الصومال: تجاوزات «الشباب» تحفّز الأهالي للقتال بجانب الجيش

تأكيدات رسمية على انحسار نفوذ «الحركة الإرهابية»

رئيس الوزراء الصومالي يودع رئيسة مكتب الأمم المتحدة لدعم الصومال ليزا فيليبيتو بمناسبة انتهاء فترة عملها في البلاد (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس الوزراء الصومالي يودع رئيسة مكتب الأمم المتحدة لدعم الصومال ليزا فيليبيتو بمناسبة انتهاء فترة عملها في البلاد (وكالة الأنباء الصومالية)
TT

الصومال: تجاوزات «الشباب» تحفّز الأهالي للقتال بجانب الجيش

رئيس الوزراء الصومالي يودع رئيسة مكتب الأمم المتحدة لدعم الصومال ليزا فيليبيتو بمناسبة انتهاء فترة عملها في البلاد (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس الوزراء الصومالي يودع رئيسة مكتب الأمم المتحدة لدعم الصومال ليزا فيليبيتو بمناسبة انتهاء فترة عملها في البلاد (وكالة الأنباء الصومالية)

لعبت تجاوزات حركة «الشباب» المتطرفة بالصومال في حق المواطنين، دوراً رئيسياً في تحفيزهم على دعم الحملة العسكرية والقتال بجانب القوات الحكومية، وسط تأكيدات رسمية بانحسار نفوذ «الحركة الإرهابية» الموالية لتنظيم «القاعدة».
ومنذ يوليو (تموز) الماضي، يشنّ الجيش الصومالي بالتعاون مع مسلحي العشائر، عملية عسكرية لتحرير مناطق وسط البلاد من عناصر حركة «الشباب». ووفق وزير الإعلام والثقافة والسياحة الصومالي، داود أويس جامع، فإن «الحكومة الفيدرالية حققت مكاسب كبيرة»؛ مشيراً إلى أن «المسلحين في التنظيم الإرهابي يستسلمون واحداً تلو الآخر، منذ انطلاقة العملية العسكرية ضد الإرهاب».
وذكرت وكالة الأنباء الصومال (الرسمية)، الأحد، نقلاً عن مصادر محلية، أن «معظم المقاتلين في صفوف المقاومة الشعبية الذين يحاربون بجانب الجيش الوطني، دافعهم القوي كان جراء الاعتداءات التي مارسها الإرهاب ضد ذويهم وأقاربهم الذين يعيشون في المناطق الريفية، والمدن الأخرى بجنوب ووسط البلاد».
وأشارت إلى تعزيزات عسكرية قوية من «الجيش الوطني» حصل عليها مقاتلو المقاومة الشعبية، ومن بينهم مقاتلو مدينة حررطيري جنوب محافظة مدغ الذين نجحوا في استعادة المدينة في 16 يناير (كانون الثاني) الماضي، ضمن العمليات العسكرية التي يجريها الجيش الوطني.
يقول أحد المقاومين، واسمه حسين أحمد علاد: «حملت السلاح من أجل إنقاذ أسرتي وأقاربي من العناصر الإرهابية التي قامت بنهب ممتلكاتنا... كان لدينا مواشٍ نعتمد عليها، ومزارع، وكان المتشددون يأتون إلينا من أجل التهديد وأخذ أموالنا».
من جانبه، أوضح غني علو الذي فقد رجله في إحدى المعارك: «ساهمت بشكل كبير في قتال الإرهابيين، وتمكنَّا مع قوات الجيش من تحرير مدينتي عيل طير ومسغواي بمحافظة غلغدود، بولاية غلمدغ الإقليمية»؛ مشيراً إلى أن «هدفه الوحيد أن يرى كل مناطق جمهورية الصومال الفيدرالية محررة من قبضة الخلايا الإرهابية».
ووفق عبد الرحمن يوسف العدالة، نائب وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة الفيدرالية، فإن «ميليشيات الإرهاب ضعفت عسكرياً، وإعلامياً، واقتصادياً، منذ بدء العمليات العسكرية التي أطلقها الرئيس حسن شيخ محمود ضد المتطرفين»، مؤكداً تعرضها لـ«هزائم متلاحقة» خلال الفترة الماضية.
وأعلن يوسف، في تصريحات نشرتها الوكالة الرسمية، الأحد، عن مسابقة شعرية لـ«مواجهة الفكر المتطرف العنيف، وآيديولوجيات الجماعات الإرهابية»، تقام منتصف شهر مارس (آذار) المقبل، تحت عنوان «أبدِع موهبتك الفنية».
وأكد نائب الوزير أن المسابقة تهدف إلى إبداع قصائد شعرية، وغنائية، وفنون تشكيلية، للمرة الأولى منذ 30 عاماً، تسلط الضوء على «العمليات العسكرية التي يجريها الجيش الوطني ضد ميليشيات الخوارج الإرهابية المرتبطة بتنظيم (القاعدة)».
وحسب بيانات حكومية، فقد «قتل أكثر من ألفَي عنصر إرهابي خلال الأشهر الأربعة الماضية»، كما «فقدت الخلايا الإرهابية أكثر من 50 منطقة رئيسية كانت خاضعة لسيطرتها بجنوب ووسط البلاد» في تلك الفترة المحدودة.
إلى ذلك، استقبل رئيس الوزراء الصومالي حمزة عبدي بري، الأحد، رئيسة مكتب الأمم المتحدة لدعم الصومال ليزا فيليبيتو، بمناسبة انتهاء فترة عملها في البلاد. ونقل بيان حكومي، عن فيليبيتو «امتنانها للحكومة الصومالية لتعاونها الوثيق خلال فترة عملها»، وأشادت بـ«جهود الحكومة الفيدرالية التي أحرزت تقدماً كبيراً في مجالات الأمن والاستقرار والمصالحة».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.