دراسة تحذر: انهيار الصفيحة الجليدية للقطبين «لا رجعة فيه»

دراسة تحذر: انهيار الصفيحة الجليدية للقطبين «لا رجعة فيه»
TT
20

دراسة تحذر: انهيار الصفيحة الجليدية للقطبين «لا رجعة فيه»

دراسة تحذر: انهيار الصفيحة الجليدية للقطبين «لا رجعة فيه»

حذرت دراسة جديدة من أنه حتى لو تمكنا من تثبيت درجات حرارة الأرض من خلال بلوغ ذروتها عند درجتين مئويتين، فإن الصفائح الجليدية الشاسعة في غرينلاند والقارة القطبية الجنوبية تسير على خطى «ذوبان لا رجعة فيه».
ويوضح عالم فيزياء المناخ أكسل تيمرمان من معهد العلوم الأساسية في كوريا «إذا أخطأنا هدف الانبعاث هذا فسوف تتفكك الصفائح الجليدية وتذوب بوتيرة متسارعة، وفقًا لحساباتنا».
ولقد ارتفع مستوى سطح البحر في العالم بالفعل بحوالى 20 سم في المتوسط خلال القرن الماضي. فيما أوضح الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في مناقشة لمجلس الأمن بنيويورك أن التسارع المحسوب سيعرض واحدًا من كل عشرة أشخاص لخطر مباشر من ارتفاع مستوى سطح البحر، قائلا «بالنسبة لمئات الملايين من الناس الذين يعيشون في الدول الجزرية الصغيرة النامية وغيرها من المناطق الساحلية المنخفضة حول العالم، فإن ارتفاع مستوى سطح البحر هو سيل من المشاكل. سنشهد هجرة جماعية لسكان بأكملهم»، وذلك وفق ما نشر موقع «ساينس إليرت» العلمي المتخصص نقلا عن مجلة «نيتشر كوميونيكيشينز» العلمية.
ومن خلال تضمين آليات التغذية الراجعة التي كانت مفقودة من النمذجة السابقة، يتوقع جون يونغ بارك عالم المناخ بجامعة بوسان الوطنية وزملاؤه أن تقترب نقطة التحول الرئيسية بشكل أسرع من المتوقع.
ويوضح بارك أن «نماذج الكمبيوتر التي تحاكي ديناميكيات الصفائح الجليدية في غرينلاند وأنتاركتيكا غالبًا لا تأخذ في الحسبان حقيقة أن ذوبان الصفيحة الجليدية سيؤثر على عمليات المحيط، والتي بدورها يمكن أن تتغذى مرة أخرى على الغطاء الجليدي والغلاف الجوي».
وفي هذا الاطار، فمع استمرار ذوبان الجليد على اليابسة والبحر بمعدلات متزايدة، تتركز المياه الذائبة المتدفقة إلى المحيط نحو السطح، ما يقلل من تبادل الحرارة من الأعماق ويزيد من ارتفاع درجات الحرارة في باطن الأرض؛ هذه الحرارة الإضافية تخاطر بتآكل الدعامات المتجمدة التي تمنع الجرف الجليدي في القارة القطبية الجنوبية، الأمر الذي يتسبب بتدفق المزيد من المياه الذائبة إلى المحيط.
الجدير بالذكر أن فريق الدراسة الجديدة لم يحقق بعد دقة عالية مثل النماذج المناخية الرائدة الأخرى، بما في ذلك البيانات من هذه العمليات تسمح للباحثين بمعرفة كيف تؤثر المياه الذائبة على استقرار الصفائح الجليدية.
ويشير الفريق إلى أننا «نشهد بالفعل بعض هذه التأثيرات في الوقت الفعلي، مع أحداث لم يسمع بها من قبل مثل المطر في غرينلاند والزيادات الملحوظة بتقلبات المياه الذائبة على الجرف الجليدي في القطب الجنوبي». لكن حسابات بارك وفريقه الجديدة تشير إلى أن هذه العملية التي «لا رجعة فيها» يمكن أن تبدأ عند 1.8 درجة مئوية فقط. فلقد أظهر النموذج فقط بسيناريوهات التخفيف الأكثر عدوانية؛ أنه «مع الحفاظ على درجات حرارة أقل من 1.5 درجة مئوية يمكننا تجنب هذا التسارع السريع في ارتفاع مستوى سطح البحر».
من جانبه، يقول تيمرمان «إذا لم نتخذ أي إجراء، فسوف يستمر تراجع الصفائح الجليدية بزيادة مستوى سطح البحر بما لا يقل عن 100 سم في غضون 130 عامًا قادمة». «وسيكون هذا على رأس المساهمات الأخرى مثل التوسع الحراري لمياه المحيطات. كما سيؤثر مثل هذا السيناريو بشكل خطير على المدن الضخمة في كل قارة، بما في ذلك المراكز الحضرية كالقاهرة ومومباي وشنغهاي ولندن ولوس أنجليس ونيويورك وبوينس آيرس»، وفق ما يلحظ غوتيريش؛ الذي يؤكد «على الرغم من أن الاحتمالية قد تكون مثيرة للقلق، إلا أن هناك الكثير من الميزات التي تؤثر على أنظمتنا البيئية المعقدة التي لم تتضمنها النمذجة الجديدة، مثل تأثيرات التيارات الساحلية الضيقة».
بدوره، يبيّن عالم الغلاف الجوي روبن سميث الذي لم يشارك في الدراسة «من الأهمية بمكان أن يتم إدخال تطورات مثل تلك الخاصة بهم إلى أحدث نماذج المناخ لدينا. فعلى الرغم من الحاجة إلى مزيد من العمل للحد من عدم اليقين بمثل هذه التوقعات، فإن هذه الدراسة توضح أهمية اتخاذ إجراءات سريعة للحد من انبعاثات غازات الدفيئة البشرية المنشأ في أسرع وقت ممكن لتقليل المخاطر المرتبطة بفقدان الصفائح الجليدية الرئيسية. وهذا لا يعني أن لدينا فرصة للانتظار لمعرفة الجواب. فكل زيادة في الاحترار يمكننا تجنبها تمنحنا فرصة أفضل بكثير لمساعدة المجتمعات المستقبلية على تجنب أسوأ ما في كوكب يزداد احترارًا بسرعة».


