تخوض القوى المدنية في العراق معركة اختبار قوة مع الأحزاب والكتل البرلمانية التقليدية بشأن قانون الانتخابات الخاص بمجالس المحافظات، والذي يراد شمول الانتخابات البرلمانية بقواعده نفسها بناء على «قانون سانت ليغو».
وفي حين لا يزال القانون بحاجة إلى توافق سياسي لتمريره، فإن القوى المدنية قررت القيام بوقفة احتجاجية، اليوم الاثنين، أمام بوابات «المنطقة الخضراء» بالضد من محاولات تمريره. وبدأت اللجنة القانونية البرلمانية عملية جمع تواقيع لغرض سحب القانون.
وقال عضو اللجنة رائد المالكي، في تصريح له الأحد، إن «قانون الانتخابات قدم في الجلسة السابقة بطريقة متعجلة وفيها التفاف»، مضيفاً أن «العنوان هو تعديل قانون مجالس المحافظات، ولكن في الحقيقة هو إلغاء لقانون انتخابات مجلس النواب وتحويله وفقاً لأحكام قانون المحافظات».
وأوضح المالكي أن «الفرق واضح؛ فإن قانون مجلس النواب لسنة 2020 يعتمد نظام الانتخاب الفردي، بينما يعتمد قانون مجالس المحافظات نظام القائمة والدائرة الواحدة و(سانت ليغو)»، مبيناً أن «هناك اختلافاً في مجلس النواب بشأن هذا الأمر؛ إذ إن (تحالف إدارة الدولة) لديه اتفاق سياسي على تعديل قانون الانتخابات، أما النواب المستقلون والكتل الناشئة وقوى كردية وبعض نواب (الإطار التنسيقي)، فقد جمعوا تواقيع أكثر من 70 نائباً لسحب المقترح من أجل دراسته وليأخذ مساحة أكبر من النقاش».
وأشار المالكي إلى أن «تعديل قانون الانتخابات من ضمن البرنامج الحكومي، ولكننا نريد طرح مسودة للتعديل؛ لأن طريقة عرض القانون كانت لجهة حزبية تريد أن تمضي الأمور وفق رأيها من دون أخذ رأي بقية الأطراف». وأوضح أنه «لم تكن هناك استجابة للاعتراضات عن طريق سحب القانون ومناقشته؛ وإنما تم تأجيل جلسة البرلمان استعداداً لتوفير الأغلبية في الجلسة المقبلة بشأن القانون»، لافتاً إلى أنه «يفترض بالقانون أن يشجع على المشاركة السياسية لا أن يبعد الآخرين؛ خصوصاً أننا نعاني من ضعف المشاركة».
وكان مجلس النواب قد أخفق الخميس الماضي في عقد جلسته المخصصة لمناقشة موضوعات عدة؛ أبرزها تعديل قانون انتخابات مجالس المحافظات والأقضية، وقرر إرجاء عقدها إلى اليوم الاثنين.
من جهته؛ رجح النائب عن كتلة «صادقون» النيابية، علي تركي، اعتماد القوى السياسية نظام «سانت ليغو» ضمن قانون الانتخابات المحلية والنيابية المقبلة. وقال إن «القوى السياسية، وعن طريق ممثليها داخل البرلمان، ستصوت باعتماد (سانت ليغو) في الانتخابات المقبلة بغض النظر عن النسبة التي ستخضع للنقاشات والتفاهمات في مجلس النواب». وأضاف أن «التجربة السيئة خلال الانتخابات الماضية أثبتت فشلها؛ الأمر الذي دعا المحكمة الاتحادية إلى تغيير القانون الحالي واعتماد العد والفرز اليدوي بدلاً من الإلكتروني بعد تسجيل تزوير واضح في النتائج».
وقال تركي إن «التوجه النيابي ماض نحو إقرار قانون موحد للانتخابات النيابية والمحلية المقبلة».
في هذا السياق، قال الأمين العام لـ«حركة وعي»، صلاح العرباوي، لـ«الشرق الأوسط»، أن «الائتلاف الحاكم يريد تحويل القانون إلى مقصلة للأحزاب والقوى الجديدة، ولا يريده نافذة لتحقيق توازن برلماني وسياسي بين الجديد والقديم وبين المدني والديني». وأضاف: «نحن نرفض هذه المساعي، ولن نسلم رقابنا لمقصلتهم». وأكد أنه في حال «تم تمرير القانون رغماً عن أغلبية الشعب والمرجعية والقوى السياسية، فسوف تكون لنا خيارات أخرى».
من جهته؛ أكد أستاذ الإعلام الدولي في «جامعة أهل البيت» في كربلاء، الدكتور غالب الدعمي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «هناك فواعل خارجية تضغط على عدم تمرير هذا القانون بصيغته الحالية، وحتى المرجعية الدينية بخطبتها السابقة و(التيار الصدري) كذلك، لكن بصراحة مجلس النواب يملك النسبة العددية لتمرير هذا القانون أو أي قانون آخر». وأضاف الدعمي أن «الاصطفافات بين الكتل السنية والكردية والنواب المستقلين يمكن أن تشكل قوة لمنع تمرير القانون، لكن في النهاية سيخضع هذا القانون للمساومات، وسيمر وفق رؤية (الإطار التنسيقي) سواء استجاب (الإطار) للضغوط الخارجية، أو الأمم المتحدة، أو (التيار الصدري)؛ لأن (الإطار التنسيقي) متعجل على إجراء انتخابات مبكرة لوجود جمهور كبير له في الشارع؛ بالتحديد رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، لكن في حال هبوط أسعار النفط وحصلت أزمة رواتب فيمكن أن تتغير المعادلة».
من جانبه؛ قال الخبير الاستراتيجي، أمير الدعمي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «العودة إلى (قانون سانت ليغو) يعدّ تحدياً لإرادة الشعب العراقي خصوصاً بعد (ثورة تشرين) والمرجعية من خلال رائيها الرافض للدائرة الواحدة والقائمة المغلقة». وأضاف الدعمي أن «دمج القانون مع انتخابات مجالس المحافظات يعدّ خرقاً دستورياً».
اختبار قوة بين الأحزاب والقوى المدنية بشأن قانون الانتخابات في العراق
اختبار قوة بين الأحزاب والقوى المدنية بشأن قانون الانتخابات في العراق
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة