تحولت المدن السعودية أمس الأربعاء، إلى لوحة فرح واعتزاز بيوم تأسيس الدولة السعودية، والاحتفال بالذكرى التي تحل للمرة الثانية، منذ أصدر الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، أمراً ملكياً العام الماضي، يقضي باعتبار 22 فبراير (شباط) من كل عام يوماً للتأسيس، ولحظة لتكريس ذكرى تاريخية عريقة، مهدت لنشوء دولة راسخة جمعت تحت رايتها مجتمعاً متطلعاً لاستدامة مسيرته الحضارية.
واحتفل السعوديون في مختلف أنحاء البلاد بالمناسبة الوطنية التي تحكي امتداد وأمجاد ثلاثة قرون، وبالموعد الذي عقده الإمام محمد بن سعود مع التاريخ، لتأسيس الدولة السعودية الأولى عام 1727 للميلاد، ومنه انطلقت مسيرة الدولة السعودية حتى لحظتها المزدهرة الراهنة.
وعبّر الملك سلمان بن عبد العزيز عن اعتزازه بذكرى يوم تأسيس الدولة السعودية، الذي يعبر عن نحو ثلاثة قرون من قيام هذه الدولة المباركة، متجاوزة في سبيل ذلك التحديات والعقبات، بفضل التلاحم، وأضاف خادم الحرمين الشريفين في تغريدة على حسابه في (تويتر) بهذه المناسبة: «نستذكر في المملكة العربية السعودية بكل اعتزاز ذكرى يوم التأسيس، الذي يعبر عن نحو ثلاثة قرون من قيام كيان هذه الدولة المباركة عام 1727م - 1139هـ عاصرنا خلالها مختلف التحديات وتجاوزنا فيها جميع الأزمات، وكان التلاحم والاستقرار هو الأساس الذي يجسد عراقة هذا الوطن أرضاً وإنساناً».
سعودية ترتدي لباساً تقليدياً في يوم التأسيس وتقرأ عدداً قديماً من صحيفة «الشرق الأوسط» (تصوير: عيسى الدبيسي)
وتلقى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، برقيات التهاني بمناسبة ذكرى يوم تأسيس الدولة السعودية، من زعماء ورؤساء الدول، فيما استعاد السعوديون عبر احتفالات وفعاليات شهدتها مدن البلاد، تفاصيل اللحظات والرموز والحكايات التاريخية التي شكلت ذاكرة البلاد، وتزينت أزياء وأجواء وفضاء الليلة السعودية بالفرح والاعتزاز.
وأصدرت السعودية بهذه المناسبة الاحتفائية، هوية بصرية فريدة، وإطاراً لشكل الاحتفال بيوم التأسيس تحت شعار «يوم بدينا»، فيما أظهر السعوديون حفاوتهم بالمناسبة، واحتفاظهم بتفاصيل الإرث الوطني المتنوع، وانعكس ذلك على الأزياء الوطنية لكل منطقة، وتزينت الشوارع والساحات العامة وميادين الاحتفال بالرايات التي ترفرف بالعلم الرسمي للبلاد، وبأيقونة المناسبة التي يظهر في منتصفها رجل يحمل راية ترمز إلى بطولة وتضحيات رجال المجتمع السعودي خلال مراحل بناء البلاد المختلفة.
الأصالة في الأزياء التقليدية السعودية (تصوير: بشير صالح)
وشهدت مناطق السعودية إقامة عدد من الفعاليات الثقافية والفنية والشعبية، للاحتفال بيوم التأسيس وإظهار اعتزاز المجتمع السعودي بالجذور الراسخة لهذه الدولة الممتدة، وقد احتفلت 14 مدينة سعودية، بفعالية الليوان الثقافية، التي أخذت زوارها إلى ما قبل ثلاثة قرون، حيث حركة الأسواق الشعبية والأصالة في الأزياء التقليدية السعودية، إلى جانب المعارض التفاعلية والندوات الثقافية، والعروض المسرحية التاريخية.
كما شهدت مدينة الرياض، مسيرة التأسيس الضخمة، التي كانت بمثابة لوحة حية لاستعراض نُظّم يوم التأسيس، تروي من خلالها قصة الأصالة والترابط والتطور، وشجاعة واتقان جنود الوطن، وكرم وإخلاص أبنائه، وذلك في مسيرة تشارك فيها الخيول ومجسمات فنية عملاقة.
أطفال يرتدون أزياء تقليدية سعودية (تصوير: بشير صالح)
وقدمت المسرحية الشعرية الغنائية التي تقام لأول مرة من نوعها، «معلقاتنا امتداد أمجاد» مجاراة مبتكرة للمعلقات العشر الشهيرة في الشعر العربي، وتغنت في عرض شعري ومسرحي متميز، بتاريخ وأمجاد السعودية منذ تأسيسها إلى الزمن المعاصر، بمشاركة مجموعة من أبرز نجوم المسرح والغناء.
بالإضافة إلى مجموعة من الفعاليات الثقافية والاحتفالية التي رسخت ذكرى اللحظة المفصلية في تاريخ الجزيرة العربية، ونشوء كيان سياسي متماسك ومتطلع، ومن ذلك فعالية المجلس التي احتضنتها مكتبة الملك فهد الوطنية، وفتحت نوافذ لتعريف الزوار بالإرث الثقافي للدولة السعودية الأولى من خلال المحاضرات، واللقاءات الحوارية، وورش العمل، بالإضافة إلى الفعاليات المصاحبة، مثل فنان من بلدي، ألحان من بلدي، وفنون الخط، وتاريخنا بعيوننا.
طفلة سعودية بزي تقليدي (تصوير: بشير صالح)
وجدد الفرح بيوم التأسيس للمرة الثانية، واليوم الاحتفائي الذي ينظم امتناناً لهذه الذكرى الثمينة، صلة الماضي الضارب في أعماق التاريخ، وملامح التجربة في أوائل لحظاتها البكر، وأذكت لدى السعوديين شعور الامتداد العريض من الأمجاد الذي يربطهم منذ 300 عام، ويشهد على حجم الازدهار والتطور الذي تمتعت به البلاد في مشوارها إلى المستقبل، دون أن تقطع علاقتها بالماضي والتاريخ الذي تصدر عنه وتنتمي إليه.