دعا النعم ميارة، رئيس مجلس المستشارين المغربي (الغرفة الثانية في البرلمان)، إلى وضع نموذج جديد للشراكة بين ضفتي المتوسط، يأخذ بعين الاعتبار الامتداد الأفريقي، والرهانات والتحديات المشتركة التي تتجاوز النطاق الجغرافي المتوسطي، مثل مكافحة الاتجار بالبشر، والإرهاب والأمن، والتطرف والهجرة.
وأوضح ميارة، الذي كان يتحدث في الدورة العامة الـ17 لبرلمان البحر الأبيض المتوسط بالرباط، الذي افتتح، اليوم (الأربعاء)، بمقر مجلس المستشارين، أن المملكة المغربية ملتزمة بروح التضامن في تبادل المعرفة والخبرة مع بلدان الجنوب، مبرزاً أن المغرب «يشكل جسراً بين أفريقيا والدول المتوسطية، ما يسمح بتعزيز التعاون شمال جنوب، وإشراك بلدان الجنوب الأخرى، من أجل التعامل بشكل أكثر فاعلية مع هذه القضايا الرئيسية»، مبرزاً أن التوترات المتنامية والحروب بالوكالة «تهدد استقرار وأمن المنطقة المتوسطية، والتهديد الإرهابي يكتسي أهمية أكبر، باعتبار أن المنطقة تجد امتدادها في منطقة الساحل، التي تشكل مرتعاً للتطرف والإرهاب والجريمة المنظمة»، ومؤكداً أن المغرب «يعد فاعلاً مسؤولاً في مجال الأمن الإقليمي والاستقرار في أفريقيا جنوب الصحراء والمتوسط، وحرص دائماً، باعتباره بلداً مطلاً على المتوسط والمحيط الأطلسي، على أن يكون رافعة للسلام بمنطقته وصلة وصل بين المناطق».
من جهته، قال رشيد الطالبي العلمي، رئيس مجلس النواب (الغرفة الأولى في البرلمان)، إن الفوارق تزداد بين شمال الحوض المتوسطي من جهة، وشرقه وجنوبه من جهة أخرى، من حيث المداخيل والولوج إلى الثروات وإلى الخدمات والتعليم، فيما تفاقم النزاعات والاختلالات المناخية والفقر ظواهر الهجرة والنزوح واللجوء، مبرزاً مسؤولية الجميع إزاء استمرار الأوضاع ذاتها التي «تأسست منظمتُنا البرلمانية ونظيراتها في المنطقة من أجل الإسهام في تجاوزها، من خلال الحوار والتعاون والتضامن».
وأضاف الطالبي العلمي: «دعونا نتساءل هل تحققت رهاناتنا المشتركة من التعاون شمال - جنوب في منطقة المتوسط في الرخاء والازدهار المشترك، وفي مجال تحويل الاستثمارات ورؤوس الأموال، وفق منطق رابح - رابح، بما يخرجنا من المنطق التقليدي للمساعدات من أجل التنمية، وييسر تحويل التكنولوجيا؟».
وبخصوص السلام في الشرق الأوسط، قال الطالبي العلمي إنه يبدو اليوم أبعد مما كان عليه في مطلع عقد التسعينات، مشيراً إلى أنه «بالقدر الذي لم يعدْ فيه الشرق الأوسط قادراً على تحمل أي نزاع آخر أو استمرار النزاعات المزمنة، التي عمرت في المنطقة، بقدرِ ما إن شعوبه متعطشة للسلام، الذي يتسع لدولتين، فلسطينية وإسرائيلية، تتعايشان بسلام».
وفي قضية الهجرة، قال الطالبي العلمي إنه «من المخجل للمجموعة الدولية أن تتطبع مع صور أمواج البحر الأبيض المتوسط، وهي تبتلع سنوياً آلاف الجثث، خصوصاً لشباب يُخاطرون بأرواحهم بحثاً عن الرزقِ، أو الأمن لأن أبواب الهجرة النظامية إلى الشمال مُغلقة أمامهم. وعوض أن يكون المتوسط بحر أملٍ وتواصلٍ ومبادلاتٍ، أصبح بحيرة مقرونة أكثر من غيرها من المعابر البحرية بالمآسي الإنسانية».
وذكر الطالبي العلمي أنه «إذا كانت حقوق الإنسان وشعارات الإدماج ممتحنة هي الأخرى في مسألة الهجرة، فإنه علينا نحن السياسيين الديمقراطيين أن نصحح عدداً من التمثلات عن الهجرة، خصوصاً الأفريقية».
من جهة أخرى، اعتبر الطالبي العلمي أن بلدان جنوب وشرق المتوسط، ومنها المملكة المغربية، تتوفر على المؤسسات الدستورية، والأحزاب، والهيئات المدنية لإعمال وصيانة حقوق الإنسان ومراقبة احترامها، وينبغي احترام مؤسساتها واختياراتها وعدم التدخل في شؤونها الداخلية. وقال: «على الجميع أن يدرك أن الديمقراطية ليست وصفات خارجية، إنها تراكمات وبناء ومؤسسات، علماً بأنه لا أحد ينكر الشرط الأساسي لهذا البناء، ألا وهو الانتخابات الحرة والنزيهة بمشاركة القوى السياسية المؤمنة بالديمقراطية، التي تنظمها بلداننا على نحو منتظم».
برلمان البحر المتوسط يدعو من الرباط إلى «نموذج للشراكة» بين ضفتيه
برلمان البحر المتوسط يدعو من الرباط إلى «نموذج للشراكة» بين ضفتيه
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة