محادثات بلينكن في تركيا: حضور الملفات الخلافية مع قليل من التوافق

أنقرة وصفت التعاون الأميركي مع «الوحدات الكردية» بـ«الخطأ المميت»

جاويش أوغلو وبلينكن في مؤتمر صحافي مشترك في أنقرة أمس (أ.ب)
جاويش أوغلو وبلينكن في مؤتمر صحافي مشترك في أنقرة أمس (أ.ب)
TT

محادثات بلينكن في تركيا: حضور الملفات الخلافية مع قليل من التوافق

جاويش أوغلو وبلينكن في مؤتمر صحافي مشترك في أنقرة أمس (أ.ب)
جاويش أوغلو وبلينكن في مؤتمر صحافي مشترك في أنقرة أمس (أ.ب)

بعيداً عن رمزية التضامن مع تركيا في مواجهة كارثة الزلزال التي حملتها زيارة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الأولى لتركيا بعد عامين من تسلمه منصبه في إدارة الرئيس جو بايدن، سيطرت الملفات الخلافية على مباحثاته في أنقرة، وفي مقدمتها الخلاف التقليدي بشأن الموقف الأميركي من «وحدات حماية الشعب الكردية» في سوريا، وصولاً إلى ملف انضمام السويد وفنلندا إلى عضوية حلف شمال الأطلسي (الناتو) الذي لا تزال تركيا على معارضتها إياه، فضلاً عن مسألة عدم انضمام تركيا إلى العقوبات الغربية على روسيا.
ومع ذلك لم يخل الأمر من بعض نقاط التوافق، مثل دعم الإدارة الأميركية حصول تركيا على مقاتلات «إف-16»، وتقديرها للدعم التركي لسيادة أوكرانيا، والاستمرار في جهود زيادة حجم التبادل التجاري مع بلاده.
وبدا وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو شديد الحرص، خلال المؤتمر الصحافي المشترك مع نظيره الأميركي عقب مباحثاتهما في أنقرة الاثنين، على تأكيد موقف بلاده من مسألة الدعم الأميركي والتعاون مع «وحدات حماية الشعب الكردية»، التي تعدها ذراع حزب «العمال الكردستاني» في سوريا، في محاربة تنظيم «داعش» الإرهابي.
جاويش أوغلو وصف التعاون الأميركي مع «وحدات حماية الشعب الكردية»، التي تعد أكبر مكونات تحالف «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) الذي تنظر إليه واشنطن كحليف وثيق في الحرب على «داعش»، بـ«الخطأ المميت»، قائلاً إنه لا يمكن لدولة حليفة في «الناتو» أن تتعاون مع تنظيم إرهابي يهدد أمن حليفتها، ولا يمكن التعاون مع تنظيم إرهابي في مكافحة تنظيم إرهابي آخر.
وقال جاويش أوغلو مخاطباً بلينكن: «بغض النظر عن تضامنكم مع تركيا في مواجهة كارثة الزلزال، فإننا لا نقبل استمرار التعاون مع تنظيم يشكل خطراً على حدودنا وأمننا، المسائل الإنسانية شيء، وهذا شيء آخر».
وقال جاويش أوغلو إن تركيا تعتقد أن التعاون مع تنظيم إرهابي ضد تنظيم إرهابي آخر، هو «خطأ مميت»، وأن «وحدات حماية الشعب» لا تحارب «داعش»، وأنها تنظيم إرهابي لا يختلف عن «داعش». ودعا نظيره الأميركي إلى محاربة جميع التنظيمات الإرهابية معاً دون تفرقة.
وأشار أوغلو إلى أن مكافحة الإرهاب هي بند ذو أولوية على جدول الأعمال المشترك، وحث واشنطن على إجراء مزيد من التعاون الفعال في هذا الصدد، واستشهد بمذكرة التفاهم الموقعة بين بلاده والولايات المتحدة في أكتوبر (تشرين الأول) 2019، بشأن وقف تركيا عمليتها العسكرية (نبع السلام) ضد مواقع «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) في شرق الفرات مقابل انسحابها لعمق 30 كيلومتراً بعيداً عن الحدود الجنوبية لتركيا، مؤكداً أن الولايات المتحدة يجب أن تفي بمسؤولياتها الناشئة عن هذا التفاهم.
