المعارضة التونسية ترفض التحالف مع «النهضة» لرفض قرارات سعيّد

حمّلتها مسؤولية «الفشل الذريع في إدارة الشأن العام» خلال فترة حكمها

نجيب الشابي رئيس «جبهة الخلاص الوطني» المعارضة في ندوة بالعاصمة التونسية أمس (إ.ب.أ)
نجيب الشابي رئيس «جبهة الخلاص الوطني» المعارضة في ندوة بالعاصمة التونسية أمس (إ.ب.أ)
TT

المعارضة التونسية ترفض التحالف مع «النهضة» لرفض قرارات سعيّد

نجيب الشابي رئيس «جبهة الخلاص الوطني» المعارضة في ندوة بالعاصمة التونسية أمس (إ.ب.أ)
نجيب الشابي رئيس «جبهة الخلاص الوطني» المعارضة في ندوة بالعاصمة التونسية أمس (إ.ب.أ)

تواصل المعارضة التونسية؛ المكونة أساساً من مجموعة من الأحزاب اليسارية، و«الحزب الدستوري الحر»، و«جبهة الخلاص الوطني»، علاوة على «الاتحاد العام التونسي للشغل (نقابة العمال)»، خوض مواجهة حادة مع «مسار 25 يوليو (تموز) 2021» الذي أقره الرئيس قيس سعيد، لكن دون أن تتحد في جبهة واحدة، أو في تكتل معين، خصوصاً أن كل طرف من هذه الأطراف يبدي مخاوف جدية من دعم تحركات «جبهة الخلاص الوطني»؛ المدعومة من قيادات «حركة النهضة»، ولكل طرف أسبابه السياسية والانتخابية.
في هذا السياق؛ جدد هشام العجبوني؛ القيادي في حزب «التيار الديمقراطي» المعارض، اليوم، رفضه مسار «25 يوليو 2021»، ورفض التقارب مع قيادات «جبهة الخلاص الوطني»، رغم اشتراكهما في معارضة السلطة القائمة، خصوصاً بعد سلسلة الاعتقالات الأخيرة التي جاءت بتوجيهات من الرئيس سعيد، وقال إن أسباب عدم هذا التقارب «ما زالت قائمة إلى حد الآن»؛ من بينها «ضرورة اعتراف (حركة النهضة) بالأخطاء الجسيمة التي ارتكبتها خلال السنوات العشر التي تزعمت فيها المشهد السياسي التونسي، والتمسك بضرورة انسحاب وجوه الفشل السياسي»، والتي حملها مسؤولية إعلان التدابير الاستثنائية من قبل الرئيس، مضيفاً أن عدداً كبيراً من أحزاب المعارضة «لا يمكنها أن تنسى الفشل الذريع في إدارة الشأن العام، والخلافات الكثيرة التي عاشتها أثناء فترة حكم (حركة النهضة)»، التي عدّتها من أبرز أسباب الفشل السياسي الذي عاشته البلاد؛ وفق تقديره.
وبخصوص الصعوبات التي تعترض عملية التنسيق بين الأطراف السياسية والاجتماعية المعارضة لمسار الرئيس، قال جمال لعرفاوي، المحلل السياسي التونسي، لـ«الشرق الأوسط»، إن «هناك خلافات عدة تشق صفوف المعارضة التونسية، وتفرق بين مواقفها، وهي في معظمها خلافات آيديولوجية. فالأحزاب اليسارية لا تطمئن إلى ممثلي الإسلام السياسي، وترفض أي مشاركة سياسية معهم، في ظل وجود (حركة النهضة) والأحزاب المؤيدة لها. كما أن (الحزب الدستوري الحر)، الذي تتزعمه عبير موسي، يعارض السلطة القائمة، لكنه يدعو في الوقت نفسه إلى إخراج ممثلي الإسلام السياسي من المشهد، وعلى رأسهم (حركة النهضة)»، بوصفها «خطراً على المسار الديمقراطي وعلى الدولة المدنية».
في سياق قريب، طالبت أطراف سياسية عدة؛ بما فيها «حركة النهضة»، اليوم، بـ«محاسبة من أجرم في حق التونسيين، وفتح الملفات الكبرى المتعلقة بالإرهاب والاغتيالات السياسية، وتسفير الشباب إلى بؤر التوتر، ومن يقف وراءها». إضافة إلى «كشف حقيقة ملف الجهاز السري والغرفة السوداء لـ(حركة النهضة)، وكيفية تسريب كثير من الملفات السياسية والقضائية، إلى جانب ملفات الفساد والتمويل الأجنبي المشبوه خلال المحطات الانتخابية الماضية».
من ناحية أخرى؛ قال سمير ديلو، القيادي السابق في «حركة النهضة»، إن المحامين المكلفين الدفاع عن المتهمين الموقوفين، وجلهم سياسيون ورجال أعمال وإعلاميون، صاروا يعرفون «المخبر المجهول»، الذي قدم معلومات للسلطات بخصوص ملف «التآمر ضد أمن الدولة»، مضيفاً أن ملف القضية «انطلق بوشاية وسماع مخبر قال إنه حصل على معلومات تؤكد وجود مؤامرة ضد الدولة. غير أن هذا المخبر نفسه يوجد حالياً في السجن بتهمة (التآمر ضد أمن الدولة)»؛ على حد قوله.


مقالات ذات صلة

الرئيس التونسي يقيل وزيرة الطاقة

شمال افريقيا الرئيس التونسي يقيل وزيرة الطاقة

الرئيس التونسي يقيل وزيرة الطاقة

أعلنت الرئاسة التونسية في بيان، مساء الخميس، أن الرئيس قيس سعيد أقال وزيرة الصناعة والمناجم والطاقة نائلة نويرة القنجي، وفق وكالة «رويترز» للأنباء. وورد في بيان للرئاسة التونسية على «فيسبوك» أن سعيد أصدر أمرًا يقضي بإنهاء مهمات «السيدة نائلة نويرة القنجي، وزيرة الصناعة والمناجم والطاقة»، دون الإفصاح عن التفاصيل والأسباب أو تكليف من سيخلفها في المنصب.

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا الغنوشي يقرر رفض الاستجابة لأي دعوة أمنية أو قضائية... حتى إشعار آخر

الغنوشي يقرر رفض الاستجابة لأي دعوة أمنية أو قضائية... حتى إشعار آخر

خلفت تقارير إعلامية تونسية عن تقدّم راشد الغنوشي باستقالته من رئاسة «حركة النهضة» بعد إصدار مذكرة توقيف بالسجن ضده منذ يوم 20 أبريل (نيسان) الحالي، تساؤلات حول حقيقة هذه الاستقالة، وهل تمت بالفعل، أم أن تعيين منذر الونيسي رئيسا مؤقتا للحركة هو الذي غذاها. التقارير نسبت قرار استقالة الغنوشي إلى مصادر في «حركة النهضة»، وأرجعت الأسباب إلى «عجزه عن قيامه بمهامه بسبب وضعه القانوني الحالي، بالإضافة إلى كبر سنه ومعاناته من عدة أمراض مزمنة»، غير أن هذه «الاستقالة المزعومة» بقيت في حاجة إلى توضيحات رسمية تؤكدها، أو تنفيها. وفي هذا الشأن، نفى بلقاسم حسن عضو المكتب التنفيذي لـ«النهضة» في تصريح لـ«الشرق ا

المنجي السعيداني (تونس)
المشرق العربي عودة العلاقات التونسية - السورية... واستئناف التعاون الأمني والاقتصادي

عودة العلاقات التونسية - السورية... واستئناف التعاون الأمني والاقتصادي

تمخضت زيارة وزير الخارجية السوري فيصل المقداد لتونس بعد انقطاع دام 11 سنة، عن اتفاق على عودة العلاقات بين البلدين «إلى مسارها الطبيعي». كما أفرزت الزيارة، التي وصفها المقداد بـ«التاريخية»، اتفاقا على تعزيز التعاون في المجال الأمني، خاصة «في مجال مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة وشبكات الاتجار بالبشر». واتفق الجانبان، إثر الزيارة التي دامت ثلاثة أيام وانتهت الأربعاء، على «تكثيف التواصل بين البلدين في المرحلة المقبلة بهدف تعزيز التشاور والتنسيق حول مختلف القضايا والمسائل الثنائية ذات الاهتمام المشترك، والعمل على التئام اللّجنة المشتركة بينهما». ونص بيان مشترك صدر عن الزيارة أيضا، على استئناف التع

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا نقل راشد الغنوشي إلى المستشفى بعدما أوقفه الأمن التونسي

نقل راشد الغنوشي إلى المستشفى بعدما أوقفه الأمن التونسي

نُقل راشد الغنوشي رئيس حركة «النهضة» الإسلامية والبرلمان المنحل إلى المستشفى، اليوم (الثلاثاء)، بسبب تدهور حالته الصحية إثر إيقافه من الأمن، حسبما أفاد به مستشاره الإعلامي ماهر المذيوب. ووفق وكالة الأنباء الألمانية، أُوقف الغنوشي منذ ليل الاثنين-الثلاثاء بعد تصريحات له من مقر «جبهة الخلاص الوطني» المعارضة للرئيس قيس سعيد، حذّر خلالها من أن إقصاء «الإسلام السياسي» أو اليسار أو أي طرف سياسي آخر، يهدد بحرب أهلية في البلاد. وقال المذيوب: «نحمّل قيس سعيد، المسؤولية كاملة على الخطر الداهم المهدِّد لحياته». من جانبه، قال مسؤول بوزارة الداخلية إن الغنوشي سيبقى على ذمة التحقيقات في قضية تتعلق بتصريحات

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا الشرطة التونسية تداهم مقر «النهضة» وتبدأ إخلاءه وتفتيشه

الشرطة التونسية تداهم مقر «النهضة» وتبدأ إخلاءه وتفتيشه

قال مسؤولون من «حركة النهضة» التونسية لوكالة «رويترز» للأنباء إن قوات الشرطة داهمت المقر الرئيسي للحركة بالعاصمة تونس وبدأت إخلاءه وتفتيشه، اليوم الثلاثاء، بعد ساعات من إلقاء القبض على زعيم الحركة راشد الغنوشي. وقال رياض الشعيبي القيادي بالحركة لوكالة «رويترز» إن الشرطة أظهرت إذناً قضائياً وبدأت إخلاء المقر من كل من فيه. وأعلنت «حركة النهضة» التونسية، أمس الاثنين، أن قوات الأمن أوقفت زعيمها رئيس البرلمان السابق راشد الغنوشي، في بيان نشرته على «فيسبوك»، مشيرة إلى أنه اقتيد إلى «جهة غير معلومة من دون احترام أبسط الإجراءات القانونية». ونددت الحركة «بهذا التطور الخطير جداً»، وطالبت بـ«إطلاق سراح ا

«الشرق الأوسط» (تونس)

الرئيس الجزائري إلى موسكو لـ«تعزيز الشراكة الاستثنائية»

من لقاء سابق بين الرئيس تبون وبوتين (الرئاسة الجزائرية)
من لقاء سابق بين الرئيس تبون وبوتين (الرئاسة الجزائرية)
TT

الرئيس الجزائري إلى موسكو لـ«تعزيز الشراكة الاستثنائية»

من لقاء سابق بين الرئيس تبون وبوتين (الرئاسة الجزائرية)
من لقاء سابق بين الرئيس تبون وبوتين (الرئاسة الجزائرية)

قالت صحيفة جزائرية إن الرئيس عبد المجيد تبون سيزور موسكو أيام 14 و15 و16 من الشهر الحالي، بناء على اتفاق سابق مع الرئيس فلاديمير بوتين. ووفق توقعات مراقبين، فإن الزيارة المرتقبة ستبحث «تحيين اتفاق الشراكة الاستراتيجي» بين البلدين، وقد تنتهي بالتوقيع على عقود سلاح بقيمة مالية كبيرة.

ونشرت صحيفة «جان إندبندنت» الفرنكفونية بموقعها الإلكتروني، مساء الخميس، وفقاً لمسؤول روسي، أن وفداً وزارياً «مهماً» سيرافق تبون إلى روسيا، وسيشارك، وفقاً له، في منتدى اقتصادي سيُعقَد في مدينة سان بترسبورغ، في 16 من الشهر الحالي، سيجمع العشرات من أرباب العمل ومسيري الشركات من 33 بلداً.

وأكدت الصحيفة أن «المسؤول الروسي»، الذي استقيت منه المعلومة، «يوجد بالجزائر حالياً على رأس وفد من رجال أعمال روس»، مشيرة إلى أن أعضاء الوفد اجتمعوا بمستثمرين جزائريين، خلال الأسبوع الأول من يونيو (حزيران) الحالي، من دون توضيح ما جرى بحثه، ويعتقد أن الاجتماع تناول الملفات الاقتصادية، التي ستكون محل مباحثات بين رئيسي البلدين.

تبون مع وزير خارجية روسيا في الجزائر يوم 10 مايو 2022 (الرئاسة الجزائرية)

وأضافت الصحيفة أن البعثتين الحكوميتين الروسية والجزائرية «ستجددان، خلال الزيارة، تمسكهما باتفاق الشراكة الاستراتيجية»، الذي وقَّعه البلدان في 2001، خلال زيارة الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة إلى موسكو.

ووفق «جان إندبندنت» أيضاً، ستتناول مباحثات بوتين مع تبون ملفات دولية شديدة الأهمية، كالوضع في الشرق الأوسط وليبيا ومنطقة الساحل، والتنسيق الجاري بين روسيا والجزائر في إطار «أوبك بلس»، لضبط أسعار الطاقة في السوق الدولية.

واللافت أن الجزائريين اتبعوا موقف الحياد من الحرب التي تشنها روسيا على أوكرانيا، علماً بأن عدة مسؤولين مدنيين وعسكريين روس زاروا الجزائر في 2022 و2023، كما أن مساعي الجزائر للحاق بمجموعة «بريكس» حظيت بموافقة الروس.

وكانت رئيسة «المجلس الفيدرالي الروسي» فالنتينا ماتفيينكو قد صرحت، في 16 مارس (آذار) الماضي، أثناء زيارة لها للجزائر، بأن الحكومتين «تعملان حالياً على تعديل وثيقة الشراكة الاستراتيجية المعمقة بين البلدين، وسنوقّع عليها قريباً». ويعتقد أن إمضاء الوثيقة سيجري بمناسبة زيارة تبون إلى موسكو.

تبون مع رئيسة «المجلس الفيدرالي للجمعية الفيدرالية لروسيا» في 16 مارس الماضي (الرئاسة الجزائرية)

وتوضح الوثيقة الإطار العام للتعاون الثنائي في المجالات العلمية والاقتصادية، بما في ذلك الميدان العسكري، علماً بأن الجزائر تعد ثاني شريك تجاري لروسيا في القارة الأفريقية، وذلك بحجم مبادلات قارب 3 مليارات دولار عام 2021، وهي من أكبر زبائن موسكو في السلاح منذ عهد الاتحاد السوفياتي.

وفي 31 يناير (كانون الثاني) الماضي، أعلنت الرئاسة الجزائرية عن اتفاق بين بوتين وتبون، خلال اتصال هاتفي، وزيارة للرئيس الجزائري إلى موسكو، في مايو (أيار) الماضي. ولم يوضح أي من الجانبين لاحقاً لماذا لم تجرِ الزيارة، في الشهر الماضي، رغم أنه جرى الحديث عن هذه الزيارة بشكل متواتر عام 2022 في وسائل الإعلام، مع التركيز على وجود ترتيبات تخص شراء سلاح روسي بمبلغ كبير، فضلاً عن عدة مشروعات في مجال الصناعات الميكانيكية والغذائية، والتعاون في مجال المحروقات.

