المنطقة الآمنة تتصدّر مناقشات الهيئة السياسية للائتلاف السوري في إسطنبول

نشار: بعد الاتفاق النووي بات الملف السوري على الطاولة سياسيًا

المنطقة الآمنة تتصدّر مناقشات الهيئة السياسية للائتلاف السوري في إسطنبول
TT

المنطقة الآمنة تتصدّر مناقشات الهيئة السياسية للائتلاف السوري في إسطنبول

المنطقة الآمنة تتصدّر مناقشات الهيئة السياسية للائتلاف السوري في إسطنبول

التحوّل الجذري الذي فرضه التدخّل العسكري التركي في سوريا، استدعى متابعة ومواكبة من قبل المعارضة السورية عبر تفعيل اجتماعاتها، لوضع برنامج يتماشى مع هذه التحول، والمستجدات التي ستترتب عليه في الأيام المقبلة. وهي ترجمت هذا التحرك باجتماعات الهيئة السياسية في الائتلاف الوطني السوري، التي انطلقت أول من أمس الاثنين، وذلك قبل أسبوع على انعقاد هيئتها العامة نهاية الشهر الحالي في إسطنبول لانتخاب رئيس جديد للائتلاف.
وناقشت الهيئة السياسية الورقة التي وقعتها مع (هيئة التنسيق الوطني) في بروكسل، وقضية المباحثات التي أجرتها مع المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، إضافة إلى المنطقة الآمنة في الشمال السوري، والتغيرات العسكرية والإغاثية والوضع الميداني ككل في الداخل السوري.
ومن المقرر أن تنهي الهيئة اجتماعاتها غدًا الخميس وتصدر بيانًا تعلن فيه أهم النقاط التي توصلت إليها لتكون قيد البحث في الهيئة العامة، وفق ما أوضح نائب رئيس الائتلاف هشام مروة، الذي أشار إلى أن التطورات الأخيرة فرضت نفسها على المناقشات التي تجريها الهيئة، لا سيما التدخل العسكري التركي في سوريا، وتصريحات المسؤولين الأتراك عن إمكانية إقامة منطقة آمنة في شمال سوريا.
وأكد مروة لـ«الشرق الأوسط»، أن المنطقة الآمنة ستفرض واقعًا جديدًا على المشهد السوري، فهي ستمكّن الائتلاف من إقامة الإدارة المدنية التي تتولاها الحكومة المؤقتة والوزارات التابعة لها، وستبدأ عملها في هذه المنطقة. وستكون لهذه الإدارة علاقة مباشرة بالإجراءات الأمنية والعسكرية، ولن يقتصر دورها على الأمور الإدارية واللوجيستية والدعم الإغاثي. وعمّا إذا كان الائتلاف سيبحث هذه المسألة مع الجانب التركي، أوضح مروة أن «الأتراك لديهم في الوقت الحاضر استراتيجيتهم العسكرية والدفاعية، نحن في صدد العمل على الاستفادة من المنطقة الأمنية، وآلية بحثها مع الحكومة التركية ستأتي في وقتها».
أما عضو الائتلاف الوطني السوري سمير نشار، فذكّر بأن المعارضة السورية منذ العام 2011 على أثر انطلاق التظاهرات السلمية في سوريا، وهي تطالب بمنطقة آمنة تمنع القتل، وهذا ليس بجديد. لكن التناقضات الإقليمية والدولية، منعت قيام المنطقة الأمنية، لأن الأميركيين كانت لديهم نظرة مختلفة خصوصًا بسبب علاقتهم بالروس. وقال نشار لـ«الشرق الأوسط»: «لا شك أننا نؤيد كائتلاف قيام هذه المنطقة، فهي تسمح للاجئين السوريين، خصوصًا الذين نزحوا إلى تركيا، بالعودة إلى سوريا، كما تسمح للمعارضة والقوى المسلحة مثل الجيش السوري الحر، بأن تقوم بدور فاعل في المناطق الأمنية، عبر تأمين الخدمات الأساسية للمواطن السوري». ورأى أنه «بعد الاتفاق النووي بات الملف السوري على الطاولة سياسيًا، وربما في مرحلة لاحقة عسكريًا، لكن حتى الآن لا نعرف حجم التعاون التركي الأميركي بما يخص سوريا»، مبديًا اعتقاده بأن هناك أفقًا لحل الأزمة في سوريا، لأن كل القوى الإقليمية والدولية مجمعة على التخلص من تنظيم داعش، لكن لا تزال هناك وجهات نظر مختلفة بما خص حزب العمال الكردستاني والنظام السوري. وبعد فشل البرنامج الأميركي لتدريب المعارضة المعتدلة واقتصار هذا البرنامج على تدريب 60 شخصًا فقط، باتت الولايات المتحدة مضطرة للأخذ بوجهة النظر التركية بما خص النظام السوري وليس «داعش» وحده، لأن هذا التنظيم هو مسألة عابرة. وجزم نشار بأنه خلال الأشهر الستة القادمة سيكون هناك نقاش متسارع عن وضع النظام السوري إقليميًا ودوليًا والبحث عن حلّ مقبول من كل الدول.
وكانت الهيئة السياسية في الائتلاف الوطني السوري وافقت في دورة اجتماعاتها أول من أمس، على وثيقة التسوية السياسية التي تم التوافق عليها بين وفدي الائتلاف وهيئة التنسيق في مقر الاتحاد الأوروبي في العاصمة البلجيكية بروكسل الأسبوع الماضي، والتي أعلن فيها الطرفان عن توصلهما إلى خريطة طريق لإنقاذ سوريا تضم المبادئ الأساسية للتسوية السياسية من خلال رؤية مشتركة تمهد لاستئناف العملية السياسية برعاية الأمم المتحدة، وتؤكد على تغيير النظام السياسي بشكل جذري وشامل، ويشمل ذلك رأس النظام وكافة رموزه ومرتكزاته وأجهزته الأمنية. وتدعو الوثيقة إلى تنفيذ «بيان جنيف1» بدءًا بتشكيل «هيئة الحكم الانتقالية التي تمارس كامل السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية، بما فيها كافة سلطات وصلاحيات رئيس الجمهورية على وزارات وهيئات ومؤسسات الدولة، والتي تشمل الجيش والقوات المسلحة وأجهزة وفروع الاستخبارات والأمن والشرطة».



