شولتز يزور واشنطن لمناقشة الحرب «وجهاً لوجه» مع بايدن

بعد حل مشكلة الدبابات بينهما... ربما جاء دور «المقاتلات»

شولتز وبايدن في لقاء سابق يونيو 2022 (أ.ب)
شولتز وبايدن في لقاء سابق يونيو 2022 (أ.ب)
TT

شولتز يزور واشنطن لمناقشة الحرب «وجهاً لوجه» مع بايدن

شولتز وبايدن في لقاء سابق يونيو 2022 (أ.ب)
شولتز وبايدن في لقاء سابق يونيو 2022 (أ.ب)

رغم أهمية زيارة المستشار الألماني أولاف شولتز إلى واشنطن، فقد اختار الذهاب منفرداً، من دون صحافيين مرافقين ولا وفود من رجال الأعمال، حيث كان كلاهما لا يفارقانه عادة في رحلاته الخارجية. وأيضاً على غير عادة، لم تكن أجندة شولتز في واشنطن مزدحمة، واقتصرت على لقائه بالرئيس الأميركي جو بايدن لمدة ساعتين من دون مؤتمر صحافي مشترك.
شولتز نفسه برر الزيارة، وهي الثانية له إلى واشنطن، بالقول إن هناك حاجة للحديث «وجهاً لوجه» مع بايدن، وليس فقط عبر الهاتف أو دائرة الفيديو، وهو ما اتفق عليه الرجلان منذ مدة، رغم تفادي بايدن زيارة برلين حتى اليوم، علماً بأنه زار وارسو مرتين. وفسر المتحدث الحكومي شتيفن هيبشترايت قرار المستشار بالسفر «منفرداً» بالقول إن جدول الزيارة ليس مزدحماً، ويقتصر على لقاء بايدن، وإنه «لن يكون هناك الكثير لتقييمه». وشدد على أن هدف الزيارة «الحديث وجهاً لوجه وبسرية» مع الرئيس الأميركي. وموضوع النقاش الرئيسي، حسبما أعلن البيت الأبيض، الحرب في أوكرانيا. وهو ما أكده أيضاً المتحدث باسم الحكومة الألمانية قبل الزيارة، بالقول إن التركيز سيكون على «مستقبل دعم أوكرانيا، وكيف ستكون الأشهر المقبلة هناك».
وقياساً على الخلافات الماضية بين برلين وواشنطن حول مقاربة الحرب في أوكرانيا، فإن اللقاء بين الرجلين ليس سهلاً، رغم تأكيد الطرفين أن العلاقات الثنائية في أفضل حالاتها. وقد وصف المتحدث الحكومي الألماني العلاقة مع واشنطن بأنها «جيدة جداً»، فيما وصف المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي ألمانيا بأنها «حليف عظيم»، في مقابلة أدلى بها لصحيفة «تاغس شبيغل» الألمانية.
ومنذ بداية الحرب في أوكرانيا، نشأت خلافات في مقاربة دعم كييف بين الطرفين منذ البداية. وفيما كانت واشنطن سريعة في فرض عقوبات على روسيا وإرسال أسلحة لأوكرانيا، كانت ألمانيا بطيئة، وأخرت فرض عقوبات أوروبية سريعة، وعرقلت حظر استيراد النفط والغاز الروسي داخل الاتحاد الأوروبي لأشهر. وبلغت هذه «الخلافات» الأميركية - الألمانية حدها قبل أسابيع بعد الجدل حول الدبابات.
ورفضت ألمانيا الموافقة على إرسال دباباتها من نوع ليوبارد إلى كييف، قبل الحصول على تعهد أميركي بأن واشنطن سترسل دباباتها الأميركية الصنع من نوع «أبرامز». ولأيام ظل الطرف الأميركي يكرر أن إرسال الدبابات الأميركية غير مثمر من الناحية التقنية بسبب صعوبة نقل وصيانة واستخدام هذه الدبابات، ولكن برلين بقيت مصرة على ذلك كي تسمح بنقل الدبابات الألمانية إلى أوكرانيا. ورغم تسبُّب هذا الجدل بتوتر في العلاقات، فإن الطرفين الآن يؤكدان أن علاقتهما تخطت هذا التوتر، لدرجة أن كيربي قال للصحيفة الألمانية، إنه «لا حاجة لإعادة ذكر مسألة الدبابات» خلال لقاء بايدن وشولتز. وأضاف أن «القرار تم اتخاذه بشكل مشترك مع ألمانيا… وأن وحدة الحلفاء مهمة جداً بالنسبة للرئيس»، رغم اعترافه بأن دبابات «أبرامز» لن تصل إلى أوكرانيا قبل أشهر، بينما بدأت دبابات ليوبارد المنتشرة بشكل واسع في أوروبا بين حلفاء «الناتو» بالوصول إلى هناك.
