في أول مذكرة مشتركة صادرة عن وزارات أميركية ثلاث، معنية بملاحقة تطبيق العقوبات المفروضة على روسيا، حذرت الولايات المتحدة شركات القطاع الخاص من الأنشطة والمعاملات التجارية التي يمكن أن تساعد روسيا في الالتفاف على العقوبات الغربية. وتأتي المذكرة في الوقت الذي تسعى فيه إدارة الرئيس جو بايدن إلى تكثيف تنفيذ العقوبات التي فرضتها على روسيا، بعد عام على غزوها لأوكرانيا، الذي تصفه موسكو بأنه «عملية عسكرية خاصة».
وأصدر مكتب الصناعة والأمن في وزارة التجارة الأميركية، ومكتب مراقبة الأصول الأجنبية في وزارة الخزانة، ووزارة العدل، مذكرة «امتثال مشتركة» بشأن استخدام «وسطاء أو نقاط إعادة شحن» تابعة لجهات خارجية، للتهرب من العقوبات وضوابط التصدير الروسية والبيلاروسية.
وتمثل المذكرة أول جهد جماعي من قبل الوكالات الثلاث لإبلاغ القطاع الخاص، باتجاهات الإنفاذ وتقديم التوجيه لمجتمع الأعمال، بشأن الامتثال للعقوبات الأميركية وقوانين التصدير، وبأنها ستصدر مثل هذه الإرشادات بشكل مستمر. وتشمل هذه الجهات الخارجية، الصين وهونغ كونغ وماكاو وجيران روسيا المقربين، أرمينيا وتركيا وأوزبكستان، بحسب المذكرة. وتكشف المذكرة الصعوبات التي تواجهها واشنطن في علاقتها بالصين، التي زادت شحناتها من أشباه الموصلات وأشكال التكنولوجيا الحيوية الأخرى إلى روسيا، واتهامها بأنها قد تقوم بتقديم مساعدات عسكرية لروسيا، الأمر الذي قد يعقد مساعي واشنطن لمحاصرة موسكو. وقالت الوزارات إن على الشركات من جميع الأطياف أن تتصرف بمسؤولية، «من خلال تنفيذ ضوابط امتثال صارمة، وإلا فإنها، أو شركاءها التجاريين، يخاطرون بأن يكونوا أهدافاً لإجراءات تنظيمية أو إجراءات تنفيذية إدارية أو تحقيق جنائي». كما عدت المذكرة بمثابة تحذير من إمكانية تحميل الشركات المسؤولية إذا تبين أن الأطراف التي تتعامل معها، كانت واجهة لمساعدة جهود الرئيس فلاديمير بوتين الحربية، بعدما فرضت واشنطن في السابق غرامات باهظة على منتهكي العقوبات حتى في الحالات التي جادلوا فيها بأنهم لم يقصدوا خرق القانون.
ومع دخول الغزو الروسي لأوكرانيا عامه الثاني، ركزت الولايات المتحدة بشكل كبير على تضييق الخناق على مساعي موسكو للالتفاف على العقوبات الغربية. وقالت أندريا جاكي، مديرة مكتب مراقبة الأصول الأجنبية: «أدواتنا الاقتصادية تقيد روسيا، لدرجة أن الكرملين كلف أجهزته الاستخباراتية بإيجاد طرق للالتفاف على العقوبات الدولية وضوابط التصدير». «يعد القطاع الخاص شريكاً أساسياً في ضمان منع روسيا من الوصول إلى المعدات التي تشتد الحاجة إليها لمواصلة حربها غير العادلة ضد أوكرانيا. وأضافت أنه من خلال إصدار المذكرة المشتركة، «توضح وكالات الإنفاذ لدينا أهمية اتباع نهج قائم على المخاطر لحماية النظام المالي الدولي من سوء استخدامه من قبل روسيا». وفي الأسابيع الأخيرة، سافر مسؤولو وزارة الخزانة إلى دول مثل تركيا والإمارات؛ لتأكيد رسالة مفادها أن تقديم الدعم المادي للجهود الحربية الروسية سيؤدي إلى تقويض سياسة العقوبات الأميركية. ويحذر البيان المشترك من سلسلة من الإشارات التي توحي بأن شركة أو دولة تساعد في إمداد روسيا. ويبقى أبرزها إخفاء طبيعة صفقاتها، واستخدام شركات وهمية، وعدم الوجود على الإنترنت، واستعمال عناوين إلكترونية شخصية أو عناوين منازل وغيرها. ولتجنب التعارض مع العقوبات الأميركية، دعت المذكرة الشركات إلى فحص عملائها الحاليين والجدد والأطراف الأخرى في سلاسل التوريد، ومقارنتها بالأفراد والكيانات في القوائم السوداء للولايات المتحدة. كما طالبت القطاع الخاص بمواكبة الإرشادات الصادرة عن إدارتي التجارة والخزانة بشكل منتظم، والعمل على تعزيز برامجها للامتثال للعقوبات السارية.