مقالات ذات صلة

غالبية الشركات في ألمانيا ترى أهداف المناخ غير واقعية

الاقتصاد أبراج لشركات عالمية ومحلية في وسط برلين (رويترز)

غالبية الشركات في ألمانيا ترى أهداف المناخ غير واقعية

ترى أكثر من ثلثي شركات البلديات في ألمانيا حالياً أنه من غير الواقعي أن تتمكن ألمانيا من تحقيق أهدافها المناخية بحلول عام 2045.

«الشرق الأوسط» (برلين)
بيئة جبل جليدي يطفو في البحر بجزيرة غرينلاند (أ.ف.ب)

الجليد البحري العالمي وصل إلى «أدنى مستوى على الإطلاق» في فبراير

كشف العلماء عن أن الجليد البحري العالمي انخفض إلى أدنى مستوى له على الإطلاق في فبراير (شباط)، وهو أحد أعراض تلوث الغلاف الجوي.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
علوم التغير المناخي: 40 % من سكان العالم سيعيشون خارج «المكانة المناخية البشرية»

التغير المناخي: 40 % من سكان العالم سيعيشون خارج «المكانة المناخية البشرية»

العلماء يصفون الحياة المقبلة للبشرية

جيسيكا هولينغر (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الجفاف واضطرابات المناخ يضربان الأراضي الزراعية ويتسببان في خسائر كبيرة للمزارعين (رويترز)

ترمب يوقف مشاركة أميركا في تقييم عالمي لتغير المناخ

قال مصدران مطلعان لرويترز إن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب أوقفت مشاركة الباحثين الأميركين في تقييمات مهمة لتغير المناخ تابعة للأمم المتحدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا رجل يقود دراجته وسط الثلوج في برلين (إ.ب.أ)

ألمانيا: انخفاض «نادر» بدرجات الحرارة إلى 20.7 درجة تحت الصفر

تسببت موجة برد شديدة في ألمانيا بانخفاض درجات الحرارة إلى ما دون 20 درجة مئوية تحت الصفر، الاثنين.

