The Whale
عن الوحدة والألم والبدانة
سريعاً ما يكشف «الحوت» لدارن أرونوفسكي من أن شخصية تشارلي (كما يؤديها بنجاح برندان فرايزر) هي مُثلية. في المشهد الأول وعلى شاشة التلفزيون المتصل بالكومبيوتر فيلم بورنو من هذا النوع يتابعه تشارلي بعاطفة جياشة. تتوقف متعته عندما يدق الباب ويدخل شاب (تاي سمبكينز) الذي يدور من منزل إلى منزل لنشر تعاليم الإنجيل. عينا الشاب على الشاشة مذهولاً. لا حاجة للكلام، هو فهم تشارلي ونحن كذلك.
«الحوت» مأخوذ عن مسرحية وضعها سامويل د. هنتر وكتب السيناريو لها أيضاً. والمخرج يحافظ على المادة كما كُتبت. الأحداث، في 95 في المائة منها، تقع داخل ذلك البيت الذي يُقيم فيه تشارلي. هناك مشهدان، أحدهما من نحو خمس دقائق والآخر من 7 ثوان، يقعان خارج المنزل ثم مشهد ختامي على شاطئ البحر لا يتجاوز الدقيقة.
تشارلي هو رجل كبير الجثة يعاني من البدانة المفرطة ومن آلام عاطفية منذ أن انتحر صديقه. لا يستطيع الحركة بسهولة. يحمل أرطالاً من الدهن تقيد حركته. يستقبل ممرضة اسمها ليز (هونغ تشاو) التي تقلق عليه. هذه تحاول إقناع الشاب توماس بأن تعاليم الكنيسة لن تُفيد تشارلي. تشارلي نفسه ليس شخصاً متديناً لكنه مستعد لأن يسمع ويناقش. إلى هذا الحضور تأتي ابنته إيلي (سادي سينك) في زيارة غير متوقعة بعد طلاق تشارلي من زوجته ماري (سامنتا مورتون).
هذه الشخصيات تدخل وتخرج من الموقع تماماً كما العمل المسرحي المعتاد. تشارلي في الوسط دائماً. يعتاش من وراء دروس في الكتابة الأدبية لحفنة من الطلاب المشتركين في موقعه. العلاقة بينه وبين الأدب واضحة كذلك من خلال إدمانه مراجعة مقاطع من رواية هرمان ملفيل «موبي دك» التي تتحدّث بدورها عن صيد حوت ضخم ولو أن عنوان هذا الفيلم يقصد الجمع بين حوت ملفيل والحوت الذي يرمز إليه تشارلي بقامته وبدانته.
الفيلم هو تراجيديا لكن الحس الناتج في أكثر من موقع هو أنه يحاول سرد ذلك من خلال مواقف متباينة أغلبها عاطفي وقليل منها مادة سهلة التداول، ولو أنها في الوقت ذاته داكنة. الداكن أكثر هو اختيار العتمة في عموم مشاهد الفيلم لدرجة التساؤل حول كيف يمكن لأحد أن يقرأ نصوصاً (كما نرى أكثر من شخصية في الفيلم بدءاً بتشارلي) على ضوء غير كاف أو كاشف.
من ناحيته، هو دور العمر بالنسبة لممثل انطلق نجماً ثم هوى سريعاً قبل أن يلتقطه هذا الدور الذي يستحق عليه براندن فرايزر ما تلقفه من جوائز حتى الآن.