مساعٍ حوثية لإنهاء العام الدراسي مبكراً والبدء في تجنيد التلاميذ

الميليشيات تخطط لزيادة أعداد المراكز الصيفية لاستقطابهم

تلاميذ يمنيون يتجهون إلى فصلهم الدراسي في ضواحي صنعاء (إ.ب.أ)
تلاميذ يمنيون يتجهون إلى فصلهم الدراسي في ضواحي صنعاء (إ.ب.أ)
TT

مساعٍ حوثية لإنهاء العام الدراسي مبكراً والبدء في تجنيد التلاميذ

تلاميذ يمنيون يتجهون إلى فصلهم الدراسي في ضواحي صنعاء (إ.ب.أ)
تلاميذ يمنيون يتجهون إلى فصلهم الدراسي في ضواحي صنعاء (إ.ب.أ)

كشفت مصادر تربوية وحقوقية في العاصمة اليمنية المحتلة صنعاء عن استعدادات كبيرة للانقلابيين للبدء بعملية تجنيد واسعة وغير مسبوقة خلال الفترة المقبلة، خصوصا بعد انتهاء العام الدراسي، وبدء العطلة الصيفية.
يأتي ذلك في الوقت الذي تجدد فيه الحكومة اليمنية مطالبتها الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بضم الانقلابيين الحوثيين إلى القوائم السوداء المتورطة في تجنيد الأطفال.
وذكرت مصادر تربوية لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين تعمدوا بدء العام الدراسي الحالي قبل موعده المعتاد بشهر ونصف الشهر؛ واتهمت الجماعة بأنها كانت تريد إنهاء الموسم الدراسي مبكرا، واستغلال طول فترة العطلة الصيفية لتجنيد أكبر قدر ممكن من طلبة المدارس من خلال المراكز الصيفية، مشيرة إلى أن الميليشيات تنوي إنهاء العام الدراسي قبل أو خلال شهر رمضان.
وتنظم الميليشيات الحوثية خلال هذه الفترة فعاليات تعريفية وترويجية للمراكز الصيفية، كما تستغل احتفالها بذكرى مقتل مؤسسها حسين الحوثي، وفق التقويم الهجري، والتي تنظمها هذه الأيام؛ للترويج للمراكز الصيفية، وحث العائلات على الدفع بأبنائها إلى هذه المراكز خلال الأسابيع المقبلة.
ويركز قادة الميليشيات الحوثية في خطاباتهم خلال هذه الفعاليات على المراكز الصيفية باعتبار أن حسين الحوثي مؤسس الميليشيات كان أول من أنشأها واستخدمها لاستقطاب عناصر ومقاتلي الميليشيات، ويدعون في تلك الخطابات إلى دعم المراكز الصيفية والمشاركة فيها.
وتشارك ما تعرف باللجنة المركزية للتعبئة والتحشيد في هذه الفعاليات التي يجري تنظيمها برعاية قادة الميليشيات الذين ينتحلون صفات محافظي المحافظات وقيادات قطاع التربية والتعليم، وتوزع خلال الفعاليات وثائق وخطابات تتحدث عن أهمية المراكز الصيفية وتحث على المشاركة فيها.
وأفادت المصادر التربوية بأن الميليشيات الحوثية تسعى إلى زيادة أعداد المراكز الصيفية هذا العام على الرقم الذي شهده صيف العام الماضي، الذي بلغ عدد المراكز الصيفية فيه ما يقارب 9 آلاف مركز في مختلف المحافظات التي تسيطر عليها، وجرى تخصيص الأموال لطباعة الكتيبات والأدبيات الخاصة بها.
ووفقا لوسائل إعلام الميليشيات فإن الصيف الماضي شهد أنشطة حوثية تستهدف الطلاب في ثمانية آلاف و990 مدرسة، بواقع 6 آلاف و357 للذكور، والبقية للإناث، وبلغ عدد الطلاب والطالبات الملتحقين بها 719 ألفا و721 طالباً وطالبة، منهم 411 ألفاً و373 طالباً، و308 آلاف و348 طالبة.