وفي الفترة نفسها، راسل 27 عضواً من «الكونغرس» الأميركي، وزير الخارجية أنتوني بلينكن، طالبوا فيها بإنزال عقوبات على الجزائر بسبب صفقات الأسلحة مع روسيا. وتضمنت الرسالة «مخاوف من تنامي العلاقات الوثيقة بين الجزائر وروسيا»، بحجة أن الجزائر وقّعت، عام 2021، صفقات أسلحة مع روسيا قيمتها 7 مليارات دولار، من بينها بيع روسيا طائرات مقاتلة متطورة من طراز «سوخوي Su-57»، لم تبِعها لأية دولة أخرى، وفقاً لهم. وجاء هذا الضغط في سياق الحرب في أوكرانيا.

رئيس أركان الجيش الجزائري مع مسؤول التعاون العسكري في روسيا (الدفاع الجزائرية)

وضمن إطار «الحوار العسكري» بين البلدين، التقى رئيس أركان الجيش الجزائري، الفريق أول سعيد شنقريحة، أمس الخميس، بمقر وزارة الدفاع الجزائرية، مدير «المصلحة الفيدرالية للتعاون العسكري والفني لفيدرالية روسيا»، ديمتري شوغاييف، حيث «تناول الطرفان التقدم في التعاون العسكري والفني بين البلدين». ويزور شوغاييف الجزائر للمرة الثانية في أقل من عام.


13 قتيلاً في اشتباكات بمخيم للنازحين بجنوب السودان

قتلى في اشتباكات بين طائفتين عرقيتين بمخيم نازحين في جنوب السودان (بعثة الأمم المتحدة)
قتلى في اشتباكات بين طائفتين عرقيتين بمخيم نازحين في جنوب السودان (بعثة الأمم المتحدة)
TT

13 قتيلاً في اشتباكات بمخيم للنازحين بجنوب السودان

قتلى في اشتباكات بين طائفتين عرقيتين بمخيم نازحين في جنوب السودان (بعثة الأمم المتحدة)
قتلى في اشتباكات بين طائفتين عرقيتين بمخيم نازحين في جنوب السودان (بعثة الأمم المتحدة)

أفادت بعثة الأمم المتحدة، الجمعة، بأن 13 شخصاً لقوا حتفهم في نزاع نشب بين طائفتين عرقيتين بمخيم تديره المنظمة الدولية ويؤوي نازحين في شمال جنوب السودان.

بدأت الاشتباكات، بين أفراد من الطائفتين يقيمون في المخيم بمدينة ملكال عاصمة ولاية أعالي النيل، (الخميس) بمقتل رجل طعناً.

وقال المتحدث باسم بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان بن مالور، في بيان، إن «التقارير الأولية للبعثة أشارت إلى مقتل 3 أشخاص على الأقل وإصابة أكثر من 20 يتلقى بعضهم العلاج في مستشفى البعثة».

وأضاف: «في وقت لاحق اليوم تأكد مقتل 10 أشخاص آخرين».

ويستضيف المخيم 50 ألف شخص على الأقل، وتذبذبت أعداد المقيمين به منذ قدوم أول مجموعة من الناس في بداية الحرب الأهلية في عام 2013.

من جهته، قال وزير الإعلام في ولاية أعالي النيل لوك سعد الله، إن الأعداد زادت بعد فرار نحو 3000 شخص من القتال في السودان المجاور إلى المخيم في الأسابيع الماضية.

وقال مالور إنه مع عودة الهدوء، وقد عززت بعثة الأمم المتحدة وجيش جنوب السودان الأمن بالمخيم وفي محيطه.

وأدى اتفاق السلام عام 2018 الذي وقّعته الأطراف الرئيسية في الحرب الأهلية، التي امتدت بين 2013 و2018، إلى انحسار العنف بشكل كبير في جنوب السودان في السنوات القليلة الماضية.

لكن تتكرر اشتباكات محدودة بين الطوائف المتنافسة، وما زال العنف منتشراً في مناطق بها نزاعات على حقوق الرعي والمياه والأراضي الزراعية وغيرها من الموارد.

وشهدت ولاية أعالي النيل في الأشهر الأخيرة أعمال عنف تقف وراءها ميليشيات مسلحة بشكل أساسي.

وفي ديسمبر (كانون الأول)، قُتل 166 شخصاً، معظمهم من المدنيين، ونزح أكثر من 20 ألفاً آخرين في المنطقة، وفقاً لمفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان.

وأودى قتال في مخيم ملكال عام 2016 بحياة 18 شخصاً على الأقل، من بينهم اثنان من منظمة أطباء بلا حدود.


مصر: «حادث الغردقة» يُثير تساؤلات حول علاقة «هجمات القرش» بسلوكيات البشر

سلوكيات البشر قد تكون مسؤولة عن هجوم أسماك القرش (غيتي)
سلوكيات البشر قد تكون مسؤولة عن هجوم أسماك القرش (غيتي)
TT

مصر: «حادث الغردقة» يُثير تساؤلات حول علاقة «هجمات القرش» بسلوكيات البشر

سلوكيات البشر قد تكون مسؤولة عن هجوم أسماك القرش (غيتي)
سلوكيات البشر قد تكون مسؤولة عن هجوم أسماك القرش (غيتي)

تطورت أسماك القرش قبل ملايين السنين من وجود البشر، بالتالي فإن البشر ليسوا جزءاً من وجباتها الغذائية العادية، ولذلك قد تفاجأ بفيديوهات لأشخاص يسبحون بجوار سمكة القرش، وفي المقابل هناك فيديوهات نادرة لهجمات تشنها أسماك القرش على البشر، مثلما حدث (الخميس) في مدينة الغردقة المصرية، فما الاختلاف بين الحالتين؟

يتفق خبيران أميركيان، استطلعت «الشرق الأوسط» آراءهما، على أنه «من بين 530 نوعاً لأسماك القرش، فإن الأنواع الأكثر هجوماً تكون هي أسماك القرش البيضاء، وهي الأكثر شهرة، و(النمر)، المسؤولة عن حادث الغردقة، وأخيراً (الثور)».

وهذه الأنواع الثلاثة، رغم أنها الأكثر مسؤولية عن الهجمات بحق البشر؛ إلا أن هجماتها التي تستهدف البشر لا تعني بأي حال من الأحوال حدوث تحول في سلوكها نحو العدوانية تجاههم، كما أوضح الخبيران.

وقال جون مكيكران، أستاذ علوم الحياة البرية ومصائد الأسماك بجامعة ولاية تكساس، «البشر ليسوا خياراً غذائياً مفضلاً لأسماك القرش، التي لا تنظر إلى الشكل البشري على أنه عنصر فريسة، لكن (الفقمة) هي المصدر الغذائي الرئيسي لها، لذلك أحياناً ما تشير تقارير إلى تعرض ألواح ركوب الأمواج لضرب سمكة القرش، وربما يرجع السبب في ذلك إلى أن اللوحة تشبه شكل (الفقمة)».

ويعزي مكيكران السبب الرئيسي لهجمات القرش إلى «سلوك غير سليم من البشر»، لذلك من الأسئلة المهمة التي يجب الإجابة عليها لتفسير «حادث الغردقة»، ما يتعلق بسلوك السائح الروسي قبل الحادثة، لأن شكل الهجوم، كما يظهر في الفيديوهات، يبدو غريباً، فأسماك القرش حتى عندما تهجم على البشر خطأ تدرك من أول عضة أنه ليس مفترسها. وأضاف مكيكران لـ«الشرق الأوسط»، أنه «إذا كنت تستخدم بعض الفطرة السليمة في الماء، فلابد أن تكون على ما يرام، لكن الفيديو يكشف عن مشاهد غريبة نحتاج إلى مزيد من المعلومات لتفسيرها، أهمها سلوك السائح».

