كارثة زلزال تركيا تفاقم الصراع السياسي قبل الانتخابات

اتهامات متبادلة بين الحكومة والمعارضة واحتقان على وقع الاستقطاب

إردوغان يتفقد المنطقة المنكوبة (أ.ب)
إردوغان يتفقد المنطقة المنكوبة (أ.ب)
TT

كارثة زلزال تركيا تفاقم الصراع السياسي قبل الانتخابات

إردوغان يتفقد المنطقة المنكوبة (أ.ب)
إردوغان يتفقد المنطقة المنكوبة (أ.ب)

أبت السياسة أن تدع تركيا تلملم جراحها التي خلفها زلزالا 6 فبراير (شباط) الماضي اللذان أوقعا أكثر من 45 ألف قتيل إلى جانب نحو 115 ألف مصاب، ودمرا مئات الآلاف من المباني في 11 ولاية في جنوب البلاد وشرقها وجنوب شرقها. وفرضت كارثة الزلزالين - الأسوأ منذ 100 سنة - على الملايين مواصلة حياتهم في الخيام أو الحاويات أو أماكن إقامة مؤقتة أو الارتحال إلى ولايات أخرى. ذلك أنه بالتزامن مع الفاجعة غرقت تركيا أكثر فأكثر في دوامة الاستقطاب السياسي المتفاقم مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي أعلن الرئيس رجب طيب إردوغان أنها ستجرى في 14 مايو (أيار) المقبل. وكان التطور الأبرز خلال الساعات الأخيرة انشقاق حزب {الجيد} بقيادة ميرال أكشينار عن المعارضة، بسبب رفضه ترشيح تكتل { طاولة الستة}، المناوىء لأردوغان، زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كليتشدار أوغلو مرشحاً للتكتل.
كان المواطنون الأتراك يظنون - أو يأملون - أن تنهي كارثة بحجم فاجعة الزلزالين المدمّرين حالة الاستقطاب السياسي والمشاحنات، التي لم تبدأ فقط مع اقتراب موعد الانتخابات، بل زرعت بذرتها منذ العام 2015. ويومذاك، عندما عجز حزب العدالة والتنمية الحاكم عن الفوز منفردا بالانتخابات البرلمانية في 7 يونيو (حزيران) من ذلك العام، لجأ إلى انتخابات مبكرة في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني). وبين الموعدين وقع ما وقع من أحداث وضعت المجتمع التركي في دوامة الصراعات السياسية التي تعمّقت تدريجياً. ثم تعقّدت مع طرح التعديلات الدستورية في نوفمبر عام 2017 للانتقال إلى النظام الرئاسي، بعد محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها تركيا في 15 يوليو (تموز) 2016، وتفاقمت الاستقطابات، ودفع ذلك إلى تغيير وجه الديمقراطية في تركيا.

صويلو (رويترز)

وبينما كانت تركيا تبحث عن هدنة لالتقاط الأنفاس، جاءت خطوة الانتقال إلى النظام الرئاسي في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المبكرة في يونيو 2018 لتشعل ما يشبه الحرب بين المعارضة وحزب العدالة والتنمية برئاسة إردوغان، الذي تحالف مع حزب الحركة القومية برئاسة دولت بهشلي، ضمن ما يُعرف بـ«تحالف الشعب». وأصبحت معركة الاستقطاب تدور حول النظام الرئاسي و«حكم الرجل الواحد».
من وجهة نظر المعارضة، التي يقودها حزب الشعب الجمهوري برئاسة كمال كليتشدار أوغلو، لا تتعلق المسألة فقط بتغيير نظام الحكم، وإنما أيضا يعتبره كثيرون «انقلاباً» على إرث مصطفى كمال «أتاتورك».
وحقاً، أثرت الأزمات التي صاحبت انتقال تركيا إلى النظام الرئاسي سلبياً على الاقتصاد المتراجع منذ العام 2018، وعلى مناخ الديمقراطية والحريات، ناهيك مما لحق بعلاقات تركيا بمحيطها الخارجي نتيجة ما تعتبره المعارضة «تخبطاً» في السياسة الخارجية كلف البلاد الكثير بسبب تحكم فرد واحد في كل القرارات.

كليتشدار أوغلو (رويترز)

هدنة قصيرة
جاءت كارثة 6 فبراير الزلزالية، استقطابية سياسية بقدر ما كانت صادمة ومفجعة إنسانياً. وفي أول يومين لوقوع الكارثة تطايرت الاتهامات من المعارضة لإردوغان وحكومته، اللذين اتهما بالفشل والتقاعس عن اتخاذ التدابير الضرورية رغم التحذيرات السابقة، مقابل اتهام إردوغان وحزبه للمعارضة بمحاولة استغلال الكارثة الإنسانية لأغراض سياسية.
لكن فداحة الكارثة دفعت الجميع إلى التفكير الهادئ، فخفّ غلو الخطاب الشعبوي من الجانبين. وبالتالي، شهدت تركيا للمرة الأولى منذ سنين توحيدا للخطاب في وسائل الإعلام المحسوب غالبيتها على الحكومة، وقلة منه محسوبة على المعارضة، وصولا إلى فكرة البث المباشر بينها في حملة لجمع التبرعات. ومرحلياً، توارى كل شيء من أجل التركيز على الكارثة وسبل إنقاذ البشر ومد يد العون للمتضررين.
ولكن بدا خلال تشييع جنازة رئيس حزب الشعب الجمهوري السابق دينيز بايكال، في أنقرة بعد أقل من أسبوع من الكارثة، أن ما في القلب في القلب، وأن كلا الفريقين يقف على موقفه، وأن شيئا لم يتغير. وأمام الكاميرات صافح إردوغان الشخصيات التي تقدمت الجنازة، إلا أنه امتنع عن مصافحة رئيس الحزب كمال كليتشدار أوغلو ورئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو. وكانت لافتة مصافحته خصمه السابق من حزب الشعب الجمهوري، محرم إينجه، الذي انشق عن الحزب وأسس حزباً جديداً باسم «البلد» على الرغم من انتقاداته الحادة لإردوغان وحكومته بسبب الاستجابة البطيئة لكارثة الزلزال. وطبعاً، فتح هذا التجاهل من جانب إردوغان لكل من كليتشدار أوغلو وإمام أوغلو الباب لتأويلات كثيرة، أهمها أنه رفض مصافحتهما لأنهما منافسان محتملان له في الانتخابات المقبلة.

