الكرملين: خطة السلام الروسية تحتاج إلى تحليل طويل

موسكو تتحدى حزمة العقوبات الأوروبية الجديدة... وقائد القوات البرية الأوكرانية يزور باخموت

ضباط أوكرانيون يمرون أمام قطع عسكرية روسية مدمّرة في كييف أمس (أ.ف.ب)
ضباط أوكرانيون يمرون أمام قطع عسكرية روسية مدمّرة في كييف أمس (أ.ف.ب)
TT

الكرملين: خطة السلام الروسية تحتاج إلى تحليل طويل

ضباط أوكرانيون يمرون أمام قطع عسكرية روسية مدمّرة في كييف أمس (أ.ف.ب)
ضباط أوكرانيون يمرون أمام قطع عسكرية روسية مدمّرة في كييف أمس (أ.ف.ب)

عكست تصريحات الناطق الرسمي باسم الكرملين دميتري بيسكوف وجود تحفظات لدى موسكو على مضمون مبادرة السلام، التي أطلقتها الصين أخيراً. ورغم تأكيده «اهتمام موسكو بالأفكار المطروحة»، فإنه أشار إلى «الحاجة لتحليل طويل ومرهق» حول تفاصيل المبادرة.
وفي أول رد فعل من الرئاسة الروسية، بعد مرور أيام على طرح المقترحات الصينية، قال بيسكوف إن «الكرملين يولي اهتماماً كبيراً لخطة السلام التي طرحها الأصدقاء الصينيون». لكنه أضاف أن «تفاصيل هذه المبادرة يجب أن تخضع لتحليل دقيق وحسابات، وهي عملية طويلة ومرهقة». وتابع بيسكوف، رداً على أسئلة الصحافيين أن «أي محاولات لوضع خطط من شأنها أن تساعد في نقل الصراع إلى مسار سلمي تستحق الاهتمام، ونحن نتعامل مع خطة أصدقائنا الصينيين باهتمام كبير». وزاد أن «من الضروري دراسة تفاصيل الخطة، وأخذ مصالح الأطراف بعين الاعتبار». وقال بيسكوف إن روسيا «في الوقت الحالي لا ترى أي شروط مسبقة للتقدم نحو السلام، هناك عملية عسكرية خاصة جارية، ويتم التحرك نحو الأهداف المحددة».
وكان الموقع الإلكتروني لوزارة الخارجية الصينية قد نشر في وقت سابق بياناً من 12 نقطة، يحتوي على موقف الصين من التسوية السياسية للأزمة الأوكرانية، ومن بين النقاط الرئيسية: ضرورة احترام سيادة وسلامة أراضي جميع الدول، واستئناف الحوار المباشر بين موسكو وكييف، والدعوة لمنع المزيد من التصعيد. كذلك عارضت الصين إساءة استخدام العقوبات أحادية الجانب في سياق الصراع الأوكراني؛ لأنها لا تساعد في حل الأزمة.
وعلى الفور برزت توقعات بأن موسكو على رغم الترحيب العلني بمبادرة «الصديق الصيني» كما جاء في بيان لوزارة الخارجية، فإنها تتحفظ على بعض التفاصيل المطروحة، خصوصاً تلك المتعلقة باحترام سيادة البلدان ووحدة أراضيها، وهو البند الأول في المبادرة. وترى موسكو أن هذا المدخل لا يلبي مصالحها خصوصاً لجهة عدم اعتراف الصين بقرارات ضم شبه جزيرة القرم سابقاً، وأيضاً ضم أجزاء جديدة من أوكرانيا الخريف الماضي. وخلال حديثه مع الصحافيين قال بيسكوف إنه «لا يستطيع تخيّل الظروف التي يمكن في ظلها عودة شبه جزيرة القرم» إلى أوكرانيا، مؤكداً أن المنطقة «جزء لا يتجزأ من روسيا».
وفي موضوع آخر، تطرق الناطق الرئاسي إلى التصعيد الحاصل حول منطقة بريدنوستروفيه الانفصالية عن مولدافيا، والتي يتوقع خبراء أن تتحول إلى ساحة صراع جديدة. وقال بيسكوف إن «الوضع حول بريدنوستروفيه بالنسبة للكرملين هو موضوع مثير للاهتمام، ويسبب القلق». ورأى أن التطورات المحيطة بالإقليم تسبب «وضعاً مضطرباً، وتعد استفزازاً من الخارج».
وكانت موسكو قد حذرت في وقت سابق مما وصفته «استعدادات أوكرانية للهجوم على الإقليم الانفصالي ما يهدد القوات الروسية العاملة فيه». في المقابل، قالت مولدافيا وأوكرانيا إن موسكو تسعى إلى تسخين الوضع حول بريدنوستروفيه لتبرير عمل عسكري من خلاله إلى المناطق الأوكرانية الغربية خصوصاً ميناء أوديسا الاستراتيجي.

