هيلاري كلينتون تسعى إلى التصدي للباحثين عن الربح السريع في «وول ستريت»

ما كشفته تعليقاتها في رسائل بريدها الإلكتروني إذا ما أصبحت رئيسة للولايات المتحدة

هيلاري كلينتون تخاطب مواطنين في مزرعة بنيوهامشير (رويترز)
هيلاري كلينتون تخاطب مواطنين في مزرعة بنيوهامشير (رويترز)
TT

هيلاري كلينتون تسعى إلى التصدي للباحثين عن الربح السريع في «وول ستريت»

هيلاري كلينتون تخاطب مواطنين في مزرعة بنيوهامشير (رويترز)
هيلاري كلينتون تخاطب مواطنين في مزرعة بنيوهامشير (رويترز)

في الوقت الذي انشغلت فيه وسائل الإعلام بقضية رسائل البريد الإلكتروني الخاصة بهيلاري كلينتون يوم الجمعة الماضي، يبدو أن أغلب الأمة افتقدت، أو على الأقل تجاهلت إلى حد كبير، أهم تعليقاتها، وكيف تعتزم إجراء تحولات في «وول ستريت» والشركات في أميركا. وإذا أصبحت هيلاري كلينتون الرئيسة الأميركية، ربما يتبين أن ملاحظاتها وتعليقاتها أكثر من مجرد حديث مخصص للحملات الدعائية الانتخابية، بل ربما يحدث تغيير كبير في طريقة عمل المستثمرين والرؤساء التنفيذيين.
بالنسبة إلى الذين أدى الجدل الدائر حول قضية رسائل البريد الإلكتروني إلى تشتت أذهانهم، فإليهم موجز لما قالته: «عندما تحدثت هيلاري في كلية إدارة الأعمال في جامعة نيويورك، أعلنت عن اقتراح ثوري لإعادة صياغة قانون الضرائب لتمكين المستثمرين في الخارج ممن يرغبون في إنشاء شركات، والتصدي لحاملي الأسهم الباحثين عن الربح السريع». ولوضع حد لما وصفته بـ«الرأسمالية ربع السنوية»، في إشارة إلى هوس المستثمرين بتقارير الأرباح ربع السنوية، اقترحت توسيع نطاق تعريف فترة الاحتفاظ بالأسهم على المدى الطويل بالنسبة إلى معدل الأرباح المنخفضة على رأس المال، بحيث تصبح عامين بدلا من عام واحد، حيث أوضحت أن «عاما واحدا» قد يعد «فترة طويلة بالنسبة إلى حفيدتي الصغيرة، لكن ليس بالنسبة إلى الاقتصاد الأميركي».
مع ذلك يظل التحول الحقيقي هو خطة تضمن «نطاق ست سنوات» بالنسبة إلى الضرائب على أرباح رأس المال. وسوف يدفع الأفراد من ذوي الدخول المرتفعة ضريبة عادية على الدخل في بيع الاستثمارات، نسبتها 39.6 في المائة، خلال أول عامين، «ثم تنخفض النسبة سنويا» على مدى السنوات الأربع المقبلة، إلى أن تعود إلى النسبة الحالية للأرباح على رأس المال والتي تبلغ 20 في المائة. وقد استحضرت كلينتون إلى حد ما شخصية لورانس فينك، الرئيس التنفيذي لـ«بلاك روك»، مدير الأصول التي تقدر بـ4 تريليونات دولار، والذي اعترض كثيرا على طبيعة المدى القصير بالنسبة إلى الأفراد حاملي الأسهم، والتأثير المحتمل لطريقة البيع والشراء المنحرفة على مجالس الإدارة. وكتب خلال العام الحالي خطابا، تتم إعادة صياغته في هذا العمود، موجها إلى رؤساء الشركات الذين يشتكون من تركيزهم على إعادة شراء الأسهم ودفع أرباح خاصة على السهم بدلا من الاستثمار في مجالات العمل على المدى الطويل، مشيرا إلى الإحصاءات نفسها التي أشارت إليها كلينتون، أم أن الأمر كان عكس ذلك. وتمت إعادة 900 مليار دولار إلى مستثمرين بدلا من إعادة استثمارهم في الأبحاث، أو المعدات، أو الوظائف. كذلك اقترح فينك خطة ضرائب جديدة لإجبار المستثمرين على الاحتفاظ بالأسهم لفترة طويلة.
ويفيد اقتراح كلينتون في بدء محادثة ذات مغزى عن قضية ربما تكون غير معتادة بالنسبة إلى أكثر الناخبين، لكن قد يكون لها تأثير كبير على مجال الأعمال. وينبغي أن تكون المساعدة في إنشاء نظام حوافز يجعل المستثمرين، وبالتالي الرؤساء التنفيذيين، ومجالس الإدارات، أقل تركيزًا على الأرباح ربع السنوية، وسعر السهم المباشر، مفيدة للاقتصاد. من وجهة نظر سياسية، من الصعب العثور على حجة للرد على ذلك، فهي تنجح بحسب الظروف.
حتى أحد الأشخاص المستهدفين من اقتراحها، وهو الناشط الاستثماري كارل أيكان، الذي اتخذ إجراء قانونيا للاعتراض على طريقة إدارة الشركات من أجل دفعها باتجاه إعادة شراء الأسهم، قال إنه من المؤيدين للاقتراح. وأخبرني أيكان: «رغم أنني قلت ذلك آنفا، ربما يفاجئك ما سأقوله لك، وهو أنني سأوافق على الكثير مما قالته. إنها تخطط لشيء ما». بالنسبة إلى بعض الديمقراطيين التقدميين، يعد هذا دعما ربما يثير المزيد من التساؤلات بشأن ما إذا كانت تغرق الأثرياء بدرجة كافية أم لا.
وأضاف أيكان، الذي يقدم نفسه بصفته مدافعا عن حقوق حاملي الأسهم، الذي طالما أكد أنه نظر إليه نظرة غير صحيحة كمهتم بالمدى القصير، قائلا: «المسؤولون الفعليون في الكثير من الحالات عن هذا النهج المتبني للمدى القصير هم مجالس إدارة الشركات، والرؤساء التنفيذيون لها؛ فهم من يقومون بإعادة شراء الأسهم التي يعلمون أنها سوف تعزز ما بحوزتهم من أسهم على المدى القصير وتزيد من قيمة الخيارات».
وقال منتقدون للخطة إن تغيير سلوك المستثمر من الناحية العملية يتضمن صعوبة تتجاوز خطابا انتخابيا أو حتى التغيير الذي تقترحه في قانون الضرائب. في النهاية، لا تمول خطط المعاش الحكومي وخطط «401 كيه» الضرائب، وتمثل نحو ثلثي كل الأصول المستثمرة. ويعود إلى هيلاري الفضل في توضيح ما لا يمكن لبرنامجها تحقيقه. وقالت إن مصدر الجانب الأكبر من الأموال ليس المعاشات الحكومية ولا خطط «401 كيه»؛ مشيرة إلى أن تلك أصول حقيقية مستثمرة على المدى الطويل، لكن مصدرها صناديق التحوط وما يشابهها.
المثير للفضول في هذا الأمر هو أن النظام الضريبي الجديد سوف يطبق فقط على الأثرياء من ذوي الدخول المرتفعة. ولا يمكن إيجاد تفسير لاتجاهها إلى منح حوافز للأثرياء من أجل عمل استثمارات على المدى الطويل، في حين سيستطيع الأقل ثراء المشاركة في عملية التداول اليومية من دون أي رادع.
وتابعت هيلاري في خطابها في كلية إدارة الأعمال منتقلة إلى أمر يتضمن مخاطرة أكبر وذلك من خلال تعليقها على النشطاء، وعمليات إعادة الشراء نفسها. وقالت: «بصفتي رئيسة سوف أصدر أمرا بعمل مراجعة شاملة للوائح المنظمة لنشاط حاملي الأسهم، والتي لم تتم إعادة فحصها منذ عقود، ناهيك عن تحديثها بحيث تتناسب مع التغيرات التي تحدث لاقتصادنا». ووصفت بعضهم بـ«نشطاء الكسب السريع الذين هدفهم هو الضغط من أجل الحصول على مال فوري»، مستخدمة كلمات تشبه تلك الكلمات التي يستخدمها الرؤساء التنفيذيون الذين يتعرضون لانتقادات. كذلك لمحت إلى عزمها «فحص إعادة شراء الأسهم بصرامة». ويرى البعض، ومن بينهم عضو مجلس الشيوخ إليزابيث وارين، أن هذا القانون سيتسبب في اعتبار عمليات إعادة الشراء مثل عمليات تلاعب بالأسهم. في الوقت الذي قد يكون فيه لهذا الاقتراح صدى سياسي للبعض في الحزب، من المرجح أن يكون خطوة بعيدة المنال، لن تحظى حتى بدعم المؤيدين الديمقراطيين من أمثال فينك.