وتابع جاويش أوغلو: «على الحلفاء محاربة الإرهاب بكل أشكاله، وينبغي لأميركا اتخاذ خطوات ملموسة بما يتوافق مع الاتفاقات السابقة».
واكتفى بلينكن، في رده على هذه المسألة بقول إن بلاده تعترف «بشدة» بالمخاوف الأمنية المشروعة لتركيا على حدودها الجنوبية، «لكن على تركيا أن تتفهم أيضاً مخاوفنا بشأن (داعش)، وسنواصل العمل معاً بشكل وثيق لمعالجة الأمرين معاً... في اللحظة الحالية، بالطبع، يركز كلانا بشدة على المساعدة الإنسانية للشعب السوري الذي عانى، مثل الشعب التركي، بشكل رهيب من الزلزال، ونعمل سوياً لتقديم أقصى قدر من الدعم الذي يمكن أن نقدمه لهم».
وعلّق جاويش أوغلو مطالباً بالفصل بين المسألتين، قائلاً إن المسائل الإنسانية شيء ودعم التنظيمات الإرهابية شيء آخر، ونحن لا نرى التعاون مع الوحدات الكردية أمراً صائباً.
وقال إن الولايات المتحدة وتركيا يجب ألا تنتظرا كارثة أخرى لتحسين العلاقات. ودعا نظيره الأميركي إلى اتخاذ خطوات ملموسة وصادقة لتحسين العلاقات التركية - الأميركية.
وتطرق الوزيران التركي والأميركي إلى مسألة انضمام السويد وفنلندا إلى حلف «الناتو»، حيث قال جاويش أوغلو: «إننا ندعو جميع الأطراف لإقناع السويد باتخاذ خطوات ملموسة لتهدئة مخاوف تركيا المتعلقة بالتصديق على انضمامها للحلف»، فيما أكد بلينكن أن واشنطن تؤيد بشدة انضمام الدول الإسكندنافية لحلف شمال الأطلسي «في أسرع وقت ممكن»، مشدداً على أن فنلندا والسويد اتخذتا «خطوات ملموسة بموجب المذكرة الموقعة مع تركيا»، في إشارة إلى مذكرة التفاهم الثلاثية الموقعة في 28 يونيو (حزيران) الماضي بين تركيا وكل من السويد وفنلندا على هامش قمة «الناتو» في مدريد، والتي تعهد فيها البلدان الأوروبيان بمراعاة المخاوف الأمنية لتركيا، المتمثلة في نشاط «حزب العمال الكردستاني»، ووجود أعضائه وكذلك أعضاء حركة الداعية فتح الله غولن، التي تعدها تركيا تنظيماً إرهابياً تورط في محاولة الانقلاب الفاشلة في منتصف يوليو (تموز) 2016، ورفع حظر السلاح المفروض عليها من جانب البلدين منذ 2019.
في شأن آخر، قال بلينكن إن موقف تركيا الواضح الداعم لسيادة أوكرانيا كان مهماً، منتقداً بعض الدول التي تدعم روسيا في حربها في أوكرانيا. فيما أكد جاويش أوغلو، في هذا الشأن، أن تركيا لا تسمح بخرق العقوبات الأوروبية والأميركية المفروضة على روسيا من خلالها، لكنها في الوقت نفسه لن تنضم إلى أي عقوبات على روسيا بسبب الحرب في أوكرانيا، باستثناء ما تفرضه الأمم المتحدة.
وفيما يتعلق بطلب تركيا الحصول على 40 مقاتلة أميركية من طراز «إف-16» ونحو 80 معدّة من معدات تطوير الطائرات العاملة ضمن قواتها الجوية من هذا الطراز، قال جاويش أوغلو إن أنقرة «تتوقع دعم الكونغرس الأميركي في المضي قدماً في الصفقة البالغة قيمتها 20 مليار دولار لشراء مقاتلات (إف-16)، وتريد من الإدارة الأميركية إحالة الإخطار الرسمي بشأن المقاتلات إلى الكونغرس».
وأكد جاويش أوغلو أن تركيا لا يمكنها شراء مقاتلات «إف-16» الأميركية «بشروط مسبقة»، وأنه يمكن حل مسألة مقاتلات «إف-16» إذا التزمت الإدارة الأميركية بموقف حاسم، عادّاً الانتهاء من صفقة بيع الطائرات مفيداً لكلا الجانبين.
وقال بلينكن: «نقف جنباً إلى جنب في مواجهة التحديات الأمنية المشتركة، وإدارة الرئيس جو بايدن ترى أنه من المصلحة الوطنية والأمنية تحديث طائرات (إف-16) الحالية لتركيا وتزويدها بطائرات جديدة».


مقالات ذات صلة

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

شؤون إقليمية أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية. وقال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين إن بلاده تتوقع موقفاً واضحاً من دمشق حيال «تنظيم حزب العمال الكردستاني الإرهابي» والتنظيمات التابعة له، في إشارة إلى وحدات حماية الشعب الكردية، أكبر مكونات قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، التي تنظر إليها أنقرة على أنها امتداد لـ«العمال الكردستاني» في سوريا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية خصوم إردوغان يتهمونه بـ«مفاوضة» أوجلان في سجنه طلباً لأصوات كردية

خصوم إردوغان يتهمونه بـ«مفاوضة» أوجلان في سجنه طلباً لأصوات كردية

واجه الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ادعاءً جديداً من خصومه في المعارضة، بشأن إرساله مبعوثين للتفاوض مع زعيم «حزب العمال الكردستاني» السجين مدى الحياة، عبد الله أوجلان، من أجل توجيه رسالة للأكراد للتصويت لصالحه في الانتخابات الرئاسية المقررة في 14 مايو (أيار) الحالي. وقالت رئيسة حزب «الجيد» المعارض، ميرال أكشنار، إن إردوغان أرسل «شخصية قضائية» إلى أوجلان في محبسه، وإنها تعرف من الذي ذهب وكيف ذهب، مشيرة إلى أنها لن تكشف عن اسمه لأنه ليس شخصية سياسية. والأسبوع الماضي، نفى المتحدث باسم الرئاسة التركية، إعلان الرئيس السابق لحزب «الشعوب الديمقراطية» السجين، صلاح الدين دميرطاش، أن يكون إردوغان أرسل وف

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية دخول تركيا «النادي النووي» مهم... وزوال مخاوف «تشيرنوبل» مسألة وقت

دخول تركيا «النادي النووي» مهم... وزوال مخاوف «تشيرنوبل» مسألة وقت

<div>دفع إقدام تركيا على دخول مجال الطاقة النووية لإنتاج الكهرباء عبر محطة «أككويو» التي تنشئها شركة «روساتوم» الروسية في ولاية مرسين جنوب البلاد، والتي اكتسبت صفة «المنشأة النووية» بعد أن جرى تسليم الوقود النووي للمفاعل الأول من مفاعلاتها الأربعة الخميس الماضي، إلى تجديد المخاوف والتساؤلات بشأن مخاطر الطاقة النووية خصوصاً في ظل بقاء كارثة تشيرنوبل ماثلة في أذهان الأتراك على الرغم من مرور ما يقرب من 40 عاما على وقوعها. فنظراً للتقارب الجغرافي بين تركيا وأوكرانيا، التي شهدت تلك الكارثة المروعة عام 1986، ووقوعهما على البحر الأسود، قوبلت مشروعات إنتاج الكهرباء من الطاقة النووية باعتراضات شديدة في البد</div>