وبلغ عدد عناصر الميليشيات المشرفين على هذه الأنشطة 37 ألفا و814 فردا، منهم ما يزيد على 27 ألفا من الذكور، والبقية من الإناث، وتفيد المصادر التربوية بأن الغالبية العظمى من المشرفين على المراكز الصيفية والعاملين فيها من عناصر الميليشيات التي جرى تأهيلها في دورات خاصة للتعامل مع الأطفال وغسل أدمغتهم.
مصادر حقوقية في العاصمة صنعاء تحدثت عن عمليات استقطاب واسعة للأطفال لتجنيدهم في صفوف الميليشيات جرت من خلال المراكز الصيفية، وسردت لـ«الشرق الأوسط» عدداً من وقائع التجنيد التي لم تتطرق إليها وسائل إعلام الميليشيات، والتي أخفت إلى جانب ذلك وجود مراكز صيفية سرية ضمن إجمالي المراكز الصيفية التي ذكرتها.
فوفقا للمصادر الحقوقية؛ بلغ عدد المراكز السرية في محافظة ذمار 20 مركزا جرى حشد آلاف الأطفال فيها، من بين أكثر من 500 مركز في عموم مديريات المحافظة، وتمكنت الميليشيات من تجنيد 170 طفلاً على الأقل من هذه المراكز، وضمهم إلى المعسكرات القتالية.
ونوهت المصادر التي تعمل في ظروف معقدة خوفا من ممارسات القمع والتنكيل التي تمارسها الميليشيات؛ إلى عدم إعلان الميليشيات عن تلك المراكز، نظرا لخضوعها لما يشبه السرية، ويتم ضم الطلاب إليها بشروط غير معروفة، وتقدم أدبيات طائفية أكثر تطرفا من تلك التي تقدم في بقية المراكز.
وأفادت المصادر بأن الميليشيات ألحقت 3871 طالبا وطالبة بـ31 مركزا صيفيا في محافظة الحديدة، في 12 مديرية خاضعة للميليشيات من ضمن 26 مديرية، وزاد عدد الذكور في هذه المراكز على 3900 طالب، مقابل 765 طالبة فقط.
وفي محافظة المحويت؛ نظمت الميليشيات ما يقارب 120 مركزا صيفيا، التحق بها أكثر من 5 آلاف طالب وطالبة، مقابل أكثر من 350 مركزاً في محافظة إب كثيفة السكان، والتي كان من بينها 8 مراكز سرية.
وطبقاً للمصادر ذاتها؛ فقد جنّدت الميليشيات الحوثية من تلك المراكز في عموم المحافظات الواقعة تحت سيطرتها أكثر من 693 طفلا بحسب ما توفر لها من معلومات ميدانية، وكانت محافظة صعدة هي الأعلى من حيث عدد الأطفال المجندين من داخل المراكز الصيفية بعدد يفوق 190 طفلا، بينما وقعت محافظة المحويت في ذيل القائمة بواقع 41 طفلا.
وخلال الأيام الماضية اتهمت تقارير حديثة الميليشيات الحوثية بتجنيد 649 طفلاً، مستغلة في ذلك المدارس والمراكز الصيفية والوجاهات الاجتماعية كتكتيك متبع لديها، مع مساعدة الظروف الاقتصادية والخلفيات الاجتماعية والثقافية والقبلية لها في عمليات التحشيد.
وفي حين تعمل وزارة حقوق الإنسان في الحكومة اليمنية على برنامج ممول من الأمم المتحدة لوقف تجنيد الأطفال وحمايتهم من الاستغلال في الصراع؛ لم تتلق «الشرق الأوسط» ردا من مسؤولي البرنامج بخصوص الإنجازات التي تحققت منه حتى الآن.