ومن جهة أخرى، حذّرت روسيا، الجمعة، من أن إرسال شحنات أسلحة غربية جديدة لأوكرانيا لن يؤدي إلا إلى «إطالة» أمد النزاع، وذلك قبل لقاء في واشنطن بين الرئيس الأميركي جو بايدن والمستشار الألماني أولاف شولتز، فيما أعلنت الولايات المتحدة، الجمعة، عن مساعدة جديدة لأوكرانيا تضم خصوصاً ذخيرة، حسبما ذكر البيت الأبيض، الخميس، دون الخوض في مزيد من التفاصيل. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض لقضايا الأمن القومي جون كيربي في مؤتمر صحافي: «غداً تعلن الولايات المتحدة أحادياً عن مساعدات جديدة لأوكرانيا تشمل بشكل أساسي ذخيرة لأنظمة يمتلكها الأوكرانيون»، متحدثاً خصوصاً عن أنظمة «هيمارس» الصاروخية. ولم يشأ كيربي إعطاء مزيد من التفاصيل. ويتزامن هذا الإعلان مع زيارة للبيت الأبيض يجريها المستشار الألماني أولاف شولتز. ووعد الغربيون الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بتسريع توريد أسلحة وذخيرة؛ لتمكين القوات الأوكرانية من صد هجوم جديد للقوات الروسية.
وقال ديمتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين: «نلاحظ أن الولايات المتحدة تواصل سياستها الهادفة إلى زيادة شحنات الأسلحة إلى أوكرانيا». وأضاف أن عمليات التسليم «لن يكون لها تأثير حاسم على نتيجة الهجوم (في أوكرانيا)، لكن من الواضح أنها ستطيل أمد هذا النزاع، وستكون لها تداعيات مؤسفة على الشعب الأوكراني». وتابع المتحدث باسم الرئاسة الروسية أن «ذلك يضع عبئاً كبيراً على اقتصاد تلك الدول، وله تأثير سلبي على رفاهية مواطنيها، بما في ذلك ألمانيا». ووفق المتحدث باسم المستشار الألماني، فإن هذا الاجتماع يهدف خصوصاً إلى التشاور بشأن تطورات النزاع في أوكرانيا، والدعم الذي يمكن أن يقدمه حلفاء كييف. تقدم الدول الغربية دعماً عسكرياً لكييف لصد الهجوم الروسي الذي بدأ العام الماضي، ويوفر بعضها على غرار ألمانيا دبابات متطورة.
كما تعهدت الولايات الألمانية الـ16 بتقديم مزيد من المساعدة لأوكرانيا. وجاء في قرار لمجلس الولايات الألماني (بوندسرات)، والذي تم الموافقة عليه بالإجماع، أمس الجمعة، أن الدعم العسكري والإنساني والمالي لأوكرانيا يعد ضرورياً؛ حتى يتمكن المواطنون هناك من فرض حقهم في العيش في بلد حر وديمقراطي وله الحق في تقرير المصير.
وفي ضوء الحرب المستمرة والعدد الكبير والمستمر للاجئين من أوكرانيا، طولبت الحكومة الاتحادية الألمانية في القرار بتقديم المزيد من المساعدة للولايات والمحليات. وجاء في القرار: «يمكن للشراكات بين ولايات جمهورية ألمانيا الاتحادية ومناطق في أوكرانيا، بالإضافة إلى توأمة المدن، أن تكون عنصراً مهماً في هذا الدعم». وشارك في جلسة مجلس الولايات، الجمعة، سفير أوكرانيا أوليكسي ماكييف. وقال رئيس المجلس بيتر تشينتشر: «من المهم للغاية بالنسبة لنا أن نعبر عن تضامن الولايات الألمانية الـ16 مع أوكرانيا... نقف بجانبكم، ونشارككم في معاناتكم ونحزن معكم على القتلى».
مساعدات أميركية جديدة لأوكرانيا... والكرملين يحذر من المزيد منها
الولايات المتحدة ترفع تحذيرها لشركات القطاع الخاص من خرق العقوبات على روسيا
مساعدات أميركية جديدة لأوكرانيا... والكرملين يحذر من المزيد منها
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة