مساعدات أميركية جديدة لأوكرانيا... والكرملين يحذر من المزيد منها

الولايات المتحدة ترفع تحذيرها لشركات القطاع الخاص من خرق العقوبات على روسيا

جنود أوكرانيون خلال تدريبات في منطقة العاصمة أمس الجمعة (أ.ب)
جنود أوكرانيون خلال تدريبات في منطقة العاصمة أمس الجمعة (أ.ب)
TT

مساعدات أميركية جديدة لأوكرانيا... والكرملين يحذر من المزيد منها

جنود أوكرانيون خلال تدريبات في منطقة العاصمة أمس الجمعة (أ.ب)
جنود أوكرانيون خلال تدريبات في منطقة العاصمة أمس الجمعة (أ.ب)

في أول مذكرة مشتركة صادرة عن وزارات أميركية ثلاث، معنية بملاحقة تطبيق العقوبات المفروضة على روسيا، حذرت الولايات المتحدة شركات القطاع الخاص من الأنشطة والمعاملات التجارية التي يمكن أن تساعد روسيا في الالتفاف على العقوبات الغربية. وتأتي المذكرة في الوقت الذي تسعى فيه إدارة الرئيس جو بايدن إلى تكثيف تنفيذ العقوبات التي فرضتها على روسيا، بعد عام على غزوها لأوكرانيا، الذي تصفه موسكو بأنه «عملية عسكرية خاصة».
وأصدر مكتب الصناعة والأمن في وزارة التجارة الأميركية، ومكتب مراقبة الأصول الأجنبية في وزارة الخزانة، ووزارة العدل، مذكرة «امتثال مشتركة» بشأن استخدام «وسطاء أو نقاط إعادة شحن» تابعة لجهات خارجية، للتهرب من العقوبات وضوابط التصدير الروسية والبيلاروسية.
وتمثل المذكرة أول جهد جماعي من قبل الوكالات الثلاث لإبلاغ القطاع الخاص، باتجاهات الإنفاذ وتقديم التوجيه لمجتمع الأعمال، بشأن الامتثال للعقوبات الأميركية وقوانين التصدير، وبأنها ستصدر مثل هذه الإرشادات بشكل مستمر. وتشمل هذه الجهات الخارجية، الصين وهونغ كونغ وماكاو وجيران روسيا المقربين، أرمينيا وتركيا وأوزبكستان، بحسب المذكرة. وتكشف المذكرة الصعوبات التي تواجهها واشنطن في علاقتها بالصين، التي زادت شحناتها من أشباه الموصلات وأشكال التكنولوجيا الحيوية الأخرى إلى روسيا، واتهامها بأنها قد تقوم بتقديم مساعدات عسكرية لروسيا، الأمر الذي قد يعقد مساعي واشنطن لمحاصرة موسكو. وقالت الوزارات إن على الشركات من جميع الأطياف أن تتصرف بمسؤولية، «من خلال تنفيذ ضوابط امتثال صارمة، وإلا فإنها، أو شركاءها التجاريين، يخاطرون بأن يكونوا أهدافاً لإجراءات تنظيمية أو إجراءات تنفيذية إدارية أو تحقيق جنائي». كما عدت المذكرة بمثابة تحذير من إمكانية تحميل الشركات المسؤولية إذا تبين أن الأطراف التي تتعامل معها، كانت واجهة لمساعدة جهود الرئيس فلاديمير بوتين الحربية، بعدما فرضت واشنطن في السابق غرامات باهظة على منتهكي العقوبات حتى في الحالات التي جادلوا فيها بأنهم لم يقصدوا خرق القانون.
ومع دخول الغزو الروسي لأوكرانيا عامه الثاني، ركزت الولايات المتحدة بشكل كبير على تضييق الخناق على مساعي موسكو للالتفاف على العقوبات الغربية. وقالت أندريا جاكي، مديرة مكتب مراقبة الأصول الأجنبية: «أدواتنا الاقتصادية تقيد روسيا، لدرجة أن الكرملين كلف أجهزته الاستخباراتية بإيجاد طرق للالتفاف على العقوبات الدولية وضوابط التصدير». «يعد القطاع الخاص شريكاً أساسياً في ضمان منع روسيا من الوصول إلى المعدات التي تشتد الحاجة إليها لمواصلة حربها غير العادلة ضد أوكرانيا. وأضافت أنه من خلال إصدار المذكرة المشتركة، «توضح وكالات الإنفاذ لدينا أهمية اتباع نهج قائم على المخاطر لحماية النظام المالي الدولي من سوء استخدامه من قبل روسيا». وفي الأسابيع الأخيرة، سافر مسؤولو وزارة الخزانة إلى دول مثل تركيا والإمارات؛ لتأكيد رسالة مفادها أن تقديم الدعم المادي للجهود الحربية الروسية سيؤدي إلى تقويض سياسة العقوبات الأميركية. ويحذر البيان