أرينتش (غيتي)

أزمة مفتعلة
وفجأة، تفجّر جدل جديد حول موعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية. وذلك بعدما نشر رئيس البرلمان السابق بولنت أرينتش، أحد رفاق إردوغان القدامى وأحد أضلاع حزب العدالة والتنمية الحاكم عند تأسيسه، بياناً عبر «تويتر»، دعا فيه إلى تأجيل الانتخابات.
أرينتش، المحامي المخضرم بالأساس، طعن في شرعية إجراء الانتخابات في الولايات الـ11 التي ضربها الزلزال (قهرمان مرعش وهطاي وعثمانية وكلِس وأضنة وأديامان وملطية وإلازيغ وشانلي أورفا وغازي عنتاب وديار بكر). وقال إن إجراء الاقتراع فيها متعذّر قانونياً وفعلياً وسط هذه الظروف، ويجب تأجيل الانتخابات. وأوضح أن تلك الولايات تضرر فيها أكثر من 15 مليون مواطن، ويمثلها 85 نائبا في البرلمان. وعليه، باتت القوائم الانتخابية في هذه المحافظات باطلة، ما يعني قانونياً وفعلياً استحالة إجراء انتخابات فيها.
كذلك اعتبر أرينتش أن البلاد بحاجة للتخلص من ضغوط الانتخابات في هذه الأيام الأليمة. واقترح تأجيلها إلى نوفمبر المقبل، أو إجراءها مع الانتخابات المحلية المقررة في مارس (آذار) عام 2024، ورأى أنه في حال حدوث خلاف بين الخيارين، يمكن تحديد موعد تتفق عليه جميع الأطراف السياسية في البلاد.
وفي إشارة إلى المادة 78 من الدستور، التي تمنع تأجيل الانتخابات إلا في حالة الحرب وتشترط موافقة البرلمان على التأجيل، قال أرينتش: «الدساتير ليست نصوصا مقدسة، بل يمكن تغييرها».
بيان أرينتش فجّر غضبا في صفوف المعارضة التركية التي أكدت رفضها تأجيل الانتخابات وتمسكها بنص المادة 78 من الدستور، معتبرة أن إردوغان وحزبه يحاولون تأجيل الانتخابات، وأنه إذا أقدم المجلس الأعلى للانتخابات على مثل هذه الخطوة فستكون صفعة للديمقراطية.
وهاجم كليتشدار أوغلو الرئيس إردوغان لتصريحاته المتكررة التي يصف فيها كارثة الزلزال في تركيا بأنها «كارثة العصر»، وهو المصطلح الذي تتبناه أيضا وسائل الإعلام القريبة من الحكومة، قائلا إن «كارثة العصر الحقيقية هي النظام الرئاسي وحكم الرجل الواحد في تركيا». وتابع أن إردوغان طالب المواطنين بمنحه سنة أخرى من أجل إعادة إعمار ما هدمه الزلزال، ولكن «منحك الشعب 20 سنة، وكانت هذه هي النتيجة... لقد تجاهلت الدراسات العلمية والتحذيرات المتكررة من الزلزال وأحالت الأمر إلى القدر... لكن مع القدر هناك التدبير... لا تدار فشلك خلف الأقدار... سنزيل كل ذلك وسنسحب بلدنا من تحت أنقاض حكمك».
حزب العدالة والتنمية الحاكم، من جانبه، تبرأ من اقتراح أرينتش، على لسان ناطقه الرسمي عمر تشيليك، الذي غرّد على «تويتر» قائلا: «في الوقت الحالي نحن نكافح لإنقاذ حياتنا من الأنقاض... نكافح من أجل مداواة الجروح. نرى أنه من الخطأ جداً الحديث عن أي شيء يتعلق بالانتخابات، ولا نجده صحيحاً بأي شكل من الأشكال. اليوم لدينا أجندة واحدة فقط. كيف يمكننا الاستمرار في الوقوف إلى جانب مواطنينا المشردين في الشوارع؟ كيف يمكننا مواصلة معركتنا ضد هذه الكارثة دون مغادرة الميدان أبداً؟ بخلاف ذلك لا حديث عن انتخابات أو أي شيء آخر. نحن لا نتحدث. هذه الأنواع من الأحاديث لا علاقة لها بنا».
إغلاق الجدل
من جهته، أغلق إردوغان باب الجدل، الذي استمر لأسابيع، بالإعلان رسمياً يوم الأربعاء، عن موعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، مؤكدا أنها ستجرى في موعدها المحدد سابقاً وهو 14 مايو. وفي هجوم على أحزاب المعارضة بسبب الانتقادات الموجهة لحكومته بسبب إدارتها للكارثة الزلزالية التي خلفت 45 ألفا و89 قتيلا، قال متوعداً: «سنعطيهم الرد المناسب في 14 مايو... أعلم جيدا أن هذه الأمة تأمل أن تفعل ما هو ضروري في صناديق الاقتراع».
وجاء الإعلان بينما كانت الأوساط السياسية والشعبية التركية تترقب إعلان «طاولة الستة» لأحزاب المعارضة لاسم مرشحها المشترك لمنافسة إردوغان على الرئاسة.
ولكن بعيد الإعلان عن السير قدما بكليتشدار أوغلو مرشحا موحداً للمعارضة، أعلنت ميرال أكشينار رفضها الترشيح وخروج حزبها، حزب «الجيد»، من تكتل {طاولة الستة}. وللعلم، ضم التكتل حتى أمس، أحزاب الشعب الجمهوري برئاسة كليتشدار أوغلو، و«الجيد» برئاسة ميرال أكشينار، و«الديمقراطية والتقدم» برئاسة علي باباجان، و«المستقبل» برئاسة أحمد داود أوغلو، و«السعادة» برئاسة تمل كرم الله أوغلو، و«الديمقراطي» برئاسة غولتكن أويصال. وهي تُعد «تحالفَ مبادئ» - ولا تعد «تحالفاً انتخابياً» - هدفه العودة للنظام البرلماني المعزّز بدلاً من النظام الرئاسي المطبق منذ عام 2018.
موعد 14 مايو، الذي تمسّك به إردوغان، يحمل ذكرى رمزية تتعلق بفوز الحزب الديمقراطي بزعامة رئيس الوزراء الراحل عدنان مندرِس بالانتخابات في هذا التاريخ قبل 73 سنة، إذ يرغب إردوغان أن يكرر فوز مندرِس، الذي كان قد انشق مع رفاق له عن حزب الشعب الجمهوري، الذي أسسه «أتاتورك».
ووفق المحلّل السياسي آدم توكسوز، فإن الحكومة فضلت السير في موعد 14 مايو في ضوء الحسابات القائلة بأن هذه اللعبة الرابحة للجانبين يمكن أن تتحول إلى مكسب من جانب واحد، وربما الأهم من ذلك، ملاحظة أن حالة الاقتصاد لم تتحسن بعد بشكل كافٍ للفوز في الانتخابات بالنسبة لإردوغان.
وتوقع توكسوز أنه على الرغم من الهيمنة الإعلامية للحكومة، فأزمة المساعدات الإنسانية لمنكوبي الزلزال - خاصة في منطقة الزلزال - وغيرهم من المواطنين في المنطقة، ستكون معيارا مهما للتصويت مع اقتراب الانتخابات. وتابع أن الأمر يعتمد أيضا على كيفية تعامل المعارضة مع هذه القضية في حملتها، ويجب قراءة موقف المعارضة «المتمرد»، الذي لم يلاحظ من قبل على أنه تصميم على استخدام هذه القضية، مع أهمية تذكّر تأثير الوضع الاقتصادي على شعبية إردوغان.
مشاهد متعاقبة
مع توالي الأيام الثقيلة لكارثة الزلزال، تزايد الاحتقان السياسي مع استمرار التراشق بين الحكومة والمعارضة حول التعامل مع الكارثة، والجدل حول تورط «الهلال الأحمر» في بيع الخيام والمواد الغذائية لإحدى الجمعيات المدنية الخيرية لتوزيعها على المتضررين.
أما إردوغان فتعهد بإنهاء حقبة انهيار المباني في تركيا عبر مشروع التحوّل الحضري في الولايات الـ11 المنكوبة وغيرها. وقال أخيراً أثناء زيارته بلدة البستان بولاية قهرمان مرعش - التي كانت بؤرة الزلزال الثاني في 6 فبراير بقوة 7.6 درجة، بعد الزلزال الأول الذي كانت بؤرته بلدة بازارجيك (في الولاية ذاتها) بقوة 7.7 درجة: «سنعمل بكل قوة لإنهاء حقبة انهيار المنازل على المواطنين من خلال تسريع مشروع التحول الحضري».
ولم يفوت إردوغان، الذي كان يتكلّم وبجواره شريكاه في «تحالف الشعب» رئيسا حزبي الحركة القومية دولت بهشلي، و«الوحدة الكبرى» مصطفى ديستيجي، الفرصة للهجوم على المعارضة، فقال: «كل من يحاول عرقلة مشاريع التحول الحضري بخطاباته السامة، سيكون بمثابة من يمارس الغدر والخيانة للشعب التركي والبلاد».
في المقابل، اتهم كليتشدار أوغلو، الحكومة بـ«الفشل الذريع» في التعامل مع كارثة الزلزال، حيث قال: «هذا الفشل كان واضحاً للعيان منذ اللحظة الأولى». وأضاف في كلمة خلال اجتماع المجموعة البرلمانية لحزبه «لا توجد دولة حول العالم فشلت فشلاً ذريعاً في مواجهة كارثة كبيرة على أراضيها كما حدث في تركيا بسبب هذه الحكومة الفاشلة... تبيع جمعية الهلال الأحمر التركي الخيام للمتضررين من الزلزال مقابل المال... هذه فضيحة كبيرة... نقول لهم: كم عدد الخيام في مخازنكم؟ سنشتريها كلها ونعطيها للمتضررين من الزلزال مجاناً». وتابع أن إردوغان «يطلب من المتضررين بمناطق الزلزال أن يسامحوه هو والجهات الرسمية والحكومية، لعدم فعل ما يلزم في الأيام الأولى من وقوع الزلزال... أنتم لم تقوموا بواجبكم، ولم تأخذوا كل التحذيرات والتقارير حول الزلزال على محمل الجد، وتسببتم بمقتل ما يقرب من 50 ألف مواطن... أكثر ما يؤلم هو أن نسبة كبيرة منهم ماتوا بسبب البرد القارس».
وطالب كليتشدار أوغلو بتأسيس محاكم جديدة تسمى بـ«محاكم الزلزال» لتتخذ قرارات بشكل سريع بحق من تثبت إدانتهم بخصوص الزلزال «كي لا تضيع القضايا داخل أروقة المحاكم في تركيا لمدة 30 أو 40 أو 50 سنة».
في هذه الأثناء، تفاعلت الأزمة مع اعتراف كرم كينيك، رئيس «الهلال الأحمر» التركي، ببيع 2050 خيمة لجمعية «أحباب» الخيرية غير الحكومية؛ إذ كان رئيسها المطرب خلوق ليفنت قد كشف أنها اشترت الخيام والمواد الغذائية من «الهلال الأحمر» لتوزيعها على المتضررين في المناطق المنكوبة.
وبرّر كينيك الأمر بأنه لم يكن «على علم بذلك... وأن فريق التسويق والمبيعات في شركة الهلال الأحمر للخدمات اللوجيستية تعاقد مع الجمعية على شراء الخيام، التي كانت أنتجت سابقاً لتصديرها إلى الخارج، حيث تعمل الشركة على إنتاج وتصدير الخيام لتحقيق عائد مادي للهلال الأحمر، لأن تبرعات المواطنين وحدها لا تكفي»، رافضاً في الوقت نفسه دعوات لتقديم استقالته بسبب هذا الخطأ.
غضب في الملاعب
وامتداداً للاحتقان السياسي على هامش كارثة الزلزال، هدّد وزير الداخلية سليمان صويلو «بإظهار قوة الدولة لمن يهتفون ويرفعون لافتات استقالة الحكومة في ملاعب كرة القدم، بسبب تحميلها مسؤولية التقصير في التعامل مع كارثة الزلزال في الأيام الأولى، كما حدث في مباراتي فنربخشة وقونية سبور، السبت، وبشيكتاش وأنطاليا سبور، الأحد».
وجاءت تهديدات صويلو بعد مطالبة بهشلي، رئيس حزب الحركة القومية، بمنع الجمهور من حضور المباريات بسبب الهتافات المطالبة باستقالة الحكومة. كذلك ألقت قوات الأمن في إسطنبول، القبض على عشرات من أعضاء حزب العمال التركي اليساري لتظاهرهم أمام مقر الحزب، مطالبين باستقالة الحكومة.

