الخطر القادم: جينات تقصف العمر

احذروا هندسة جينية مغرضة

TT

الخطر القادم: جينات تقصف العمر

يوظف الباحثون منذ عقد من الزمن هندسة الجينات الوراثية بقوة في التشخيص والعلاج بل حتى في الوقاية من الأمراض.
ومن ذلك استخدام نظام «‏أصابع الزنك ‏Zink finger» الذي ينظم عمل الجينات أو يثبط عملها، وغالباً ما يُستخدم في إصلاح الجينات كأنه مقصٌّ ذاتي يأمر بقطع الجزء المصاب بالخلل غير المرغوب فيه من الجين مثلاً لقتل الخلايا السرطانية، بتشجيع من نظام المناعة‏. وكذلك نظام تالين TALEN (Transcription Activator - Like Effector Nucleases). أما نظام كريسبر CRISPR -Cas9 system ‏ فقد بزغ نجمه بشكل واسع ويوجد ‏الآلاف من البشر من قدموا أنفسهم للتجربة على ‏هذه الأنظمة بهدف تحسين وضعهم الصحي والشفاء عن طريق هندسة الجينات من قطع ونقل وتصحيح. وكانت أول تجربة ناجحة قد أُجريت سنة 2000 عندما تم إصلاح النظام المناعي المعطوب لمولود، والآن ننعم بالعلاج الجيني لعدة أمراض. وبادئ ذي بدء كان العلماء يستخدمون فيروسات viral vectors لنقل الجين المراد تثبيته في موقعه في الجينوم أو في مكان الجين المعطوب أو حتى تعديل جين يعمل كمستقبل (receptor) لمنع أي إنسان من العدوى بفيروس الإيدز مثلاً. غير أن التكلفة في الوقت الحاضر تمنع من انتشار مثل هذا العلاج، ‏حيث يصل العلاج لجرعة واحدة مثلاً لتصحيح جين فقر الدم المنجلي من 500 ألف دولار إلى 3.5 مليون دولار.
ما إن جاء نظام كريسبر للهندسة الوراثية وبطريقة سهلة وخرافية ليقطع الفيروس من مخبئه بجرعة واحدة ‏من الكروموسوم الذي يحمل نظام المناعة، وتم الأمر في كل الحالات للأشخاص الذين يدفعون مبلغ العلاج. ولكن تصوّر أن لدينا 400 مليون من البشر بهم 7000 مرض تحوُّري في جيناتهم وبالإمكان شفاؤهم، ‏فما الحل لمثل هذا الوضع؟
وما إن أنجز الإنسان طرق علاج لجيناته حتى انتقل إلى طرق الوقاية من الأمراض المُعدية. مثلا تصور ‏أن لديك ناقلاً للأمراض مثل الملاريا عبر البعوض وتريد ألا تصاب به حتى وإن قرصك من حيث لا تشعر مثلاً إن كنت نائماً أو أن طفلك الصغير الذي لا يملك سبيلاً لمنع قرصة البعوض ‏وإذا به من النوع الذي ينقل طفيل الملاريا. فكيف استطاع العلم منع ذلك؟
