بريطانيا مستعدة للتعاون مع الجزائر في الصناعة الدفاعية

مباحثات البلدين شملت الأوضاع في ليبيا ونزاع الصحراء ومالي

هيبي خلال لقائه شنقريحة (وزارة الدفاع الجزائرية)
هيبي خلال لقائه شنقريحة (وزارة الدفاع الجزائرية)
TT

بريطانيا مستعدة للتعاون مع الجزائر في الصناعة الدفاعية

هيبي خلال لقائه شنقريحة (وزارة الدفاع الجزائرية)
هيبي خلال لقائه شنقريحة (وزارة الدفاع الجزائرية)

قال وزير القوات المسلحة البريطاني، جيمس هيبي، إن بلاده «تحترم وتعترف بالعلاقات القديمة والتاريخية للجزائر مع روسيا، وهي عازمة على مساعدة أوكرانيا في بلوغ الأهداف التي حددها شعبها وحكومته المنتخبة ديمقراطياً».
جاء هذه التصريح في مقابلة نشرتها الصحيفة الإلكترونية الفرنكفونية، «كل شيء عن الجزائر»، اليوم (الأربعاء)، بمناسبة زيارة هيبي للجزائر، الأحد الماضي، حيث بحث مع مسؤوليها تداعيات الحرب في أوكرانيا، وقضايا الطاقة والدفاع وقضية الصحراء، والوضع في مالي وليبيا.
وأكد المسؤول البريطاني أن حكومته «تحترم الموقف المبدئي للجزائر بخصوص عدم انحيازها»، في الصراع بين الغرب وروسيا في الحرب الأوكرانية، في وقت ترى فيه كثير من الحكومات الغربية أنها «متخندقة» مع موسكو منذ بداية الحرب. وكان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون قد صرح قبل أشهر بأن بلاده تقف على المسافة ذاتها من الأطراف المتصارعة في الحرب. وفي وقت سابق تم الإعلان عن زيارة له إلى موسكو، قبل نهاية العام الماضي، لكنها أُجّلت إلى مايو (أيار) المقبل لأسباب لم تُذكَر.
وأضاف هيبي أن بريطانيا «تعمل مع الجزائر على أساس الاحترام والتعاون حول الحرب في أوكرانيا. ونحرص بانتظام على إحاطة الجزائر بانشغالاتنا بشأن العمليات الروسية في أوكرانيا، كما نساعدها على تنويع عتادها وقدراتها على الدفاع». وبحسب وزير القوات المسلحة البريطاني، فإن منطقة شمال أفريقيا «تكتسي أهمية حيوية لدى المملكة المتحدة، التي تشترك معها في المصالح المتعلقة بالأمن البحري وحرية الإبحار، وكذلك حماية أوطاننا ضد تهديدات الإرهاب، والأشكال الخطيرة التي تأخذها الجريمة المنظمة»، مشيراً إلى أنه زار الجزائر «من أجل تعزيز علاقتنا الثنائية»، ومؤكداً أن البلدين «تجمعهما علاقات دفاعية بعيدة المدى قائمة على الشراكة والاحترام المتبادل، وفق تحديات الأمن الجهوي والدولي المشتركة». وتابع موضحاً: «جئت إلى الجزائر بحثاً عن تعميق وتعزيز علاقاتنا، بالارتكاز على زيارات سابقة عالية المستوى أداها اللورد أحمد واللورد ريسبي عام 2022. ونريد أن نعرف موقف الجزائر بوصفها فاعلاً مهماً في شمال أفريقيا حول قضايا مفتاحية تخص الأمن الجهوي، بما في ذلك التهديدات التي مصدرها الساحل وليبيا ومالي، كما نريد معها تحديد الكيفية التي تتيح مواصلة التعاون بشأن هذه التحديات المشتركة»، مؤكداً أن بلاده «متفتحة وترغب في التعاون مع الجزائر في الصناعة الدفاعية... وتوجد فرص كبيرة أمام بريطانيا للتعاون مع البلدان التي تستعمل العتاد ذاته، وهي على استعداد لدعم هذا المسار كلما كان ذلك بإمكانها».
والتقى المسؤول البريطاني، الأحد، مع رئيس أركان الجيش الجزائري الفريق أول سعيد شنقريحة، وتطرقا إلى «التعاون العسكري بين جيشي البلدين، وسبل تعزيزه مستقبلاً. كما تناولا التحديات الأمنية التي يعرفها العالم عموماً، والقارة الأفريقية على وجه الخصوص»، حسب بيان لوزارة الدفاع الجزائرية نقل عن شنقريحة أن مارشال الجو البريطاني، إيليوت سيميو، زار الجزائر قبل أيام، وبأن «هذا النوع من النشاطات واللقاءات يمثل فرصاً مواتية للارتقاء بالحوار الاستراتيجي بين الجزائر وبريطانيا العظمى إلى مصاف تطلعات مؤسستينا»، مؤكداً «استعدادنا لبذل الجهود اللازمة من أجل تجسيد ديناميكية تعاون تعود بالفائدة على المؤسستين، وقائمة على أساس تبادل صريح ورؤية موضوعية وبراغماتية»، كما التقى هيبي في اليوم نفسه بالأمين العام لوزارة الخارجية عمار بلاني، وبحثا الأوضاع في مالي وليبيا، وأيضاً نزاع الصحراء، حيث جدّد الجانبان، الجزائري والبريطاني، دعمهما لجهود المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة لقضية الصحراء، ستافان دي ميستورا، الرامية إلى تشجيع طرفي النزاع لإعادة بعث مسار المفاوضات، الرامية إلى التوصّل إلى حلّ سياسي دائم ومقبول من الطرفين، حسبما أورده بيان للخارجية الجزائرية.



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.