ورغم اتفاق كريستوفر جي لوي، من مختبر أسماك القرش بقسم العلوم البيولوجية بجامعة ولاية كاليفورنيا، مع ما ذهب إليه مكيكران، من أن «هجمات القرش على البشر تكون في كثير من الأحيان خطأ ناتجاً عن ممارسة خاطئة من جانب البشر، وهو ما يقتضي جمع معلومات عن سلوك السائح قبل الحادثة»؛ إلا أن جي لوي لا ينكر في الوقت ذاته، أنه «ربما يكون السائح قد وجد في الوقت الخطأ».

وقال جي لوي لـ«الشرق الأوسط»، إن «في أبحاثنا نضع في معظم الأوقات الكاميرا في الماء، وتكون أسماك القرش راضية تماماً وقد فعلنا هذا آلاف المرات؛ لكن في عدد قليل من المناسبات هاجموا الكاميرا، حيث يبدو الأمر حينها كما لو كانوا في حالة (مفترسة شديدة)، حيث تنغلق حواسهم على أي نوع من المحفزات»، مضيفاً: «هذا يجعلني لا أستبعد أنه ربما يكون هجوم سمكة القرش سببه وجود الشخص في الوقت الخاطئ مع سمكة قرش في هذا النوع من الحالة المرتفعة».

ولأن تاريخه البحثي يشير إلى ندرة الهجوم على أدوات التصوير، مقارنة بآلاف المرات التي تركت أسماك القرش تلك الآلات دون أن تقترب منها، فإن الأمر نفسه ينطبق على هجمات القرش على البشر، التي يشير جي لوي، إلى تركيز وسائل الإعلام عليها، وكأنها أصبحت في تزايد مستمر.

ويقول إن «الغالبية العظمى من رحلات الطائرات تكون (آمنة)، لكن عندما تقع حادثة تتصدر عناوين الصحف، وكذلك حوادث هجوم القرش، فالأصل أن تكون السباحة (آمنة)، ونادراً جداً ما نفاجأ بمثل هذه الحوادث».

ووفق أرقامٍ للمتحف الدولي للحياة البرية، فإن التعرض لهجوم قاتل من قبل سمكة قرش نسبته (حالة وفاة واحدة من بين 3 ملايين و748 ألفاً و67)، وهو احتمال نادر للغاية، مقارنة بنسبة واحد إلى 79 ألفاً و746 بالنسبة لحالات الوفاة بواسطة البرق.


لجنة «6+6» الليبية: القوانين الانتخابية باتت تستوعب مختلف الرؤى

جانب من اجتماعات لجنة «6+6» في مدينة بوزنيقة المغربية (الشرق الأوسط)
جانب من اجتماعات لجنة «6+6» في مدينة بوزنيقة المغربية (الشرق الأوسط)
TT

لجنة «6+6» الليبية: القوانين الانتخابية باتت تستوعب مختلف الرؤى

جانب من اجتماعات لجنة «6+6» في مدينة بوزنيقة المغربية (الشرق الأوسط)
جانب من اجتماعات لجنة «6+6» في مدينة بوزنيقة المغربية (الشرق الأوسط)

أصدرت لجنة «6+6» الليبية، اليوم (الجمعة)، بياناً أعلنت فيه «إنهاءها مشروعات قوانين الاستفتاء والانتخابات منذ الثالث من يونيو (حزيران) الجاري»، وأكدت «صحة وسلامة الاتفاق على مشروع صياغة القوانين بالتوقيع والتصويت عليها بالإجماع».

وبحسب تقرير وكالة الأنباء الألمانية، فقد أشارت اللجنة إلى استنادها على التعديل الدستوري في إعداد القوانين الانتخابية، موضحة أن القوانين «تستوعب مختلف الرؤى، وتبدد مخاوف كل الأطراف الفاعلة المتصارعة في المشهد»، وأن إعدادها «تم بحضور خبراء البعثة الأممية، وبالتشاور المستمر مع المفوضية العليا للانتخابات».

كما أفاد بيان اللجنة بأن قانون انتخاب مجلس الأمة «يعتمد على عودة الحياة الحزبية، ويحافظ على المساواة في الانتخابات، والترشح بين النساء والرجال، ومنح المرأة مقاعد للتنافس الخاص»، موضحاً أن اللجنة «سترسل مشروعي القوانين إلى مجلس النواب من أجل إصدارهما، ثم إحالتهما إلى مفوضية الانتخابات، والتحضير للتنفيذ»، خاتماً بالقول: «لن نلتفت للأصوات المحبطة، التي تسعى إلى إيقاف قطار الانتخابات وتجديد الشرعية».

وفيما يخص النقاط الخلافية بين مجلسي النواب و«الدولة»، والتي أدت لتأخير الانتخابات منذ ديسمبر (كانون الأول) 2021 إلى الآن، فإن القوانين التي أعدتها اللجنة تسمح بترشح مزدوجي الجنسية للجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية، على أن يتم التنازل عنها قبل الجولة الثانية. وتعتبر كل من قبل ملف ترشحه مستقيلاً من وظيفته أو منصبه، مدنياً كان أو عسكرياً، وهو الأمر الذي يعني إمكانية ترشح المشير خليفة حفتر، قائد الجيش الوطني الليبي.

كما تتيح القوانين أيضاً ترشح كل من لم تصدر بحقه أحكام قضائية نهائية، ما سيسمح بترشح نجل العقيد الليبي، سيف الإسلام معمر القذافي.

القوانين باتت تسمح بترشح كل من لم تصدر بحقه أحكام قضائية نهائية... وهو ما سيسمح بترشح سيف الإسلام القذافي للانتخابات (صفحته على «تويتر»)

ووفقاً للقوانين، ستجرى انتخابات مجلس الأمة (مجلس النواب ومجلس الشيوخ) بالتزامن مع الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية. وبينما لم يعلق رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، على مخرجات اللجنة، أبدى خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة، أمله في زيادة تفاهم حول بعض النقاط من خلال اللجنة نفسها في لقاءات قادمة.

عقيلة صالح رئيس مجلس النواب رفض التعليق على مخرجات لجنة «6+6» في اجتماعات المغرب (المكتب الإعلامي لصالح)

من جهته، دعا المجلس الرئاسي لجنة «6+6» إلى الاستمرار في مشاوراتها لمعالجة النقاط العالقة، من أجل إجراء الانتخابات قبل نهاية العام، منبهاً إلى ضرورة التزام اللجنة بإطار اختصاصها الدستوري. أما البعثة الأممية فلم تبين موقفها من قوانين الانتخابات، واكتفت في آخر بيان لها بالدعوة لعدم المماطلة في ملف الانتخابات، مؤكدة مواصلتها العمل مع جميع المؤسسات المعنية لتيسير مشاورات بين جميع الأطراف الفاعلة، بهدف معالجة المواد الخلافية في القوانين الانتخابية.

في سياق ذلك، رحبت جمهورية مصر العربية في بيان صادر عن وزارة الخارجية، اليوم (الجمعة)، بجهود لجنة «6+6» المشتركة، المُشكلة من مجلسي النواب والأعلى للدولة الليبيين، بهدف إعداد القوانين الخاصة بالانتخابات الليبية، مثمّنة استضافة المغرب لهذه الجولة من أعمال اللجنة.

وذكر البيان أن مصر «تشجع مجلسي النواب والأعلى للدولة الليبيين على مواصلة الاضطلاع بالدور المنوط بهما، وفقاً لصلاحياتهما في اتفاق الصخيرات، بما يهدف إلى استيفاء جميع الأطر اللازمة لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بالتزامن في أقرب وقت، تحقيقاً لتطلعات الشعب الليبي الشقيق».

ودعت مصر في البيان جميع الأطراف المنخرطة في الأزمة الليبية إلى دعم هذه الجهود، اتساقاً مع مبدأ الملكية الليبية للحل، وباعتبار ولايتها مستمدة من المؤسسات الشرعية الليبية، تحقيقاً للهدف المنشود وعودة الاستقرار إلى ليبيا الشقيقة، وتحقيق طموحات شعبها.

ومن جهتها، عبرت الأمانة العامة لاتحاد المغرب العربي، عن ارتياحها لما توصلت إليه اللجنة المشتركة الليبية «6+6»، والتي أثمرت الإعلان عن توافق الأطراف المشاركة في هذا الحوار على جميع نقاط الاختلاف المتعلقة بالقوانين المنظمة للانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وتأكيدهم على أنها ستكون شاملة.

وأوضح بيان للأمانة العامة من مقرها بالرباط، أنها تعرب عن أملها في أن يكون للتوافق حول قوانين الانتخابات «الأثر المباشر في تنظيم هذه الانتخابات، التي طال انتظارها، ويسهم في إيجاد حل نهائي للأزمة الليبية، بشكل يضمن وحدة ليبيا واستقرارها، ويدعم أمن المنطقة المغاربية بأكملها». كما ثمّنت جهود المملكة المغربية لمصلحة الأشقاء الليبيين للتوصل إلى هذه النتائج.


نائب قائد الجيش السوداني: قواتنا متماسكة والبرهان يدير المعركة بنفسه

شمس الدين كباشي نائب القائد العام للقوات المسلحة السودانية (أرشيفية - سونا)
شمس الدين كباشي نائب القائد العام للقوات المسلحة السودانية (أرشيفية - سونا)
TT

نائب قائد الجيش السوداني: قواتنا متماسكة والبرهان يدير المعركة بنفسه

شمس الدين كباشي نائب القائد العام للقوات المسلحة السودانية (أرشيفية - سونا)
شمس الدين كباشي نائب القائد العام للقوات المسلحة السودانية (أرشيفية - سونا)

أكد شمس الدين كباشي نائب القائد العام للقوات المسلحة السودانية، اليوم الجمعة، على أن قوات الجيش «متماسكة» في معركتها مع قوات الدعم السريع، والمستمرة منذ نحو شهرين.

وذكر كباشي في مقطع مصور مع مجموعة من الجنود، نشرته صفحة القوات المسلحة السودانية على «تويتر»، أن قائد الجيش عبد الفتاح البرهان يدير المعركة بنفسه مع هيئة القيادة.

وأضاف نائب القائد العام أنه لا صحة لما تردد من شائعات عن قتل أو اعتقال قيادات في الجيش.

واندلع القتال فجأة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في منتصف أبريل (نيسان) الماضي، بينما كانت الأطراف العسكرية والمدنية تضع اللمسات النهائية على عملية سياسية كان من المفترض أن تنتهي بإجراء انتخابات في غضون عامين.


السعودية وأميركا تعلنان عن هدنة مؤقتة في السودان

معارك محتدمة في مناطق واسعة بالعاصمة الخرطوم (أ.ف.ب)
معارك محتدمة في مناطق واسعة بالعاصمة الخرطوم (أ.ف.ب)
TT

السعودية وأميركا تعلنان عن هدنة مؤقتة في السودان

معارك محتدمة في مناطق واسعة بالعاصمة الخرطوم (أ.ف.ب)
معارك محتدمة في مناطق واسعة بالعاصمة الخرطوم (أ.ف.ب)

أعلنت السعودية والولايات المتحدة عن توصل ممثلي القوات المسلحة السودانية وقوات «الدعم السريع» إلى اتفاق مؤقت لوقف إطلاق نار في جميع أنحاء السودان.

وأشارت وزارة الخارجية السعودية، في بيان، إلى أن الاتفاق سارٍ لمدة 24 ساعة اعتباراً من الساعة السادسة من صباح السبت 10 يونيو (حزيران) الجاري بتوقيت الخرطوم.

وأضافت الوزارة أنه «جرى اقتراح الهدنة الجديدة لتعزيز تدابير بناء الثقة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع»، مما يسمح بـ«استئناف محادثات جدة».

وأعرب البلدان عن إحباطهما من «عدم التزام» الأفرقاء في السودان، باتفاقات الهدنة السابقة.

وكانت الاشتباكات العنيفة بين طرفي القتال في السودان تواصلت الخميس، في المنطقة العسكرية الاستراتيجية جنوب العاصمة الخرطوم، التي تضم قيادة سلاح المدرعات، ومجمع «اليرموك» للصناعات الدفاعية، والمستودع الرئيسي للغاز، فيما دفع الجيش بتعزيزات عسكرية كبيرة لطرد قوات «الدعم السريع» التي تقول إنها تسيطر على المجمع العسكري بالكامل، وتحاصر سلاح المدرعات من الناحية الشرقية.

وشن الجيش السوداني غارات جوية لفك الحصار على إحدى أهم المناطق العسكرية في الخرطوم، فيما واصلت قوات «الدعم السريع» بث فيديوهات على صفحتها الرسمية في «فيسبوك» تؤكد وجود قواتها داخل مقرات مجمع «اليرموك»، وذلك لدحض ما يُتداول من أنباء عن استعادة الجيش لها.

ويضم مجمع «اليرموك» عدداً من المصانع التي تنتج الأسلحة الثقيلة والخفيفة والآليات العسكرية والدبابات والمدافع، كما يزود الكثير من الصناعات المدنية بقطع الغيار لقطاعات البترول والسكك الحديد.


السودان يعلن المبعوث الأممي بيرتيس شخصاً «غير مرغوب فيه»

 المبعوث الأممي الألماني فولكر بيرتيس (إ.ب.أ)
المبعوث الأممي الألماني فولكر بيرتيس (إ.ب.أ)
TT

السودان يعلن المبعوث الأممي بيرتيس شخصاً «غير مرغوب فيه»

 المبعوث الأممي الألماني فولكر بيرتيس (إ.ب.أ)
المبعوث الأممي الألماني فولكر بيرتيس (إ.ب.أ)

أعلنت وزارة الخارجية السودانية، أن المبعوث الأممي الألماني فولكر بيرتيس، شخص غير مرغوب فيه، اعتباراً من الخميس.

وقالت الوزارة في بيان: «أخطرت حكومة جمهورية السودان الأمين العام للأمم المتحدة بإعلان فولكر بيرتيس، ممثل الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس بعثة يونيتامس ( بعثة الأمم المتحدة المتكامله لدعم الانتقال في السودان)، شخصاً غير مرغوب فيه، وذلك اعتباراً من تاريخ اليوم».

وكان قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، قد اتّهم بيرتيس بتأجيج النزاع الدموي الدائر بين الجيش وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو.


العقوبات الأميركية: سلاح فعّال أم وسيلة مستهلكة؟

أشخاص يتفقدون منزلاً في جنوب الخرطوم تحول إلى ركام بعد أن طاله القصف المدفعي مع استمرار الاشتباكات في السودان (أ.ف.ب)
أشخاص يتفقدون منزلاً في جنوب الخرطوم تحول إلى ركام بعد أن طاله القصف المدفعي مع استمرار الاشتباكات في السودان (أ.ف.ب)
TT

العقوبات الأميركية: سلاح فعّال أم وسيلة مستهلكة؟

أشخاص يتفقدون منزلاً في جنوب الخرطوم تحول إلى ركام بعد أن طاله القصف المدفعي مع استمرار الاشتباكات في السودان (أ.ف.ب)
أشخاص يتفقدون منزلاً في جنوب الخرطوم تحول إلى ركام بعد أن طاله القصف المدفعي مع استمرار الاشتباكات في السودان (أ.ف.ب)

تستعمل الإدارات الأميركية، سواء أكانت جمهورية أم ديمقراطية، بشكل مستمر، نظام العقوبات، كجزء من استراتيجية الضغط لتعديل سياسات الدول أو الأفراد. لكن هذا النظام لم يسلم من الانتقادات، إذ يرى البعض أنه سلاح فعال بينما يرى آخرون أن الإدارات استهلكت استعماله «من دون أنياب».

وتقدر وزارة الخزانة الأميركية أنها فرضت، بنهاية عام 2021، عقوبات على 9421 منظمة وفرداً. وفي عام 2022 مثلاً، أضافت وزارة الخزانة 2549 إدراجاً جديداً على لوائح العقوبات، ورفعت 225 فقط منها. أغلبية العقوبات هذه متعلقة بروسيا، جراء حربها مع أوكرانيا، لكن ثمة عقوبات أخرى شملت الصين والنظام السوري، وتجار المخدرات في المكسيك، والسودان. كما تشير دراسة لمعهد بيترسون للاقتصاد الدولي أن العقوبات الأميركية الأحادية بين 1970 و1997 حققت أهدافها بنسبة 13 في المائة فقط، وكلفت الاقتصاد الأميركي ما بين 15 و19 مليون دولار سنوياً.

وحاولت «الشرق الأوسط» رصد هذا الملف عبر مقابلات مع مسؤولين في الخارجية والكونغرس ووكالة الاستخبارات الدفاعية ومكتب المبعوث الخاص للسودان كاميرون هدسون.


السودان: مواجهات حول المناطق العسكرية

أعمدة دخان في مناطق جنوب الخرطوم الأربعاء (أ.ب)
أعمدة دخان في مناطق جنوب الخرطوم الأربعاء (أ.ب)
TT

السودان: مواجهات حول المناطق العسكرية

أعمدة دخان في مناطق جنوب الخرطوم الأربعاء (أ.ب)
أعمدة دخان في مناطق جنوب الخرطوم الأربعاء (أ.ب)

تواصلت الاشتباكات العنيفة بين طرفي القتال في السودان، الجيش وقوات «الدعم السريع»، في المنطقة العسكرية الاستراتيجية جنوب العاصمة الخرطوم، التي تضم قيادة سلاح المدرعات، ومجمع «اليرموك» للصناعات الدفاعية والمستودع الرئيسي للغاز، فيما دفع الجيش بتعزيزات عسكرية كبيرة لطرد قوات «الدعم السريع» التي تقول إنها تسيطر على المجمع العسكري بالكامل، وتحاصر سلاح المدرعات من الناحية الشرقية.

وشن الجيش السوداني، أمس الخميس، غارات جوية لفك الحصار على إحدى أهم المناطق العسكرية في الخرطوم، فيما واصلت قوات «الدعم السريع» بث فيديوهات على صفحتها الرسمية في «فيسبوك» تؤكد وجود قواتها داخل مقرات مجمع «اليرموك»، وذلك لدحض ما يُتداول من أنباء عن استعادة الجيش لها. ويضم مجمع «اليرموك» عدداً من المصانع التي تنتج الأسلحة الثقيلة والخفيفة والآليات العسكرية والدبابات والمدافع، كما يزود الكثير من الصناعات المدنية بقطع الغيار لقطاعات البترول والسكك الحديد.

وكان نظام الرئيس المعزول، عمر البشير، يضرب سياجاً عالياً من السرية على المنظومة العسكرية في البلاد. وتعرض مصنع «اليرموك» للأسلحة في عام 2012 إلى غارة جوية إسرائيلية استهدفت حاويات داخل المجمع، بزعم أنها تحوي سلاحاً مهرباً من إيران إلى حركة «حماس» الفلسطينية و«حزب الله» اللبناني.

ولا تزال النيران مشتعلة في مستودع الغاز الرئيسي الذي يغذي مناطق واسعة من العاصمة الخرطوم والولايات بالغاز المنزلي، رغم محاولة الجيش إطفاء الحرائق خوفاً من تمددها إلى المناطق السكنية التي تبعد قرابة 200 متر، وسط تبادل الطرفين الاتهامات بحرق المستودع.

وانتقلت المعارك بين الطرفين إلى أقصى شمال مدينة أم درمان، بعد عدة محاولات لـ«الدعم السريع» استمرت لأكثر من أسبوع، للاستيلاء على القاعدة العسكرية الرئيسية للجيش السوداني في منطقة وادي سيدنا التي تضم المطار العسكري.


نظام العقوبات الأميركي... سلاح فعّال أم أداة مستهلكة؟

أشخاص يتفقدون منزلاً في جنوب الخرطوم تحول إلى ركام بعد أن طاله القصف المدفعي مع استمرار الاشتباكات في السودان (أ.ف.ب)
أشخاص يتفقدون منزلاً في جنوب الخرطوم تحول إلى ركام بعد أن طاله القصف المدفعي مع استمرار الاشتباكات في السودان (أ.ف.ب)
TT

نظام العقوبات الأميركي... سلاح فعّال أم أداة مستهلكة؟

أشخاص يتفقدون منزلاً في جنوب الخرطوم تحول إلى ركام بعد أن طاله القصف المدفعي مع استمرار الاشتباكات في السودان (أ.ف.ب)
أشخاص يتفقدون منزلاً في جنوب الخرطوم تحول إلى ركام بعد أن طاله القصف المدفعي مع استمرار الاشتباكات في السودان (أ.ف.ب)

في الأول من يونيو (حزيران) 2023، أعلنت وزارة الخزانة الأميركية فرض عقوبات جديدة على السودان. خصّت هذه العقوبات بالذكر شركات مرتبطة بكل من القوات المسلحة السودانية بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات «الدعم السريع» بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، بسبب «فشلهما» في الالتزام باتفاق وقف النار بوساطة سعودية - أميركية. بعد الإعلان عن هذه العقوبات أصدر مسؤولون في الإدارة الأميركية تصريحات متتالية تؤكد أنها تهدف إلى «محاسبة المسؤولين عن تقويض السلام والأمن والاستقرار في السودان»، وأن الولايات المتحدة «تقف إلى جانب المدنيين ضد الذين يؤيدون العنف ضد الشعب السوداني».

لكن الشيطان يكمن في التفاصيل، فسرعان ما انهالت الانتقادات على إدارة الرئيس جو بايدن بسبب «التساهل» في عقوباتها من جهة، والإفراط في استعمال هذه العقوبات من جهة أخرى، مما طرح أسئلة كثيرة حول مدى فعالية نظام العقوبات الأميركي بشكل عام، وما إذا كانت الإدارة الأميركية قد استهلكت هذا النظام عبر فرض عقوبات «من دون براثن». وهذا ما استعرضته «الشرق الأوسط» في سلسلة من المقابلات الخاصة.

مواطن يتفقد الدمار الذي أصاب منزله في الخرطوم (أ.ف.ب)

السودان والعقوبات الأميركية

يتساءل بعض المنتقدين للعقوبات الأخيرة عن مدى فعاليتها، خاصّة في ظل عدم ذكرها لأسماء معينة. من هؤلاء السيناتور الجمهوري البارز جيم ريش، الذي وجّه انتقادات لاذعة لإدارة بايدن، معتبراً أن العقوبات الأخيرة «لا تمثّل نصف خطوة تجاه ما يجب أن يحصل».

وسلّط ريش الضوء على فحوى العقوبات، فأشار إلى أنها «لا تُحمّل كبار الأفراد المسؤولين عن الوضع الكارثي في السودان مسؤولية ما يحصل ولا تطال أكثر الأشخاص المسؤولين عن زعزعة المنطقة والترهيب المستمر بحق الشعب السوداني».

كلمات قاسية، سألت على ضوئها «الشرق الأوسط» الخارجية الأميركية عن مدى فعالية العقوبات التي فُرضت في تغيير المعادلة الحالية في السودان، فردت بالقول إن «عقوبات الخزانة على شبكات الأعمال والأموال المرتبطة بالقوات المسلحة السودانية وقوات الدعم المسلح تهدف إلى عرقلة قدراتهم على الاستمرار في الصراع»، مؤكدة أن «هذه الخطوة على الرغم من أهميتها فإنها الخطوة الأولى فقط».

السيناتور الجمهوري جيم ريش

ولدى عرض تصريح السيناتور جيم ريش على الخارجية، في إطار طلب الرد على انتقاداته، قال مسؤول في الخارجية - طلب عدم الكشف عن اسمه - في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»: «بحسب القانون الأميركي لا يمكننا الكشف عن سجلات تأشيرات الدخول أو تقديم تفاصيل حول من سيتأثر بها. لكننا سنشارك معكم أننا حددنا أكثر من 12 شخصاً سيكونون عرضة لقيود على تأشيرات الدخول ضمن هذه العقوبات، وهذا سيشمل عناصر في قوات الدعم السريع والجيش ومخربين خارجيين، إضافة إلى أشخاص مرتبطين بالنظام السابق للبشير (الرئيس السابق عمر البشير)».

