الأكراد ينتجون نفطهم الخاص في شمال شرقي سوريا بحصة 15 ألف برميل يوميًا

الرميلان أكبر حقول النفط في سوريا انسحب منه النظام عام 2012 باتفاق ضمني مع الأكراد

مضخات آبار نفط في حقل نفط رميلان في محافظة الحسكة شمال شرقي سوريا الذي يعد أكبر حقول النفط في سوريا (إ.ف.ب)
مضخات آبار نفط في حقل نفط رميلان في محافظة الحسكة شمال شرقي سوريا الذي يعد أكبر حقول النفط في سوريا (إ.ف.ب)
TT

الأكراد ينتجون نفطهم الخاص في شمال شرقي سوريا بحصة 15 ألف برميل يوميًا

مضخات آبار نفط في حقل نفط رميلان في محافظة الحسكة شمال شرقي سوريا الذي يعد أكبر حقول النفط في سوريا (إ.ف.ب)
مضخات آبار نفط في حقل نفط رميلان في محافظة الحسكة شمال شرقي سوريا الذي يعد أكبر حقول النفط في سوريا (إ.ف.ب)

يتصاعد دخان أسود من داخل مصفاة في حقل رميلان النفطي الواقع تحت سيطرة الأكراد في شمال شرقي سوريا، جراء تسخين كميات من النفط مستخرجة من بئر قريب داخل «فرن» كبير تمهيدا لتكريرها.
ويقول جكدار علي (27 عاما)، وهو تقني يعمل في إحدى المصافي المستحدثة في حقل رميلان: «نقوم بتسخين النفط إلى أن يصل إلى 125 درجة مئوية للحصول على البنزين، ثم نزيد درجة الحرارة إلى 150 لنستحصل على الكاز، وأخيرا نحصل على المازوت عندما تصبح الحرارة 350». ويقول رئيس هيئة الطاقة في الإدارة الذاتية الكردية المهندس سليمان ورا، خلال جولة مع وكالة الصحافة الفرنسية داخل بعض منشآت الحقل التي نشط فيها عشرات العمال «هي المرة الأولى التي تقوم فيها الإدارة الذاتية بإنتاج النفط وتكريره وتوزيعه». ويعد حقل رميلان أكبر الحقول النفطية في سوريا من حيث المساحة الجغرافية، ويقع وسط صحراء شاسعة في محافظة الحسكة. وقد توقف العمل فيه عام 2012 إثر انسحاب قوات النظام منه في إطار اتفاق ضمني مع الأكراد، ما سهل لهؤلاء إقامة إدارتهم الذاتية. ومنذ نحو سنة، أعادت الإدارة الذاتية تشغيله جزئيا. ويقول خلف الذي يقوم مقام الوزير في الإدارة الذاتية: «نحن دافعنا عن المنشآت والآبار النفطية، وقدّمنا مئات الشهداء لحمايتها»، في إشارة إلى المواجهات الدامية في منطقة رميلان بين الأكراد وتنظيم داعش، كما تصدى الأكراد لمجموعات مسلحة حاولت بعد انسحاب النظام الاستيلاء على منشآت في الحقل بقصد السرقة واستغلال الإنتاج النفطي. ويضم حقل رميلان الجزء الأكبر من الآبار النفطية الموجودة في محافظة الحسكة، فيما يسيطر تنظيم داعش على الحقول في مناطق الشدادي والجبسة والهول وبالقرب من مركدة وتشرين كبيبة في ريف الحسكة الجنوبي، وتشكل هذه نحو عشرة في المائة فقط من آبار الحسكة.