من سيستفيد أكثر من كارثة الزلزال في الانتخابات؟
> أظهرت أحدث استطلاعات الرأي التي أجريت في تركيا وسط كارثة الزلزال بين 16 و20 فبراير الماضي تقارباً كبيراً في النسب التي سيحصل عليها «تحالف الشعب» المؤلف من حزبي العدالة والتنمية الحاكم والحركة القومية، و«تحالف الأمة» المؤلف من حزبي «الشعب الجمهوري» و«الجيد»، وأن الفرق في المقاعد بينهما في البرلمان قد يكون مقعدا واحدا فقط، حيث يمكن أن يحصل الأول على 300 مقعد والثاني على 299 مقعداً... وبالتالي، لن يملك «تحالف الشعب» الغالبية المطلقة (301 مقعد).
أيضا أظهرت الاستطلاعات أن إردوغان لن يكون قادرا على الفوز بالرئاسة من الجولة الأولى، إذ لن يستطيع الحصول على نسبة 50 في المائة 1 اللازمة للفوز من الجولة الأولى، وقد يحصل على 49.8 في المائة.
ويعتقد خبراء أن كارثة الزلزال سيكون لها تأثير في توزيع إعادة توزيع أصوات الناخبين بقدر تمكّن حكومة إردوغان من إطفاء موجة الغضب التي لعبت عليها المعارضة بسبب تباطؤ أجهزة الدولة في الوصول إلى المناطق المنكوبة. وهذا أمر أقر به إردوغان، وناشد المتضررين أن يسامحوه وحكومته على أي قصور حدث في أول يومين. وطبعاً كان الوضع الاقتصادي يشكل عاملا مؤثرا في الأساس من قبل وقوع كارثة الزلزال.
ولفت أستاذ العلوم السياسية الدكتور إيفرين بالطا، إلى أن تغيير تفضيلات الناخبين يستغرق وقتاً، لكن قد تأتي العاطفة في المقام الأول، وربما يتغير السلوك بسبب حالة الغضب لدى المتضررين من الزلزال. وتابع: «قد يكون الشخص المسؤول عن حرق منزلك آخر شخص تريده، لكنك قد تعتقد أيضا أن هذا الشخص هو الأكثر كفاءة لإطفاء الحريق، وأن مسؤوليته عنه تحمّله المسؤولية الأكبر عن إطفائه».
وكشف عن أن ناخبي «تحالف الأمة» الذين عبروا عن مشاعر الغضب بلغت 77.6 في المائة والقلق 74.4 في المائة، وأن أولئك الذين يدعمون «تحالف الشعب» لديهم مشاعر الغضب بنسبة 31.3 في المائة والقلق بنسبة 39.4 في المائة، بينما يقول 52.7 في المائة إنهم متفائلون.
أما محمد علي كولات، رئيس مجلس إدارة شركة «ماك» للأبحاث، فيرى أن ثمة وضعاً خاصاً في الولايات المنكوبة، مشيراً إلى أن المنطقة يمكن وصفها بأنها «معقل» حزب العدالة والتنمية، الذي تصل نسبة تأييده فيها إلى 70 في المائة. وتابع أن استخدام إردوغان التعابير والمصطلحات القوية والمؤثرة في خطاباته في المنطقة، استهدف منع الناخبين فيها من التحول إلى حزب يميني آخر، مثل «الجيد» أو «الديمقراطية والتقدم» أو «المستقبل» أو «السعادة»، وجميعها ضمن «طاولة الستة».
واعتبر كولات أن تعهد إردوغان بمنح ضحايا الزلزال منازلهم خلال سنة يمكن أن يكون له أثر إيجابي على الناخبين في المنطقة، كون «ضحايا الزلزال يتحرقون لاستعادة منازلهم المدمرة وهي الضمانات الأكثر أهمية بالنسبة لهم حالياً، لكن هذا الوعد سيكون له تأثير إيجابي أو سلبي على أساس جدية التنفيذ».


