محطات من مشوار تومي هيلفيغر

من تشكيلته للمرأة، التفصيل أصبح جزءا مهما من صناعته نظرا لإقبال الرجل أيا كان عمره وأسلوبه عليه
من تشكيلته للمرأة، التفصيل أصبح جزءا مهما من صناعته نظرا لإقبال الرجل أيا كان عمره وأسلوبه عليه
TT

محطات من مشوار تومي هيلفيغر

من تشكيلته للمرأة، التفصيل أصبح جزءا مهما من صناعته نظرا لإقبال الرجل أيا كان عمره وأسلوبه عليه
من تشكيلته للمرأة، التفصيل أصبح جزءا مهما من صناعته نظرا لإقبال الرجل أيا كان عمره وأسلوبه عليه

ينتمي تومي هيلفيغر إلى فئة نادرة من الناس لا تعترف بالفشل ولا الإحباط. فرغم أنه حقق أحلام الطفولة، فإنه تلقى أيضا ضربات قاسية قام منها أقوى وأشد إصرارا على الاستمرار، ما يجعله قصة نجاح قائمة بحد ذاتها. في فترة الصبا ولد حلمه بأن يصبح موسيقيا، وعندما لم يتمكن في ذلك حاول التعويض بالاقتداء بنجوم الموسيقى في السبعينات مثل ميك جاغر، ديفيد بوي، ليد زابلين وغيرهم بارتداء أزياء تشبه ما يظهرون به على خشبات المسارح أو صفحات المجلات. لم يكن الأمر سهلا بالنسبة له، لأنه كان يعيش في إلميرا، التي تبعد عن نيويورك بأميال، ولم تكن فيها محلات توفر ما يبتغيه من تصاميم. وهكذا ولدت فكرة تصميم أزياء ترقص على نغمات موسيقية، تبلورت وأصبحت واقعا وعمره لا يتعدى الـ18. حينها افتتح أول محل له برأسمال لا يتعدى الـ150 دولارا. نجح المشروع بسرعة بعد أن لمس وترا حساسا لدى شباب ذلك اليوم ممن كانوا، مثله، يعشقون الموسيقى، ووجدوا في تصاميمه بغيتهم. الخطوة الثانية كانت التوسع بافتتاح محلات أخرى في كل أنحاء الولايات المتحدة.
بيد أن حقبة السبعينات لم تكن رحيمة به، حيث تعرض لأزمة خانقة في عام 1977. ما جعله يعلن إفلاسه. كان عمره لا يتعدى 23 عاما، وهو ما يتذكره تومي هيلفيغر بابتسامة خالية من أي مرارة، بل العكس أكد أنها «كانت أكبر درس لي، وخرجت منها كمن تخرج بشهادة ماجستير من دون دخول أي معهد أو جامعة».
فالتجربة كانت أكبر درس له، حيث شد الرحال إلى نيويورك بنية أن يبدأ من الصفر من جديد. يعترف بأن العملية لم تكن سهلة، لأنه لم يتخرج من معهد لتصميم الأزياء، وبالتالي كان عليه أن يطرق عدة أبواب قبل أن ينجح في الحصول على عمل كمتعاون، يصمم الجينز لمجموعة من الشركات. في عام 1985. طرق الحظ بابه ثانية، وطرح ماركة تحمل اسمه، ورغم أنه شهد عدة نكسات ومطبات أخرى، فإن شركته، ومنذ عام 2006. تخضع لتغييرات كثيرة وترتيب أوراق ما ترتب عنه نمو ملحوظ في أوروبا وأنحاء أخرى من العالم.



الجينز الياباني... طرق تصنيعه تقليدية وأنواله هشة لكن تكلفته غالية

في معمل كوجيما تعكف عاملة على كي قماش الدنيم (أ.ف.ب)
في معمل كوجيما تعكف عاملة على كي قماش الدنيم (أ.ف.ب)
TT

الجينز الياباني... طرق تصنيعه تقليدية وأنواله هشة لكن تكلفته غالية

في معمل كوجيما تعكف عاملة على كي قماش الدنيم (أ.ف.ب)
في معمل كوجيما تعكف عاملة على كي قماش الدنيم (أ.ف.ب)

تحظى سراويل الجينز اليابانية المصبوغة يدوياً بلون نيلي طبيعي، والمنسوجة على أنوال قديمة، باهتمام عدد متزايد من عشاق الموضة، الذين لا يترددون في الاستثمار في قطع راقية بغض النظر عن سعرها ما دامت مصنوعةً باليد. وعلى هذا الأساس يتعامل كثير من صُنَّاع الموضة العالمية مع ورشات يابانية متخصصة في هذا المجال؛ فهم لا يزالون يحافظون على كثير من التقاليد اليدوية في صبغ قطنه وتصنيعه من الألف إلى الياء.

