صبي سوري يرفض مغادرة مكان وفاة والدته بالزلزال

فقد والده قبل 5 سنوات بقصف لقوات النظام

أحمد قرب أنقاض المبنى حيث توفيت والدته (الشرق الأوسط)
أحمد قرب أنقاض المبنى حيث توفيت والدته (الشرق الأوسط)
TT

صبي سوري يرفض مغادرة مكان وفاة والدته بالزلزال

أحمد قرب أنقاض المبنى حيث توفيت والدته (الشرق الأوسط)
أحمد قرب أنقاض المبنى حيث توفيت والدته (الشرق الأوسط)

بقلب يعتصره الألم وعينين تملأهما الدموع حزناً على فقدانه والدته، يتجول الطفل أحمد كل يوم لساعات، على أنقاض منزل خاله الذي توفيت فيه والدته بالزلزال المدمر الذي ضرب مجمع بسنيا السكني شمال إدلب في 6 فبراير (شباط)، رافضاً محاولات الآخرين إقناعه بالعودة إلى منزله دون والدته.
فقد أحمد (13 عاماً)، من قرية كورين، والده قبل 5 سنوات بقصف لقوات النظام على منطقة المسطومة جنوب إدلب، وقبل 20 يوماً، ودع جثمان والدته بعد إخراجها من تحت ركام منزل خاله في مجمع بسنيا شمال إدلب، بالزلزال المدمر، ليبقى هو وشقيقه محمد وحيدين بلا أب وأم.
يقول أحمد: «أتمنى من كل قلبي أن يكون مشهد الدمار الذي حل بمنزل خالي وانتشال جثامين عائلته وجثمان والدتي من تحت أنقاض منزله، حلماً ويزول، وتعود والدتي إلى منزلنا الذي كان بلا أب، وبات بلا أم بعد فراقها، وتعود الحياة الجميلة التي كنا نعيشها بعضنا مع بعض، وتشتري لنا الثياب والحلوى، وتضمنا إلى حضنها عند عودتنا من المدرسة كل يوم».
بهذه الكلمات وبغصة حزن شديدة، تحدث أحمد وعيونه تذرف الدموع، عن فقدانه والدته عندما كانت في زيارة لأحد أشقائها عند وقوع الزلزال المدمر.
وعلى الرغم من محاولات الآخرين ممن تبقوا على قيد الحياة في المكان الذي تحول إلى كومة ركام، إقناعه بأن والدته غادرت الدنيا ولم تعد، فإن أحمد يتمسك بآخر مكان عاشت فيه والدته لحظاتها الأخيرة قبل أن تفارق الحياة.
قال: «شوقي لأمي وشعوري الذي لا يرغب بتقبل الحقيقة المرة، لا يسمحان لي بمغادرة آخر مكان كانت فيه عندما فارقت الحياة، ووجودي في هذا المكان أشعر بشيء من الراحة في قلبي، ويعوض بعدها عني وعن أخي، ولم أعد قادراً على تركه، وأبحث عمن يقول لي ماذا قالت عند آخر لحظة في حياتها، ولكن دون جدوى، فالجميع هنا في هذا التجمع مات تحت الركام».