ولكن حديث الرجلين عن «الأشهر المقبلة» في أوكرانيا يعني من دون شك التطرق إلى الأسلحة المرسلة إلى الجيش الأوكراني، وقد يعني أيضاً نقاش مطلب آخر لكييف ترفضه برلين وواشنطن حالياً، ولكن لندن ووارسو ودولاً أخرى أبدت انفتاحاً حوله، وهو يتعلق بتزويد كييف بمقاتلات حربية. وترفض برلين رفضاً قاطعاً الأمر، وتتوافق معها المعارضة الألمانية في هذه النقطة رغم انتقاداتها السابقة لتعاطي الحكومة مع مسألة الدبابات. أما واشنطن فتكتفي بالقول إن هذا النقاش غير مطروح حالياً، ما يشير إلى أنها لا تستبعد طرحه في الأسابيع والأشهر المقبلة. وقد لمح كيربي إلى ذلك بالقول إن الطرف الأميركي ينسق خطوات إرسال الأسلحة إلى أوكرانيا مع حكومة كييف، وإن «النقاش حول طائرات إف - 16 يجب أن يحصل في وقت آخر». وأضاف: «الآن سنركز على الدبابات وسلاح المدفعية والذخائر ومضادات الطيران».
ملف آخر شائك يتناوله الرجلان في لقائهما، يتعلق بالمخاوف الأميركية من تزايد الدعم الصيني لروسيا بعد حديث مسؤولين في البيت الأبيض عن وجود «إشارات» لاستعداد الصين لتزويد روسيا بمساعدات عسكرية. وقد حذر المسؤولون الأميركيون الصين من تزويد روسيا بمساعدات عسكرية، مؤكدين أن واشنطن ستضطر للرد على ذلك. وفيما تستعد واشنطن لتحضير عقوبات تفرضها على الصين في حال بدأت الأخيرة تزويد روسيا بأسلحة، يبدو أن العلاقة مع الصين قد تصبح نقطة خلاف جديدة بين الحليفين عبر الأطلسي.
فبرلين تروج لدور «إيجابي» يمكن للصين أن تلعبه في الحرب الروسية الأوكرانية. وقد دعا شولتز قبل يومين في خطاب ألقاه داخل البرلمان الفيدرالي الألماني، الصين إلى «استخدام تأثيرها على موسكو لدفعها لسحب قواتها» وعدم تزويدها بالأسلحة.
وأكثر من ذلك، فإن الصين أكبر شريك تجاري لألمانيا، ما يعني أن انضمام برلين إلى واشنطن في فرض عقوبات على بكين لن يكون فقط قراراً صعباً، بل سيكون مكلفاً لألمانيا. ورغم التحذيرات الكثيرة في الأشهر الماضية لبرلين من أن اعتماد اقتصادها على الاقتصاد الصيني وتزاوجه في الكثير من الصناعات، قد يكلفانها الكثير، تماماً كما كلفها انفصالها عن الغاز الروسي، فإن ألمانيا لم تتحرك بتاتاً لتخفيف اعتمادها على الاقتصاد الصيني. وفي رحلته الأخيرة إلى بكين في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، اصطحب شولتز معه وفداً كبيراً من رجال الأعمال ورؤساء الشركات الألمانية، متجاهلاً الدعوات لتقليص التبادل التجاري مع الصين.
وإضافة إلى ملف تسليح أوكرانيا والعلاقة مع الصين، يطوف ملف ثالث مثير للجدل بين الطرفين الأميركي والألماني يتعلق بخط أنابيب نورد ستريم الذي تعرض للتخريب قبل أشهر؛ ما أدى إلى قطع الغاز الروسي عن ألمانيا. وبعد تقرير الصحافي الأميركي سيمور هيرش الذي قال فيه إن واشنطن هي التي أمرت بتخريب الخط، قالت الحكومة الألمانية إنها لا تمتلك أدلة تدعم هذه النظرية، واكتفت بالإشارة إلى تحقيق المدعي العام الألماني بالحادث الذي ما زال مفتوحاً من دون أدلة على تورط روسيا، حسبما قال الادعاء العام قبل أيام.
ولكن رغم كل هذه التوترات، فإن واشنطن تبقى حليفاً أساسياً لبرلين، خصوصاً في تنسيق الرد على الحرب في أوكرانيا؛ فألمانيا ترفض التحرك «منفردة» من دون تنسيق جميع خطواتها مع واشنطن، ما يزيد من أهمية هذه العلاقة الثنائية في الوقت الحالي.


