المحكمة العليا الأميركية تبحث حصانة «عمالقة الإنترنت»

«غوغل» تقول إنها تساعد في «إيجاد إبر بأكبر كومة قش للبشرية»

أقارب غونزاليس أمام المحكمة العليا مع بداية نظر دعوى ضد «يوتيوب» (أ.ب)
أقارب غونزاليس أمام المحكمة العليا مع بداية نظر دعوى ضد «يوتيوب» (أ.ب)
TT

المحكمة العليا الأميركية تبحث حصانة «عمالقة الإنترنت»

أقارب غونزاليس أمام المحكمة العليا مع بداية نظر دعوى ضد «يوتيوب» (أ.ب)
أقارب غونزاليس أمام المحكمة العليا مع بداية نظر دعوى ضد «يوتيوب» (أ.ب)

بدأت المحكمة العليا الأميركية أولى جلستَيها للبحث في تأثير قانون يحمي منذ أكثر من ربع قرن شركات التكنولوجيا من الملاحقات على مضامين ينشرها مستخدموها، وقد يحدث قرارها ثورة في أوساط الإنترنت.
وبدأ قضاة المحكمة التسعة، يوم الثلاثاء، البحث في نطاق هذا القانون الذي يقدّم منذ العام 1996 نوعاً من الحصانة للمنصات الإلكترونية. وهذه القضية مرتبطة بهجمات نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2015 في باريس؛ إذ إنها نابعة من شكوى رفعها أقارب الشابة الأميركية نويمي غونزاليس التي قتلت مع 129 شخصاً في الاعتداءات، ضد غوغل، الشركة الأم لـ«يوتيوب»، يأخذون فيها عليها دعم بروز تنظيم داعش من خلال اقتراح مقاطع مصورة على بعض المستخدمين. واعتبر المدعون أنه «من خلال اقتراح مقاطع فيديو لتنظيم داعش لمستخدميها، ساعدت غوغل التنظيم في نشر رسائله، وبالتالي زودته دعماً مادياً».
وسبق للمحاكم العادية أن رفضت هذه الشكوى مستندة إلى الباب 230 من قانون أقر عندما كان قطاع الإنترنت في طور الإنشاء، وأصبح منذ ذلك الحين أحد أسسه. وينص القرار على أن شركات قطاع التكنولوجيا لا يمكن أن تعتبر «محررة محتوى»، وتتمتع تالياً بحصانة قضائية على المضامين التي تبث عبر منصاتها.
لكن في شكوى أقارب غونزاليس إلى المحكمة العليا، اعتبروا أن غوغل ليست «محرر محتوى» يحظى بحماية القانون؛ إذ إنها «أوصت» بمعاينة مقاطع مصورة لتنظيم داعش من خلال خوارزمياتها. وأوضحوا أنه «جرى اختيار المستخدمين الذين اقتُرح عليهم مشاهدة مقاطع فيديو لتنظيم داعش من خلال خوارزميات أنشأتها وأدارتها يوتيوب».
ومن خلال موافقتها على النظر في القضية، رغم رفضها معظم القضايا المقدّمة، أشارت المحكمة العليا إلى أنها مستعدة لتغيير الاجتهادات القضائية... إلا أن هذا الاحتمال يثير قلق الأطراف الناشطة في هذا القطاع.
وكتبت غوغل للمحكمة قائلة، إن «التوصيات التي تقدمها الخوارزميات تسمح بإيجاد إبر في أكبر كومة قش للبشرية»، طالبة منها «عدم إضعاف جزء مركزي من الإنترنت الحديث». وحذّرت مجموعة «ميتا» المالكة لـ«فيسبوك» و«إنستغرام» و«واتساب» في وثيقة وجهتها إلى المحكمة، من «تعريض خدمات الإنترنت لملاحقات بسبب توصيات سيجعلها عرضة لشكاوى متواصلة». بالنسبة إليها، تستخدم التوصيات فقط لتنظيم المحتوى المنشور عبر الإنترنت، نافية أن يكون ذلك ناجماً عن عمل تحريري.
وعقدت المحكمة العليا الأميركية جلسة ثانية، يوم الأربعاء؛ للنظر في ملف مرتبط، لكنه يطرح سؤالاً قانونياً مختلفاً: إذا لم يكن الباب 230 موجوداً، فهل يمكن إدانة المنصات بموجب قوانين مكافحة الإرهاب، حتى لو لم تقدم دعماً مباشراً لهجوم ما؟ ويفترض أن تصدر المحكمة قراريها قبل 30 يونيو (حزيران).
وفي الماضي، أعرب الكثير من قضاة المحكمة العليا الأميركية عن رغبتهم في تعديل قراءة الباب 230 الذي يتزايد الجدل حوله في الساحة السياسية، حتى لو حالت الانقسامات الحزبية دون أي تطور تشريعي. وفي عام 2021، أعرب القاضي المحافظ كلارنس توماس عن أسفه لأن «المحاكم فسرت القانون بشكل فضفاض، ومنحت حصانة واسعة جداً لبعض أكبر الشركات في العالم»... لذلك يبدو من المرجح أن المحكمة العليا ستحرك الأمور بشكل أسرع من الكونغرس. لكن حالياً «لا أحد يعرف بالضبط كيف»، كما قال توم ويلر الخبير في مؤسسة بروكينغز للبحوث، وأضاف لوكالة الصحافة الفرنسية أنه «لهذا السبب من المهم أن نرى كيف ستجري الجلسة».