مقالات ذات صلة

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

شؤون إقليمية أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية. وقال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين إن بلاده تتوقع موقفاً واضحاً من دمشق حيال «تنظيم حزب العمال الكردستاني الإرهابي» والتنظيمات التابعة له، في إشارة إلى وحدات حماية الشعب الكردية، أكبر مكونات قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، التي تنظر إليها أنقرة على أنها امتداد لـ«العمال الكردستاني» في سوريا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية خصوم إردوغان يتهمونه بـ«مفاوضة» أوجلان في سجنه طلباً لأصوات كردية

خصوم إردوغان يتهمونه بـ«مفاوضة» أوجلان في سجنه طلباً لأصوات كردية

واجه الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ادعاءً جديداً من خصومه في المعارضة، بشأن إرساله مبعوثين للتفاوض مع زعيم «حزب العمال الكردستاني» السجين مدى الحياة، عبد الله أوجلان، من أجل توجيه رسالة للأكراد للتصويت لصالحه في الانتخابات الرئاسية المقررة في 14 مايو (أيار) الحالي. وقالت رئيسة حزب «الجيد» المعارض، ميرال أكشنار، إن إردوغان أرسل «شخصية قضائية» إلى أوجلان في محبسه، وإنها تعرف من الذي ذهب وكيف ذهب، مشيرة إلى أنها لن تكشف عن اسمه لأنه ليس شخصية سياسية. والأسبوع الماضي، نفى المتحدث باسم الرئاسة التركية، إعلان الرئيس السابق لحزب «الشعوب الديمقراطية» السجين، صلاح الدين دميرطاش، أن يكون إردوغان أرسل وف

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية دخول تركيا «النادي النووي» مهم... وزوال مخاوف «تشيرنوبل» مسألة وقت

دخول تركيا «النادي النووي» مهم... وزوال مخاوف «تشيرنوبل» مسألة وقت

<div>دفع إقدام تركيا على دخول مجال الطاقة النووية لإنتاج الكهرباء عبر محطة «أككويو» التي تنشئها شركة «روساتوم» الروسية في ولاية مرسين جنوب البلاد، والتي اكتسبت صفة «المنشأة النووية» بعد أن جرى تسليم الوقود النووي للمفاعل الأول من مفاعلاتها الأربعة الخميس الماضي، إلى تجديد المخاوف والتساؤلات بشأن مخاطر الطاقة النووية خصوصاً في ظل بقاء كارثة تشيرنوبل ماثلة في أذهان الأتراك على الرغم من مرور ما يقرب من 40 عاما على وقوعها. فنظراً للتقارب الجغرافي بين تركيا وأوكرانيا، التي شهدت تلك الكارثة المروعة عام 1986، ووقوعهما على البحر الأسود، قوبلت مشروعات إنتاج الكهرباء من الطاقة النووية باعتراضات شديدة في البد</div>

شؤون إقليمية أنقرة: وزراء خارجية تركيا وسوريا وروسيا قد يجتمعون في 10 مايو

أنقرة: وزراء خارجية تركيا وسوريا وروسيا قد يجتمعون في 10 مايو

قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، اليوم الأربعاء، إن اجتماع وزراء خارجية تركيا وسوريا وروسيا قد يُعقَد بموسكو، في العاشر من مايو (أيار)، إذ تعمل أنقرة ودمشق على إصلاح العلاقات المشحونة. كان جاويش أوغلو يتحدث، في مقابلة، مع محطة «إن.تي.في.»

