الصدريون يعودون إلى الساحة من بوابة قانون الانتخابات

قوات الأمن أغلقت «جسر الجمهورية» على نهر دجلة

جانب من مظاهرات المنطقة الخضراء في بغداد أمس (أ.ف.ب)
جانب من مظاهرات المنطقة الخضراء في بغداد أمس (أ.ف.ب)
TT

الصدريون يعودون إلى الساحة من بوابة قانون الانتخابات

جانب من مظاهرات المنطقة الخضراء في بغداد أمس (أ.ف.ب)
جانب من مظاهرات المنطقة الخضراء في بغداد أمس (أ.ف.ب)

تظاهر الآلاف من أتباع التيار الصدري وبعض الاتجاهات المدنية، أمس، أمام أبواب المنطقة الرئاسية «الخضراء» حيث مقر البرلمان العراقي، للضغط على الأخير لإرغامه على التراجع عن قراءة مشروع تعديل قانون الانتخابات للمرة الثانية، تمهيداً لإقراره في البرلمان. وبينما كان المتظاهرون يهتفون ضد قانون التعديل، قرر مجلس النواب تأجيل النظر فيه إلى الأسبوع المقبل، في خطوة على ما يبدو تهدف إلى امتصاص غضب المعترضين. وتجمع المتظاهرون في محيط المنطقة الخضراء، في حين أحاطت قوات الأمن بكثافة مبنى البرلمان وأغلقت «جسر الجمهورية» على نهر دجلة المؤدي إلى مواقع حكومية في المنطقة الحصينة.
وقال بيان صادر عن الدائرة الإعلامية في البرلمان، إن «الجلسة شهدت تأجيل تقرير ومناقشة مقترح قانون التعديل الثالث لقانون انتخابات مجالس المحافظات والأقضية رقم 12 لسنة 2018، إلى جلسة يوم السبت المُقبل». وكان 70 نائباً قدموا طلباً لرئاسة مجلس النواب لرفع الفقرة الخامسة من جدول أعمال جلسة أمس (الاثنين) المتعلقة بالقراءة الثانية لقانون الانتخابات وفق نظام «سانت ليغو». ورغم عدم تعبير زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر عن موقفه الرافض لمقترح التعديل علناً حتى الآن، فإن نواباً سابقين وشخصيات مقربة من التيار تحدثوا بكثرة عن رفضه القاطع للتعديل، ويرون أنه سيكون بمثابة «قانون للخاسرين الذين يريدون الهيمنة بأي ثمن على الحكومة والبرلمان»، في إشارة ضمنية إلى قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية المتمسكة بالتعديل والتي خسرت الانتخابات السابقة أمام التيار الصدري، وفق نظام الدوائر المتعددة الانتخابي، قبل أن يقرر مقتدى الصدر سحب كتلته (72 نائباً) من البرلمان، ما جعل الطريق سالكاً أمام قوى «الإطار» لتصدر لائحة أكبر كتلة نيابياً، ومن ثم أهّلها لتشكيل الحكومة الحالية برئاسة محمد السوداني.
وفي سياق جهود التيار الصدري الحثيثة لإبطال تعديل القانون، لجأ التيار قبل أيام إلى موقف مرجعية النجف الرافض لنظام الدائرة الواحدة والقوائم المغلقة انتخابياً الذي كان قد عبر عنه ممثلو المرجعية في سنوات سابقة. وأعاد القيادي في التيار الصدري ونائب رئيس البرلمان المستقيل حاكم الزاملي، يوم الأحد، نشر خطبة بهذا الاتجاه لممثل المرجعية الدينية في كربلاء الشيخ عبد المهدي الكربلائي، على «تويتر».
ورغم تذكير الصدريين وبعض المتعاونين معهم من المدنيين والمستقلين برأي المرجعية، فإن معظم اتجاهات قوى «الإطار التنسيقي» مع تعديل القانونين، متسلحين بأكثريتهم العددية في البرلمان، ويرون أن نظام الدوائر المتعددة والقوائم المفتوحة لا يساعد في اختيار برلمان قوي ومتماسك، نتيجة صعود بعض القوى الصغيرة والشخصيات المستقلة وفق نظام الدوائر المتعددة، في حين ينظر المعترضون إلى نظام «سانت ليغو» الذي جرت بموجبه معظم الانتخابات السابقة، بوصفه أداة لهيمنة القوى والأحزاب النافذة التي أثبتت تجربة العقدين الأخيرين فشلها في إدارة الدولة. يشار إلى أن التشريع الحالي الذي أجريت بموجبه انتخابات 2021، يقسم كل محافظة من المحافظات الـ18 للعراق إلى عدة دوائر انتخابية، وكان مطلباً أساسياً لاحتجاجات ضخمة مناهضة للحكومة خرجت أواخر عام 2019، كما اعتُبر أنه يمنح المرشحين المستقلين فرصة أفضل في الفوز. أما المشروع الحالي الذي كان من المفترض أن يناقشه البرلمان أمس، فينص على دائرة انتخابية واحدة لكل محافظة في البلاد، وهو ما يعارضه بقوة التيار الصدري والنواب المستقلون، بحجة أنه يضمن مصالح قوى وأحزاب «الإطار التنسيقي» على حساب الأحزاب الصغيرة والشخصيات المستقلة التي قد تنوي الترشح في الانتخابات المقبلة.


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

المشرق العربي الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

حثت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة لدى العراق، جينين هينيس بلاسخارت، أمس (الخميس)، دول العالم، لا سيما تلك المجاورة للعراق، على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث التي يواجهها. وخلال كلمة لها على هامش فعاليات «منتدى العراق» المنعقد في العاصمة العراقية بغداد، قالت بلاسخارت: «ينبغي إيجاد حل جذري لما تعانيه البيئة من تغيرات مناخية». وأضافت أنه «يتعين على الدول مساعدة العراق في إيجاد حل لتأمين حصته المائية ومعالجة النقص الحاصل في إيراداته»، مؤكدة على «ضرورة حفظ الأمن المائي للبلاد».

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

أكد رئيس إقليم كردستان العراق نيجرفان بارزاني، أمس الخميس، أن الإقليم ملتزم بقرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل، مشيراً إلى أن العلاقات مع الحكومة المركزية في بغداد، في أفضل حالاتها، إلا أنه «يجب على بغداد حل مشكلة رواتب موظفي إقليم كردستان». وأوضح، في تصريحات بمنتدى «العراق من أجل الاستقرار والازدهار»، أمس الخميس، أن الاتفاق النفطي بين أربيل وبغداد «اتفاق جيد، ومطمئنون بأنه لا توجد عوائق سياسية في تنفيذ هذا الاتفاق، وهناك فريق فني موحد من الحكومة العراقية والإقليم لتنفيذ هذا الاتفاق».

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

أعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أن علاقات بلاده مع الدول العربية الشقيقة «وصلت إلى أفضل حالاتها من خلال الاحترام المتبادل واحترام سيادة الدولة العراقية»، مؤكداً أن «دور العراق اليوم أصبح رياديا في المنطقة». وشدد السوداني على ضرورة أن يكون للعراق «هوية صناعية» بمشاركة القطاع الخاص، وكذلك دعا الشركات النفطية إلى الإسراع في تنفيذ عقودها الموقعة. كلام السوداني جاء خلال نشاطين منفصلين له أمس (الأربعاء) الأول تمثل بلقائه ممثلي عدد من الشركات النفطية العاملة في العراق، والثاني في كلمة ألقاها خلال انطلاق فعالية مؤتمر الاستثمار المعدني والبتروكيماوي والأسمدة والإسمنت في بغداد.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

أكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»، داعياً الشركات النفطية الموقّعة على جولة التراخيص الخامسة مع العراق إلى «الإسراع في تنفيذ العقود الخاصة بها». جاء ذلك خلال لقاء السوداني، (الثلاثاء)، عدداً من ممثلي الشركات النفطية العالمية، واستعرض معهم مجمل التقدم الحاصل في قطاع الاستثمارات النفطية، وتطوّر الشراكة بين العراق والشركات العالمية الكبرى في هذا المجال. ووفق بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء، وجه السوداني الجهات المختصة بـ«تسهيل متطلبات عمل ملاكات الشركات، لناحية منح سمات الدخول، وتسريع التخليص الجمركي والتحاسب الضريبي»، مشدّداً على «ضرورة مراعا

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

بحث رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مع وزير الدفاع الإيطالي غويدو كروسيتو العلاقات بين بغداد وروما في الميادين العسكرية والسياسية. وقال بيان للمكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي بعد استقباله الوزير الإيطالي، أمس، إن السوداني «أشاد بدور إيطاليا في مجال مكافحة الإرهاب، والقضاء على عصابات (داعش)، من خلال التحالف الدولي، ودورها في تدريب القوات الأمنية العراقية ضمن بعثة حلف شمال الأطلسي (الناتو)». وأشار السوداني إلى «العلاقة المتميزة بين العراق وإيطاليا من خلال التعاون الثنائي في مجالات متعددة، مؤكداً رغبة العراق للعمل ضمن هذه المسارات، بما يخدم المصالح المشتركة، وأمن المنطقة والعالم». وبي

حمزة مصطفى (بغداد)

نائب الرئيس الفلسطيني التقى الصفدي في عمّان لمناقشة أوضاع غزة والضفة

جانب من شمال قطاع غزة (رويترز)
جانب من شمال قطاع غزة (رويترز)
TT

نائب الرئيس الفلسطيني التقى الصفدي في عمّان لمناقشة أوضاع غزة والضفة

جانب من شمال قطاع غزة (رويترز)
جانب من شمال قطاع غزة (رويترز)

قال حسين الشيخ، نائب الرئيس الفلسطيني، إنه التقى، الثلاثاء، وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، وأجريا محادثات ركزت على جهود تثبيت وقف إطلاق النار في قطاع غزة ووقف التصعيد الإسرائيلي في الضفة الغربية.

وأضاف عبر منصة «إكس»: «أكدنا خلال اجتماعنا في عمّان ضرورة أولوية وقف إطلاق النار في غزة والالتزام بكل بنود اتفاق وقف إطلاق النار والتقدم نحو المرحلة الثانية من الاتفاق وفق خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وربط جهود تحقيق الاستقرار بأفق سياسي واضح لتحقيق السلام العادل والشامل على أساس حل الدولتين».

وشدد الجانبان على أن مستقبل قطاع غزة يجب أن يستند إلى وحدته وارتباطه بالضفة الغربية، وأن تتولى السلطة الوطنية الفلسطينية مسؤولية القطاع وفق قرار مجلس الأمن رقم 2803.

وذكر نائب الرئيس الفلسطيني أنه ناقش مع الصفدي أيضاً «التدهور الخطير في الضفة الغربية المحتلة»، وأكدا ضرورة تكاتف كل الجهود الإقليمية والدولية «لوقف الإجراءات الإسرائيلية اللاشرعية التي تدفع نحو تفجر الأوضاع وتقوض فرص تحقيق السلام العادل والدائم على أساس حل الدولتين».

في غضون ذلك، أدانت السلطة الفلسطينية، الثلاثاء، خطة إسرائيل لإنشاء 19 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية المحتلة، واصفة إياها بأنها «خطوة خطيرة» تهدف إلى «إحكام السيطرة الاستعمارية على الأرض الفلسطينية بأكملها».

وقالت وزارة الخارجية الفلسطينية في بيان إنّ هذه الخطة هي «امتداد مباشر لسياسات الأبارتهايد والاستيطان والضمّ، بما يقوّض حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، ويدمّر أي أفق حقيقي للاستقرار».

وكانت السلطات الإسرائيلية قد أعلنت الأحد موافقتها على إنشاء 19 مستوطنة في الضفة الغربية المحتلة، وهو إجراء تقول إنه يهدف إلى «منع إقامة دولة فلسطينية».


لبنان: سلام يستبق لقاء ترمب - نتنياهو لإسقاط ذرائعه بتوسعة الحرب

آلية للجيش اللبناني في بلدة ميس الجبل بجنوب لبنان تعبر قرب أبنية متضررة جراء الحرب (أرشيفية - رويترز)
آلية للجيش اللبناني في بلدة ميس الجبل بجنوب لبنان تعبر قرب أبنية متضررة جراء الحرب (أرشيفية - رويترز)
TT

لبنان: سلام يستبق لقاء ترمب - نتنياهو لإسقاط ذرائعه بتوسعة الحرب

آلية للجيش اللبناني في بلدة ميس الجبل بجنوب لبنان تعبر قرب أبنية متضررة جراء الحرب (أرشيفية - رويترز)
آلية للجيش اللبناني في بلدة ميس الجبل بجنوب لبنان تعبر قرب أبنية متضررة جراء الحرب (أرشيفية - رويترز)

يترقب اللبنانيون، مع بدء التحضير لانطلاقة المرحلة الثانية من الخطة التي أعدتها قيادة الجيش لاستكمال تطبيق حصرية السلاح، والتي كشف عنها رئيس الحكومة نواف سلام لـ«الشرق الأوسط»، وتقع بين ضفتي نهر الليطاني جنوباً والأولي شمالاً، رد فعل «حزب الله».

فهل يصرّ الحزب في تفسيره لوقف الأعمال العدائية بين لبنان وإسرائيل، على أن حصريته تبدأ وتنتهي في جنوب الليطاني، ولا تمتد إلى المناطق الأخرى حتى الحدود الدولية للبنان مع سوريا، أم أنه سيعيد النظر في موقفه؛ كون تنفيذ الخطة يأتي في سياق بسط سلطة الدولة على أراضيها كافة تطبيقاً للقرار 1701؟

التفسير الأحادي

فالتفسير الأحادي لـ«حزب الله» يتعارض كلياً مع تأييده تطبيق القرار 1701؛ لأن التزام لبنان بوقف الأعمال العدائية ليس محصوراً ببسط سلطة الدولة على جنوب الليطاني، وإلا لما نص الاتفاق على أن يبدأ من جنوبه ليشمل لاحقاً الأراضي اللبنانية كافة، لا سيما أن الاتفاق أتى على ذكر هذا القرار 7 مرات ومعطوفاً، كما يقول مصدر وزاري لـ«الشرق الأوسط»، على القرارات السابقة لمجلس الأمن، وتحديداً الـ1559 الذي ينص على نزع سلاح جميع الميليشيات، وعلى الـ1680 المتعلق بضبط الحدود اللبنانية - السورية لمكافحة التهريب، وترسيمها براً وبحراً.

الحكومة اللبنانية ملتئمة برئاسة رئيس الجمهورية جوزيف عون (الرئاسة اللبنانية)

وسأل المصدر الوزاري عن الأسباب التي تكمن وراء إصرار الحزب على تفسيره للاتفاق، بخلاف الآخرين؟ مع أن ممثلَيه الوزيرَين علي حمية ومصطفى بيرم في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، كانا أيداه ولم يسجلا اعتراضاً عليه، رغم أنه، أي ميقاتي، نأى بنفسه عن الدخول طرفاً في المفاوضات التي تولاها رئيس المجلس النيابي نبيه بري بالإنابة عن نفسه وبتفويض من الحزب، وقيل في حينه بأن الأخير يحتفظ بكلمة السر ولا يبوح بها إلا لـ«أخيه الأكبر»، على حد قول أمينه العام الشيخ نعيم قاسم، بينما يحجبها عن ميقاتي.

بري (يمين) يصافح هوكستين في بيروت خلال مفاوضات ترسيم الحدود البحرية 2022 (رويترز)

ولفت إلى أن بري لم يتصرّف من تلقاء نفسه عندما توافق مع الوسيط الأميركي آنذاك أموس هوكستين على اتفاق لوقف النار بالتشاور مع الحزب لقطع الطريق على تفلته لاحقاً من الاتفاق.

وكشف عن أنه كلف معاونه السياسي النائب علي حسن خليل التواصل مع نظيره في الحزب حسين خليل، وكانت حصيلته تأييد «الثنائي الشيعي» للاتفاق. وقال إن الحزب كان أول من تسلم من «أخيه الأكبر» نسخة عنه، بالتلازم مع تبنّيه ورعايته من الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا.

وتوقف أمام قول قاسم بأن حصرية السلاح تبدأ وتنتهي في جنوب النهر. وسأل، كيف يوفّق بين مشاركته في حكومة سلام بالوزيرين الطبيبين محمد حيدر وراكان نصر الدين والتي تبنّت خطاب القسم باحتكار الدولة السلاح وأدرجته في بيانها الوزاري، وبين تفلّته من تعهّده متهماً رئيسها بارتكاب خطيئة بموافقته على حصريته؟

محاكاة البيئة

ورأى المصدر أنه يتفهم خلفية الموقف الذي اتخذه قاسم في محاكاته لبيئته لإخراجها من الإرباك، لكن تمسكه باستراتيجية الصبر لن يقدّم أو يؤخر؛ لأن شراءه للوقت ليس في محله، ويرفع من منسوب الضغط بالنار الذي تتبعه إسرائيل، في حين يفتقد الحزب لمن يقف إلى جانبه سوى بري الذي لن يتركه وحيداً ويصرّ على استيعابه للإمساك بيده للانخراط في التسوية لتحرير الجنوب.

وأكد أن الحزب، وإن كان يطالب بعدم التسليم مجاناً بسيطرة الجيش على جنوب الليطاني من دون أي مقابل بإلزام إسرائيل بالقيام بخطوة في مقابل إخلائه جنوب النهر، يتفق مرحلياً، في هذا الخصوص، مع رئيسي الجمهورية العماد جوزيف عون والحكومة نواف سلام، وأيضاً مع الرئيس بري، لكنهما سرعان ما يفترقان مع الحزب على خلفية احتفاظه بسلاحه، كما قال قاسم، لو اطّبقت السماء على الأرض.

وأضاف أن عون يتّبع سياسة النفَس الطويل في حواره مع «حزب الله»، وإنما لبعض الوقت، في حال لم يؤدّ إلى إحداث تقدّم يوحي باستعداده لمراجعة حساباته وصولاً للوقوف فعلاً لا قولاً خلف الدولة في خيارها الدبلوماسي.

جنود في الكتيبة الإيطالية بـ«يونيفيل» خلال مهمة مشتركة مع الجيش اللبناني (يونيفيل)

وقال إن حوار عون و«حزب الله» ممثلاً برئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» محمد رعد لم ينقطع، وإن كان متقطعاً، لكنه لم يتطور إيجابياً ولا يزال محصوراً بتواصل المستشار الرئاسي العميد المتقاعد أندريه رحال برعد وفريقه المكلف الحوار.

سياسة الإنكار

وأكد أن قيادة الحزب توكل أمر التفاوض على سلاحها لإيران بدلاً من أن تُقدم على خطوة شجاعة بوضعه بعهدة الدولة لتقوية موقفها في المفاوضات التي ترعاها لجنة الـ«ميكانيزم»، وهذا ما يحتّم عليها مراعاتها المزاج الشيعي الذي يتوق لعودة النازحين إلى قراهم، بدلاً من اتباعه سياسة الإنكار لما حل به من خسائر لا تقدّر سياسياً ومادياً.

كتلة «حزب الله» برئاسة النائب محمد رعد بالقصر الجمهوري بعد لقائها الرئيس جوزيف عون في وقت سابق (رئاسة الجمهورية)

وقيل للمصدر بأن تفرّد سلام بالكشف عن التحضير للمرحلة الثانية قوبل برفض «صامت» من «حزب الله»، يُفترض أن يظهر للعلن، بذريعة أنه يبيع مواقف مجانية لواشنطن، وكان جوابه بأنه لم يحدد موعداً لانطلاقة هذه المرحلة وربط تحديده بتقييم مجلس الوزراء للإنجاز الذي حققه الجيش في جنوب النهر، بموازاة ما ستقرره الـ«ميكانيزم» في اجتماعها في السابع من الشهر المقبل.

التعهد الأميركي

ولفت إلى أن ما قاله سلام لا يشكّل تفرداً في موقفه، وإنما جاء انسجاماً مع الخطة التي أعدتها قيادة الجيش وتبنّتها الحكومة ومحصورة بتطبيق حصرية السلاح على مراحل، وبالتالي لا نية لديه لإلزام الحكومة بموقف من خارج بيانها الوزاري. وقال بأن الرؤساء على موقفهم بإلزام إسرائيل القيام بخطوة مماثلة لسيطرة الجيش على جنوب النهر، وهذا ما يضع الإدارة الأميركية أمام تعهدها بتطبيق تلازم الخطوات قبل أن تتراجع عنه بذريعة عدم تجاوب إسرائيل.

واستبعد اتهام سلام بحرق المراحل. وقال بأنه اختار الوقت المناسب لإعلام المعنيين دولياً وإقليمياً بضرورة أن ينعم لبنان بالاستقرار، وأن الحكومة ملتزمة بحصرية السلاح ولن تتراجع عنها، ولا بد من تنفيذها، متمنياً على «حزب الله» إعادة النظر في سلوكه لإسقاط ما تتذرع به إسرائيل، وإن كانت ليست في حاجة إلى الذرائع لتواصل خروقها.

التوقيت المناسب

وأكد المصدر أن سلام اختار التوقيت المناسب لتمرير رسالة الحكومة، وأن لا مشكلة بينه وبين عون. وقال بأنه أراد من توقيته أن يحاكي الرئيس دونالد ترمب استباقاً لاستقباله رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو في 29 الحالي؛ لعله يضغط لضبط أدائه ولجم تهديده بتوسعة الحرب، ما دام أنه صامد على التزامه باستكمال تطبيقه لحصرية السلاح. ورأى أنها تتلازم مع استعداده للانتقال للمرحلة الثانية من خطة الجيش، وهو يراهن على حث أصدقاء لبنان للتدخل لدى ترمب لإلزام نتنياهو القيام بخطوة، في مقابل صمود عون والحكومة أمام تعهدهما بحصريته.

كما أن توقيت سلام، حسب المصدر، يأتي في سياق تمرير رسالة للدول التي شاركت في الاجتماع التحضيري لدعم الجيش الذي استضافته باريس بإصرار حكومته على تطبيق حصرية السلاح بما يتيح للبنان تحديد مكان وزمان انعقاده بعد أن تبنّت عقده في شباط (فبراير) المقبل، من دون أن يعفي «حزب الله» من مسؤوليته بتسهيل تطبيق حصريته، وأن تحفّظه يبقى تحت سقف تسجيل موقف لاسترضاء بيئته بتكرار قوله باستعادته لقدراته العسكرية، على أن يمتنع حتى إشعار آخر عن استخدامها في ظل الخلل في ميزان القوى. وإلا ما هو تفسير قاسم بطمأنته للمستوطنات في شمال فلسطين بأن لا خطر عليهم؟ وما المانع من أن تنسحب طمأنته على اللبنانيين الذين هم بأمس الحاجة لعودة الاستقرار إلى بلدهم من بوابة الجنوب؟


نفي لبناني «قاطع» لأي صلة بين جنود الجيش و«حزب الله»

عناصر من الجيش اللبناني يعاينون السيارة التي تم استهدافها في بلدة عتقنيت (قضاء صيدا) وأدت إلى مقتل 3 أشخاص بينهم عنصر بالجيش اللبناني (إ.ب.أ)
عناصر من الجيش اللبناني يعاينون السيارة التي تم استهدافها في بلدة عتقنيت (قضاء صيدا) وأدت إلى مقتل 3 أشخاص بينهم عنصر بالجيش اللبناني (إ.ب.أ)
TT

نفي لبناني «قاطع» لأي صلة بين جنود الجيش و«حزب الله»

عناصر من الجيش اللبناني يعاينون السيارة التي تم استهدافها في بلدة عتقنيت (قضاء صيدا) وأدت إلى مقتل 3 أشخاص بينهم عنصر بالجيش اللبناني (إ.ب.أ)
عناصر من الجيش اللبناني يعاينون السيارة التي تم استهدافها في بلدة عتقنيت (قضاء صيدا) وأدت إلى مقتل 3 أشخاص بينهم عنصر بالجيش اللبناني (إ.ب.أ)

نفت قيادة الجيش اللبناني ووزارة الدفاع نفياً قاطعاً للاتهامات الإسرائيلية عن صلة بين جنود و«حزب الله».

فالغارة الإسرائيلية التي استهدفت، مساء الاثنين، سيارة قرب مدينة صيدا، عاصمة جنوب لبنان، لم تكن مجرّد حادث أمني موضعي، بل حملت أبعاداً سياسية وأمنية تتجاوز مكانها وتوقيتها، لتلامس مباشرة موقع الجيش اللبناني ودوره في المرحلة الراهنة، في ظلّ تكثيف الضغوط الدولية المرتبطة بملف الجنوب وتطبيق التفاهمات الأمنية.

إذ وبعد إقرار الجيش الإسرائيلي بمسؤوليته عن الغارة التي أدّت إلى مقتل ثلاثة أشخاص، سارع إلى طرح سردية تصعيدية قال فيها إنّ المستهدفين ينتمون إلى «حزب الله»، وزعم أنّ أحدهم «عنصر يخدم بالتوازي في الجيش اللبناني»، في محاولة لربط المؤسسة العسكرية اللبنانية مباشرة بالبنية التنظيمية للحزب، وإعادة إحياء خطاب اتهامي لطالما شكّل ركناً ثابتاً في الرواية الإسرائيلية تجاه لبنان، وهذا ما نفاه نفياً قاطعاً كل من قيادة الجيش ووزارة الدفاع اللبنانية.

رواية هجومية ووقائع ميدانية

وجاء في بيان الجيش الإسرائيلي، إنّ الغارة «قضت على ثلاثة عناصر، أحدهم كان يخدم في وحدة الاستخبارات في الجيش اللبناني، وآخر عمل في وحدة الدفاع الجوي لـ(حزب الله) في منطقة صيدا»، مضيفاً أنّ إسرائيل «تنظر ببالغ الخطورة إلى علاقات التعاون بين الجيش اللبناني والحزب». غير أنّ هذه الخلاصات قُدّمت من دون إرفاقها بأي مسار قضائي أو تحقيق مستقل، وبقيت في إطار الاتهام الصادر عن الجهة المنفّذة نفسها.

وزارة الدفاع والجيش يؤكدان: ولاء المؤسسة للوطن

وأعلن الجيش اللبناني في بيان رسمي «استشهاد الرقيب الأول علي عبد الله من لواء الدعم – الفوج المضاد للدروع، جراء غارة إسرائيلية استهدفت سيارة كان بداخلها على طريق القنيطرة – المعمرية – صيدا»، محدِّداً مكان الاستهداف وزمانه، ومنظِّماً مراسم التشييع والتعازي.

وفي وقت لاحق صدر بيانان منفصلان، الأول عن مكتب وزير الدفاع الوطني اللواء ميشال منسّى، والآخر عن قيادة الجيش يؤكدان عدم علاقة عناصر الجيش بأي أحزاب وتنظيمات.

وقال بيان وزارة الدفاع: «تتناول وسائل إعلامية ومواقع إخبارية محلية وخارجية في الفترة الأخيرة ما تسميه علاقة أفراد المؤسسة العسكرية بأحزاب وجهات وتنظيمات، وهذا كلام مغلوط واستهداف خبيث يطول الجيش ودوره وتضحياته ومهامه الحالية والمستقبلية. إنّ لجنود الجيش اللبناني ورتبائه وضباطه ولاءً واحداً وحيداً هو للوطن والشرعية والعلم اللبناني. إنّ الإمعان في تعميم هذا الافتراء والطعن بولاء أفراد المؤسسة هو خدمة لأعداء لبنان وطعنة في ظهر أبطال الجيش...».

وفي بيان لها نفت قيادة الجيش «هذه المعلومات نفياً قاطعاً»، مؤكدة «أن هذه الأخبار هدفها التشكيك بعقيدة الجيش وأداء عناصره، في حين أن انتماءهم ثابت وراسخ للمؤسسة والوطن».

من جهتها، كتبت قوات«يونيفيل» على منصة «إكس»: «تجمع شراكة قوية بين (يونيفيل) والجيش اللبناني لدعم القرارين 1701 (2006) و2790 (2025). وتتركّز جهودنا المشتركة على استعادة الهدوء على طول الخط الأزرق، وتعزيز السيادة وبسط سلطة الدولة في الجنوب، وتهيئة الظروف لتحقيق استقرار مستدام».

أسماء الضحايا وتوظيف الحدث

وأدّت الغارة إلى مقتل حسن عيسى من حومين التحتا، والرقيب الأول علي عبد الله من مليخ مقيم في حومين، ومصطفى بلوط من حومين التحتا. غير أنّ التركيز الإسرائيلي لم ينصبّ على الحدث بحدّ ذاته، بل على توظيفه في إطار اتهامي أوسع، يوحي بوجود تداخل بين الجيش اللبناني و«حزب الله»، وهو توصيف لا يستند إلى معطيات تحقيقية بقدر ما يعكس استنتاجات أحادية الجانب.

عناصر في الجيش اللبناني يعاينون السيارة التي تم استهدافها في بلدة عتقنيت ما أدى إلى مقتل 3 أشخاص بينهم عسكري (إ.ب.أ)

وتكشف القراءة المتأنية للبيان الإسرائيلي عن محاولة لإعادة تعويم خطاب سبق أن اصطدم خلال الأشهر الماضية بتحوّلات ملموسة في الموقف الدولي، ولا سيّما الأميركي، الذي بات أكثر تفهّماً لتعقيدات الواقع اللبناني وداعماً للجيش اللبناني. وفي هذا السياق، تبرز الغارة بوصفها جزءاً من حملة ضغط عسكرية بالنار، وإعلامية بالاتهام، هدفها إحراج المؤسسة العسكرية اللبنانية أمام شركائها الدوليين والتشكيك بصدقيتها في لحظة سياسية حسّاسة.