- تهوين من العقوبات الأوروبية
على صعيد متصل، وصف الناطق الرئاسي الروسي رزمة العقوبات الأوروبية الأخيرة التي فُرضت على روسيا بأنها «هراء». وقال بيسكوف: «بالطبع كل هذا هراء. من الواضح أنهم يخضعون أشخاصاً لا علاقة لهم بمسألة العقوبات، لمجرد إعداد قوائم جديدة». وأشار إلى أن رزمة العقوبات العاشرة شملت مفوضة حقوق الإنسان في روسيا، تاتيانا موسكالكوفا، لافتاً إلى أن القوائم «تضم أشخاصاً ناجحين».
ووافقت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي الجمعة، على فرض حزمة العقوبات العاشرة التي أعدتها مفوضية الاتحاد الأسبوع الماضي ضد روسيا. وتتضمن الحزمة حظراً على التصدير بأكثر من 11 مليار يورو لحرمان الاقتصاد الروسي من التكنولوجيا والمنتجات الصناعية الهامة.
وتشمل الحزمة عقوبات على الأجهزة الإلكترونية، والمركبات الخاصة، وقطع غيار الماكينات والمحركات، وقطع غيار الشاحنات والمحركات النفاثة، وتستهدف أيضاً منتجات مثل الرافعات. وكذلك تم فرض حظر تصدير على المنتجات التي يمكن استخدامها للأغراض العسكرية والمدنية.
ميدانياً، أعلنت وزارة الدفاع أن الوحدات الروسية قتلت الساعات الـ24 الماضية، أكثر من 500 جندي أوكراني، ودمرت مدفعي هاوتزر ومستودع ذخيرة على محور خيرسون. وفي إفادة يومية لحصيلة القتال قال الناطق العسكري إن القوات المسلحة الروسية «قامت بتصفية ما يصل إلى 60 جندياً أوكرانياً، ودمرت مدفعي هاوتزر وأربع مركبات، كما تم تدمير مستودع ذخيرة تابع للواء الآلي رقم 63 التابع للقوات المسلحة الأوكرانية بالقرب من قرية سينغيريفكا بمنطقة نيكولاييف».
كما ألحقت وحدات من مجموعة القوات «الغربية» أضراراً بالقوى البشرية المعادية في مناطق قرى نوفوسيلسكويه في لوغانسك ودفوريتشنايا وغريانيكوفكا وماسيوتوفكا وأولشانا وليمان بيرفي وسينكوفكا في منطقة خاركيف. و«تمت تصفية ما يصل إلى 70 جندياً أوكرانياً، وتدمير 3 مدرعات قتالية وسيارتين في هذا الاتجاه».
