواشنطن أن الولايات المتحدة الأميركية منحت إسرائيل الضوء الأخضر لبيع ألمانيا منظومات دفاعات جوية وصواريخ من طراز «حيتس 3» لاعتراض الصواريخ طويلة المدى.
وقال يائير كولاس، رئيس دائرة التصدير الأمني في وزارة الدفاع الإسرائيلية، إن «الحرب في أوكرانيا قلبت المعادلات في العالم وباتت دول أوروبا أكثر استعداداً لشراء الأسلحة والأجهزة القتالية والعتاد والذخيرة من الصناعات الإسرائيلية. وهي تفعل ذلك بشكل علني». وفسر ذلك بالقول إن «أوروبا التي جمدت نشاطها العسكري لسنين طويلة في الماضي، استيقظت على واقع جديد بعد الحرب الأوكرانية. وهي تقول لا أحد يعرف ماذا في رأس الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. ولا يجوز المخاطرة. لذلك قررت زيادة ميزانياتها العسكرية بشكل هائل وراحت تخوض سباق تسلح غير مسبوق». وقالت مصادر أخرى في الوزارة إن دول آسيا أيضاً، خصوصاً اليابان، قررت زيادة مشترياتها من الأسلحة في ضوء الأزمة مع الصين.
وكانت ألمانيا قد طلبت من الولايات المتحدة السماح لإسرائيل ببيعها مجموعة من الأسلحة، في مقدمتها صواريخ «حيتس»، لأن الموافقة الأميركية هي شرط لإتمام أي صفقة لبيعها. فالولايات المتحدة تدفع 80 في المائة من تكاليف تطوير المنظومة الدفاعية الصاروخية، المقدرة بـ2.2 مليار دولار، ومنظومة «حيتس 3» نفسها تحتوي على مركبات تكنولوجية تم تطويرها في الولايات المتحدة. وقد أتت الموافقة الأميركية في تطور مهم نحو إتمام صفقة تسعى إسرائيل لإبرامها منذ فترة طويلة، وذلك عقب الزيارة التي قام بها المستشار الألماني أولاف شولتز، الجمعة، إلى واشنطن، حيث التقى الرئيس الأميركي جو بايدن، وقادة البنتاغون. وبحسب المصادر الإسرائيلية، فإن الولايات المتحدة منحت إسرائيل الضوء الأخضر لإتمام الصفقة، ليس فقط مع ألمانيا، بل أيضاً مع بقية دول حلف شمال الأطلسي «الناتو» المعنية بذلك. وأفادت بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، قد يعلن عن تلك الصفقة خلال زيارته إلى ألمانيا بعد 10 أيام.
وستشتري ألمانيا من إسرائيل أيضاً الطائرات المسيرة من طراز «هارون» والصاروخ المضاد للمدرعات «سبايك». وهناك صفقات إسرائيلية أخرى مع دول أوروبية أخرى. منها؛ بيع الدنمارك مدافع «أتموس» المتعددة الأهداف من صنع شركة «ألبيت»، التي تعرف بأنها ترسل حممها لتصيب أهدافها بدقة، عن بعد 30 كيلومتراً، بقيمة 260 مليون دولار. وصفقة مع فنلندا بقيمة 230 مليون يورو، لبيعها صواريخ «باراك ماكس» الدفاعية، وأخرى بقيمة 120 مليون دولار لبيعها قذائف وأجهزة رصد متحركة. وصفقة مع التشيك بقيمة 630 مليون دولار لبيعها منظومة الدفاع الجوي «سبايدر»، وصفقة مع رومانيا بقيمة 410 ملايين دولار، لبيعها طائرات مسيرة. وصفقة مع بولندا لبيعها طائرات تدريب من طراز «إف 16». ونشر (الأحد) أن 70 في المائة من مشتريات أذربيجان العسكرية والأمنية تأتي من إسرائيل. وصفقات مع دول اتفاقيات إبراهيم بقيمة 800 مليون دولار.
المعروف أن قيمة الصادرات العسكرية والأمنية الإسرائيلية بلغت 11.3 مليار دولار في سنة 2012. ويتوقع أن تنشر في شهر أبريل (نيسان) قيمة الصادرات لسنة 2022، لتظهر قيمة الزيادة الحاصلة فيها. وتبلغ حصة أوروبا من هذه الصفقات 40 في المائة على الأقل. وقد نشرت شركات بيع الأسلحة الإسرائيلية الثلاث الأساسية معطيات في الشهر الماضي، أفادت بأن طلبات شراء الأسلحة بلغت رقماً سياسياً جديداً في الأشهر التسعة الأولى من سنة 2022، حيث بلغت لدى شركة «رفائيل» 10 مليارات دولار، والصناعات الجوية 16 مليار دولار، وشركة «إلبيت» 15 ملياراً. وعلى إثر ذلك، أقامت دائرة التصدير الأمني في وزارة الدفاع الإسرائيلية طواقم خاصة لكل دولة لتركيز الطلبات والمشتريات.
وقال المدير العام للصناعات الجوية، بوعاز ليفي، إن الدول الأوروبية الصديقة وكذلك البعيدة، تشهد تحولاً درامياً في التعاطي مع الأسلحة الإسرائيلية. فبعد أن قررت مضاعفة ميزانياتها العسكرية وإعادة بناء قواتها العسكرية بأسلوب جديد وحديث، بعد حرب أوكرانيا، وجدت نفسها تلتقي بهدف واحد مع الصناعات الإسرائيلية، فهي تشعر بأنها تواجه نفس التحديات الأمنية. وأضاف ليفي: «لم يعودوا يتحدثون معي حول السعر. فالجميع مستعجل، ويتعاطون مع التسلح على أنه حالة طوارئ. وشركاتنا جاهزة».