في دراسة نشرها البروفسور ماثيو كوب Matthew cobb، المتخصص في مدرسة العلوم البيولوجية في جامعة «مانشستر» البريطانية ومؤلف كتاب «المعنوية التاريخية للعمل الجيني»، يقول إن البحث والتطبيق جارٍ على قدم وساق لتعقيم بعوض الأنوفيليس لكي لا يتكاثر. ومن ثم نحدّ من معدلات الإصابة بالملاريا وينقرض البعوض في نهاية الأمر. وبعد شرح موسع يضيف البروفسور أن الطريقة التي ستُتَّبَع هي استخدام الجينات القافزة jumping Genes، وهي كما سُميت بالحرف الواحد: genetic Atom Bomb، أي قنبلة ذرية جينية، كما تقول الأكاديمية الوطنية للعلوم والطب الأميركية.
وما فهمناه علمياً وما نعرفه من علم الوراثة أن هناك جينات غير ثابتة لها آلية في تغيّر مكانها في الجينوم وقتما دعت الضرورة، وهي غالباً ما تكون جينات مرتجعة من قديم الزمان، من آلاف السنين، وبعضها بقايا هياكل فيروسية نشطة ضاعت في «الطوشة»، أي تبحث عن مساعدة أو محرك لينقلها من جين آخر ويشغلها. وتأتي الصدفة أن تكون في عهدة محرك جيني عادةً ما يستخدمه جين مسرطن مثل BRCA1.2، الجين المسبِّب لسرطان الثدي، أو جين اللوكيميا الحادة FLT3, c - KIT, and RAS.
المهم، جهز الباحثون هذه الجينات القافزة ليس فقط لجعل البعوض عقيماً وإنما لتقصير عمره. والسؤال المحرج هو: هل تقبل أن تقرصك مثل هذه البعوضة، خصوصاً أن المخاوف كبيرة من تداخل جيناته مع جينات الإنسان؟ ولكن هذا إذا كان في جعبة البعوض الذي يبحث عن لقمة عيشه قطرة دم وفي المقابل ينفث لعابه المهندَس بالجينات القافزة قبل أن ينقصف عمره. وكم من ألوف من البعوض التي تمت إضافة هذا الجين القافز المقصِّر للعمر إليها ليتحكم في جيناتنا وعمرنا.
أعتقد أن الوقت حان لرفع الصوت ضد هذه الأبحاث التي تؤذي البشرية. ونقولها: لا ثم لا لهذا «المحرك الجيني Gene drive» في البعوض، فيجب أن نحمي البشرية. والإثبات، ما قاله السيد Keven Esvelt من معهد «of Technology Mssachuset institute»، أنه بحلول 2030 سيكون هناك تسريب مفتعَل لهذا الـGene drive
من المختبر، وقد احتجّت دول العالم على ما حدث في مدينة ووهان الصينية، ومن ثم انتشار جائحة «كورونا»، ونحن نعرف أن الموضوع سيتكرر، وهناك جهود حثيثة لمنع إطلاق هذا المشروع ضد البعوض في الغابات، ويجب علينا في المملكة العربية السعودية أن نقف يداً واحدة مع الشعوب والدول لمنع هذا المشروع.
* بروفسور باحث في العلوم الوراثية واستشاري علم الأمراض الإكلينيكية «مستشفى التداوي العام» بالدمام