وعلى محور كراسنوليمان، أصابت العمليات النشطة لوحدات مجموعة «الوسط»، وكذلك الضربات الجوية العملياتية والتكتيكية ونيران المدفعية وأنظمة قاذفات اللهب الثقيلة وحدات من القوات المسلحة الأوكرانية في قريتي يامبولوفكا وتورسكويه في دونيتسك، وكذلك في بلدات تشيرنوبوبوفكا وتشيرفونايا ديبروفا في لوغانسك، حيث بلغت خسائر العدو خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية في هذا الاتجاه نحو 140 قتيلاً وجريحاً، و3 مركبات قتالية مدرعة، و3 مركبات، ومدفع هاوتزر ذاتي الدفع. وعلى محور دونيتسك، قال الناطق إنه «نتيجة لاستمرار العمليات الهجومية لوحدات مجموعة (الجنوب)، وبدعم من الضربات الجوية ونيران المدفعية وأنظمة قاذفات اللهب الثقيلة، بلغت خسائر العدو أكثر من 250 جندياً أوكرانياً ودبابتين و4 مدرعات، كما تم تدمير مركبات قتالية و5 مركبات ومدافع هاوتزر».
في شأن متصل، قال الجيش الأوكراني إن قائد القوات البرية الكولونيل جنرال أولكسندر سيرسكي زار باخموت المحاصرة في مطلع الأسبوع لرفع الروح المعنوية، وإجراء محادثات استراتيجية مع الوحدات التي تدافع عن البلدة والقرى المحيطة في شرق أوكرانيا. ويتوقع محللون عسكريون أن تبذل القوات الأوكرانية «أقصى جهدها» في الأيام المقبلة للدفاع عن باخموت، التي شهدت في الأشهر الأخيرة بعضاً من أكثر المعارك دموية في الغزو الروسي المستمر منذ عام.
وجعلت روسيا من الاستيلاء على باخموت أولوية في استراتيجيتها للسيطرة على منطقة دونباس الصناعية بشرق أوكرانيا.
وقالت القوات البرية على تطبيق «تلغرام»: «استمع (سيرسكي) إلى قادة الوحدات بشأن تعاملهم مع المشكلات العاجلة، وقدم المساعدة في حلها وأعلن دعمه للجنود». ويُنظر إلى القائد البالغ من العمر 57 عاماً، وهو أحد أكثر القادة الأوكرانيين خبرة، بأنه العقل المدبر لهزيمة القوات الروسية أثناء تقدمها في كييف في وقت مبكر من الحرب وفي منطقة خاركيف في سبتمبر (أيلول). وبعد أن تم تكليفه بالدفاع عن باخموت، قام سيرسكي بعدد من الزيارات إليها، وأكد أن قوات كييف لن تفرط فيها.
يذكر أن روسيا أحرزت تقدماً في الآونة الأخيرة نحو تطويق باخموت، حيث لم يبق إلا نحو 5000 من 70 ألفاً من سكانها، لكنها فشلت في الاستيلاء عليها، ما حرم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من فرصة إعلان تحقيق انتصار يوم الجمعة في الذكرى الأولى للغزو الروسي.