* خدمة «نيويورك تايمز»



هل تؤدي العقوبات وأسعار الفائدة الروسية إلى موجة شاملة من الإفلاسات؟

الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
TT

هل تؤدي العقوبات وأسعار الفائدة الروسية إلى موجة شاملة من الإفلاسات؟

الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)

في ظلّ الضغوط المتزايدة التي فرضتها العقوبات الغربية وارتفاع أسعار الفائدة بشكل مذهل، تتزايد المخاوف في الأوساط الاقتصادية الروسية من احتمال حدوث موجة من الإفلاسات التي قد تهدّد استقرار الكثير من الشركات، لا سيما في ظل استمرار الرئيس فلاديمير بوتين في التمسّك بحربه في أوكرانيا.

وفي كلمته خلال مؤتمر الاستثمار الذي نظمته مجموعة «في تي بي» هذا الشهر، لم يفوّت بوتين الفرصة للتفاخر بما عدّه فشل العقوبات الغربية في إضعاف الاقتصاد الروسي، فقد صرّح قائلاً: «كانت المهمة تهدف إلى توجيه ضربة استراتيجية إلى روسيا، لإضعاف صناعتنا وقطاعنا المالي والخدماتي». وأضاف أن النمو المتوقع للاقتصاد الروسي سيصل إلى نحو 4 في المائة هذا العام، قائلاً إن «هذه الخطط انهارت، ونحن متفوقون على الكثير من الاقتصادات الأوروبية في هذا الجانب»، وفق صحيفة «واشنطن بوست».

وعلى الرغم من التصفيق المهذّب الذي قُوبل به الرئيس الروسي، فإن التوترات بدأت تظهر بين النخبة الاقتصادية الروسية بشأن التأثيرات السلبية المتزايدة للعقوبات على الاقتصاد الوطني. فقد حذّر عدد متزايد من المسؤولين التنفيذيين في الشركات الكبرى من أن رفع البنك المركزي أسعار الفائدة لمكافحة التضخم -الذي تفاقم بسبب العقوبات والنفقات العسكرية لبوتين- قد يهدد استقرار الاقتصاد في العام المقبل. وقد تتسبّب هذه السياسة في تسارع موجات الإفلاس، لا سيما في القطاعات الاستراتيجية الحساسة مثل الصناعة العسكرية، حيث من المتوقع أن يشهد إنتاج الأسلحة الذي يغذّي الحرب في أوكرانيا تباطؤاً ملحوظاً.

حتى الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، أشار في منشور على شبكته الاجتماعية «تروث سوشيال» إلى أن روسيا أصبحت «ضعيفة جزئياً بسبب اقتصادها المتداعي».

تحذيرات من الإفلاس

ومع تزايد توقعات أن «المركزي الروسي» سيضطر إلى رفع الفائدة مرة أخرى هذا الشهر، انضم بعض الأعضاء المعتدلين في الدائرة الداخلية لبوتين إلى الانتقادات غير المسبوقة للسياسات الاقتصادية التي أبقت على سعر الفائدة الرئيس عند 21 في المائة، في وقت يستمر فيه التضخم السنوي في الارتفاع ليصل إلى أكثر من 9 في المائة. وهذا يشير إلى احتمالية حدوث «ركود تضخمي» طويل الأمد أو حتى ركود اقتصادي في العام المقبل. وبالفعل، يتوقع البنك المركزي أن ينخفض النمو الاقتصادي بشكل حاد إلى ما بين 0.5 في المائة و1.5 في المائة في العام المقبل.

كما تسبّبت العقوبات الأميركية الجديدة التي شملت فرض عقوبات على 50 بنكاً روسياً، بما في ذلك «غازبروم بنك»، وهو قناة رئيسة لمدفوعات الطاقة، في زيادة تكاليف المعاملات بين المستوردين والمصدرين الروس. وقد أسهم ذلك في انخفاض قيمة الروبل إلى أدنى مستوى له مقابل الدولار منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في عام 2022. وقد أدى هذا الانخفاض في قيمة الروبل إلى زيادة التضخم، حيث ارتفعت الأسعار بنسبة 0.5 في المائة بين 26 نوفمبر (تشرين الثاني) و2 ديسمبر (كانون الأول)، وفقاً للبيانات الرسمية.