مقالات ذات صلة

عدم اليقين التجاري يربك الشركات الأميركية وسط تصعيد الرسوم الجمركية

الاقتصاد أفق مدينة نيويورك ومبنى إمباير ستيت في ويهاوكن بنيوجيرسي (رويترز)

عدم اليقين التجاري يربك الشركات الأميركية وسط تصعيد الرسوم الجمركية

منذ توليه منصبه في يناير (كانون الثاني)، واجه المسؤولون التنفيذيون في الشركات حالة من عدم اليقين بشأن خطط دونالد ترمب المتقلبة لفرض تعريفات جمركية مرتفعة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
الاقتصاد خلال حصاد القمح في كورن بولاية أوكلاهوما بالولايات المتحدة 12 يونيو 2019 (رويترز)

ترمب يعلن فرض رسوم جمركية على الواردات الزراعية اعتباراً من 2 أبريل

أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب، اليوم (الاثنين)، أنه يعتزم فرض رسوم جمركية على المنتجات الزراعية الواردة إلى الولايات المتحدة اعتباراً من 2 أبريل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد مبنى «الكابيتول» في واشنطن (أ.ب)

استقرار التصنيع في أميركا خلال فبراير وسط عاصفة بالأفق بسبب رسوم ترمب

كان التصنيع بالولايات المتحدة ثابتاً خلال فبراير (شباط)، لكن مقياس الأسعار عند بوابة المصنع قفز لأعلى مستوى في نحو 3 سنوات وكان يستغرق وقتاً أطول لتسليم المواد.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد امرأة تسير نحو مدخل مصنع أحذية في منطقة صناعية بدونغقوان مقاطعة قوانغدونغ الجنوبية في الصين (أ.ف.ب) play-circle

هل بدأ الانفصال بين أكبر اقتصادين؟ وما تبعاته على البلدين والعالم؟

مع الرسوم الجمركية الجديدة التي طرحها دونالد ترمب على الصين، يُطرح كثير من التساؤلات عمّا إذا كان «فك الارتباط» بين أكبر اقتصادين في العالم قد بدأ بالفعل.

إيلي يوسف (واشنطن)
الاقتصاد متسوّق ينظر إلى الأطعمة المجمدة في سوبر ماركت «ألبرتسونز» في سياتل بواشنطن (رويترز)

تراجع غير متوقع في إنفاق المستهلكين الأميركيين

سجّل إنفاق المستهلكين في الولايات المتحدة تراجعاً غير متوقع في يناير، إلا أن ارتفاع التضخم قد يمنح مجلس الاحتياطي الفيدرالي مبرراً لتأجيل خفض الفائدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

ما أبرز بنود الاتفاق على تخفيف «كبح الديون» في ألمانيا؟

فريدريش ميرتس زعيم «حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي المحافظ» في ألمانيا يصل إلى اجتماع في المستشارية ببرلين (أ.ف.ب)
فريدريش ميرتس زعيم «حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي المحافظ» في ألمانيا يصل إلى اجتماع في المستشارية ببرلين (أ.ف.ب)
TT

ما أبرز بنود الاتفاق على تخفيف «كبح الديون» في ألمانيا؟

فريدريش ميرتس زعيم «حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي المحافظ» في ألمانيا يصل إلى اجتماع في المستشارية ببرلين (أ.ف.ب)
فريدريش ميرتس زعيم «حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي المحافظ» في ألمانيا يصل إلى اجتماع في المستشارية ببرلين (أ.ف.ب)

اتفقت الأحزاب المشاركة في المحادثات لتشكيل الحكومة الجديدة في ألمانيا، الثلاثاء، على محاولة تخفيف القواعد المالية المتعلقة بالدفاع وإنفاق الولايات الاتحادية وإنشاء صندوق خاص بقيمة 500 مليار يورو (529.95 مليار دولار) لتعزيز البنية الأساسية في البلاد.