15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
TT

15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)

في حين يواصل المعلمون في محافظة تعز اليمنية (جنوب غرب) الإضراب الشامل للمطالبة بزيادة رواتبهم، كشفت إحصائية حديثة أن أكثر من 15 ألف طالب تسربوا من مراحل التعليم المختلفة في هذه المحافظة خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وعلى الرغم من قيام الحكومة بصرف الرواتب المتأخرة للمعلمين عن شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول)، فإن العملية التعليمية لا تزال متوقفة في عاصمة المحافظة والمناطق الريفية الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية بسبب الإضراب.

ويطالب المعلمون بإعادة النظر في رواتبهم، التي تساوي حالياً أقل من 50 دولاراً، حيث يُراعى في ذلك الزيادة الكبيرة في أسعار السلع، وتراجع قيمة العملة المحلية أمام الدولار. كما يطالبون بصرف بدل الغلاء الذي صُرف في بعض المحافظات.

الأحزاب السياسية في تعز أعلنت دعمها لمطالب المعلمين (إعلام محلي)

ووفق ما ذكرته مصادر عاملة في قطاع التعليم لـ«الشرق الأوسط»، فإن محافظتي عدن ومأرب أقرتا صرف حافز شهري لجميع المعلمين يقارب الراتب الشهري الذي يُصرف لهم، إلا أن هذه المبادرة لم تُعمم على محافظة تعز ولا بقية المحافظات التي لا تمتلك موارد محلية كافية، وهو أمر من شأنه - وفق مصادر نقابية - أن يعمق الأزمة بين الحكومة ونقابة التعليم في تلك المحافظات، وفي طليعتها محافظة تعز.