مقالات ذات صلة

آلاف اليمنيين في معتقلات الحوثيين لاحتفالهم بـ«26 سبتمبر»

العالم العربي مسلحون حوثيون في صنعاء عشية ذكرى ثورة سبتمبر يستعدون لقمع الاحتفالات (فيسبوك)

آلاف اليمنيين في معتقلات الحوثيين لاحتفالهم بـ«26 سبتمبر»

بدأت الجماعة الحوثية الإفراج عن بعض المختطفين بسبب احتفالهم بذكرى ثورة سبتمبر (أيلول)، في حين تقدر أعداد المختطفين بالآلاف في مختلف مناطق سيطرة الجماعة.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي جانب من سلسلة مبانٍ تتبع جامعة البيضاء الخاضعة لسيطرة للجماعة الحوثية (إكس)

الحوثيون يخضعون 1000 طالب وأكاديمي وموظف لتدريبات عسكرية

الجماعة الحوثية تجبر طلاباً وأكاديميين وموظفين في جامعة البيضاء على التعبئة القتالية

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي النيران تشتعل في الناقلة «سونيون» بالبحر الأحمر بعد هجوم سابق من قبل الجماعة الحوثية (رويترز)

هجمات حوثية على إسرائيل واستهداف سفينتين في البحر الأحمر

الحوثيون يعلنون عن هجمات على إسرائيل واستهداف سفينتين في البحر الأحمر بالتزامن مع تولي قوات أسترالية قيادة قوات البحرية المشتركة لحماية الأمن البحري في المنطقة.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي تعرُّض سفينتين لأضرار في هجمات قبالة ميناء الحديدة اليمني

تعرُّض سفينتين لأضرار في هجمات قبالة ميناء الحديدة اليمني

أفادت وكالة أمن بحري بريطانية، الثلاثاء، بأن طائرة مسيَّرة أصابت سفينة قبالة سواحل اليمن، حيث يشنّ المتمردون الحوثيون منذ أشهر هجمات على سفن.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم العربي احتمالات ضعيفة جداً أن تتولى الجماعة الحوثية سد الفراغ الناتج عن تحجيم قوة «حزب الله» (رويترز)

ماذا ينتظر الجماعة الحوثية بعد اغتيال نصر الله؟

يناقش خبراء وباحثون سياسيون تأثير اغتيال حسن نصر الله على الجماعة الحوثية، وردود فعلها بعد الضربات الكبيرة التي يتلقاها «حزب الله» خلال الأيام الأخيرة.

وضاح الجليل (عدن)

المدارس الأهلية في صنعاء تحت وطأة الاستقطاب والتجنيد

الحوثيون يجبرون طلاب المدارس على المشاركة في أنشطة تعبوية (إعلام حوثي)

جانب من استهداف حوثي لطلبة المدارس في ضواحي صنعاء (فيسبوك)
الحوثيون يجبرون طلاب المدارس على المشاركة في أنشطة تعبوية (إعلام حوثي) جانب من استهداف حوثي لطلبة المدارس في ضواحي صنعاء (فيسبوك)
TT

المدارس الأهلية في صنعاء تحت وطأة الاستقطاب والتجنيد

الحوثيون يجبرون طلاب المدارس على المشاركة في أنشطة تعبوية (إعلام حوثي)

جانب من استهداف حوثي لطلبة المدارس في ضواحي صنعاء (فيسبوك)
الحوثيون يجبرون طلاب المدارس على المشاركة في أنشطة تعبوية (إعلام حوثي) جانب من استهداف حوثي لطلبة المدارس في ضواحي صنعاء (فيسبوك)

كثفت الجماعة الحوثية من استهداف قطاع التعليم الأهلي ومنتسبيه في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، من خلال إجبار الطلبة والمعلمين في عدد من المدارس الأهلية على المشاركة فيما تسميه الجماعة «تطبيقات عسكرية ميدانية»؛ بغية تجنيدهم للدفاع عن أجندتها ذات البعد الطائفي.

وبحسب مصادر تربوية يمنية تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، دشنت الجماعة الحوثية خلال الأيام القليلة الماضية حملات تجنيد للطلاب والكادر التربوي من أجل استقطاب مقاتلين جدد إلى صفوفها.

الانقلابيون أخضعوا طلاباً وتربويين في صنعاء للتعبئة الفكرية والعسكرية (إكس)

ويفرض الانقلابيون الحوثيون على مديري المدارس الخاصة في صنعاء اختيار 15 طالباً و10 تربويين من كل مدرسة في صنعاء؛ لإلحاقهم بدورات تعبوية وعسكرية. كما تتوعد الجماعة - طبقاً للمصادر - الرافضين لتلك التوجيهات بعقوبات مشددة تصل إلى حد الإغلاق وفرض غرامات مالية تأديبية.