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
شؤون إقليمية «أككويو» تنقل تركيا إلى النادي النووي

«أككويو» تنقل تركيا إلى النادي النووي

أصبحت تركيا رسمياً عضواً في نادي الدول النووية بالعالم بعدما خطت أولى خطواتها لتوليد الكهرباء عبر محطة «أككويو» النووية التي تنفذها شركة «روسآتوم» الروسية في ولاية مرسين جنوب البلاد. ووصف الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خطوة تزويد أول مفاعل من بين 4 مفاعلات بالمحطة، بـ«التاريخية»، معلناً أنها دشنت انضمام بلاده إلى القوى النووية في العالم، مشيراً إلى أن «أككويو» هي البداية، وأن بلاده ستبني محطات أخرى مماثلة. على ساحل البحر المتوسط، وفي حضن الجبال، تقع محطة «أككويو» النووية لتوليد الكهرباء، التي تعد أكبر مشروع في تاريخ العلاقات التركية - الروسية.


تركيا: غموض حول الأهداف يبطئ «عملية السلام» مع الأكراد

قررت اللجنة البرلمانية الخاصة بـ«عملية السلام» تمديد عملها لشهرين إضافيين (البرلمان التركي - إكس)
قررت اللجنة البرلمانية الخاصة بـ«عملية السلام» تمديد عملها لشهرين إضافيين (البرلمان التركي - إكس)
TT

تركيا: غموض حول الأهداف يبطئ «عملية السلام» مع الأكراد

قررت اللجنة البرلمانية الخاصة بـ«عملية السلام» تمديد عملها لشهرين إضافيين (البرلمان التركي - إكس)
قررت اللجنة البرلمانية الخاصة بـ«عملية السلام» تمديد عملها لشهرين إضافيين (البرلمان التركي - إكس)

مدّدت لجنة بالبرلمان التركي تتولى إعداد الأساس القانوني لـ«عملية السلام»، التي تمر عبر حلّ حزب «العمال الكردستاني» ونزع أسلحته، عملها لشهرين إضافيين.

وقال رئيس البرلمان التركي، نعمان كورتولموش، الذي يترأس أيضاً اللجنة المعروفة باسم «لجنة التضامن الوطني والأخوة والديمقراطية»، إنه تم خلال فترة عمل اللجنة، الذي استمر منذ تشكيلها في 5 أغسطس (آب) الماضي، تجاوز مراحل حرجة بحساسية بالغة.

وعقدت اللجنة، الأربعاء، اجتماعها الـ20 لعرض وتحليل نتائج الاجتماعات السابقة، تمهيداً لإعداد «تقرير مشترك» استناداً إلى التقارير التي أعدّتها الأحزاب المشاركة وقدمتها إلى البرلمان.

رئيس البرلمان التركي نعمان كورتولموش متحدثاً خلال اجتماع اللجنة البرلمانية لوضع الأساس القانوني لنزع أسلحة «العمال الكردستاني» (حساب البرلمان في «إكس»)

وجرى تصويت خلال الاجتماع، تمّ خلاله الموافقة بالإجماع على تمديد عملها لمدة شهرين بدءاً من 31 ديسمبر (كانون الأول) الحالي. وقال كورتولموش إنهم كانوا يهدفون إلى إتمام العملية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن لم تستطع إنجاز عملها بالكامل حتى هذا التاريخ.

قضايا عالقة وغموض

وأكد كورتولموش أن اللجنة البرلمانية ليست هي مَن سيحل القضية برمتها، لافتاً إلى أن هناك شقاً يتعلق بإلقاء «قوات سوريا الديمقراطية (قسد)»، وهي ذراع لحزب «العمال الكردستاني» في سوريا، أسلحتها، استجابة لنداء زعيم الحزب السجين في تركيا، عبد الله أوجلان، الذي أطلقه في 27 فبراير (شباط) الماضي، وطالب فيه بحل الحزب ومختلف المجموعات المرتبطة به. وتساءل كورتولموش: «كيف ستضمن اللجنة إلقاء (قوات سوريا الديمقراطية) أسلحتها؟».

وعرضت أكاديميتان تركيتان، خلال الجلسة، ملخصاً تنفيذياً لتحليل محاضر جلسات اللجنة التي بلغت 58 جلسة خلال 19 اجتماعاً، تم خلالها الاستماع إلى 135 شخصاً يمثلون الحكومة والأحزاب ومنظمات المجتمع المدني، بما في ذلك عائلات ضحايا عملية حزب «العمال الكردستاني» وجمعيات المحاربين القدامى.

لا تزال عودة مسلحي «العمال الكردستاني» واندماجهم بالمجتمع تشكّل نقطة غامضة في عملية السلام بتركيا (رويترز)

وعكس التحليل تبايناً واضحاً في مقاربات الجهات الفاعلة فيما يتعلق بتحقيق التوازن بين مفهومي الأمن والحرية، في العملية التي تسميها الحكومة «تركيا خالية من الإهارب»، ويسميها الجانب التركي «عملية السلام والمجتمع الديمقراطي».

وأشار التحليل إلى أن الغموض لا يزال يكتنف الهدف النهائي للعملية، وهو «إنهاء الإرهاب»، ويتم التعبير عن أهداف مختلفة مثل «المصالحة» و«النموذج التركي» لحلّ المنظمة الإرهابية (العمال الكردستاني) و«الأخوة» و«التطبيع» و«الديمقراطية» و«الاندماج السياسي». ولا يوجد إجماع واضح على كيفية دمج هذه الأهداف معاً، وما الخطوات الملموسة التي ستُتخذ.

ولفت أيضاً إلى وجود اختلافات كبيرة في المقاربات بالنسبة لمسألة العفو والاندماج الاجتماعي لعناصر «العمال الكردستاني»، فضلاً عن استخدام أُطر مختلفة في تحديد الأسباب الجذرية للمشكلة، وهي أمور يجب معالجتها في التقرير النهائي.

مبادئ أساسية

وطالبت الأحزاب المشاركة في اللجنة، خلال الاجتماع، بسرعة الانتهاء من إعداد التقرير النهائي دون تأخير، مع «التمسك بمبادئ الجمهورية التركية وهوية الأمة واللغة في أي خطوات ستتخذ من أجل تعزيز الديمقراطية، ومراعاة ألا تفتح هذه الخطوات آفاقاً جديدة أمام المنظمات الإرهابية». ورفض النائب عن حزب «العدالة والتنمية»، كورشاد زورلو، استخدام مصطلح «السلام» للإشارة للعملية الجارية، قائلاً إن «الحرب تقع بين الدول».

رئيس حزب «الجيد القومي» موساوات درويش أوغلو متحدثاً أمام المجموعة البرلمانية للحزب الأربعاء (حساب الحزب في «إكس»)

في السياق، طالب رئيس حزب «الجيد القومي»، الذي أعلن منذ البداية رفضه العملية الجارية وأي تفاوض مع أوجلان، مساوات درويش أوغلو، الرئيس رجب طيب إردوغان بعدم إهدار وقت البرلمان في إعداد تقارير.