وأضاف: «عندما وقع الزلزال، كنت أنا وشقيقي لدى أقاربنا في قريتنا (كورين)، بينما كانت والدتي في زيارة عند خالي بمنطقة بسنيا التي ضربها الزلزال، وفي تلك اللحظة كانت أمي هي أول من رغبت بالتواصل معها والاطمئنان عليها، إلا أنها لم تستجب لرسائلي على تطبيق واتساب، وكانت خارج نطاق التغطية، عندها بدأ الخوف على أمي يتسلل إلى قلبي، ما دفعني للقدوم إلى منزل خالي، مستعيناً بالسيارات المارة وصولاً إلى المكان، وحينها كانت الصدمة، عندما شاهدت فرق الدفاع المدني والمتطوعين وسيارات الإسعاف تملأ المكان بحثاً عن ناجين بين أنقاض عشرات المنازل، بينها منزل خالي، قد دمرها الزلزال، وبعد ساعات من عمليات البحث عثرنا على جثمان والدتي وخالي وأسرته، وكانت فاجعة كبيرة بالنسبة لنا جميعاً، ومنذ تلك اللحظة أشعر بحزن عميق في قلبي، ولا أرغب بالعودة إلى منزل لم يعد لأمي وضحكاتها وابتساماتها مكان فيه، وأتمنى لو غادرت هذه الدنيا معها على أن نبقى وأخي وحيدين من دون أب وأم».
وفي التجمع السكني ذاته، الذي دمره الزلزال وقتل 125 عائلة كاملة، يشاطر الطفل أحمد الأحزان مع أبو حميد الذي فقد عائلته في الزلزال، فيما نجا هو باللحظات الأخيرة قبيل انهيار المبنى.
واتخذ من خيمة مأوى له لا تبعد سوى أمتار قليلة عن المبنى الذي فقد فيه عائلته، تارة يتجول بين كومات ركام منزله، وتارة يبكي على فراقها.
أبو حميد (51 عاماً)، من مدينة أريحا ويقيم في مجمع بسنيا السكني منذ سنوات، منعت دموعه إكمال ما بدأ به من قول عما عاشه لحظة وقوع الزلزال، وعدم قدرته على إنقاذ عائلته، واكتفى بالقول: «خسرت كل عمري، أولادي الخمسة وزوجتي، بلمح البصر، وما قدرت أعمل لهم شيئاً وقت الزلزال، ولا تفارق ذاكرتي آخر مشاهد صراخ أولادي وبكائهم، بينما كنت أنا حينها أحاول فتح الباب وإفساح المجال لهم للخروج من المبنى قبيل أن يدفعني ضغط انهيار المبنى إلى الخارج لتبقى عائلتي تحت أنقاضه».
وفقد مئات الأطفال السوريين آباءهم وأمهاتهم في الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وشمال غربي سوريا، فيما يتلقى مئات الأطفال العلاج في المستشفيات.
ويشير أحمد عرابي، وهو ناشط في إدلب، إلى أن نحو 1230 طفلاً سورياً أصبحوا أيتاماً بلا أب وأم في مناطق إدلب وريف حلب، بعضهم يعيش الآن في مراكز إيواء مخصصة لأيتام الزلزال، وآخرون جرى تسلمهم من قبل أقربائهم عقب إخراجهم من تحت ركام المباني التي دمرها الزلزال في عمليات الإنقاذ التي قامت بها فرق الدفاع المدني ومتطوعون مدنيون.


مقالات ذات صلة

تركيا: زلزال بقوة 5.3 درجة قرب بحر إيجه

أوروبا شخص ينظر إلى الأنقاض والحطام بعد زلزال في كهرمان مرعش بتركيا 8 فبراير 2023 (رويترز)

تركيا: زلزال بقوة 5.3 درجة قرب بحر إيجه

أفاد التلفزيون التركي، اليوم الأحد، بوقوع زلزال بقوة 5.3 درجة قرب بحر إيجه.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
يوميات الشرق شرم الشيخ شهدت زلزالاً بلغت قوته 4.25 درجة على مقياس ريختر (عبد الفتاح فرج)

ما أسباب تكرار الهزات الأرضية في شمال البحر الأحمر؟

سجّلت محطات شبكة الزلازل القومية، هزة أرضية على بُعد 12 كيلومتراً من مدينة شرم الشيخ، عند الساعة 7:34 صباحاً بتوقيت القاهرة، مما أثار انتباه السكان في المنطقة.

