لبنان: اللواء إبراهيم يودع «الأمن العام»... وعينه على «الخارجية»

تقاذف مسؤوليات بين القوى السياسية حول فشل التمديد له

من الحفل التكريمي الذي أقيم للواء عباس إبراهيم أمس لدى مغادرته المديرية العامة للأمن العام (الوكالة الوطنية)
من الحفل التكريمي الذي أقيم للواء عباس إبراهيم أمس لدى مغادرته المديرية العامة للأمن العام (الوكالة الوطنية)
TT

لبنان: اللواء إبراهيم يودع «الأمن العام»... وعينه على «الخارجية»

من الحفل التكريمي الذي أقيم للواء عباس إبراهيم أمس لدى مغادرته المديرية العامة للأمن العام (الوكالة الوطنية)
من الحفل التكريمي الذي أقيم للواء عباس إبراهيم أمس لدى مغادرته المديرية العامة للأمن العام (الوكالة الوطنية)

اختتم اللواء عباس إبراهيم، أمس الأربعاء، مسيرة 12 عاماً في موقعه مديراً عاماً للأمن العام اللبناني، لكنه لم يغلق الباب على دور مستقبلي يرى أنه يناسبه، بتولي حقيبة الخارجية أو أي موقع وزاري يحب أن يتولاه.
وانتهت ولاية إبراهيم في المديرية أمس، بعد 12 عاماً قضاها في العمل «لمديرية تفتخرون بها»، كما قال في كلمته للعسكريين أمس. عينته الحكومة في موقعه بعد مسيرة قضاها في مخابرات الجيش اللبناني. وبعد وصوله إلى التقاعد من مديرية الأمن العام لبلوغه السن القانونية لعسكري برتبة «لواء» في عام 2017، مددت له الحكومة في موقعه كمدير مدني، ريثما يبلغ سن التقاعد القانونية (64 عاماً).
وإبراهيم الذي اكتسب لقب «لواء الأمن الدبلوماسي» في مرحلة حوادث الاختطاف واحتجاز الرهائن في سوريا في أوائل مرحلة الحرب السورية، ونشط على خط التواصل بين القيادات اللبنانية المتنافرة خلال السنوات الماضية، لم تتح له الخلافات السياسية المحلية فرصة التمديد في موقعه، رغم وعد تلقاه من رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل بالتمديد له، ورغم اقتراحي قانون أعدهما معاون رئيس البرلمان النائب علي حسن خليل لإيجاد صيغة تبقيه على رأس مهامه في مديرية الأمن العام.
وتتضارب المعلومات حول أسباب الفشل في إيجاد مخرج قانوني لتمديد ولاية اللواء عباس إبراهيم، رغم علاقاته المتينة بجميع الأطراف في الداخل والخارج، وتتقاذف القوى السياسية الاتهامات. ففي وقت يتهم «التيار الوطني الحر» على لسان نوابه رئيس البرلمان نبيه بري بأنه لا يريد التمديد له، كما قال النائب جورج عطا الله في تصريح تلفزيوني أمس، يسخر المقربون من بري من تلك الاتهامات، ويعتبرونها «تهرباً من المسؤولية ورميها زوراً في اتجاه بري».
وقال عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب قبلان قبلان لـ«الشرق الأوسط» إن تلك الاتهامات لبري «تتناقض مع الواقع، كون رئيس مجلس النواب كان يتجه للدعوة إلى جلسة للبرلمان تقر اقتراح قانون يتيح التمديد للواء إبراهيم، لكن النائب باسيل أحبطها حين رفض المشاركة في الجلسة».
وأشار قبلان إلى أن أكثر من صيغة اقتراح قانون أعدها النائب علي حسن خليل تتيح التمديد لإبراهيم، إحداها تتعلق بتعليق مادة في القانون يستفيد من مفاعيلها قياديو الأجهزة الأمنية، وعملياً يستفيد منها اللواء إبراهيم ومدير عام قوى الأمن اللواء عماد عثمان ومدير الجمارك، أما الثانية فتتمثل في تعديل سن التقاعد للمديرين العامين من عمر 64 عاماً إلى 68 عاماً، ويستفيد منها اللواء إبراهيم كما سائر المديرين العامين (موظفي الفئة الأولى في لبنان) في سائر الإدارات الرسمية، وذلك كونه يستحيل قانوناً أن يكون هناك قانون على قياس شخص واحد، ويجب أن يكون القانون عاماً يستفيد منه الجميع.
