رئيس الحكومة الفلسطينية: قرية سوسيا ستبقى على الخريطة

الحمد الله زارها والسلطة دعمتها.. والبلدوزرات الإسرائيلية قد تهدمها في أي لحظة

الحمد الله يحتضن طفلا داخل خيمة في قرية سوسيا ويتحدث إلى إحدى نسائها خلال زيارته للقرية أمس (أ.ف.ب)
الحمد الله يحتضن طفلا داخل خيمة في قرية سوسيا ويتحدث إلى إحدى نسائها خلال زيارته للقرية أمس (أ.ف.ب)
TT

رئيس الحكومة الفلسطينية: قرية سوسيا ستبقى على الخريطة

الحمد الله يحتضن طفلا داخل خيمة في قرية سوسيا ويتحدث إلى إحدى نسائها خلال زيارته للقرية أمس (أ.ف.ب)
الحمد الله يحتضن طفلا داخل خيمة في قرية سوسيا ويتحدث إلى إحدى نسائها خلال زيارته للقرية أمس (أ.ف.ب)

لا يؤمن أهالي قرية «سوسيا» الفلسطينية جنوب مدينة الخليل في الضفة الغربية بغير «الصمود» على أرضهم البعيدة والبدائية، في مواجهة الدولة الأكثر تسليحا في المنطقة (إسرائيل) والتي تريد شطب القرية من الخريطة للأبد.
وبعد نحو شهرين من إصدار محكمة إسرائيلية قرارا بهدم القرية، لا يبحث السكان عن أي بدائل أخرى، وإنما يبنون مزيدا من البركسات، ويشقون شوارع أخرى، من شأنها تقديم خدمات إضافية لنحو 500 بدوي يعيشون في المنطقة «ج» التي تسيطر عليها إسرائيل إداريا وأمنيا، حسب اتفاقات أوسلو.
وقال جهاد نواجعة، رئيس مجلس قروي سوسيا، أمس، وهو يستقبل رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله ومسؤولين فلسطينيين وأجانب، بينهم قناصل دول: «نحن باقون هنا، ولن نساوم على حقنا في أرضنا». وأضاف «سنصمد وسنواصل البناء وسنعيد بناء المساكن في كل مرة».
ولخص نواجعة كيف يفكر معظم أهالي سوسيا. وسمع الحمد الله كلاما مشابها من نساء وشيوخ وأطفال التقاهم في القرية الفقيرة، بعد أن ترك مكتبه الفاخر واضطر للجلوس على الأرض ودخل خيم وبركسات شديدة الحرارة. وقال الحمد الله: «سنحمل عذاباتكم إلى كل المحافل الدولية، لتوفير الحماية الفعلية والفاعلة لشعبنا». وأضاف موجها كلامه لأهل القرية: «باسم السيد الرئيس ستتم تلبية كل احتياجاتكم وفق الإمكانيات المتاحة، وتمت تلبية مطالبكم من الزيارة السابقة بتأمين الدعم لصالح القطاع الزراعي في المنطقة، ومركبة تستخدم لخدمة أهالي القرية».
وأعلن الحمد الله عن دعم الحكومة لأهالي القرية بـ16 طنا من أعلاف الأغنام، و28 خضاضة لبن، و4 خزانات مياه، ومستلزمات ضخ وشفط ورش المياه، ومستلزمات فرز وتعبئة العسل، ومستلزمات زراعية أخرى، مشددا على أن الحكومة ستقوم بشق طرق زراعية خلال شهر، وتوزيع 10 أطنان من البذار العلفي المقاوم للجفاف خلال شهرين، وتوريد 110 من الأغنام المحسنة خلال شهرين أيضا، وإنشاء بركس أغنام نموذجي بمساحة 500 متر مربع خلال شهر، وتوزيع 35 طنا من الأعلاف لتغذية الأغنام خلال شهر. كما تعهد بتزويد القرية بخلايا شمسية منتجة للكهرباء.
وبالنسبة للأهالي، بدت وعود الحمد الله مرضية للغاية، لكن ذلك لم يمنع خوفا كبيرا من أن تتحول تلك الوعود إلى حبر على ورق، إذا ما نفذت الآليات الإسرائيلية أوامر الهدم خلال فترة وجيزة.
ويتوقع أن تبدأ القوات الإسرائيلية المنتشرة بكثافة في المنطقة لحماية مستوطنين يعيشون قريبا من «سوسيا»، في أي لحظة في تنفيذ أوامر الهدم. ويشمل قرار المحكمة الإسرائيلية الذي اتخذ في مايو (أيار) الماضي هدم 100 منزل تؤوي نحو 450 فلسطينيا، إضافة إلى عيادة صحية بدائية، ومنشأة لتوليد الطاقة.