لكن هذا الرد لم يحظَ بترحيب ريش، الذي يترأس الجمهوريين في لجنة العلاقات الخارجية. على العكس تماماً، أثار رد الخارجية رداً شاجباً من ريش الذي اتهم، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إدارة بايدن باعتماد الخيارات السهلة، قائلاً: «رغم وجود أدلة واضحة على خروقات جسيمة لحقوق الإنسان من قادة كبار في المجلس العسكري، تستمر إدارة بايدن في انتقاء الخيارات السهلة، والتساهل مع الجنرالات السودانيين. إن العقوبات السرية على تأشيرات الدخول هي خيار مناسب وآمن، لكن الشعب السوداني يستحق رؤية محاسبة حقيقية من قبلنا».

ويوافق كاميرون هدسون، كبير الباحثين في برنامج أفريقيا في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، مع مقاربة ريش، فيقول إن أهمية أي عقوبات تكمن في مضمونها، وفي حالة السودان «كان من الضروري أن توجّه الولايات المتحدة رسالة أكثر حسماً». وفي مقابلة مع «الشرق الأوسط»، قال هدسون، الذي عمل كبيراً للموظفين في مكتب المبعوث الخاص إلى السودان: «يبدو أن الولايات المتحدة تعتمد على مقاربة في السودان تسعى من خلالها إلى إعادة الأطراف إلى وضع ما قبل 15 أبريل (نيسان) والعودة إلى مفاوضات حول إصلاح القطاع الأمني وتشكيل حكومة انتقالية. لهذا لم تفرض عقوبات فردية على الجنرالات لأنها تحتاج إليهم في محادثات سياسية مستقبلية».

كاميرون هدسون

وتابع هدسون: «إنه لتفكير واهم بأنه يمكن العودة إلى خريطة طريق ما قبل الحرب. لا يمكن إعادة جنّي الحرب إلى فانوسه. أنا أوافق مع السيناتور ريش والدعوات لفرض عقوبات على قادة السودان. فنحن بحاجة لأن نرسل رسالة مفادها أنه ليست لديهم شرعية ليقرروا مصير البلاد، والعقوبات تساعد على إرسال تلك الرسالة».

وأشار هدسون إلى ثغرة مهمة في نظام العقوبات الأميركي، تتعلق بأهمية التنسيق مع الحلفاء في أي عقوبات للحرص على فعاليتها، مرجحاً ألا تتمكن هذه العقوبات الأخيرة من «تحقيق أي تحوّل على المدى القصير لتغيير تصرف طرفي النزاع أو استراتيجياتهما». وشدّد على أهمية الإجماع الدولي على أي عقوبات من هذا النوع كي يكون لديها تأثير طويل الأمد.

العقوبات الأميركية وفعاليتها

ورقة العقوبات الأميركية هي ورقة الضغط الكبرى التي تعتمد عليها الإدارات الجمهورية والديمقراطية المتعاقبة للتوصل إلى نتيجة سياسية معينة، ويقول مايك ليفيت، وهو مسؤول سابق في وزارة الخزانة الأميركية، إن «معايير فرض عقوبات هي معايير فنية وتقنية ترتكز على السياسات بشكل أساسي»، مضيفاً أن «الأمر لا يتعلق بما يريد الجمهوريون أو الديمقراطيون، بل يركّز بشكل كبير على السياسة الأميركية».

لكن وبحسب الأرقام، فإنه من النادر أن تتمكن العقوبات الأميركية الأحادية من تحقيق أهدافها. فعلى سبيل المثال، تشير دراسة لمعهد بيترسون للاقتصاد الدولي إلى أن العقوبات الأميركية الأحادية بين 1970 و1997 حققت أهدافها بنسبة 13 في المائة فقط، وكلّفت الاقتصاد الأميركي بين 15 و19 مليون دولار سنوياً.

ويقول ليفيت إن فعالية العقوبات الأميركية «تستند بشكل أساسي على فعالية فرضها وتطبيقها الفعلي».

ولدى الإشارة إلى الانتقادات المتكررة للإدارات الأميركية بأن عقوباتها غير فعَّالة عندما تفرضها بشكل تجميد أصول في الولايات المتحدة أو منع الحصول على تأشيرات سفر، خاصة إذا كانت الجهات المعنية لا تملك أصولاً من هذا النوع في الولايات المتحدة، ولا تسعى لزيارتها، وافق مايكل سينغ، كبير الباحثين في معهد واشنطن، والمدير السابق لمكتب الشرق الأوسط وإيران في البيت الأبيض، على هذه المقاربة، مشيراً إلى أن العقوبات الأميركية «أقل فعالية عندما لا تتمتع المجموعات المعاقبة بأي علاقة مع الغرب».

مايكل سينغ

وأضاف سينغ في مقابلة مع «الشرق الأوسط»: «الأسباب الأخرى لعدم فعالية العقوبات هي عندما لا يمكننا تطبيقها بالشكل اللازم، أو عندما تكون أهدافها طموحة للغاية. على سبيل المثال، حظر السفر بحق مسؤولين في الحرس الثوري الإيراني هي عقوبات رمزية لأنهم لا يسافرون إلى الغرب، والبلدان التي يسافرون إليها، كالعراق مثلاً، لا تتعاون مع فرض الحظر». ويطرح سينغ مقاربة مثيرة للاهتمام، فيقول: «إن العقوبات فعالة أكثر عندما نفرضها على حلفائنا وليس خصومنا، مثلاً في الخلافات التجارية، تكون هناك حوافز أكبر للجهتين للتوصل إلى تسوية والعودة إلى المسار الصحيح».

من جهته، يقول ليفيت إنه رغم «أن العديد من المنظمات المعاقبة ليس لديها أصول، أو أصول ذات قيمة، في الولايات المتحدة الأميركية، لكن العقوبات تجعل من الصعب عليها الحصول على الدولارات، وغالبية الاقتصاد العالمي يعتمد على استخدام الدولار. هناك تداعيات تترتب على أي مؤسسة مالية حول العالم تريد التعامل مع تلك الكيانات. وهذا يؤدي إلى ديناميكية تفكّر فيها الدول الأخرى والمنظمات متعددة الأطراف».

الإفراط في فرض عقوبات

لكن البعض يحذّر من أن الإفراط في فرض عقوبات أحادية قد يدفع حلفاء الولايات المتحدة وخصومها إلى محاولة الابتعاد عن الدولار لتجنّب تبعاتها.

ويشير مايكل بريجينت، كبير الباحثين في معهد هدسون، والذي عمل لأعوام في وكالة الاستخبارات الدفاعية الأميركية، إلى أنه لهذا السبب تسعى دول كالصين وروسيا والهند والبرازيل إلى التنسيق للتوصل إلى آليات لتخطي العقوبات الأميركية، محذّراً في مقابلة مع «الشرق الأوسط»: «إذا نجحت هذه الآليات، ولم تتمكن الولايات المتحدة بعدها من استعمال الدولار والنظام المصرفي الأميركي كأداة اقتصادية لحث دولة ما على تغيير موقفها في قضايا معينة، فسوف نصبح أقل فعالية بالتأكيد».

وهذا ما حذّر منه مدير الاقتصاد الدولي في «مجلس العلاقات الخارجية» بن ستيل الذي شبّه الإفراط في استعمال نظام العقوبات بالإفراط في استعمال المضادات الحيوية، قائلاً: «العقوبات الأميركية المالية التي تستخدم الدولار تشبه الإفراط باستخدام المضادات الحيوية... إذا تم وصف الدواء للجميع تتحول البكتيريا لنحصل على سلالات مقاومة للمضادات الحيوية، وهذا ما نشهده حالياً في الأسواق المالية العالمية».