وقال دوريش أوغلو، في كلمة خلال اجتماع المجموعة البرلمانية لحزبه الأربعاء، إن إردوغان «يتصرف أحياناً بوصفه رئيساً لحزب (العدالة والتنمية)، وأحياناً بصفته رئيساً للبلاد، خلال هذه العملية. وبما أنه يدعي أنه وراء هذه العملية، وأنها مشروع دولة ومشروع القرن، فإنه يملك السلطة، لا ينبغي أن يضيع وقت البرلمان في إعداد التقارير، بل وأن يفرج عن أوجلان، إن استطاع».


الكنيست يصادق مبدئياً على «لجنة تحقيق ناعمة» في «7 أكتوبر»

نائبة إسرائيلية معارضة ترفع لافتة كُتب عليها «لا تخفوا الحقيقة» في الكنيست الأربعاء (إ.ب.أ)
نائبة إسرائيلية معارضة ترفع لافتة كُتب عليها «لا تخفوا الحقيقة» في الكنيست الأربعاء (إ.ب.أ)
TT

الكنيست يصادق مبدئياً على «لجنة تحقيق ناعمة» في «7 أكتوبر»

نائبة إسرائيلية معارضة ترفع لافتة كُتب عليها «لا تخفوا الحقيقة» في الكنيست الأربعاء (إ.ب.أ)
نائبة إسرائيلية معارضة ترفع لافتة كُتب عليها «لا تخفوا الحقيقة» في الكنيست الأربعاء (إ.ب.أ)

تجنب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، المشاركة في التصويت على قرار الكنيست (البرلمان)، الذي نص على تشكيل لجنة تحقيق ناعمة، في إخفاقات السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تم تفصيلها بشكل يضمن إعفاءه من المسؤولية، ويُحمّل مسؤولية الإخفاق للجيش والمخابرات واتفاقيات أوسلو (1993).

وتم إقرار القانون في القراءة التمهيدية بأكثرية 53 نائباً ومعارضة 48 آخرين، ويحتاج إلى قراءات ثلاث أخرى حتى يصبح قانوناً ساري المفعول.

وأجري التصويت في جلسة عاصفة، برز فيها حضور عدد كبير من ممثلي عائلات القتلى والأسرى الإسرائيليين في الحرب، الذين يعرفون أن لجنة كهذه لن تجري تحقيقاً جدياً، بل تم تفصيلها بطريقة تساير القيادة السياسية وتضيع الحقيقة.

وحضروا وهو يرفعون شعارات احتجاج ويطالبون بتشكيل لجنة تحقيق رسمية، يعينها رئيس محكمة العدل العليا، وتكون ذات أسنان، قادرة على الوصول إلى الحقيقة والتوصية بمعاقبة المسؤولين.

جانب من احتجاج عائلات ضحايا هجوم 7 أكتوبر ضد طريقة تشكيل لجنة التحقيق في الهجوم داخل الكنيست (إ.ب.أ)

وحسب متابعين ومقربين، فإن نتنياهو الذي كان موجوداً في الكنيست لم يشارك في التصويت بالأساس بسبب «خجله من هذه العائلات»، وكذلك فعل وزير آخر في حكومته، زئيف الكين، وعضو الكنيست يولي إدلشتاين، ونائبة وزير الخارجية شيران هسكل.

المعارضة تحضر بلباس أسود

وقد حضر أعضاء الكنيست من المعارضة إلى التصويت بلباس أسود، وتم إخراج عدد منهم من القاعة بعد صراخهم ورفع لافتات منددة باللجنة التي تشكلها الحكومة، وعندما تم التصويت على القانون، قاموا بتمزيق الأوراق التي طُبع عليها، لكن هذا لم يؤثر على قادة الائتلاف الحكومي.

وقد انقسم الجمهور الإسرائيلي أيضاً إلى قسمين، ما بين مؤيد ومعارض، للجنة التحقيق الرسمية. لكن أكثرية 69 في المائة منهم أيَّدوا موقف المعارضة، بتشكيل لجنة رسمية ومهنية.

عائلات ضحايا هجوم 7 أكتوبر يرفعون شعارات وصوراً ضد طريقة تشكيل لجنة التحقيق في الهجوم داخل الكنيست (إ.ب.أ)

ومن يعارضون اللجنة الرسمية هم مؤيدو الحكومة، الذين لا يريدون أن يتورط نتنياهو في قضية أخرى، ويخشون من أن تتوصل اللجنة إلى نتيجة مفادها بأن نتنياهو هو المسؤول الأول عن الإخفاق.

وعبَّر عدد من أنصار الليكود عن رغبتهم في أن تحقق هذه اللجنة ليس فقط في إخفاق 7 أكتوبر، بل فيما سبقه من أحداث، مثل اتفاقيات أوسلو، التي وقَّع عليها إسحق رابين، وقرار الانسحاب من غزة سنة 2005 الذي قرره رئيس الوزراء إرئيل شارون؛ ما دفع صحيفة «يديعوت أحرونوت» إلى أن تنشر رسماً كاريكاتورياً يظهِر اللجنة تتوجه إلى ضريح دافيد بن غوريون، مؤسس إسرائيل، وتستجوبه: «أين كنت في 7 أكتوبر؟».

اتهامات للمحكمة

وتنطلق الحكومة الإسرائيلية في موقفها من اتهماها لرئيس المحكمة العليا، بأنه «ليس نزيهاً، ولا يجوز الاعتماد عليه لتشكيل لجنة تحقيق رسمية»؛ لذلك ينص مشروع القانون الجديد على أن رئيس الكنيست، أمير أوحانا، هو الذي يقرر في تشكيلة اللجنة من خلال «التشاور» مع مندوبي الائتلاف والمعارضة، ثم يصادق الكنيست على تشكيلة اللجنة بأغلبية 80 عضو كنيست، وفي حال عدم وجود أغلبية كهذه، سيقرر رئيس لجنة الكنيست في هوية ثلاثة أعضاء في اللجنة ورئيس المعارضة، يائير لبيد، سيختار الأعضاء الثلاثة الآخرين، وفي حال رفض لبيد ذلك سيقرر رئيس الكنيست هوية الأعضاء الثلاثة الآخرين.

وينص مشروع القانون أيضاً على تعيين أربعة مشرفين للجنة من عائلات قتلى إسرائيليين في 7 أكتوبر، وسيعينهم أعضاء لجنة التحقيق نفسها عندما تبدأ عملها.

وقال لبيد إن «نتنياهو يهرب من المسؤولية. وهذا الهدف الوحيد لمشروع القانون هذا. مساعدته في الهروب. ومساعدته في تحميل مسؤوليته عن الإخفاق على آخرين. وقد قال إن هذه اللجنة الوهمية ستحقق في أوسلو. لماذا أوسلو فقط؟ ماذا عن الهيكل الأول؟ لماذا ليس تمرد اليهود في غيتو وارسو (إبان الحرب العالمية)؟».

زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد (رويترز)

وشدد لبيد على أن «المعارضة لن تتعاون مع هذه المهزلة المخزية، وأمواتنا يستحقون أكثر من ذلك، وكذلك أمن الدولة. وإذا لم تكن هناك لجنة تحقيق رسمية، فلن نعرف الحقيقة أبداً، والأخطر من ذلك أن هذا الهجوم سيحدث مرة أخرى».

وكان نتنياهو قد شكل برئاسته طاقماً وزارياً من أجل إقرار صلاحيات اللجنة، وحسب وسائل إعلام إسرائيلية، فإن نتنياهو يريد منح اللجنة تفويضاً كبيراً بقدر الإمكان؛ من أجل التحقيق في أكبر عدد ممكن من المواضيع ولسنوات طويلة إلى الوراء؛ بهدف إبعاد مسؤولية إخفاق 7 أكتوبر عن الحكومة الحالية وتوسيع التحقيق كي لا تقدم اللجنة تقريراً أولياً قبل الانتخابات العامة المقبلة.

ويتوقع أن تعود اللجنة في تحقيقها إلى فترة اتفاقيات أوسلو، في عام 1993، أو إلى فترة تنفيذ خطة فك الارتباط عن غزة، في عام 2005، وأن يشمل عمل اللجنة التحقيق في مسؤولية جهاز القضاء والمستويين السياسي والأمني خلال هذه السنين.


إيران تربط التعاون النووي بإدانة قصف منشآتها

إيرانيون يمرون بجانب لوحة دعائية مناهِضة لإسرائيل تحمل عبارة: «نحن مستعدون. هل أنتم مستعدون؟» معلقة في ساحة فلسطين وسط طهران (إ.ب.أ)
إيرانيون يمرون بجانب لوحة دعائية مناهِضة لإسرائيل تحمل عبارة: «نحن مستعدون. هل أنتم مستعدون؟» معلقة في ساحة فلسطين وسط طهران (إ.ب.أ)
TT

إيران تربط التعاون النووي بإدانة قصف منشآتها

إيرانيون يمرون بجانب لوحة دعائية مناهِضة لإسرائيل تحمل عبارة: «نحن مستعدون. هل أنتم مستعدون؟» معلقة في ساحة فلسطين وسط طهران (إ.ب.أ)
إيرانيون يمرون بجانب لوحة دعائية مناهِضة لإسرائيل تحمل عبارة: «نحن مستعدون. هل أنتم مستعدون؟» معلقة في ساحة فلسطين وسط طهران (إ.ب.أ)

رهنت طهران أي تعاون جديد مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ولا سيما ما يتعلق بإعادة تفتيش المنشآت النووية التي تعرضت للقصف، بإدانة واضحة وصريحة من الوكالة للهجوم العسكري الذي طال منشآتها في يونيو (حزيران).

قال رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية، محمد إسلامي، إن طهران لن تستجيب «للضغوط السياسية والنفسية» أو «المتابعات غير ذات الصلة» الرامية إلى إعادة تفتيش منشآت نووية تعرّضت للقصف، ما لم تحسم «الوكالة الذرية» مسألة إدانة الهجوم العسكري على صناعة نووية خاضعة لإشرافها.

وشنّت إسرائيل في 13 يونيو هجوماً واسعاً على منشآت استراتيجية داخل إيران، أسفر عن مقتل عشرات من قادة «الحرس الثوري» ومسؤولين وعلماء مرتبطين بالبرنامج النووي؛ ما أشعل حرباً استمرت 12 يوماً بين الجانبين. وانضمت الولايات المتحدة إلى الحرب عبر توجيه ضربات إلى مواقع نووية إيرانية.

«غروسي في مخطط العدو»

وصرح إسلامي، في تصريحات للصحافيين على هامش اجتماع الحكومة، رداً على التصريحات الأخيرة لمدير «الوكالة الذرية» رافائيل غروسي، بأن هذه التصريحات «تظهر أن غروسي يؤدي دوراً في مخطط العدو»، وفق ما نقلته وكالة «إيسنا» الحكومية.

وأضاف: «لا توجد دولة في التاريخ تعاونت مع الوكالة الدولية بقدر ما تعاونت إيران»، لافتاً إلى أن «أكبر وأثقل عمليات التفتيش في التاريخ فُرضت على الصناعة النووية الإيرانية»، مضيفاً أنه «لا يوجد حتى الآن تقرير واحد لمفتشي الوكالة يشير إلى عدم امتثال أو انحراف عن معايير الضمانات».

رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية محمد إسلامي يتحدث للصحافيين على هامش اجتماع الحكومة في طهران الأربعاء (الرئاسة الإيرانية)

وأوضح إسلامي أن الأنشطة النووية الإيرانية «سلمية بالكامل» وتأتي «في مسار تقدم البلاد»، مضيفاً أنه فيما يتعلق بالعلاقة والتعاون مع الوكالة، فإن المواقع التي تعرّضت للقصف تخضع للمادة 68 من اتفاق الضمانات، التي تتناول فقط الأضرار والحوادث الطبيعية، «ولا تتضمن حالات الهجوم العسكري أو القصف».

وتابع: «إذا كانت الوكالة توافق على الحرب والهجوم العسكري، فعليها أن تصوّت على ذلك وتعلن بوضوح أن الهجوم على منشآت نووية خاضعة للضمانات مسموح به. أما إذا لم يكن مسموحاً، فعليها إدانته، وعند الإدانة يجب الإعلان عن ماهية الأوضاع التي تسري بعد الحرب».

وأضاف: «إذا كانت هناك ترتيبات مدوّنة لما بعد الحرب، فعلى الوكالة إعلانها لكي نتصرف على أساسها. أما إذا لم تكن موجودة، فقد كان مطلبنا، وقد كتبنا بذلك إلى الوكالة، ضرورة تعريف وتدوين وتحديد ما يجب القيام به إذا تعرضت صناعة نووية مسجّلة وخاضعة لإشراف الوكالة لهجوم عسكري».

وشدد إسلامي على أنه «إلى أن تُحسم هذه المسألة، فإن الضغوط السياسية والنفسية والمتابعات غير المبررة لإعادة تفتيش المنشآت التي تعرضت للقصف، واستكمال ما يريده العدو، أمر غير مقبول ولن يستجاب له».

وعقب الهجمات، علقت إيران بعض أوجه التعاون مع «الوكالة الدولية»، ومنعت وصول مفتشيها إلى المواقع المتضررة، وربط قانون أقره البرلمان الإيراني في يوليو (تموز) الماضي دخول المفتشين بالحصول على موافقات من مجلس الأمن القومي، بما يتطلب مصادقة المرشد علي خامنئي، صاحب كلمة الفصل في شؤون البلاد.