وكان أهل القرية طلبوا في أعوام سابقة منشأة لتوليد الطاقة، مولتها ألمانيا، بعدما رفضت إسرائيل مدهم بالكهرباء، ضمن الضغوط التي تمارسها على سكان القرية، ومن بينها منعهم من الوصول إلى ينابيع المياه، وتحويلها إلى المستوطنين القريبين.
وإذا ما هدمت إسرائيل سوسيا فلن تكون المرة الأولى. فقد فعلت ذلك 5 مرات في أوقات سابقة، أولها في عام 1986، ثم في عامي 1991، و1997، ثم مرتين في عام 2001. لكن الفارق المهم هذه المرة هو أن الجيش يتسلح بقرار من المحكمة العليا، وهو ما يعني أنه سيمنع إعادة بنائها مرة أخرى.
غير أن أهالي القرية يعتقدون أن تقريرا إسرائيليا داخليا كشف عنه قبل يومين فقط، من شأنه أن يغير في قرار المحكمة الإسرائيلية. فقد نشرت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية في عددها يوم الأحد وثيقة داخلية أعدتها «الإدارة المدنية» الإسرائيلية، تشير إلى أن أراضي قرية «سوسيا» تعود لملكية فردية للفلسطينيين الذين يزرعونها.
وأوضحت الصحيفة أن وجهة النظر هذه تعتمد على «كوشان» عثماني (سند ملكية)، يعود تاريخه إلى عام 1881، يثبت ملكيتهم لمساحة 3000 دونم من الأرض. لكن «الإدارة المدنية» التي رفضت طلبا لأهالي سوسيا بترخيص مبانيهم، بحجة أنهم لم يثبتوا ملكيتهم للأرض، قالت إنها ستفحص كيف تؤثر المعلومات الجديدة على سير القضية.
وتختصر حكاية «سوسيا» الصراع الفلسطيني الإسرائيلي في المنطقة «ج»، وهو صراع وجودي وسيادي واقتصادي ومتعلق أيضا بالموارد الطبيعية. وقال الحمد الله: «ما نشاهده عن كثب في سوسيا، يواجهه أيضا أبناء شعب فلسطين في مسافر يطا، وفي تجمع أبو النوار، وعرب الجهالين، وفي كل القرى والبلدات والتجمعات والخرب ومضارب البدو، وهو جزء من حصار خانق تفرضه إسرائيل على التنمية والبناء، بل والحياة أيضا في المناطق المسماة (ج)، التي تشكل نحو 63 في المائة من مساحة الضفة الغربية».
وطالب الحمد الله المجتمع الدولي بقواه كافة ومؤسساته المؤثرة بإنهاء هذه المعاناة الإنسانية المتفاقمة، وإلزام إسرائيل بوقف سياسة الترحيل والتهجير القسري، والالتزام بقواعد القانون الدولي، وتمكين الجهود الدولية والوطنية من العمل في مناطق (ج). وتضغط دول كبيرة على إسرائيل لوقف أي إجراءات ضد سكان سوسيا، إذ حذرت الإدارة الأميركية من «أبعاد خطيرة ومستفزة» لخطوة هدم القرية، فيما طالب الاتحاد الأوروبي بإلغاء «الترانسفير القسري» لسكانها.
ويزور ناشطون فلسطينيون وأجانب سوسيا يوميا، لدعم صمود أهلها ومواجهة أي محاولة إسرائيلية لهدم القرية. وقال محمد نواجعة إنه يتوقع وصول البلدوزرات الإسرائيلية في أي لحظة، لبدء عملية تشريد جديدة له ولعائلته.
ويقول ناشطون أطلقوا حملة «أنقذوا سوسيا»، إنهم بصدد توسيع التضامن مع القرية. وأخذت الحملة الجديدة بعدا دوليا، إذ ينتشر «الهاشتاغ» على نطاق واسع باللغتين العربية والأجنبية.
وقال الحمد الله: «ستبقى سوسيا دوما على الخريطة، ولن تلغي إسرائيل وجودنا فيها، أو تقتلع حقنا وحق أطفالنا في الحياة في كنفها. سنتكاتف جميعا، ولن ندخر أي جهد لتعزيز بقائكم فيها».



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.