«الشرق الأوسط» (برلين)

«ليالي روكسي»... حكايةُ ولادة أول فيلم سينمائي سوري

لدى المسلسل ما يقوله وسط الكلام المُكرَّر وما يُصوِّره خارج المشهد الجاهز (البوستر الرسمي)
لدى المسلسل ما يقوله وسط الكلام المُكرَّر وما يُصوِّره خارج المشهد الجاهز (البوستر الرسمي)
TT
20

«ليالي روكسي»... حكايةُ ولادة أول فيلم سينمائي سوري

لدى المسلسل ما يقوله وسط الكلام المُكرَّر وما يُصوِّره خارج المشهد الجاهز (البوستر الرسمي)
لدى المسلسل ما يقوله وسط الكلام المُكرَّر وما يُصوِّره خارج المشهد الجاهز (البوستر الرسمي)

لا ينطبق على مسلسل «ليالي روكسي» تصنيفه ضمن أعمال «البيئة الشامية» بتعريفها المُستَهلك. جماليته البصرية وخطّه الدرامي الرئيسي يُنقذانه من الذوبان في النمط ويُحرّرانه من الانطباع المُسبَق. يُضاف إليهما بناء الشخصيات وأزياؤها. فالمرأة حاضرة بأحلامها وطموحها ومحاولاتها للوصول إلى ما تختاره، لا ما يقرّره الرجل والمجتمع عنها. المواجهة الصعبة تخوضها بنفسها، ونظرتها إلى الحياة تتجاوز مفاهيم محدودة رسَّختها مسلسلات «البيئة». هي هنا تُطلق جناحيها وتُحلِّق.

يعود المسلسل «ورشة كتّاب» إلى عشرينات القرن الماضي في سوريا ويصوِّر الجانب المضيء من الواقع. وإذا كان العنوان العريض يتمحور حول ظروف إنجاز أول فيلم سينمائي سوري، «المتّهم البريء» عام 1928، فإنّ ما يتفرَّع يمسُّ موضوعات الحبّ والزواج والطلاق والخصومة الشخصية. خطّان يسيران بالتوازي، مع حرصٍ على ألا يحدُث ما يُشتِّت مسار الخطّ الأول.

يعود المسلسل إلى عشرينات القرن الماضي في سوريا (البوستر الرسمي)
يعود المسلسل إلى عشرينات القرن الماضي في سوريا (البوستر الرسمي)

للعمل موّالُه يُغنّيه على ليلاه. لديه ما يقوله وسط الكلام المُكرَّر، وما يُصوِّره خارج المشهد الجاهز. ويُحسَب له التفنُّن في رَسْم الشخصيات ومَنحها حيّزاً يتخطّى المُنتَظر منها في أعمال «البيئة الشامية». فالبطلة الرئيسية، «توتة» (سلاف فواخرجي)، ليست تلك الحسناء المُنهمِكة بإرضاء الزوج والخائفة طوال الوقت من أن يأتي إليها بضرّة. شخصيتها تقلُب الطاولة: تتخلّى عن جميع المُشكِّكين: الأم والحبيب والأصوات التي تقول لها إنّ الأحلام مستحيلة.

نتابع اكتمال التحضيرات لإنجاز أول فيلم سوري وردّ الفعل بين مؤيّد ومُعارض. والمسلسل، ليُبعد عنه بُطء الحدث ودورانه حول فكرة واحدة، يُطعّم سياقه بتعدُّد المواقف. وهذه غَرْفٌ مما تكتفي به غالباً دراما «البيئة»، مع بعض التعديلات. فنرى عِراك الحارة، وهي هنا شارع روكسي في دمشق، وإشكالاً سببه الشاربَيْن. ونسمعُ العبارة الشهيرة «ابن عمي»، ونلمح علامات الرضا حين تُكلّم الزوجة زوجَها؛ وما لا مجال لاكتمال السِيرة من دونه: التلويح بضرّة (شخصية «عطا» التي يقدّمها أيمن زيدان) أو حضورها بأشكال المناكفة مع ضرّتها (منزل «فرزت» الذي يؤدّي شخصيته عبد الفتاح المزين).

المرأة حاضرة بأحلامها وطموحها ومحاولاتها للوصول إلى ما تختاره (فيسبوك)
المرأة حاضرة بأحلامها وطموحها ومحاولاتها للوصول إلى ما تختاره (فيسبوك)

لكنّ ذلك مكانه الخلفية. لا يتقدّم لإدراكه بأنّ المجال الأوسع ليس له. يطلّ كلما دعت الحاجة لخَرْق إيقاع وتبديل مشهدية. ما يتقدّم هو العلامة الفارقة في المسلسل: المشهد الثقافي الدمشقي على وَقْع زمن الانتداب الفرنسي. والمفارقة أنه هنا ظِلّ، لا «عدو» بمعنى الشمَّاعة التي تُعلَّق عليها جميع الإخفاقات. ذلك يتجسّد بعنصرَي الأمن الهزيلَيْن مثل مهرّجَيْن. حتى الآن، ليس الهَم «مقاومة الاحتلال» ولا مَدّ «الثوار» بالسلاح على طريقة ما قُدِّم حدّ التخمة. الهمُّ جمالي، فنّي، نوستالجي، من دون أن يعني ذلك غياب الحسّ الوطني ونداء الحرّية والاستقلال.

ويُشكّل حضور دريد لحام ومنى واصف لمسة عاطفية. يجمعهما «ليالي روكسي» بعد 42 عاماً على لقائهما في مسلسل «وادي المسك» عام 1982. يفتتحانه بسيرهما معاً وسط منازل الشام المتراصفة مثل حبات الرمان. الموسيقى في الخلفية، وهما يردّدان الحقيقة المؤلمة: «الأحلام مثل البشر. قد تشيخ أيضاً». ذلك الحضور اللطيف يُمهِّد لعالم ساحر: السينما والأضواء وصوت البكرات والشغف. وكما هي أغنية الشارة، «يا طِيرة طيري يا حمامة» التراثية، بتوزيع جديد بصوت لينا شاماميان، تتّخذ منى واصف اسم «طيرة» في المسلسل، وتُمرّر كلمات بالإنجليزية، بينما دريد لحام بشخصية «عبد الوهاب» يُدرّب «توتة» على احتراف التمثيل ويحرّضها على الحلم.

يُشكّل حضور دريد لحام ومنى واصف لمسة عاطفية (فيسبوك)
يُشكّل حضور دريد لحام ومنى واصف لمسة عاطفية (فيسبوك)

لافتة الأزياء، تُكثِّف حضور الشخصيات. ولافتة الصورة، كأنّ المخرج محمد عبد العزيز يُقدّم لوحة فنّية، فنرى الألوان بدفئها وعمقها والمعاني وراءها. عند هذا الحدّ، يُغرّد المسلسل خارج السرب. يكترث المخرج للخصوصية ولا يُفرّط في فرادة شخصياته، فنرى جوان خضر بإطلالة مختلفة، وجيني إسبر عرجاء، ورنا ريشة مجرَّدة من الأنوثة، ولوريس قزق بلهجة القاف المشدَّدة، وتطلُّ ليلى سمور بشخصية «هدية» بعد غياب عن الدراما السورية. الشخصيات مُطرَّزة، تشمل آخرين أيضاً، وتُحمِّس لانتظار مرور أسماء من التاريخ. في الفنّ تشارلي تشابلن الذي زار سوريا لحضور عرض فيلمه «أضواء المدينة» في سينما «زهرة دمشق» بساحة المرجة، فيُمثّل شخصيته خالد عثمان. وفي السياسة، أحد مؤسّسي الكتلة الوطنية التي قادت الحركة المناهضة للاستعمار الفرنسي في سوريا حتى عام 1946، فخري البارودي، ويمثّل شخصيته وائل رمضان.

للمسلسل مزاجه، وقد يراه البعض بطيئاً ومملاً. لا تتسارع الأحداث ولا تتزاحم المفاجآت، بقدر ما يتمهَّل برسم ملامح زمن ساحر تلفحه ذكريات الأوقات الحلوة في القهوة على أنغام العود، وفي سينما «الكوزموغراف» الغارقة في الأضواء الخافتة، والمسرح الذي سُمّي آنذاك «المَرْسح»، وقسم السوريين بين متنوِّر ومحافظ، ومُشجِّع ومُدين لِما قيل إنه «فساد المجتمع لعمل النساء في الفنّ».

بكُلِّها، تُقدّم سلاف فواخرجي شخصية أول ممثلة سورية بعد 17 عاماً على أدائها شخصية الفنانة أسمهان. وأيمن زيدان لم يكشف أوراق الشخصية كاملةً بعد. الشخصيات في موقعها. ما لا يُفهَم ولا مُبرّر له، تكرار ابن المخرج، تيم عزيز، عبارته في مسلسل «النار بالنار»، «حظي لوتو»، والعبارة الشهيرة لتيم حسن في مسلسل «تاج»، «شوكتلو هيبتلو». أين أباه من ردعه عما يضرّ موهبته لنصدّق أنه ممثل؟