يوضع القطن في وعاء يحتوي على سائل أزرق داكن لا يلوّنها وحدها بل أيضاً أيدي العاملين (أ.ف.ب)

داخل مصنع «موموتارو جينز» الصغير في جنوب غربي اليابان، يغمس يوشيهارو أوكاموتو خيوط قطن في وعاء يحتوي على سائل أزرق داكن يلوّن يديه وأظافره في كل مرّة يكرر فيها العملية. يتم استيراد هذا القطن من زيمبابوي، لكنّ الصبغة النيلية الطبيعية المستخدَمة مُستخرجةٌ في اليابان، ويؤكد أوكاموتو أنّ لونها غني أكثر من الصبغات الاصطناعية. وكانت هذه الطريقة التي يشير إلى أنها «مكلفة» و«تستغرق وقتاً طويلاً»، شائعةً لصبغ الكيمونو في حقبة إيدو، من القرن السابع عشر إلى القرن التاسع عشر.

العمل في هذه المصانع صارم فيما يتعلق بمختلف جوانب التصنيع من صبغة إلى خياطة (أ.ف.ب)

وتشكِّل «موموتارو جينز» التي أسستها عام 2006 «جابان بلو»، إحدى عشرات الشركات المنتِجة لسراويل الجينز، ويقع مقرها في كوجيما، وهي منطقة ساحلية تشتهر بجودة سلعها الحرفية، بعيداً عن سراويل الجينز الأميركية المُنتَجة على نطاق صناعي واسع. ويقول رئيس «جابان بلو»، ماساتاكا سوزوكي، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نحن صارمون جداً فيما يتعلق بمختلف جوانب التصنيع». ويشمل ذلك «جودة الخياطة والصبغة»، ما يجعل الاعتماد على مهارات التصنيع التقليدية للحرفيين المحليين، مسألة ضرورية.

بيد أن كل ما هو منسوج يدويا ومصنوع بهذا الكم من الحرفية له تكلفته، إذ يبلغ سعر النموذج الرئيسي من الجينز الذي تنتجه «موموتارو» نحو 193 دولاراً. أما النموذج الأغلى والمنسوج يدوياً على آلة خشبية محوّلة من آلة نسج كيمونو فاخرة، فيتخطى سعره 1250 دولاراً.

يعمل أحد الحرفيين على تنفيذ بنطلون جينز باليد بصبر رغم ما يستغرقه من وقت (أ.ف.ب)

ومع ذلك، ازداد الاهتمام بما تنتجه «جابان بلو» على أساس أنها إحدى ماركات الجينز الراقية على غرار «إيفيسو»، و«شوغر كين». وتمثل الصادرات حالياً 40 في المائة من مبيعات التجزئة، كما افتتحت الشركة أخيراً متجرها السادس في كيوتو، ويستهدف السياح الأثرياء بشكل خاص. يشار إلى أن صناعة الجينز ازدهرت في كوجيما بدءاً من ستينات القرن العشرين لما تتمتع به المنطقة من باع طويل في زراعة القطن وصناعة المنسوجات. وخلال حقبة إيدو، أنتجت المدينة حبالاً منسوجة للساموراي لربط مقابض السيوف. ثم تحوّلت بعد ذلك إلى صناعة «تابي»، وهي جوارب يابانية تعزل إصبع القدم الكبير عن الأصابع الأخرى، وانتقلت فيما بعد إلى إنتاج الأزياء المدرسية.

تعدّ سراويل الجينز الياباني من بين أغلى الماركات كونها مصنوعة ومصبوغة باليد (أ.ف.ب)

ويقول مايكل بندلبيري، وهو خيّاط يدير مشغل «ذي دينيم دكتور» لتصليح الملابس في بريطانيا، إنّ سوق سراويل الجينز اليابانية «نمت خلال السنوات الـ10 إلى الـ15 الماضية». ومع أنّ محبي الجينز في الدول الغربية يبدون اهتماماً كبيراً بهذه السراويل، «لا يمكن للكثيرين تحمل تكاليفها»، بحسب بندلبيري. ويتابع قائلاً: «إن ماركات الجينز ذات الإنتاج الضخم مثل (ليفايس) و(ديزل) و(رانغلر) لا تزال الأكثر شعبية، لكن في رأيي تبقى الجودة الأفضل يابانية». ويرى في ضعف الين وازدهار السياحة فرصةً إضافيةً لانتعاش سوق هذه السراويل.

رغم هشاشتها والضجيج الذي ينبعث منها فإن الأنوال القديمة لا تزال هي المستعملة احتراماً للتقاليد (أ.ف.ب)

يعزز استخدام آلات النسيج القديمة رغم هشاشتها والضجيج الذي ينبعث منها، وبالتالي لا تملك سوى رُبع قدرة أنوال المصانع الحديثة، من سمعة «موموتارو جينز» التي تعود تسميتها إلى اسم بطل شعبي محلي. وغالباً ما تتعطَّل هذه الأنوال المصنوعة في الثمانينات، في حين أنّ الأشخاص الوحيدين الذين يعرفون كيفية تصليحها تزيد أعمارهم على 70 عاماً، بحسب شيغيرو أوشيدا، وهو حائك حرفي في موموتارو.

يقول أوشيدا (78 عاماً)، وهو يمشي بين الآلات لرصد أي صوت يشير إلى خلل ما: «لم يبقَ منها سوى قليل في اليابان» لأنها لم تعد تُصنَّع. وعلى الرغم من تعقيد هذه الآلات، فإنه يؤكد أنّ نسيجها يستحق العناء، فـ«ملمس القماش ناعم جداً... وبمجرّد تحويله إلى سروال جينز، يدوم طويلاً».