مقالات ذات صلة

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
الخليج السعودية تطلق خدمة التأشيرة الإلكترونية في 7 دول

السعودية تطلق خدمة التأشيرة الإلكترونية في 7 دول

أطلقت السعودية خدمة التأشيرة الإلكترونية كمرحلة أولى في 7 دول من خلال إلغاء لاصق التأشيرة على جواز سفر المستفيد والتحول إلى التأشيرة الإلكترونية وقراءة بياناتها عبر رمز الاستجابة السريعة «QR». وذكرت وزارة الخارجية السعودية أن المبادرة الجديدة تأتي في إطار استكمال إجراءات أتمتة ورفع جودة الخدمات القنصلية المقدمة من الوزارة بتطوير آلية منح تأشيرات «العمل والإقامة والزيارة». وأشارت الخارجية السعودية إلى تفعيل هذا الإجراء باعتباره مرحلة أولى في عددٍ من بعثات المملكة في الدول التالية: «الإمارات والأردن ومصر وبنغلاديش والهند وإندونيسيا والفلبين».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق «ملتقى النقد السينمائي» نظرة فاحصة على الأعمال السعودية

«ملتقى النقد السينمائي» نظرة فاحصة على الأعمال السعودية

تُنظم هيئة الأفلام السعودية، في مدينة الظهران، الجمعة، الجولة الثانية من ملتقى النقد السينمائي تحت شعار «السينما الوطنية»، بالشراكة مع مهرجان الأفلام السعودية ومركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي (إثراء). ويأتي الملتقى في فضاءٍ واسع من الحوارات والتبادلات السينمائية؛ ليحل منصة عالمية تُعزز مفهوم النقد السينمائي بجميع أشكاله المختلفة بين النقاد والأكاديميين المتخصصين بالدراسات السينمائية، وصُناع الأفلام، والكُتَّاب، والفنانين، ومحبي السينما. وشدد المهندس عبد الله آل عياف، الرئيس التنفيذي للهيئة، على أهمية الملتقى في تسليط الضوء على مفهوم السينما الوطنية، والمفاهيم المرتبطة بها، في وقت تأخذ في

«الشرق الأوسط» (الظهران)
الاقتصاد مطارات السعودية تستقبل 11.5 مليون مسافر خلال رمضان والعيد

مطارات السعودية تستقبل 11.5 مليون مسافر خلال رمضان والعيد

تجاوز عدد المسافرين من مطارات السعودية وإليها منذ بداية شهر رمضان وحتى التاسع من شوال لهذا العام، 11.5 مليون مسافر، بزيادة تجاوزت 25% عن العام الماضي في نفس الفترة، وسط انسيابية ملحوظة وتكامل تشغيلي بين الجهات الحكومية والخاصة. وذكرت «هيئة الطيران المدني» أن العدد توزع على جميع مطارات السعودية عبر أكثر من 80 ألف رحلة و55 ناقلاً جوياً، حيث خدم مطار الملك عبد العزيز الدولي بجدة النسبة الأعلى من المسافرين بـ4,4 مليون، تلاه مطار الملك خالد الدولي في الرياض بـ3 ملايين، فيما خدم مطار الأمير محمد بن عبد العزيز الدولي بالمدينة المنورة قرابة المليون، بينما تم تجاوز هذا الرقم في شركة مطارات الدمام، وتوز

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شمال افريقيا فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

بحث الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية السعودي والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، اليوم (الخميس)، الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف في السودان، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين السودانيين والمقيمين على أرضه. وأكد الأمير فيصل بن فرحان، خلال اتصال هاتفي أجراه بغوتيريش، على استمرار السعودية في مساعيها الحميدة بالعمل على إجلاء رعايا الدول التي تقدمت بطلب مساعدة بشأن ذلك. واستعرض الجانبان أوجه التعاون بين السعودية والأمم المتحدة، كما ناقشا آخر المستجدات والتطورات الدولية، والجهود الحثيثة لتعزيز الأمن والسلم الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

العيسى يناقش «تفهم الاختلاف ومعالجة سوء الفهم بين الإسلام والغرب» في سويسرا

الشيخ الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى حل ضيفَ شرفٍ على نادي 44 للدراسات الفكرية (الشرق الأوسط)
الشيخ الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى حل ضيفَ شرفٍ على نادي 44 للدراسات الفكرية (الشرق الأوسط)
TT

العيسى يناقش «تفهم الاختلاف ومعالجة سوء الفهم بين الإسلام والغرب» في سويسرا

الشيخ الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى حل ضيفَ شرفٍ على نادي 44 للدراسات الفكرية (الشرق الأوسط)
الشيخ الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى حل ضيفَ شرفٍ على نادي 44 للدراسات الفكرية (الشرق الأوسط)

حَلّ الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، رئيس هيئة علماء المسلمين، الشيخ الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى، ضيفَ شرفٍ على نادي 44، للدراسات الفكرية، في مقرّه بمدينة لاشو دو فون السويسرية، وذلك بمناسبة مرور 80 عاماً على إنشائه، حيث ألقى محاضرة بعنوان: «الإسلام والغرب وتفهُّم الاختلاف ومعالجة سوء الفهم»، بحضور قادة الأحزاب السياسية.

ويُعَدّ الدكتور العيسى أولَ شخصيةٍ إسلاميةٍ عربيةٍ تُحاضِر في هذه المؤسسة العريقة، التي تُعَدُّ من أكبرِ المنصَّات الفكرية في أوروبا، والتي سبقَ لها استضافة عددٍ من رؤساء الدول وكبار المفكرين والفلاسفة.