وفي هذا السياق، حذّر رئيس هيئة الرقابة المالية الروسية، نجل أحد أقرب حلفاء بوتين، بوريس كوفالتشوك، من أن رفع أسعار الفائدة «يحد من إمكانات الاستثمار في الأعمال، ويؤدي إلى زيادة الإنفاق في الموازنة الفيدرالية». كما انتقد الرئيس التنفيذي لشركة «روسنفت» الروسية، إيغور سيتشين، البنك المركزي بسبب ارتفاع أسعار الفائدة، مؤكداً أن ذلك أسهم في زيادة تكاليف التمويل للشركات وتأثر أرباحها سلباً.

وفي تصريح أكثر حدّة، حذّر رئيس شركة «روس أوبورون إكسبورت» المتخصصة في صناعة الأسلحة، سيرغي تشيميزوف، من أن استمرار أسعار الفائدة المرتفعة قد يؤدي إلى إفلاس معظم الشركات الروسية، بما في ذلك قطاع الأسلحة، مما قد يضطر روسيا إلى الحد من صادراتها العسكرية.

كما شدّد قطب صناعة الصلب الذي يملك شركة «سيفيرستال»، أليكسي مورداشوف، على أن «من الأفضل للشركات أن تتوقف عن التوسع، بل تقلّص أنشطتها وتضع الأموال في الودائع بدلاً من المخاطرة بالإدارة التجارية في ظل هذه الظروف الصعبة».

وحذّر الاتحاد الروسي لمراكز التسوق من أن أكثر من 200 مركز تسوق في البلاد مهدد بالإفلاس بسبب ارتفاع تكاليف التمويل.

وعلى الرغم من أن بعض المديرين التنفيذيين والخبراء الاقتصاديين يشيرون إلى أن بعض الشركات قد تبالغ في تقدير تأثير أسعار الفائدة المرتفعة، في محاولة للحصول على قروض مدعومة من الدولة، فإن القلق بشأن الوضع الاقتصادي يبدو مشروعاً، خصوصاً أن مستويات الديون على الشركات الروسية أصبحت مرتفعة للغاية.

ومن بين أكثر القطاعات تأثراً كانت صناعة الدفاع الروسية، حيث أفادت المستشارة السابقة للبنك المركزي الروسي، ألكسندرا بروكوبينكو، بأن الكثير من الشركات الدفاعية لم تتمكّن من سداد ديونها، وتواجه صعوبة في تأمين التمويل بسبب ارتفاع تكاليفه. وقالت إن بعض الشركات «تفضّل إيداع الأموال في البنوك بدلاً من الاستثمار في أنشطة تجارية ذات مخاطر عالية».

كما تحدّث الكثير من المقاولين علناً عن الأزمة الاقتصادية المتزايدة في روسيا. ففي أوائل نوفمبر، أشار رئيس مصنع «تشيليابينسك» للحديد والصلب، أندريه جارتونغ، خلال منتدى اقتصادي إلى أن فروعاً رئيسة من الهندسة الميكانيكية قد «تنهار» قريباً.

وفي الثالث من ديسمبر (كانون الأول)، أفادت وكالة «إنترفاكس» الروسية بأن حالات عدم السداد انتشرت في مختلف أنحاء الاقتصاد، حيث تأخرت الشركات الكبرى والمتوسطة بنسبة 19 في المائة من المدفوعات بين يوليو (تموز) وسبتمبر (أيلول)، في حين تأخرت الشركات الصغيرة بنسبة 25 في المائة من المدفوعات في الفترة نفسها.

وحسب وزارة التنمية الاقتصادية الروسية، فقد انخفض الاستثمار في البلاد، وتسببت العقوبات في ارتفاع تدريجي لتكاليف الواردات والمعاملات المالية، مما أدى إلى زيادة التضخم. كما قال مسؤول مالي روسي كبير سابق، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية الموضوع: «ما يحدث هو صدمة إمداد نموذجية في البلاد».