ظروف صعبة

وفق بيانات وزعتها مؤسسة «ألف» لدعم وحماية التعليم، فإنه وفي ظل الظروف الصعبة التي يمر بها قطاع التعليم في مدينة تعز وعموم مناطق سيطرة الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، ازدادت تداعيات انقطاع الرواتب والإضراب المفتوح الذي دعت إليه نقابة المعلمين، مع إحصاء تسرب أكثر من 15 ألفاً و300 حالة من المدارس خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وقال نجيب الكمالي، رئيس المؤسسة، إن هذا الرقم سُجل قبل بدء الإضراب المفتوح في جميع المدارس، وتعذر استئناف الفصل الدراسي الثاني حتى اليوم، معلناً عن تنظيم فعالية خاصة لمناقشة هذه الأزمة بهدف إيجاد حلول عملية تسهم في استمرار العملية التعليمية، ودعم الكادر التربوي، حيث ستركز النقاشات في الفعالية على الأسباب الجذرية لانقطاع الرواتب، وتأثيرها على المعلمين والمؤسسات التعليمية، وتداعيات الإضراب على الطلاب، ومستقبل العملية التعليمية، ودور المجتمع المدني والمنظمات المحلية والدولية في دعم قطاع التعليم.

المعلمون في عدن يقودون وقفة احتجاجية للمطالبة بتحسين الأجور (إعلام محلي)

وإلى جانب ذلك، يتطلع القائمون على الفعالية إلى الخروج بحلول مستدامة لضمان استمرارية التعليم في ظل الأزمات، ومعالجة الأسباب التي تقف وراء تسرب الأطفال من المدارس.

ووجهت الدعوة إلى الأطراف المعنية كافة للمشاركة في هذه الفعالية، بما في ذلك نقابة المعلمين اليمنيين، والجهات الحكومية المعنية بقطاع التعليم، ومنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية.

آثار مدمرة

كانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) قد ذكرت منتصف عام 2024، أن أكثر من 4.5 مليون طفل في اليمن خارج المدرسة بسبب تداعيات سنوات من الصراع المسلح. وأفادت بأن شركاء التعليم يعيدون تأهيل وبناء الفصول الدراسية، ويقدمون المساعدة التعليمية للملايين، ويعملون على إعادة الآخرين إلى المدارس، وعدّت أن الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل الأجيال.

وتقول المنظمة إنه منذ بداية الحرب عقب انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية، خلفت الهجمات التي تعرض لها أطفال المدارس والمعلمون والبنية التحتية التعليمية آثاراً مدمرة على النظام التعليمي في البلاد، وعلى فرص الملايين من الأطفال في الحصول على التعليم.

1.3 مليون طفل يمني يتلقون تعليمهم في فصول دراسية مكتظة (الأمم المتحدة)

وأكدت المنظمة الأممية أن للنزاع والتعطيل المستمر للعملية التعليمية في جميع أنحاء البلاد، وتجزئة نظام التعليم شبه المنهار أصلاً، تأثيراً بالغاً على التعلم والنمو الإدراكي والعاطفي العام والصحة العقلية للأطفال كافة في سن الدراسة البالغ عددهم 10.6 مليون طالب وطالبة في اليمن.

ووفق إحصاءات «اليونيسيف»، فإن 2,916 مدرسة (واحدة على الأقل من بين كل أربع مدارس) قد دمرت أو تضررت جزئياً أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية نتيجة سنوات من النزاع الذي شهده اليمن.

كما يواجه الهيكل التعليمي مزيداً من العوائق، تتمثل في عدم حصول أكثر من ثلثي المعلمين (ما يقرب من 172 ألف معلم ومعلمة) على رواتبهم بشكل غير منتظم منذ عام 2016، أو انقطاعهم عن التدريس بحثاً عن أنشطة أخرى مدرة للدخل.