ولوضع الأمور في نصابها، قدّرت أرقام رسمية من وزارة الخزانة الأميركية أنها، في نهاية عام 2021، فرضت عقوبات على 9421 منظمة وفرداً، أي بزيادة نسبتها 900 في المائة، مقارنة بالأعوام العشرين الماضية.

وفي عام 2022 مثلاً، أضافت وزارة الخزانة 2549 إدراجاً جديداً على لوائح العقوبات ورفعت 225 فقط منها.

وبالنظر إلى تفاصيل هذه العقوبات لعام 2022، فإن غالبيتها تتعلق بروسيا جرَّاء حربها مع أوكرانيا، لكن ثمة عقوبات أخرى شملت الصين ونظام الحكم في سوريا، وتجّار مخدرات في المكسيك، والسودان.

ويشير ماكس بوت، كبير الباحثين في دراسات الأمن القومي بمجلس العلاقات الخارجية، إلى سلسلة من العقوبات التي لم تؤدِ إلى تغيير فعلي في السياسات، فيذكر، في مقال بصحيفة «واشنطن بوست»، العقوبات على كوبا التي فرضت منذ عام 1960 ثم الحصار التام على البلاد في عام 1962، ويقول: «اليوم لا يزال النظام شيوعياً على حاله». كما يتحدث عن العقوبات على كوريا الشمالية التي بدأت «منذ عام 1950 وتوسعت بشكل كبير في عام 2006، اليوم النظام لا يزال على حاله».

ويقول بوت إن العقوبات على إيران وسياسة الضغط القصوى للرئيس السابق دونالد ترمب لم تنجح في إبعاد نظام الحكم في طهران عن السعي إلى تطوير سلاح نووي، بحسب ما يعتقد الغرب. وكذلك بالنسبة إلى العقوبات على نظام الرئيس بشار الأسد في سوريا. كما يتحدث عن العقوبات على روسيا «التي لم تَحُل دون استمرار (الرئيس فلاديمير) بوتين في حربه على أوكرانيا».

مايكل بريجينت

لكن بريجينت يعارض هذه المقاربة، منتقداً الإيحاء بأن هدف العقوبات هو تغيير الأنظمة، فيقول: «الهدف من العقوبات كان الإثبات لدول، مثل كوبا وكوريا الشمالية، أنها لا تستطيع أن تصبح مزدهرة وستكون مرتبطة ببلدان كروسيا وإيران التي لديها شروط مفترسة للقروض». ويعترف بريجينت بأن سياسات من هذا النوع من شأنها أن تدفع بالبلدان المعاقبة إلى حضن الصين وروسيا، منبهاً بأنه إذا ما أرادت الولايات المتحدة لسياسة عقوباتها أن تنجح، فعليها أيضاً أن تحرص على فرض عقوبات على دول مثل الصين لتقييدها.

من ناحيته، يشير سينغ إلى أنه عندما يكون هدف العقوبات «طموحاً كالعقوبات على إيران أو كوريا الشمالية أو فنزويلا، فإنها لا تعمل جيداً بشكل انعزالي، لأن الأنظمة المستهدفة حذرة في الاستسلام للضغوط الخارجية رغم التكلفة، ولا تقدّم مصلحة اقتصادها وشعوبها على مصلحة النظام. كما أن السياسات التي تطلب الولايات المتحدة من هذه الدول التخلي عنها كعدم السعي إلى امتلاك سلاح نووي وقمع الشعوب، هي سياسات تراها هذه الأنظمة أساسية لاستمرارها».

هل تؤذي العقوبات الشعوب أكثر من الأنظمة؟

رداً على الانتقادات القائلة إن الشعوب هي التي تدفع ثمن العقوبات الأميركية في وقت بات فيه المسؤولون خبراء في التهرّب من هذه العقوبات، يقول بريجينت لـ«الشرق الأوسط»: «لن أقول إن العقوبات لا تؤذي الشعوب، وإنها لم تؤذ الشعب العراقي أو شعب كوريا الشمالية أو كوبا. لكن حكّام البلاد هذه يؤذون شعوبهم بشكل مستمر. إنهم أغنياء ويستعملون موارد البلاد لتمويل ثروتهم وأجنداتهم. إذن الحُجّة التي تقول إنه لولا العقوبات لكان صدام حسين أو كيم جونغ أون أو فيديل كاسترو وزعوا ثرواتهم في البلاد على شعوبهم هي حجة تدحضها كل الوقائع التاريخية».

وفي مثال السودان ولدى سؤال «الشرق الأوسط» لهدسون عما إذا كانت العقوبات الأخيرة ستؤثر على الشعب السوداني أكثر من تأثيرها على المسؤولين عن الأزمة، شرح قائلاً: «العقوبات السابقة التي طالت الشعب السوداني كانت خلال الحصار التجاري الشامل في عام 1997 وإدراج السودان على لوائح الإرهاب في عام 1993. هذه العقوبات منعت التبادلات التجارية وتدفق الاستثمارات إلى السودان وفرضت تكلفة عالية جداً على سمعة البلاد. الحرب حالياً تؤذي سمعة السودان ولا تساعد على جذب التجارة والاستثمارات إليه. لكن العقوبات على الأفراد لن يكون لديها التأثير نفسه كالحصار الشامل».

البرهان و«حميدتي» في أحد لقاءاتهما قبل اندلاع النزاع (أ.ف.ب)

إلا أن هدسون سرعان ما ذكّر بأن العقوبات ليست الخيار الوحيد أمام الولايات المتحدة، موجهاً انتقادات لاذعة لدبلوماسية إدارة بايدن «الخجولة». فأشار إلى أن «الولايات المتحدة لم تقم بمجهود دبلوماسي كبير لمحاولة التأثير على الوضع في السودان. فقد أرسلنا في البداية دبلوماسيين متوسطي المستوى إلى جدة للتفاوض على وقف إطلاق نار». ويشير هدسون إلى أن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن «تدخل بشكل طفيف عبر الهاتف» في بداية الأزمة، وختم قائلاً: «لم نحاول جمع مجموعة تواصل دولية ولم نعيّن دبلوماسيين ذوي مستوى أعلى للتفاوض على اتفاق. أستطيع أن أقول إن واشنطن قامت بأقل ما يمكن القيام به للرد على هذه الأزمة».

آلية فرض العقوبات في الإدارة الأميركية واستثناء الحالات والمساعدات الإنسانية

 

من يحق له إصدار العقوبات في الإدارة الأميركية؟

الرئيس الأميركي للرئيس الأميركي صلاحية إعلان حالة الطوارئ الوطنية في حال تهديد السياسة الخارجية أو الأمن القومي أو اقتصاد الولايات المتحدة

 

وزارة الخزانة

وزير الخزانة يتمتع بتفويض فرض العقوبات، بالتشاور مع وزير الخارجية وزير الخزانة يوجّه مدير مكتب مراقبة الأصول الأجنبية OFAC الذي يوقع بدوره على إجراءات العقوبات

 

الكونغرس

يتمتع الكونغرس بسلطة إصدار برامج عقوبات جديدة أو تعزيز برامج العقوبات الحالية

 

الاستثناءات الإنسانية

في ديسمبر (كانون الأول) 2022 أقرت وزارة الخزانة الأميركية استثناءات إنسانية من العقوبات المفروضة تأكيداً على قرار مجلس الأمن الدولي 2664 المتعلق بدعم الاستثناءات الإنسانية وتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية رغم أنظمة العقوبات

من خلال هذا التعميم، يتم استثناء أربع فئات من العقوبات الأميركية:

1- الأعمال الرسمية للحكومة الأميركية

2- الأعمال الرسمية لبعض المنظمات والكيانات الدولية غير الحكومية

3- الإغاثة في حالات الكوارث، والخدمات الصحية، وأنشطة دعم الديمقراطية والتعليم، وحماية البيئة وبناء السلام

4- السلع الزراعية والأدوية والأجهزة الطبية وقطع غيارها وصيانتها