المشترك من سلسلة من الإشارات التي توحي بأن شركة أو دولة تساعد في إمداد روسيا. ويبقى أبرزها إخفاء طبيعة صفقاتها، واستخدام شركات وهمية، وعدم الوجود على الإنترنت، واستعمال عناوين إلكترونية شخصية أو عناوين منازل وغيرها. ولتجنب التعارض مع العقوبات الأميركية، دعت المذكرة الشركات إلى فحص عملائها الحاليين والجدد والأطراف الأخرى في سلاسل التوريد، ومقارنتها بالأفراد والكيانات في القوائم السوداء للولايات المتحدة. كما طالبت القطاع الخاص بمواكبة الإرشادات الصادرة عن إدارتي التجارة والخزانة بشكل منتظم، والعمل على تعزيز برامجها للامتثال للعقوبات السارية.
ومن جهة أخرى، حذّرت روسيا، الجمعة، من أن إرسال شحنات أسلحة غربية جديدة لأوكرانيا لن يؤدي إلا إلى «إطالة» أمد النزاع، وذلك قبل لقاء في واشنطن بين الرئيس الأميركي جو بايدن والمستشار الألماني أولاف شولتز، فيما أعلنت الولايات المتحدة، الجمعة، عن مساعدة جديدة لأوكرانيا تضم خصوصاً ذخيرة، حسبما ذكر البيت الأبيض، الخميس، دون الخوض في مزيد من التفاصيل. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض لقضايا الأمن القومي جون كيربي في مؤتمر صحافي: «غداً تعلن الولايات المتحدة أحادياً عن مساعدات جديدة لأوكرانيا تشمل بشكل أساسي ذخيرة لأنظمة يمتلكها الأوكرانيون»، متحدثاً خصوصاً عن أنظمة «هيمارس» الصاروخية. ولم يشأ كيربي إعطاء مزيد من التفاصيل. ويتزامن هذا الإعلان مع زيارة للبيت الأبيض يجريها المستشار الألماني أولاف شولتز. ووعد الغربيون الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بتسريع توريد أسلحة وذخيرة؛ لتمكين القوات الأوكرانية من صد هجوم جديد للقوات الروسية.
وقال ديمتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين: «نلاحظ أن الولايات المتحدة تواصل سياستها الهادفة إلى زيادة شحنات الأسلحة إلى أوكرانيا». وأضاف أن عمليات التسليم «لن يكون لها تأثير حاسم على نتيجة الهجوم (في أوكرانيا)، لكن من الواضح أنها ستطيل أمد هذا النزاع، وستكون لها تداعيات مؤسفة على الشعب الأوكراني». وتابع المتحدث باسم الرئاسة الروسية أن «ذلك يضع عبئاً كبيراً على اقتصاد تلك الدول، وله تأثير سلبي على رفاهية مواطنيها، بما في ذلك ألمانيا». ووفق المتحدث باسم المستشار الألماني، فإن هذا الاجتماع يهدف خصوصاً إلى التشاور بشأن تطورات النزاع في أوكرانيا، والدعم الذي يمكن أن يقدمه حلفاء كييف. تقدم الدول الغربية دعماً عسكرياً لكييف لصد الهجوم الروسي الذي بدأ العام الماضي، ويوفر بعضها على غرار ألمانيا دبابات متطورة.
كما تعهدت الولايات الألمانية الـ16 بتقديم مزيد من المساعدة لأوكرانيا. وجاء في قرار لمجلس الولايات الألماني (بوندسرات)، والذي تم الموافقة عليه بالإجماع، أمس الجمعة، أن الدعم العسكري والإنساني والمالي لأوكرانيا يعد ضرورياً؛ حتى يتمكن المواطنون هناك من فرض حقهم في العيش في بلد حر وديمقراطي وله الحق في تقرير المصير.
وفي ضوء الحرب المستمرة والعدد الكبير والمستمر للاجئين من أوكرانيا، طولبت الحكومة الاتحادية الألمانية في القرار بتقديم المزيد من المساعدة للولايات والمحليات. وجاء في القرار: «يمكن للشراكات بين ولايات جمهورية ألمانيا الاتحادية ومناطق في أوكرانيا، بالإضافة إلى توأمة المدن، أن تكون عنصراً مهماً في هذا الدعم». وشارك في جلسة مجلس الولايات، الجمعة، سفير أوكرانيا أوليكسي ماكييف. وقال رئيس المجلس بيتر تشينتشر: «من المهم للغاية بالنسبة لنا أن نعبر عن تضامن الولايات الألمانية الـ16 مع أوكرانيا... نقف بجانبكم، ونشارككم في معاناتكم ونحزن معكم على القتلى».