والصيغة الثانية كان يُفترض أن تكون الأكثر قدرة على حيازة قبول نيابي من مختلف الأطراف، ومن ضمنهم «التيار الوطني الحر» الذي تردد أنه طلب أن يشمل أي تعديل مواقع المديرين العامين المحسوبين على التيار في الإدارات، حسب ما تقول مصادر نيابية قريبة من «الثنائي الشيعي» لـ«الشرق الأوسط»، وكانت المفاجأة في النهاية أن النائب باسيل «رفض المشاركة في الجلسة البرلمانية بسبب الخلاف الدستوري على عقد جلسة تشريعية في ظل الشغور الرئاسي».
وأكد قبلان أن «اللواء إبراهيم له تقدير كبير من قبلنا، وعلاقتنا به ممتازة، وتم إعداد اقتراحي القانون للتمديد له، لكن من أحبط الأمر هو باسيل نفسه».
والمدير العام للأمن العام هو بحكم القانون مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الأمنية والأمن الاقتصادي والاجتماعي، إلى جانب الملفات الإدارية والأمنية المتصلة بالمديرية. وجيّر إبراهيم علاقته المتينة بسائر الأطراف الداخلية، للعب دور الوسيط وحلقة الاتصال بين تلك القوى، كما ساعدته دبلوماسيته في لعب دور تفاوضي بين القوى الإقليمية للإفراج عن رهائن لبنانيين وسوريين ودوليين كانوا محتجزين في سوريا لدى مختلف الأطراف. وعبر إبراهيم عن علاقاته الجيدة مع الأطراف اللبنانية بالقول خلال احتفال وضع حجر الأساس لمبنى دائرة أمن عام بيروت الجديد: «أنا لا يغدرني أحد».
يختصر إبراهيم تجربته بالقول خلال وضع حجر الأساس للمقر الجديد أمس: «إن واجبي الوطني والعملي يفرضان علي أن أكون في أي موقع يخدم الإنسان وحقه، ويُسهل عليه إجراء المعاملات، واختصار المهل التي يفرضها الروتين الإداري. وقد شكلت هذه الأهداف البنود الرئيسية في الخطط التطويرية التي وضعتها منذ توليت سدة المسؤولية في المديرية العامة للأمن العام».
عُرف إبراهيم بعلاقات دولية متينة. هذا الأمر دفعه للقول في رد على أسئلة الصحافيين أمس في حفل تكريمي له في المديرية، إن الحقيبة الوزارية التي يحب أن يتولاها هي الخارجية، وتعهد بمتابعة العمل السياسي»، مضيفاً أنه لن يألو جهداً في القيام بأي شيء يخدم لبنان «ولن أوفر علاقاتي من أجل الوطن». وقال: «بيتي سيبقى مفتوحاً، كما كنت في الجيش والأمن العام، وسأبقى أستمع إلى هموم الناس ومعاناتهم وأقف إلى جانبهم».
وجرى العرف منذ عام 1998 أن يشغل هذا الموقع ضابط من الطائفة الشيعية، ضمن أعراف أخرى تقسم قيادة المواقع الأمنية للطوائف الأربعة الكبرى، حيث يشغل قيادة الجيش ماروني، ومديرية قوى الأمن الداخلي سني، ومديرية أمن الدولة أرثودوكسي.
وفي ظل الشغور الرئاسي حيث لا يمكن للحكومة أن تجري تعيينات، يتولى موقع مدير عام المديرية بالإنابة الآن نائبه العميد إلياس البيسري (ماروني) المقرب من وزير الدفاع الأسبق إلياس المر، الذي أصيب معه في انفجار استهدفه في عام 2006. وتوجه البيسري لإبراهيم بالقول: «أعدك باسمي وباسم رفاقي الضباط وكل عسكريي الأمن العام، بأن نسعى بكل ما أوتينا من قوة وعزم وإرادة من أجل أن نبقى على خطاكم في عملنا داخل المديرية، ولكي نكمل الخطط التي وضعتها والتي حالت الظروف القاهرة، اعتباراً من ملف النازحين السوريين، إلى جائحة كورونا، ثم إلى الانهيار الاقتصادي والمالي؛ من استكمال تنفيذها. وسنكون على قدر المسؤولية والثقة اللتين منحتهما لنا».


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

بعد أنباء استهدافه في بيروت... مَن هو طلال حمية الملقب بـ«الشبح»؟

صورة متداولة للقيادي في «حزب الله» طلال حمية
صورة متداولة للقيادي في «حزب الله» طلال حمية
TT

بعد أنباء استهدافه في بيروت... مَن هو طلال حمية الملقب بـ«الشبح»؟

صورة متداولة للقيادي في «حزب الله» طلال حمية
صورة متداولة للقيادي في «حزب الله» طلال حمية

ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن هدف الغارات العنيفة على منطقة البسطة في قلب بيروت فجر اليوم (السبت)، كان طلال حمية القيادي الكبير في «حزب الله».

ونقل إعلام إسرائيلي أن «حزب الله» عيّن طلال حمية رئيساً للعمليات خلفاً لإبراهيم عقيل الذي اغتالته إسرائيل في 20 سبتمبر (أيلول) الماضي.

وكان برنامج «مكافآت من أجل العدالة» الأميركي رصد مكافأة تصل إلى 7 ملايين دولار مقابل الإدلاء بمعلومات عن طلال حمية المعروف أيضاً باسم عصمت ميزاراني.

وقال البرنامج إن طلال حمية يُعد رئيس منظمة الأمن الخارجي التابعة لـ«حزب الله» التي تتبعها خلايا منظمة في جميع أنحاء العالم.

وبحسب البرنامج، تشكل منظمة الأمن الخارجي أحد عناصر «حزب الله» المسؤولة عن تخطيط الهجمات الإرهابية خارج لبنان وتنسيقها وتنفيذها.

مكافأة تصل إلى 7 ملايين دولار مقابل معلومات عن طلال حيدر الملقب بـ«الشبح»

وفي 13 سبتمبر 2012، صنَّفت وزارة الخزانة الأميركية حمية بشكل خاص كإرهابي عالمي بموجب الأمر التنفيذي «13224» بصيغته المعدلة على خلفية دعم أنشطة «حزب الله» الإرهابية في منطقة الشرق الأوسط وفي مختلف أنحاء العالم.

ونتيجة لهذا التصنيف تم حظر جميع ممتلكات حمية، والفوائد العائدة عليها التي تخضع للولاية القضائية الأميركية، وتم منع الأميركيين بوجه عام من إجراء أي معاملات مع حمية.

أبو جعفر «الشبح»

يعد طلال حمية المُكنّى بـ«أبو جعفر» والذي يبلغ من العمر نحو 50 عاماً، القائد التنفيذي للوحدة «910»، وهي وحدة العمليات الخارجية التابعة لـ«حزب الله»، والمسؤولة عن تنفيذ عمليات الحزب خارج الأراضي اللبنانية.

وهو القائد التنفيذي الحالي للوحدة، ومُلقَّب بـ«الشبح» من قِبل القيادات العسكرية الإسرائيلية لعدم وجود أي أوراق ثبوتية رسمية له في لبنان، ولابتعاده تماماً عن الحياة الاجتماعية والظهور العلني، واتباعه بصرامة الاحتياطات الأمنية المشددة لحظياً.

ويُدير حميّة الوحدة في منصب شغله قيادي «حزب الله» الأشهر عماد مغنية الذي اغتيل في دمشق عام 2008، كما يحمل عدّة أسماء مستعارة من بينها طلال حسني وعصمت ميزاراني.

طلال حمية خليفة بدر الدين

وقد خلف طلال حمية قائد الوحدة السابق مصطفى بدر الدين، صهر مغنية وخليفته والذي قُتل أيضاً في سوريا عام 2016.

وينحدر طلال حمية من منطقة بعلبك الهرمل، وقد عمل إلى جانب كلٍّ من بدر الدين ومُغنية ووزير الدفاع الإيراني السابق أحمد وحيدي، كما كان وفق معلومات «الموساد» مسؤولاً عن نقل ترسانة «حزب الله» عبر سوريا.

بدأ نشاطه مع «حزب الله» في منتصف الثمانينات، وكانت انطلاقته الأولى كمسؤول أمني في الحزب من برج البراجنة، حيث كان المسؤول عن العديد من العناصر التي أصبحت فيما بعد من أهم القيادات العملياتية في الحزب، كما كان حميّة نائب مغنية في شبكة «الجهاد»، وهي وحدة البعثات الخاصة والهجمات الخارجية في «حزب الله».