- قائد أوكراني في باخموت
في شأن متصل، قال الجيش الأوكراني إن قائد القوات البرية الكولونيل جنرال أولكسندر سيرسكي زار باخموت المحاصرة في مطلع الأسبوع لرفع الروح المعنوية، وإجراء محادثات استراتيجية مع الوحدات التي تدافع عن البلدة والقرى المحيطة في شرق أوكرانيا.
ويتوقع محللون عسكريون أن تبذل القوات الأوكرانية «أقصى جهدها» في الأيام المقبلة للدفاع عن باخموت، التي شهدت في الأشهر الأخيرة بعضاً من أكثر المعارك دموية في الغزو الروسي المستمر منذ عام.
وجعلت روسيا من الاستيلاء على باخموت أولوية في استراتيجيتها للسيطرة على منطقة دونباس الصناعية بشرق أوكرانيا.


مقالات ذات صلة

تقرير: ترمب طلب نصيحة بوتين بشأن تسليح أوكرانيا في عام 2017

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب خلال لقاء سابق مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (رويترز)

تقرير: ترمب طلب نصيحة بوتين بشأن تسليح أوكرانيا في عام 2017

كشف تقرير صحافي أن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب طلب نصيحة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشأن تسليح الولايات المتحدة لأوكرانيا في عام 2017.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية رئيس البرلمان التركي نعمان كورتولموش (من حسابه في «إكس»)

رئيس البرلمان التركي: لا مفاوضات لحل أزمة أوكرانيا من دون روسيا

أكد رئيس البرلمان التركي نعمان كورتولموش ضرورة إدراك أميركا وبعض الدول الأوروبية استحالة نجاح أي مفاوضات لإنهاء الحرب في أوكرانيا من دون روسيا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أوروبا زيلينسكي يصافح الرئيس الأميركي جو بايدن على هامش اجتماعات الجمعية العامة بنيويورك في 25 سبتمبر (أ.ف.ب)

زيلينسكي يستعدّ لطرح «خطة النصر» في اجتماع الحلفاء الأسبوع المقبل

أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن بلاده ستطرح «خطة النصر» في اجتماع دوري لحلفائها في رامشتاين بألمانيا.

«الشرق الأوسط» (كييف)
يوميات الشرق المراهقة تواجه تهمة القتل غير العمد وهي حالياً قيد الاحتجاز الوقائي (رويترز)

صدمة في الرأس وكدمات ونزيف... مراهقة عائدة من أوكرانيا تضرب جدتها حتى الموت

وُجهت اتهامات لفتاة أوكرانية تبلغ من العمر 14 عاماً انتقلت مؤخراً إلى ولاية فلوريدا الأميركية بصفتها شخصاً بالغاً بعدما ضربت جدتها البالغة من العمر 79 عاماً حتى

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا مبنى الكرملين في موسكو (رويترز)

 روسيا: المواجهة الحالية مع الغرب لم يسبق لها مثيل في التاريخ

قال دبلوماسي روسي كبير اليوم الخميس إن المواجهة الحالية بين بلاده والغرب بشأن أوكرانيا لم يسبق لها مثيل في التاريخ وإن أي خطأ قد يؤدي إلى كارثة.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

ماكرون يأسف لخيارات نتنياهو في لبنان خصوصاً «العمليات البرية»

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)
TT

ماكرون يأسف لخيارات نتنياهو في لبنان خصوصاً «العمليات البرية»

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)

أسف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اليوم (السبت)، لما قام به رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، من «خيار» لجهة التدخل العسكري في لبنان، خصوصاً القيام بـ«عمليات برية»، مع تأكيده مجدداً على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها.

وقال ماكرون خلال المؤتمر الصحافي الختامي للقمة التاسعة عشرة للمنظمة الفرنكوفونية في باريس: «آسف لكون رئيس الوزراء نتنياهو قام بخيار آخر (بدل وقف إطلاق النار الذي اقترحته باريس وواشنطن)، وتحمل هذه المسؤولية، خصوصاً (تنفيذ) عمليات برية على الأراضي اللبنانية».

وأكد أن فرنسا «متضامنة مع أمن إسرائيل»، لافتاً إلى أنه سيستقبل الاثنين، عائلات الضحايا الفرنسيين - الإسرائيليين الذين سقطوا في هجوم حركة «حماس» الفلسطينية في 7 أكتوبر (تشرين الأول).

وأعلن ماكرون أن الأعضاء الـ88 في المنظمة الدولية للفرنكوفونية، وبينهم فرنسا وكندا وبلجيكا، يطالبون «بالإجماع»، بوقف «فوري ودائم» لإطلاق النار في لبنان، العضو بدوره في المنظمة، مع استمرار الغارات الإسرائيلية الكثيفة على مناطق لبنانية عدة.

وقال ماكرون في مؤتمر صحافي اختتم به القمة الـ19 للمنظمة: «أعربنا بالإجماع عن تأييدنا لوقف فوري ودائم لإطلاق النار، وأكدنا التزامنا احتواء التوترات في المنطقة»، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتوجه ماكرون بالشكر إلى أعضاء المنظمة «بعدما وافقوا على أن تنظم فرنسا مؤتمراً دولياً لدعم لبنان» في أكتوبر.