وأثار الاستهداف الحوثي الأخير للمدارس موجة غضب ورفض في أوساط الطلبة والمعلمين وأولياء الأمور، فيما اتهم التربويون الجماعة بالمضي في استغلال مؤسسات التعليم بعد تجريفها للحشد والتجنيد.

واشتكى أولياء الأمور في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من استهداف أطفالهم بعد أخذهم عنوة من فصول الدراسة دون معرفتهم إلى أماكن مجهولة لتدريبهم على القتال وغسل أدمغتهم بالأفكار المتطرفة، تمهيداً للزج بهم إلى الجبهات.

ونتيجة لذلك الاستهداف، شهد عدد من المدارس الأهلية في صنعاء غياباً ملحوظاً للطلبة والمعلمين الذي رفضوا استمرار الحضور، جراء ما يقوم به الانقلابيون من إجبار على الالتحاق بالدورات القتالية.

وأفادت مصادر تربوية في صنعاء بأن عدداً كبيراً من أولياء الأمور منعوا أبناءهم من الذهاب للمدارس، خصوصاً تلك المستهدفة حالياً من قبل الجماعة، وذلك خوفاً عليهم من الخضوع القسري للتجنيد.

تعبئة مستمرة

أجبر الانقلابيون الحوثيون مديري مدارس «التواصل» و«منارات» و«النهضة» «ورواد»، وهي مدارس أهلية في صنعاء، على إيقاف الدراسة ليوم واحد بحجة عقد اجتماعات معهم. كما ألزمت الجماعة من خلال تلك الاجتماعات المدارس بتوفير ما لا يقل عن 25 طالباً وتربوياً من كل مدرسة للمشاركة فيما تسميه الجماعة «تطبيقات عسكرية ميدانية».

وشهدت إحدى المناطق في ضواحي صنعاء قبل يومين تدريبات عسكرية ختامية لدفعة جديدة تضم أكثر من 250 طالباً ومعلماً، جرى اختيارهم من 25 مدرسة في مديرية الحيمة الداخلية بصنعاء، وإخضاعهم على مدى أسابيع لدورات قتالية ضمن ما تسميه الجماعة «المرحلة الخامسة من دورات (طوفان الأقصى)».

اتهامات لجماعة الحوثي بإجبار مدارس على تقديم مقاتلين جدد (إعلام حوثي)

ونقلت وسائل إعلام حوثية عن قيادات في الجماعة تأكيدها أن الدورة ركزت على الجانب التعبوي والقتالي، استجابةً لتوجيهات زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي؛ استعداداً لما يسميه «مواجهة الأعداء وتحرير الأقصى».

يتزامن هذا التحرك الانقلابي مع استمرار معاناة عشرات الآلاف من المعلمين والتربويين في كافة المناطق تحت سيطرة الجماعة؛ بسبب انقطاع رواتبهم منذ عدة سنوات، مضافاً إليها ارتكاب الجماعة سلسلة لا حصر لها من الانتهاكات التي أدت إلى تعطيل العملية التعليمة بعموم مناطق سيطرتها.

وكانت الجماعة الحوثية أخضعت في أواخر أغسطس (آب) الماضي، أكثر من 80 معلماً وتربوياً في مديرية الصافية في صنعاء لدورات تعبوية وقتالية، كما أرغمت المدارس الأهلية في صنعاء، في حينها، على إحياء مناسبات ذات منحى طائفي، تُضاف إلى أنشطة تعبوية سابقة تستهدف أدمغة وعقول الطلبة بهدف تحشيدهم إلى الجبهات.

وتتهم عدة تقارير محلية وأخرى دولية جماعة الحوثي بأنها لم تكتفِ بتدمير قطاع التعليم في مناطق سيطرتها، من خلال نهب مرتبات المعلمين واستهداف وتفجير المدارس وإغلاق بعضها وتحويل أخرى لثكنات عسكرية، بل سعت بكل طاقتها لإحلال تعليم طائفي بديل يحرض على العنف والقتل والكراهية.