مقالات ذات صلة

قتال عنيف... القوات الروسية تقترب من مدينة رئيسية شرق أوكرانيا

أوروبا عسكري أوكراني يحتمي أمام مبنى محترق تعرض لغارة جوية روسية في أفدييفكا (أ.ب)

قتال عنيف... القوات الروسية تقترب من مدينة رئيسية شرق أوكرانيا

أعلنت القيادة العسكرية في أوكرانيا أن هناك قتالاً «عنيفاً للغاية» يجري في محيط مدينة باكروفسك شرقي أوكرانيا، التي تُعدّ نقطة استراتيجية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
الولايات المتحدة​ تشمل المعدات المعلن عنها خصوصاً ذخيرة لأنظمة قاذفات صواريخ هيمارس وقذائف مدفعية (رويترز)

مساعدات عسكرية أميركية إضافية لأوكرانيا بقيمة 500 مليون دولار

أعلنت الولايات المتحدة أنها ستقدم معدات عسكرية تقدر قيمتها بنحو 500 مليون دولار لدعم أوكرانيا، قبل نحو شهر من تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا من جنازة جندي أوكراني توفي خلال الحرب مع روسيا (أ.ف.ب)

«الناتو»: مليون قتيل وجريح في أوكرانيا منذ بدء الحرب

أعرب حلف شمال الأطلسي (الناتو) عن اعتقاده بأن أكثر من مليون شخص سقطوا بين قتيل وجريح في أوكرانيا منذ شنّت روسيا غزوها الشامل في فبراير (شباط) 2022.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا أظهرت الأقمار الاصطناعية أضراراً بمطار عسكري روسي في شبه جزيرة القرم جراء استهداف أوكراني يوم 16 مايو 2024 (أرشيفية - رويترز)

روسيا تتهم أوكرانيا بقصف مطار عسكري بصواريخ أميركية... وتتوعد بالرد

اتهمت روسيا أوكرانيا باستخدام صواريخ بعيدة المدى أميركية الصنع لقصف مطار عسكري، اليوم (الأربعاء)، متوعدة كييف بأنها ستردّ على ذلك عبر «إجراءات مناسبة».

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الولايات المتحدة​ رجال إنقاذ يعملون في موقع تعرض فيه مبنى لأضرار جسيمة بسبب ضربة صاروخية روسية أمس وسط هجوم روسيا على أوكرانيا في زابوريجيا11 ديسمبر 2024 (رويترز) play-circle 02:00

أميركا تحذّر روسيا من استخدام صاروخ جديد «مدمر» ضد أوكرانيا

قال مسؤول أميركي إن تقييماً استخباراتياً أميركياً، خلص إلى أن روسيا قد تستخدم صاروخها الباليستي الجديد المتوسط ​​المدى مدمر ضد أوكرانيا مرة أخرى قريباً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

أستراليا تعتزم فرض ضريبة على المنصات الرقمية التي لا تدفع مقابل نشر الأخبار

شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)
شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)
TT

أستراليا تعتزم فرض ضريبة على المنصات الرقمية التي لا تدفع مقابل نشر الأخبار

شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)
شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)

أعلنت الحكومة الأسترالية اعتزامها فرض ضريبة كبيرة على المنصات ومحركات البحث التي ترفض تقاسم إيراداتها من المؤسسات الإعلامية الأسترالية مقابل نشر محتوى هذه المؤسسات.

وقال ستيفن جونز، مساعد وزير الخزانة، وميشيل رولاند وزيرة الاتصالات، إنه سيتم فرض الضريبة اعتباراً من أول يناير (كانون الثاني)، على الشركات التي تحقق إيرادات تزيد على 250 مليون دولار أسترالي (160 مليون دولار أميركي) سنوياً من السوق الأسترالية.

وتضم قائمة الشركات المستهدفة بالضريبة الجديدة «ميتا» مالكة منصات «فيسبوك»، و«واتساب» و«إنستغرام»، و«ألفابيت» مالكة شركة «غوغل»، وبايت دانس مالكة منصة «تيك توك». وستعوض هذه الضريبة الأموال التي لن تدفعها المنصات إلى وسائل الإعلام الأسترالية، في حين لم يتضح حتى الآن معدل الضريبة المنتظَرة، وفقاً لما ذكرته «وكالة الأنباء الألمانية».

وقال جونز للصحافيين إن «الهدف الحقيقي ليس جمع الأموال... نتمنى ألا نحصل عائدات. الهدف الحقيقي هو التشجيع على عقد اتفاقيات بين المنصات ومؤسسات الإعلام في أستراليا».

جاءت هذه الخطوة بعد إعلان «ميتا» عدم تجديد الاتفاقات التي عقدتها لمدة3 سنوات مع المؤسسات الإعلامية الأسترالية لدفع مقابل المحتوى الخاص بهذه المؤسسات.

كانت الحكومة الأسترالية السابقة قد أصدرت قانوناً في عام 2021 باسم «قانون تفاوض وسائل الإعلام الجديدة» يجبر شركات التكنولوجيا العملاقة على عقد اتفاقيات تقاسم الإيرادات مع شركات الإعلام الأسترالية وإلا تواجه غرامة تبلغ 10 في المائة من إجمالي إيراداتها في أستراليا.