العيسى ترأس الاجتماعَ السنويَّ لمجلس إدارة المؤسسة الثقافية الإسلامية بجنيف (الشرق الأوسط)

إضافة إلى ذلك لبّى العيسى دعوة من المنتدى السويسري للسياسة الدولية، لإلقاء محاضرة كانت بعنوان: «الإسلام والغرب: الحاجة المُلحّة لتجديد الحوار في مواجهة الاضطرابات الجيوسياسية»، بحضور رئيس المنتدى، برتراند لويس، وجَمْعٍ من صُنَّاع السياسات والمفكّرين والإعلاميين. وتلا المحاضرة حوارٌ مُوسَّعٌ تناولَ عدداً من القضايا المُتفاعِلة على السَّاحة الدولية ذات الصلة بمحاور المحاضرة، وبالاهتمام الإسلامي عموماً.

حضور كبير من قادة الأحزاب السياسية خلال زيارة الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي (الشرق الأوسط)

ونوّه المتداخلون بالمضامين الحضارية والشاملة في «وثيقة مكة المكرمة» المُعَبِّرَة عن الأُفق الإسلامي العالمي بتنوُّعه المذهبي، وطالبوا بتوسيع نطاق نشرها وتداولها.

كما استقبلت فلورانس ناتار، رئيس مجلس الدولة السويسرية، في مكتبها السياسي بالقصر التاريخي بنوشاتيل، الدكتور العيسى، وجرى خلال اللقاء مناقشة القضايا المتعلقة بالتضامن الاجتماعي المتعدد الثقافات. وأطلعتْ الأمين العام على مرافق قلعة المدينة العائد إلى القرن الحادي عشر الميلادي.

يُعَدّ الدكتور العيسى أولَ شخصيةٍ إسلاميةٍ عربيةٍ تُحاضِر في نادي 44 (الشرق الأوسط)

وتمنت ناتار التوفيق، للأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، في محاضرته بمناسبة الاحتفال بثمانين عاماً على إنشاء نادي 44 السويسري العريق، المعني بالدراسات الفكرية، الذي يستضيف صُنّاع السياسات والفكر من رؤساء الدول وكبار المفكرين والفلاسفة، وهي المرة الأولى التي يستضيف فيها شخصية عربية إسلامية.

وفي إطار الزيارة ترأَّسَ العيسى الاجتماعَ السنوي لمجلس إدارة المؤسسة الثقافية الإسلامية بجنيف، وهي مؤسسة سويسرية مستقلَّة ذاتُ تَمَوضُعٍ أوروبي واسعٍ، ولا تتبع أيّاً من الجهات، ويجدر التذكير بأن الملك خالداً - رحمه الله - افتتَحَ مركزَها الإسلامي في حفلٍ رسميّ.

وناقشَ المجلسُ عدداً من الموضوعات المُدرَجَة على جدول أعماله، ولا سيَّما ذات العلاقة بالشأن الإسلامي في المُجتمَعات الأوروبية.

الدكتور العيسى ورئيس مُنظَّمة «أطبَّاء بلا حدود» كريستوس كريستو (الشرق الأوسط)

كما تضمّنت زيارته لسويسرا الالتقاءَ بالمقرِّر الخاصِّ للأمم المتحدة لشؤون الأقلِّيَّات، نيكولا لوفرا، والاجتماعَ برئيس مُنظَّمة «أطبَّاء بلا حدود»، كريستوس كريستو، في مقرّ المنظمة بجنيف، الذي نوّهَ بالدور المُهمّ الذي تضْطَلع به الرابطة في المجال الإغاثيِّ الطبّيِّ، مُشيراً إلى أنَّ ذلك يُعَبِّر عن قِيَمها الإنسانية، ويُفَسِّر ما تتمتّع به من سمعة دوليةٍ متميزةٍ.