برلمان البحر المتوسط يدعو من الرباط إلى «نموذج للشراكة» بين ضفتيه

رشيد الطالبي العلمي والنعم ميارة خلال ترؤسهما الجلسة الافتتاحية لبرلمان البحر الأبيض المتوسط اليوم (الشرق الأوسط)
رشيد الطالبي العلمي والنعم ميارة خلال ترؤسهما الجلسة الافتتاحية لبرلمان البحر الأبيض المتوسط اليوم (الشرق الأوسط)
TT

برلمان البحر المتوسط يدعو من الرباط إلى «نموذج للشراكة» بين ضفتيه

رشيد الطالبي العلمي والنعم ميارة خلال ترؤسهما الجلسة الافتتاحية لبرلمان البحر الأبيض المتوسط اليوم (الشرق الأوسط)
رشيد الطالبي العلمي والنعم ميارة خلال ترؤسهما الجلسة الافتتاحية لبرلمان البحر الأبيض المتوسط اليوم (الشرق الأوسط)

دعا النعم ميارة، رئيس مجلس المستشارين المغربي (الغرفة الثانية في البرلمان)، إلى وضع نموذج جديد للشراكة بين ضفتي المتوسط، يأخذ بعين الاعتبار الامتداد الأفريقي، والرهانات والتحديات المشتركة التي تتجاوز النطاق الجغرافي المتوسطي، مثل مكافحة الاتجار بالبشر، والإرهاب والأمن، والتطرف والهجرة.
وأوضح ميارة، الذي كان يتحدث في الدورة العامة الـ17 لبرلمان البحر الأبيض المتوسط بالرباط، الذي افتتح، اليوم (الأربعاء)، بمقر مجلس المستشارين، أن المملكة المغربية ملتزمة بروح التضامن في تبادل المعرفة والخبرة مع بلدان الجنوب، مبرزاً أن المغرب «يشكل جسراً بين أفريقيا والدول المتوسطية، ما يسمح بتعزيز التعاون شمال جنوب، وإشراك بلدان الجنوب الأخرى، من أجل التعامل بشكل أكثر فاعلية مع هذه القضايا الرئيسية»، مبرزاً أن التوترات المتنامية والحروب بالوكالة «تهدد استقرار وأمن المنطقة المتوسطية، والتهديد الإرهابي يكتسي أهمية أكبر، باعتبار أن المنطقة تجد امتدادها في منطقة الساحل، التي تشكل مرتعاً للتطرف والإرهاب والجريمة المنظمة»، ومؤكداً أن المغرب «يعد فاعلاً مسؤولاً في مجال الأمن الإقليمي والاستقرار في أفريقيا جنوب الصحراء والمتوسط، وحرص دائماً، باعتباره بلداً مطلاً على المتوسط والمحيط الأطلسي، على أن يكون رافعة للسلام بمنطقته وصلة وصل بين المناطق».
من جهته، قال رشيد الطالبي العلمي، رئيس مجلس النواب (الغرفة الأولى في البرلمان)، إن الفوارق تزداد بين شمال الحوض المتوسطي من جهة، وشرقه وجنوبه من جهة أخرى، من حيث المداخيل والولوج إلى الثروات وإلى الخدمات والتعليم، فيما تفاقم النزاعات والاختلالات المناخية والفقر ظواهر الهجرة والنزوح واللجوء، مبرزاً مسؤولية الجميع إزاء استمرار الأوضاع ذاتها التي «تأسست منظمتُنا البرلمانية ونظيراتها في المنطقة من أجل الإسهام في تجاوزها، من خلال الحوار والتعاون والتضامن».
وأضاف الطالبي العلمي: «دعونا نتساءل هل تحققت رهاناتنا المشتركة من التعاون شمال - جنوب في منطقة المتوسط في الرخاء والازدهار المشترك، وفي مجال تحويل الاستثمارات ورؤوس الأموال، وفق منطق رابح - رابح، بما يخرجنا من المنطق التقليدي للمساعدات من أجل التنمية، وييسر تحويل التكنولوجيا؟».
وبخصوص السلام في الشرق الأوسط، قال الطالبي العلمي إنه يبدو اليوم أبعد مما كان عليه في مطلع عقد التسعينات، مشيراً إلى أنه «بالقدر الذي لم يعدْ فيه الشرق الأوسط قادراً على تحمل أي نزاع آخر أو استمرار النزاعات المزمنة، التي عمرت في المنطقة، بقدرِ ما إن شعوبه متعطشة للسلام، الذي يتسع لدولتين، فلسطينية وإسرائيلية، تتعايشان بسلام».
وفي قضية الهجرة، قال الطالبي العلمي إنه «من المخجل للمجموعة الدولية أن تتطبع مع صور أمواج البحر الأبيض المتوسط، وهي تبتلع سنوياً آلاف الجثث، خصوصاً لشباب يُخاطرون بأرواحهم بحثاً عن الرزقِ، أو الأمن لأن أبواب الهجرة النظامية إلى الشمال مُغلقة أمامهم. وعوض أن يكون المتوسط بحر أملٍ وتواصلٍ ومبادلاتٍ، أصبح بحيرة مقرونة أكثر من غيرها من المعابر البحرية بالمآسي الإنسانية».
وذكر الطالبي العلمي أنه «إذا كانت حقوق الإنسان وشعارات الإدماج ممتحنة هي الأخرى في مسألة الهجرة، فإنه علينا نحن السياسيين الديمقراطيين أن نصحح عدداً من التمثلات عن الهجرة، خصوصاً الأفريقية».
من جهة أخرى، اعتبر الطالبي العلمي أن بلدان جنوب وشرق المتوسط، ومنها المملكة المغربية، تتوفر على المؤسسات الدستورية، والأحزاب، والهيئات المدنية لإعمال وصيانة حقوق الإنسان ومراقبة احترامها، وينبغي احترام مؤسساتها واختياراتها وعدم التدخل في شؤونها الداخلية. وقال: «على الجميع أن يدرك أن الديمقراطية ليست وصفات خارجية، إنها تراكمات وبناء ومؤسسات، علماً بأنه لا أحد ينكر الشرط الأساسي لهذا البناء، ألا وهو الانتخابات الحرة والنزيهة بمشاركة القوى السياسية المؤمنة بالديمقراطية، التي تنظمها بلداننا على نحو منتظم».



مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
TT

مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)

تسعى الحكومة المصرية، لتعزيز الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، في مجال إدارة الموارد المائية، في ظل تحديات كبيرة تواجهها تتعلق بـ«محدودية مواردها». وخلال لقائه سفيرة الاتحاد الأوروبي في القاهرة أنجلينا إيخورست، الاثنين، ناقش وزير الموارد المائية والري المصري هاني سويلم، التعاون بين الجانبين، في «إعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجتها».

وتعاني مصر عجزاً مائياً، حيث يبلغ إجمالي الموارد المائية، نحو 60 مليار متر مكعب سنوياً، في مقابل احتياجات تصل إلى 114 مليار متر مكعب سنوياً، وبنسبة عجز تقدر 54 مليار متر مكعب، وفق «الري المصرية».

وتعتمد مصر على حصتها من مياه نهر النيل بنسبة 98 في المائة، والبالغة 55.5 مليار متر مكعب سنوياً.

وحسب بيان لـ«الري المصرية»، ناقش سويلم، مع سفيرة الاتحاد الأوروبي، مقترحات تطوير خطة العمل الاستراتيجية (2024-2027)، طبقاً للأولويات المصرية، مشيراً إلى الدعم الأوروبي لبلاده في مجالات «رفع كفاءة الري، وإعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجة المياه، والتكيف مع تغير المناخ».

ووقَّعت الحكومة المصرية، والاتحاد الأوروبي، إعلاناً للشراكة المائية، خلال فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ، COP28، الذي عُقد في دبي عام 2023، بهدف تحقيق الإدارة المستدامة للموارد المائية، وتعزيز الحوار، وتبادل الخبرات.

وأوضح وزير الري المصري أن «الإجراءات التي تتبعها بلاده لرفع كفاءة استخدام المياه، تندرج تحت مظلة الجيل الثاني لمنظومة الري»، منوهاً بقيام الوزارة حالياً «بتأهيل المنشآت المائية، ودراسة التحكم الآلي في تشغيلها لتحسين إدارة وتوزيع المياه، والتوسع في مشروعات الري الحديث»، إلى جانب «مشروعات معالجة وإعادة استخدام المياه، ودراسة تقنيات تحلية المياه من أجل الإنتاج الكثيف للغذاء».

ومن بين المشروعات المائية التي تنفذها الحكومة المصرية، بالتعاون مع عدد من دول الاتحاد الأوروبي، «البرنامج القومي الثالث للصرف، وتحسين نوعية المياه في مصرف (كيتشنر)، وتحديث تقنيات الري لتحسين سبل عيش صغار المزارعين في صعيد مصر، ومراقبة إنتاجية الأراضي والمياه عن طريق الاستشعار عن بعد».

وتعوِّل الحكومة المصرية على الخبرات الأوروبية في مواجهة ندرة المياه، وفق أستاذ الموارد المائية، في جامعة القاهرة، نادر نور الدين، الذي أشار إلى أن «القاهرة سبق أن استعانت بخبراء أوروبيين لصياغة حلول للتحديات المائية التي تواجهها مصر»، وقال إن «كثيراً من المقترحات التي قدمها الخبراء تنفذها الحكومة المصرية في سياستها المائية، ومن بينها التوسع في مشروعات معالجة المياه، وتحلية مياه البحر، واعتماد نظم الري الحديث».

وللتغلب على العجز المائي شرعت الحكومة المصرية في تطبيق استراتيجية لإدارة وتلبية الطلب على المياه حتى عام 2037 باستثمارات تقارب 50 مليون دولار، تشمل بناء محطات لتحلية مياه البحر، ومحطات لإعادة تدوير مياه الصرف بمعالجة ثلاثية، إضافة إلى تطبيق مشروع تحول للري الزراعي الحديث.

ويعتقد نور الدين، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الخبرة الأوروبية في مجال تطوير إدارة المياه والتغيرات المناخية هي الأفضل في هذا المجال»، مشيراً إلى أن «القاهرة تسعى إلى الاستفادة من المنح الأوروبية المقدَّمة في تلك المجالات، وخصوصاً، التكيف مع التغيرات المناخية»، معتبراً أن «التعامل مع العجز المائي في مصر من أولويات السياسة المائية المصرية».

ويُعد الاتحاد الأوروبي من أهم الشركاء في المجال التنموي بالنسبة لمصر، وفق أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، عباس شراقي، الذي أشار إلى أن «التعاون المائي بين الجانبين يأتي ضمن الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي جرى توقيعها بين الحكومة المصرية والاتحاد الأوروبي، لتطوير التعاون بمختلف المجالات».

ويرى شراقي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الاتحاد الأوروبي يمتلك التكنولوجيا والخبرات الحديثة بشأن تطوير استخدام المياه، خصوصاً في الدول التي تعاني من شح مائي».