مقالات ذات صلة

الاتحاد الأوروبي يحول لأوكرانيا 1.5 مليار يورو من عائدات الأصول الروسية

أوروبا أوراق نقدية من فئة 20 و50 يورو (د.ب.أ)

الاتحاد الأوروبي يحول لأوكرانيا 1.5 مليار يورو من عائدات الأصول الروسية

أعلن الاتحاد الأوروبي تأمين 1.5 مليار يورو (1.6 مليار دولار) لدعم أوكرانيا، وهي أول دفعة من الأموال المكتسبة من الأرباح على الأصول الروسية المجمدة.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)

بوتين يدعو إلى «معاقبة» الساعين لـ«تقسيم» روسيا

شجع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين المحققين الروس على التصدي لأي خطر يتسبب بانقسام المجتمع في روسيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم وزير الخارجية الصيني وانغ يي (إلى اليمين) يصافح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال اجتماع وزاري على هامش الاجتماع الـ57 لوزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) والاجتماعات ذات الصلة في فينتيان 25 يوليو 2024 (أ.ف.ب)

بدء محادثات بين روسيا والصين على هامش اجتماع «آسيان»

التقى وزيرا خارجية روسيا والصين، الخميس، في فينتيان عاصمة لاوس، على هامش اجتماع إقليمي وغداة لقاء الوزير الصيني نظيره الأوكراني في الصين.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
رياضة عالمية الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (أ.ب)

زيلينسكي: مشاركة أوكرانيا في الأولمبياد إنجاز في زمن الحرب

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، اليوم (الأربعاء)، إن مجرد مشاركة بلاده في دورة الألعاب الأولمبية تمثل إنجازاً في زمن الحرب.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا صورة تُظهر جانباً من وسط موسكو في روسيا 23 نوفمبر 2020 (رويترز)

«هاكرز» أوكرانيون يوقفون الخدمات المصرفية وشبكات الهواتف في روسيا مؤقتاً

تردَّد أن خبراء في الحواسب الآلية بالاستخبارات العسكرية الأوكرانية عرقلوا أنظمة البنوك والهواتف المحمولة والشركات المقدِّمة لخدمة الإنترنت بروسيا لفترة وجيزة.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

بلينكن يصل إلى لاوس لحضور اجتماعات «آسيان» ولقاء نظيره الصيني

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)
TT

بلينكن يصل إلى لاوس لحضور اجتماعات «آسيان» ولقاء نظيره الصيني

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)

وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، فجر السبت، إلى لاوس حيث سيحضر اجتماعات رابطة دول «آسيان» ويجري محادثات مع نظيره الصيني، وذلك في مستهل جولة آسيوية تشمل دولاً عدة وتهدف إلى تعزيز علاقات واشنطن مع حلفائها الإقليميين في مواجهة بكين.