مقالات ذات صلة

«الناتو»: مليون قتيل وجريح في أوكرانيا منذ بدء الحرب

أوروبا من جنازة جندي أوكراني توفي خلال الحرب مع روسيا (أ.ف.ب)

«الناتو»: مليون قتيل وجريح في أوكرانيا منذ بدء الحرب

أعرب حلف شمال الأطلسي (الناتو) عن اعتقاده بأن أكثر من مليون شخص سقطوا بين قتيل وجريح في أوكرانيا منذ شنّت روسيا غزوها الشامل في فبراير (شباط) 2022.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا أظهرت الأقمار الاصطناعية أضراراً بمطار عسكري روسي في شبه جزيرة القرم جراء استهداف أوكراني يوم 16 مايو 2024 (أرشيفية - رويترز)

روسيا تتهم أوكرانيا بقصف مطار عسكري بصواريخ أميركية... وتتوعد بالرد

اتهمت روسيا أوكرانيا باستخدام صواريخ بعيدة المدى أميركية الصنع لقصف مطار عسكري، اليوم (الأربعاء)، متوعدة كييف بأنها ستردّ على ذلك عبر «إجراءات مناسبة».

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الولايات المتحدة​ رجال إنقاذ يعملون في موقع تعرض فيه مبنى لأضرار جسيمة بسبب ضربة صاروخية روسية أمس وسط هجوم روسيا على أوكرانيا في زابوريجيا11 ديسمبر 2024 (رويترز) play-circle 02:00

أميركا تحذّر روسيا من استخدام صاروخ جديد «مدمر» ضد أوكرانيا

قال مسؤول أميركي إن تقييماً استخباراتياً أميركياً، خلص إلى أن روسيا قد تستخدم صاروخها الباليستي الجديد المتوسط ​​المدى مدمر ضد أوكرانيا مرة أخرى قريباً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الرئيس الأوكراني زيلينسكي خلال لقائه ترمب في نيويورك الأسبوع الماضي (أ.ب)

ماسك ونجل ترمب يتفاعلان مع صورة تقارن زيلينسكي ببطل فيلم «وحدي في المنزل»

تفاعل الملياردير الأميركي إيلون ماسك ودونالد ترمب جونيور، نجل الرئيس المنتخب دونالد ترمب، مع صورة متداولة على منصة «إكس»

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا ألسنة لهب كثيفة تتصاعد من مبنى مدمر وسيارة محترقة في منطقة زابوريجيا الأوكرانية نتيجة قصف روسي (خدمة الطوارئ الأوكرانية- أ.ف.ب)

4 قتلى و19 جريحاً بضربة روسية على زابوريجيا الأوكرانية

قُتل 4 أشخاص على الأقل وأُصيب 19، الثلاثاء، في ضربة صاروخية روسية «دمَّرت» عيادة خاصة في مدينة زابوريجيا جنوب أوكرانيا، في حصيلة مرشحة للارتفاع.


روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».