إشارات دعم أميركي

بموازاة ذلك، رأى نائب رئيس الحكومة طارق متري، أننا «دخلنا مرحلة جديدة في التعامل الدولي مع لبنان، لا سيما على صعيد الجيش»، كاشفاً عن «التحضير لزيارة قريبة لقائد الجيش العماد رودولف هيكل إلى واشنطن، ناهيك عن أن موافقة الولايات المتحدة الأميركية على إقامة مؤتمر خاص لدعم الجيش هو دليل أولي على الأقل أن موقف الجيش لم يعد كما كان». وعدّ أنّ «الولايات المتحدة الأميركية لم تعد تتبنى الاتهامات الإسرائيلية والأحاديث التي راجت عن أن الجيش اللبناني متواطئ وعاجز ومقصر، بل على العكس أدركت أنه على رغم الإمكانات المحدودة يقوم بعمله».

دعم دولي

ويشكّل هذا المناخ الدولي أحد مفاتيح فهم التصعيد الأخير. فمع تزايد الاعتراف بدور الجيش اللبناني شريكاً في الاستقرار، تبدو تل أبيب كأنها تحاول استباق أي تثبيت سياسي أو مالي لدعم المؤسسة العسكرية عبر إعادة ربطها بمحور الاتهام. ومن هنا، لا يمكن فصل الغارة عن المساعي الجارية لعقد مؤتمر دعم الجيش ولا عن زيارة قائد الجيش المرتقبة إلى واشنطن، بما تحمله من دلالات تتجاوز البروتوكول.

تقاطع اتهامي

وفي قراءة أوسع، قال العميد المتقاعد خالد حمادة لـ«الشرق الأوسط» إنّ «الاعتداء الإسرائيلي يندرج في سياق الاعتداءات المتواصلة على مناطق لبنانية عدة، إلا أنّ خطورة هذه الحادثة لا تكمن في بعدها الميداني فحسب، بل في توقيتها السياسي، وفي محاولة إسرائيل توظيفها إلى ما بعد الحدث العسكري نفسه».

وأضاف أنّ «الادعاء الذي أعلنه المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي حول وجود عنصر من الجيش اللبناني بين المستهدفين يعيد إحياء السردية الإسرائيلية التي تتهم الجيش بالتعاون مع (حزب الله)، وتسعى من خلالها إلى نزع الثقة بالمؤسسة العسكرية وعدّها غير مؤهلة للقيام بمهمة نزع سلاح الحزب».

وأوضح أنّ «المعطيات حول هوية الأشخاص الثلاثة تُظهر أنهم ينتمون إلى قرية واحدة أو يقيمون فيها؛ ما يجعل وجودهم في سيارة واحدة أمراً طبيعياً، ولا يشكّل قرينة كافية لإدانة الجيش أو اتهامه بالتنسيق مع الحزب».

ورأى أنّ «الأشخاص الثلاثة الذين قضوا في الغارة ينتمون إلى بيئة اجتماعية واحدة، حيث إن اثنين منهم من بلدة حومين التحتا بينما الثالث يقيم فيها؛ وهو ما يجعل وجودهم في سيارة واحدة أمراً طبيعياً ومألوفاً في العادات الاجتماعية السائدة في قرى الجنوب، حيث تشكّل علاقات الجيرة والقرابة والتنقّل المشترك جزءاً من الحياة اليومية». ولفت إلى أنّ «هذا النمط من التنقّل لا يحمل بحدّ ذاته أي دلالة أمنية أو عسكرية، ولا يمكن عدّه قرينة على وجود مهمة منظّمة أو تنسيق عملاني، كما تحاول الرواية الإسرائيلية الإيحاء».

سيارة الإسعاف على مقربة من السيارة التي تم استهدافها على طريق مزرعة القنيطرة في بلدة عتقنيت مساء الاثنين وأدت إلى مقتل 3 أشخاص بينهم عنصر بالجيش اللبناني (أ.ف.ب)

وعدّ حمادة أنّ رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو «يحاول الاستثمار السياسي في الحادثة لإعادة تسويق الاتهام بأن الجيش اللبناني غير قادر أو غير راغب في تنفيذ مهمة تجريد (حزب الله) من سلاحه»، مرجّحاً أن «تُوظّف الواقعة ضمن الملفات التي يسعى نتنياهو إلى عرضها في لقاءاته مع الإدارة الأميركية».