صناعة الدفاع مهددة

تأتي هذه التحديات في وقت حساس بالنسبة إلى صناعة الدفاع الروسية. فعلى الرغم من ضخ بوتين مبالغ ضخمة من التمويل الحكومي في هذا القطاع، مع تخصيص 126 مليار دولار في موازنة العام المقبل، فإن معظم الزيادة في الإنتاج كانت ناتجة عن تعزيز القوة العاملة لتشغيل المصانع العسكرية على مدار الساعة وتجديد مخزونات الحقبة السوفياتية. ومع ذلك، ومع استمرار الحرب ودخولها عامها الثالث، وارتفاع خسائر المعدات العسكرية، فإن القوة العاملة في القطاع قد وصلت إلى أقصى طاقتها، وإمدادات الأسلحة السوفياتية تتضاءل بسرعة.

وتقول جانيس كلوغ، من المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية، إن التكاليف المتزايدة والعقوبات المشددة على واردات المعدات تجعل من الصعب على قطاع الدفاع الروسي بناء الأسلحة من الصفر. ووفقاً لتقرير صادر هذا العام عن الباحثَين في المعهد الملكي للخدمات المتحدة بلندن، جاك واتلينغ ونيك رينولدز، فإن 80 في المائة من الدبابات والمركبات القتالية المدرعة التي تستخدمها روسيا في الحرب ليست جديدة، بل جُدّدت من المخزونات القديمة. ويضيف التقرير أن روسيا «ستبدأ في اكتشاف أن المركبات بحاجة إلى تجديد أعمق بحلول عام 2025. وبحلول عام 2026 ستكون قد استنفدت معظم المخزونات المتاحة».

ثقة الكرملين

على الرغم من هذه التحديات يبدو أن الوضع لا يثير قلقاً في الكرملين. وقال أكاديمي روسي له علاقات وثيقة مع كبار الدبلوماسيين في البلاد: «لا يوجد مزاج ذعر». وأضاف أن المسؤولين في الكرملين يعدّون أن «كل شيء يتطور بشكل جيد إلى حد ما». ووفقاً لهذا الرأي، فإن روسيا تواصل تحقيق تقدم عسكري، وفي ظل هذه الظروف، لا يرى الكرملين حاجة إلى تقديم أي تنازلات جادة.

وتزيد الاضطرابات السياسية في العواصم الغربية -بما في ذلك التصويت بحجب الثقة في فرنسا، مع التصويت المرتقب في ألمانيا، بالإضافة إلى اعتقاد الكرملين أن ترمب قد يقلّل من دعمه لأوكرانيا- من الثقة داخل روسيا.

وقد تصدّى بوتين لانتقادات متزايدة بشأن زيادات أسعار الفائدة ورئيسة البنك المركزي، إلفيرا نابيولينا، قائلاً في مؤتمر الاستثمار إن كبح جماح التضخم يظل أولوية بالنسبة إليه. ومع الارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية الأساسية مثل البطاطس التي ارتفعت بنسبة 80 في المائة هذا العام، يواصل بوتين دعم نابيولينا وزيادات أسعار الفائدة، رغم شكاوى الشركات الكبرى. وقالت كلوغ: «من وجهة نظر بوتين، لا يمكن السماح للتضخم بالخروج عن السيطرة، لأنه يمثّل تهديداً لاستقرار النظام السياسي، ولهذا السبب منح نابيولينا تفويضاً قوياً».

لكن المستشارة السابقة للبنك المركزي، ألكسندرا بروكوبينكو، ترى أن الضغط من الشركات الكبرى لن يهدأ. وقالت: «عندما يكون التضخم عند 9 في المائة، وسعر الفائدة عند 21 في المائة، فهذا يعني أن السعر الرئيس لا يعمل بشكل صحيح، ويجب البحث عن أدوات أخرى. أولوية بوتين هي الحرب وتمويل آلتها، ولا يمتلك الكثير من الحلفاء، والموارد المتاحة له تتقلص». وأضافت أنه من المحتمل أن تتعرّض نابيولينا لمزيد من الضغوط مع استمرار الوضع الاقتصادي الصعب.

ومع تزايد الضغوط على بوتين، أصبحت الصورة في الغرب أكثر تفاؤلاً بشأن فرص التغيير في روسيا، وفقاً لمؤسسة شركة الاستشارات السياسية «ر. بوليتيك» في فرنسا، تاتيانا ستانوفايا.

وأضافت: «بوتين مستعد للقتال ما دام ذلك ضرورياً... لكن بوتين في عجلة من أمره. لا يستطيع الحفاظ على هذه الشدة من العمل العسكري والخسائر في الأرواح والمعدات كما كان في الأشهر الأخيرة».