وقال المحافظون (الاتحاد الديمقراطي المسيحي/الاتحاد الاجتماعي المسيحي، والديمقراطيون الاجتماعيون) إنهم سيطرحون خططهم على مجلس النواب الألماني (البوندستاغ) الأسبوع المقبل قبل انعقاد البرلمان الجديد، وهم يسارعون إلى تمرير الخطط؛ حيث ستحظى أحزاب أقصى اليسار واليمين المتطرف بأقلية معطلة في البرلمان الجديد.

وفيما يلي تفاصيل هذا الاتفاق وفق «رويترز»:

  • الدفاع: لن يتم احتساب الإنفاق الدفاعي الذي يتجاوز 1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي ضمن نظام «كبح الديون» في ألمانيا، الذي يُحد من اقتراض الحكومة إلى 0.35 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، ما يعني أن الإنفاق الدفاعي لن يكون مقيداً بعد الآن. مع الناتج المحلي الإجمالي الذي يبلغ نحو 4.3 تريليون يورو في عام 2024، فإن 1 في المائة سيكون نحو 43 مليار يورو، وسيتم إعفاء جميع الإنفاق الدفاعي فوق ذلك من «كبح الديون». ويجب أن يمكِّن الإعفاء ألمانيا من زيادة موازنتها العادية للدفاع -التي تبلغ حالياً نحو 52 مليار يورو- للوصول إلى هدف حلف شمال الأطلسي، المتمثل في 2 في المائة من الناتج الاقتصادي.

لقد حققت هذا الهدف لأول مرة عام 2024، ولكن فقط بفضل صندوق خاص تم إنشاؤه بعد الحرب الروسية الأوكرانية الذي من المقرر أن ينفد قريباً.

ومن دون دعم الولايات المتحدة، ستحتاج ألمانيا إلى زيادة الإنفاق الدفاعي بشكل أكبر، حتى 140 مليار يورو من 80 ملياراً، أي ما يعادل 3.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، كما أظهرت دراسة أجراها معهد أبحاث «بروغل» ومعهد «كيل» للاقتصاد العالمي الشهر الماضي.

وسيُقدم «المحافظون» و«الحزب الاشتراكي الديمقراطي» قانوناً لتسريع التخطيط والمشتريات للجيش الألماني وقائمة أولويات للأسلحة التي يمكن شراؤها بسرعة في غضون الأشهر الستة الأولى بعد تشكيل الحكومة.

  • البنية التحتية: سيتم إنشاء صندوق خاص للبنية التحتية خارج الميزانية، بقيمة 500 مليار يورو لمدة 10 سنوات للحكومة الفيدرالية والولايات والبلديات. يجب استخدام الأموال بشكل خاص للحماية المدنية والسكانية والنقل والطاقة والتعليم والرعاية والبنية التحتية العلمية، بالإضافة إلى استثمارات المستشفيات والبحوث والرقمنة.
  • الولايات الفيدرالية: يجب توفير نحو 100 مليار يورو من صندوق البنية التحتية للولايات الفيدرالية والبلديات التي كانت تُكافح العجز المالي. كما سيُسمح للولايات بتحمل مزيد من الديون، بما يصل إلى 0.35 في المائة من الناتج الاقتصادي كل عام، على غرار القاعدة المالية الفيدرالية.
  • إصلاح كبح الديون على المدى الطويل: ستعمل لجنة من الخبراء على تطوير اقتراح لتحديث كبح الديون لتعزيز الاستثمارات على أساس دائم. وستكون المقترحات بمثابة الأساس لمشروع قانون إصلاح كبح الديون الذي تُريد الأحزاب الانتهاء منه بحلول نهاية عام 2025.

اقتراح البنك المركزي

واقترح البنك المركزي الألماني في وقت سابق من يوم الثلاثاء إصلاحاً واسع النطاق يمكن أن يمنح الحكومة ما يصل إلى 220 مليار يورو من النقد الإضافي للدفاع، والاستثمار هذا العقد.

ووفق الاقتراح، ستُصبح نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي البالغة 60 في المائة في الاتحاد الأوروبي المعيار المركزي لنظام «كبح الديون».

وفيما يتعلق بزيادة نطاق الاستثمار، فإنه إذا كانت نسبة الدين أقل من 60 في المائة فيمكن للحكومة أن تتعهد بما يصل إلى 220 مليار يورو من الاستثمارات الإضافية الممولة بالديون بحلول عام 2030. أما إذا تجاوزت نسبة الدين 60 في المائة فسيتم تحديد نطاق الاستثمار هذا عند نحو 100 مليار يورو.