وكانت إيران قد توصلت في سبتمبر (أيلول) الماضي إلى إطار تعاون جديد مع الوكالة بوساطة مصرية، غير أن طهران أعلنت لاحقاً عدّه ملغياً بعد تحرك أوروبي لإعادة تفعيل مسار فرض عقوبات الأمم المتحدة.

وتصاعدت الضغوط الغربية والتحذيرات الإسرائيلية بشأن مساعي طهران لإعادة بناء قدراتها في البرنامج النووي، وكذلك الصواريخ الباليستية.

وقال وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، في مقابلة نُشرت الأحد الماضي، إن طهران «لا تستبعد» احتمال تعرضها لهجوم جديد، لكنها «مستعدة بالكامل، وأكثر من السابق»، مشدداً على أن الجاهزية تهدف إلى منع الحرب لا الترحيب بها، وأن إيران أعادت بناء ما تضرر خلال هجمات يونيو الماضي.

وعقدت واشنطن وطهران خمس جولات من المحادثات النووية قبل الحرب التي استمرت 12 يوماً بين إيران وإسرائيل في يونيو الماضي. وواجهت هذه المحادثات عقبات كبيرة، لا سيما فيما يتعلق بتخصيب اليورانيوم داخل إيران، وهي ممارسة تسعى القوى الغربية إلى إنهائها لتقليل مخاطر الانتشار النووي، بينما ترفض طهران ذلك بشدة وتعدّه حقاً سيادياً.

وأشار عراقجي إلى قطع اتصالات مع المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف بشأن الملف النووي منذ أشهر، لافتاً إلى إصرار أميركي على استئناف المفاوضات بعد الهجمات، لكنه قال إنها جاءت «بنهج خاطئ»، مؤكداً أن طهران «مستعدة لاتفاق عادل ومتوازن عبر التفاوض»، لكنها «غير مستعدة لقبول الإملاء».

تفتيش محدود

وقال غروسي، الأسبوع الماضي، إن الوكالة تمكنت من استئناف بعض أنشطة التفتيش في إيران، لكنها لا تزال «محدودة للغاية»، دون الوصول إلى المواقع الرئيسية في نطنز وأصفهان وفوردو، التي وصفها بأنها «الأكثر أهمية».

وأضاف غروسي أن مسألة استعادة الوصول الكامل إلى هذه المواقع «تشكل التحدي الأكبر حالياً»، مؤكداً أن التواصل مع إيران «لا يزال قائماً»، رغم عدم عودة التعاون إلى مستواه السابق.

وقبل الهجمات، كانت إيران تخصب اليورانيوم بنسبة 60 في المائة، القريبة من مستوى الاستخدام العسكري، وقالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إن طهران كانت تمتلك نحو 441 كيلوغراماً من هذه المادة عند اندلاع الحرب، قبل أن يتعذر عليها التحقق من المخزون منذ 13 يونيو.

سجال دبلوماسي

انتقد إسلامي طرح تقرير غروسي الأخيرة للنقاش في جلسة مجلس الأمن، الثلاثاء، قائلاً إن التقرير والبيان والاستناد القانوني الذي قُدم في الاجتماع الأخير «كان غير مهني وغير قانوني بالكامل»، موضحاً أن مدة القرار 2231 انتهت، وحتى لو كان هناك توجه للاستناد إليه «كان ينبغي الالتزام بترتيباته، وهو ما لم يحدث».

وتبادلت الولايات المتحدة وإيران الانتقادات اللاذعة في مجلس الأمن بشأن شروط إحياء المحادثات النووية؛ إذ قالت واشنطن إنها لا تزال مستعدة لإجراء مفاوضات مباشرة إذا وافقت إيران على مبدأ «صفر تخصيب»، بينما رفضت طهران الشروط الأميركية وعدَّتها «إملاءات» تتعارض مع حقوقها السيادية.

وقالت مورغان أورتاغوس، نائبة مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترمب الخاص إلى الشرق الأوسط، أمام مجلس الأمن، إن «الولايات المتحدة لا تزال مستعدة لإجراء محادثات رسمية مع إيران، ولكن فقط إذا كانت طهران مستعدة لحوار مباشر وهادف»، مضيفة: «قبل أي شيء، لا يمكن أن يكون هناك تخصيب لليورانيوم داخل إيران».

في المقابل، قال سفير إيران لدى الأمم المتحدة، أمير سعيد إيرواني، إن الولايات المتحدة «لا تسعى إلى مفاوضات عادلة» بإصرارها على سياسة عدم التخصيب، مؤكداً أن إيران «لن ترضخ لأي ضغط أو ترهيب».

إيرواني يتحدث خلال جلسة مجلس الأمن حول الملف النووي الإيراني (تلفزيون الأمم المتحدة)

وقال إيرواني إن «إيران لا تزال ملتزمة بالكامل بالدبلوماسية القائمة على المبادئ وبمفاوضات حقيقية»، مضيفاً أن الأمر بات الآن بيد فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة «لتغيير المسار واتخاذ خطوات ملموسة وموثوقة لإعادة بناء الثقة».

«الترويكا» الأوروبية

وقال نائب الممثل الدائم للمملكة المتحدة لدى الأمم المتحدة، السفير آرتشي يونغ، إن إيران قيدت وصول «الوكالة الذرية» لأكثر من ستة أشهر، بما في ذلك إلى مواقع تثير مخاوف كبيرة تتعلق بالانتشار النووي.

وأشار إلى أن هذه القيود حالت دون تمكن الوكالة من التحقق من موقع مخزون إيران من اليورانيوم المخصب، بما يشمل أكثر من 400 كيلوغرام من اليورانيوم عالي التخصيب «الذي لا يوجد له أي مبرر مدني موثوق».

وأكد يونغ التزام بلاده، إلى جانب فرنسا وألمانيا، بالمسار الدبلوماسي، مشيراً إلى أن رفع العقوبات يبقى ممكناً إذا اتخذت طهران خطوات «ملموسة وقابلة للتحقق ومستدامة».

وأضاف أن لندن وباريس وبرلين فعَلت آلية «العودة التلقائية للعقوبات»؛ بسبب ما وصفه بـ«عدم وفاء إيران بشكل كبير» بالتزاماتها بموجب اتفاق 2015، داعياً جميع الدول الأعضاء إلى الالتزام بقرارات مجلس الأمن ذات الصلة.

وكانت الأمم المتحدة قد أعادت في أواخر سبتمبر فرض حظر السلاح وعقوبات أخرى على إيران، عقب خطوة قادتها القوى الأوروبية، في حين اعترضت روسيا والصين، اللتان تقولان إن جميع بنود القرار 2231 انتهت صلاحيتها، إلا أن الاجتماع عُقد كما كان مقرراً.