محمد السيد علي (القاهرة)
شؤون إقليمية قُبض على الإسرائيلي بوريس ولفمان في إسطنبول 2015 وسُلم لإسرائيل لاتهامه بالاتجار بالأعضاء وعاد إلى تركيا عام 2017 (إعلام تركية)

القبض على إسرائيلي في تركيا للاتجار بأعضاء اللاجئين السوريين

قررت محكمة تركية في إسطنبول توقيف إسرائيلي مطلوب من الإنتربول الدولي بنشرة حمراء، لتورطه في عمليات اتجار بالأعضاء في أوساط اللاجئين السوريين في تركيا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية سكان مالاطيا غادروا منازلهم وبقوا في الشوارع بسبب الهلع من الزلزال (إعلام تركي)

زلزال بقوة 5.9 درجة ضرب شمال تركيا وأعاد ذكريات «كهرمان ماراش»

ضرب زلزال بقوة 5.9 درجة على مقياس ريختر ولاية مالاطيا في شرق تركيا تأثرت به بعض المناطق في جنوب شرقي البلاد وفي شمال سوريا ولم يسفر عن ضحايا أو إصابات خطيرة

سعيد عبد الرازق (أنقرة:)
شؤون إقليمية صورة أرشيفية لآثار الزلزال الذي ضرب ملاطية العام الماضي (غيتي)

شعر به سكان مدن سورية... زلزال بقوة 5.9 درجة يضرب جنوب شرق تركيا

أعلنت إدارة الكوارث والطوارئ التركية أن زلزالاً بقوة 5.9 درجة هز إقليم ملاطية في جنوب شرق تركيا، اليوم الأربعاء، وشعر به سكان مدن سورية.

«الشرق الأوسط» (اسطنبول)

اليمن... 219 ألف إصابة بالكوليرا أغلبها في مناطق سيطرة الحوثيين

59 ألف حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا في محافظتَي حجة والحديدة وحدهما (الأمم المتحدة)
59 ألف حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا في محافظتَي حجة والحديدة وحدهما (الأمم المتحدة)
TT

اليمن... 219 ألف إصابة بالكوليرا أغلبها في مناطق سيطرة الحوثيين

59 ألف حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا في محافظتَي حجة والحديدة وحدهما (الأمم المتحدة)
59 ألف حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا في محافظتَي حجة والحديدة وحدهما (الأمم المتحدة)

كشف تقرير أممي حديث عن أن حالات الكوليرا في اليمن ارتفعت إلى نحو 219 ألف حالة منذ مطلع العام الحالي، أغلب هذه الحالات تم تسجيلها في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، في حين استفاد أكثر من مليون شخص من خدمات توفير مياه الشرب النظيفة وخدمات الصرف الصحي المقدمة من الأمم المتحدة.

وأظهر تقرير مشترك صادر عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة وكتلة المياه والصرف الصحي في اليمن، أنه تم الإبلاغ عن أكثر من 219 ألف حالة اشتباه بالإسهال المائي الحاد والكوليرا في معظم أنحاء البلاد خلال الفترة من 1 يناير (كانون الثاني) وحتى 20 أكتوبر (تشرين الأول)، وكانت أغلب هذه الحالات في المحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين، وتشكل ما نسبته أكثر من 80 في المائة من إجمالي الحالات المُبلَّغ عنها.

الحوثيون يواصلون التكتم على أعداد المصابين بالكوليرا (إعلام محلي)

وطبقاً لهذه البيانات، احتلت محافظة حجة قائمة المحافظات اليمنية في معدل حالات الإصابة بالوباء، حيث سُجل فيها نحو 35 ألف حالة، تلتها محافظة الحديدة بنحو 24 ألف حالة، ثم محافظة عمران التي سجلت 19 ألف حالة إصابة، ومن بعدها محافظتا إب وذمار بنحو 16 ألف حالة في كل واحدة منهما.

كما سجلت محافظة تعز 15 ألف حالة إصابة مشتبه بها، والعاصمة المختطفة صنعاء ومحافظتا الضالع والبيضاء بواقع 14 ألف إصابة في كل واحدة منها، في حين سجلت محافظة ريف صنعاء أكثر من 12 ألف إصابة، وسجلت محافظة صعدة المعقل الرئيسي للحوثيين 11 ألف إصابة، ومثل هذا العدد سُجل في محافظة المحويت الواقعة إلى الغرب من صنعاء، في حين سجلت بقية المحافظات 5 آلاف حالة.

وأظهر التقرير المشترك أن شركاء العمل الإنساني، وضمن جهود الاستجابة المشتركة لمواجهة تفشي وباء الكوليرا، تمكّنوا من الوصول إلى أكثر من مليون شخص بخدمات توفير المياه النظيفة والصرف الصحي ومستلزمات النظافة في 141 منطقة و128 موقعاً للنزوح الداخلي، منذ بداية العام.

شريان حياة

في تقرير آخر، أكد مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع أن الأحداث المناخية المتطرفة في اليمن خلقت عواقب مدمرة على المجتمعات الحضرية والريفية على حد سواء، وأن الطرق المقاومة للمناخ أصبحت شريان حياة للسكان، الذين يعانون بالفعل أزمة إنسانية مدمرة، حيث أدى مناخ البلاد شبه الجاف، إلى جانب الأحداث المناخية المتطرفة، إلى تفاقم نقاط الضعف القائمة.

وبيَّن المكتب أن تطوير البنية الأساسية المستدامة والمقاومة للمناخ والتي يمكنها تحمل الصدمات والضغوط المستقبلية بات أمراً ضرورياً لمعالجة الاحتياجات الهائلة للمجتمعات في جميع أنحاء البلاد.

الفيضانات ضاعفت معاناة سكان الريف في اليمن ودمَّرت طرقات وممتلكات (الأمم المتحدة)

وأوضح التقرير أنه من خلال مشروعين ممولين من قِبل مؤسسة التنمية الدولية التابعة للبنك الدولي، استجاب للتحديات الملحة المتمثلة في الأحداث المناخية المتطرفة المتزايدة الناجمة عن تغير المناخ في كل من المناطق الريفية والحضرية.

وذكر أن كثيراً من اليمنيين الذين يعتمدون على الزراعة في معيشتهم ومصدر غذائهم، أصبحوا أكثر عرضة لتأثيرات تغير المناخ، بما في ذلك ندرة المياه وأنماط هطول الأمطار غير المتوقعة وتآكل التربة، كما أن الفيضانات يمكن أن تقطع المجتمعات الريفية عن الخدمات الأساسية وتجعل من الصعب على المزارعين نقل منتجاتهم إلى الأسواق.

ولأن هذا المزيج، بحسب مكتب مشاريع الأمم المتحدة، أدى إلى انعدام الأمن الغذائي الشديد؛ فإن مكونات المشروع تستهدف إعادة تأهيل وتطوير 150 كيلومتراً من طرق الوصول الريفية، وبناء جسرين نموذجيين في مواقع استراتيجية ودعم صيانة 60 كيلومتراً من طرق الوصول إلى القرى و150 كيلومتراً من طرق الوصول الريفية من أجل ضمان الوصول الآمن والموثوق به إلى الأسواق والخدمات الاجتماعية والخدمات الأساسية للمجتمعات الريفية.

مشاريع الطرقات وفَّرت فرص عمل لعشرات الآلاف من اليمنيين (الأمم المتحدة)

ويركز المشروع على ترقية أسطح الطرق وتحسين الصرف واستخدام المواد الصديقة للمناخ، وإنشاء شبكة طرق يمكنها تحمُّل آثار تغير المناخ. بالإضافة إلى ذلك، يتم استخدام تقنيات تثبيت المنحدرات لمنع التآكل وحماية الطرق من الانهيارات الأرضية؛ مما يعزز مرونة البنية الأساسية الريفية.

ولتعزيز الاستدامة بشكل أكبر؛ يؤكد المكتب الأممي أنه يتم تنفيذ الأعمال من قِبل أكثر من 40 شركة محلية، وأن التدريب في بناء القدرات ونقل المعرفة ساعد حتى الآن في إيجاد نحو 400 ألف فرصة عمل، بما في ذلك 39 ألف فرصة للنساء.