ولم تكن توجد مصاف في محافظة الحسكة قبل الحرب، بل كان النفط المستخرج ينقل من المنطقة إلى مصفاتي حمص وبانياس الوحيدتين في البلاد. ويروي خلف أن «أنابيب النفط الواصلة بين حقول الجزيرة في المنطقة الشرقية ومصافي التكرير في مدينتي حمص وبانياس، تعرضت لعمليات تخريب وسرقة، فتوقف 1300 بئر نفطية (في حقل رميلان) عن العمل بشكل كامل، وأعيد تشغيل 150 منها منتصف عام 2014». لضرورات هذا التشغيل، تم إنشاء نحو عشرين مصفاة بدائية صغيرة داخل الحقل. ويقول حسان (في الأربعينات من عمره)، الموظف في مديرية حقول الحسكة الحكومية والذي لا يزال يعمل في المكان: «مرت منطقة الجزيرة بشتاء قارس عام 2013 ما اضطر الكثير من العائلات إلى قطع الأشجار واستخدام خشب الأثاث المنزلي للتدفئة. (...) لم يمكن بإمكاننا الوقوف مكتوفي الأيدي. لذلك أنشأنا مصافي تلبّي حاجتنا من المحروقات». قبل إنشاء المصافي، لجأ سكان إلى إنشاء حرّاقات صغيرة محلية الصنع تم تركيزها عشوائيا قرب آبار البترول، وكان الناس يحفرون في الأرض ويستحصلون على النفط الخام ويقومون بتكريره في هذه الحراقات بشكل يدوي.
على الأثر، أقدمت سلطات الأمر الواقع الكردية على تنظيم القطاع، وقد تلقت في المرحلة الأولى مساعدة من الحكومة السورية التي تستمر في دفع رواتب بعض الموظفين الحكوميين الذين لم يغادروا منشآت رميلان. ويقول خلف إن الحكومة السورية «أمّنت في البداية بعض المواد الأولية الضرورية لتشغيل الآبار مثل زيوت العنفات وقطع تبديل». في محيط المصفاة، يتفقد عمّال صمّامات الأمان، ويضع أحدهم قميصا على وجهه يقيه الحرارة الناجمة عن تشغيل مولدات الكهرباء والآلات. في المكان، عدد من الخزّانات وصهاريج مهمتها نقل المشتقات النفطية إلى محطات الوقود في المناطق. وتنتج آبار رميلان يوميا ما يزيد على 15 ألف برميل من المشتقات النفطية، أي أكثر من عشرة آلاف برميل يوميا التي تنتجها الحكومة السورية من الآبار القليلة الباقية تحت سيطرتها في البلاد في ريف حمص الشرقي. لكنها أقل بكثير من الـ165 ألف برميل التي كان ينتجها الحقل قبل بدء النزاع في منتصف مارس (آذار) 2011.
غير أن هذه الكمية تكفي المناطق الواقعة تحت سيطرة الأكراد في محافظة الحسكة. ويروي صالح (28 عاما)، سائق سيارة في مدينة القامشلي (على بعد نحو ستين كيلومترا من رميلان) لوكالة الصحافة الفرنسية، أن «هناك ثلاثة أنواع من البنزين في المنطقة: البنزين العراقي المهرّب، والبنزين المحلي (الكردي)، والبنزين النظامي السوري القادم من مناطق سيطرة الدولة السورية.. الأخير هو الأكثر جودة». ويجمع سكان المنطقة أن الوقود المنتج محليا «رديء النوعية»، لكن ثمنه (150 ليرة سورية للتر، أي نصف دولار) أقل بكثير من «النفط النظامي» الذي قد يكون من إنتاج سوري أو مستوردا من إيران (1.3 دولارا). ودمرت الحرب القطاع النفطي في البلاد، بعد أن كانت سوريا تنتج 380 ألف برميل يوميا. وكان إنتاج مجموعة حقول دير الزور (شرق) الواقعة تحت سيطرة تنظيم داعش الأكثر غزارة. بالنسبة إلى السلطات الكردية، لا مشكلة في التنسيق مع السلطات الحكومية في حال عودة الإنتاج إلى ما كان عليه. ويقول خلف «إذا تم تأمين خط النفط بين الجزيرة ومصفاتي حمص وبانياس، فسوف نعيد الضخ مباشرة، لكن بعد أن تأخذ مناطق الأكراد حصّة مجزية من مردود النفط».



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.