ومن المقرر أن يلتقي بلينكن وزير الخارجية الصيني وانغ يي على هامش محادثات وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) التي تعقد في فينتيان، عاصمة لاوس.

منافسة حادة

ويسعى بلينكن لتحقيق تطلّع بجعل منطقة المحيطين الهندي والهادئ «منطقة حرة ومفتوحة ومزدهرة»، وهو شعار يحمل في طيّاته انتقاداً للصين وطموحاتها الاقتصادية والإقليمية والاستراتيجية في المنطقة.

وقالت وزارة الخارجية في بيان صدر قبل وقت قصير من وصول بلينكن إلى فينتيان، إنّ «محادثات الوزير ستواصل البناء والتوسع غير المسبوق للعلاقات بين الولايات المتحدة وآسيان»، وفق ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.

وهذه هي الزيارة الـ18 التي يقوم بها بلينكن إلى آسيا منذ توليه منصبه قبل أكثر من ثلاث سنوات، ما يعكس المنافسة الحادة بين واشنطن وبكين في المنطقة.

ووصل بلينكن بعد يومين على اجتماع عقده وزيرا خارجية الصين وروسيا مع وزراء خارجية تكتل «آسيان» الذي يضم عشر دول، وقد عقدا أيضاً اجتماعاً ثنائياً على الهامش.

وناقش وانغ وسيرغي لافروف «هيكلية أمنية جديدة» في أوراسيا، وفق وزارة الخارجية الروسية.

وقالت الوزارة إن وانغ ولافروف اتفقا على «التصدي المشترك لأي محاولات من جانب قوى من خارج المنطقة للتدخل في شؤون جنوب شرق آسيا».

وتقيم الصين شراكة سياسية واقتصادية قوية مع روسيا. ويعتبر أعضاء حلف شمال الأطلسي بكين مسانداً رئيسياً لموسكو في حربها على أوكرانيا.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ، الجمعة، إن وانغ وبلينكن «سيتبادلان وجهات النظر حول مسائل ذات اهتمام مشترك».

ووفق وزارة الخارجية الأميركية سيناقش بلينكن «أهمية التقيّد بالقانون الدولي في بحر الصين الجنوبي» خلال محادثات «آسيان».

توترات متصاعدة

وتأتي المحادثات في خضم توترات متصاعدة بين الصين والفلبين في بحر الصين الجنوبي، حيث سجّلت مواجهات في الأشهر الأخيرة بين سفن فلبينية وصينية حول جزر مرجانية متنازع عليها.

وتتمسك بكين بالسيادة شبه الكاملة على الممر المائي الذي تعبره سنوياً بضائع بتريليونات الدولارات، على الرغم من حكم أصدرته محكمة دولية قضى بأن لا أساس قانونياً لموقفها هذا.

وفقد بحار فلبيني إبهامه في مواجهة وقعت في 17 يونيو (حزيران) حين أحبط أفراد من جهاز خفر السواحل الصيني محاولة للبحرية الفلبينية لإمداد قواتها في موقع ناء.

وانتقدت الصين في وقت سابق من العام الحالي تصريحات لبلينكن أبدى فيها استعداد واشنطن للدفاع عن الفلبين إذا تعرضت قواتها أو سفنها أو طائراتها لهجوم في بحر الصين الجنوبي.

وتصر بكين على أنه «لا يحق» للولايات المتحدة التدخل في بحر الصين الجنوبي.

والبلدان على طرفي نقيض في ملفات التجارة وحقوق الإنسان ووضع جزيرة تايوان المتمتعة بالحكم الذاتي.

وتشمل جولة بلينكن ستّ دول هي لاوس وفيتنام واليابان والفلبين وسنغافورة ومنغوليا.

ومن المقرر أن يصدر وزراء خارجية الدول المنضوية في «آسيان» بياناً مشتركاً في ختام الاجتماعات التي ستُعقد على مدى ثلاثة أيام.