شؤون إقليمية أنقرة: وزراء خارجية تركيا وسوريا وروسيا قد يجتمعون في 10 مايو

أنقرة: وزراء خارجية تركيا وسوريا وروسيا قد يجتمعون في 10 مايو

قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، اليوم الأربعاء، إن اجتماع وزراء خارجية تركيا وسوريا وروسيا قد يُعقَد بموسكو، في العاشر من مايو (أيار)، إذ تعمل أنقرة ودمشق على إصلاح العلاقات المشحونة. كان جاويش أوغلو يتحدث، في مقابلة، مع محطة «إن.تي.في.»

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
شؤون إقليمية «أككويو» تنقل تركيا إلى النادي النووي

«أككويو» تنقل تركيا إلى النادي النووي

أصبحت تركيا رسمياً عضواً في نادي الدول النووية بالعالم بعدما خطت أولى خطواتها لتوليد الكهرباء عبر محطة «أككويو» النووية التي تنفذها شركة «روسآتوم» الروسية في ولاية مرسين جنوب البلاد. ووصف الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خطوة تزويد أول مفاعل من بين 4 مفاعلات بالمحطة، بـ«التاريخية»، معلناً أنها دشنت انضمام بلاده إلى القوى النووية في العالم، مشيراً إلى أن «أككويو» هي البداية، وأن بلاده ستبني محطات أخرى مماثلة. على ساحل البحر المتوسط، وفي حضن الجبال، تقع محطة «أككويو» النووية لتوليد الكهرباء، التي تعد أكبر مشروع في تاريخ العلاقات التركية - الروسية.


إسرائيل تقصف دمشق... وتُهجّر أهالي قرى في جنوب سوريا

TT

إسرائيل تقصف دمشق... وتُهجّر أهالي قرى في جنوب سوريا

جنود إسرائيليون يعبرون الخميس السياج الذي يفصل مرتفعات الجولان التي تسيطر عليها إسرائيل عن سوريا (أ.ب)
جنود إسرائيليون يعبرون الخميس السياج الذي يفصل مرتفعات الجولان التي تسيطر عليها إسرائيل عن سوريا (أ.ب)

عززت إسرائيل المخاوف من وجودها بشكل طويل في الجولان السوري، بالبدء في تهجير أهالي قرى بالجنوب السوري، بموازاة شن الطيران الحربي غارات على محيط دمشق.

وأفادت وسائل إعلام سورية، الخميس، بأن «جيش الاحتلال دخل الأطراف الغربية لبلدة جباتا الخشب بريف القنيطرة، وطالب الأهالي بتسليمه ما لديهم من أسلحة».

ووفق وسائل الإعلام السورية، فإن «الجيش الإسرائيلي هجّر أهالي قريتي الحرية والحميدية واستولى عليهما، ودخل إلى بلدة أم باطنة مدعوماً بعربات عسكرية ودبابات، فضلاً عن رصد دبابات داخل مدينة القنيطرة جنوبي سوريا».

وشن الطيران الإسرائيلي غارات على محيط العاصمة السورية، وقال سكان في أحياء دمشق الغربية، إنهم سمعوا انفجارَين قويَين يعتقد أنهما في مطار المزة العسكري، وأضاف السكان أنهم سمعوا أصوات طائرات حربية تحلق في أجواء ريف دمشق الجنوبي الغربي.

بدوره أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الخميس، لمستشار الأمن القومي الأميركي، جايك سوليفان، ضرورة منع «الأنشطة الإرهابية» من الأراضي السورية ضد إسرائيل بعد إطاحة بشار الأسد.

وقال نتنياهو في بيان، إنه التقى سوليفان في القدس، وتطرق معه إلى «الحاجة الأساسية إلى مساعدة الأقليات في سوريا، ومنع النشاط الإرهابي من الأراضي السورية ضد إسرائيل».

إقامة طويلة

وتتوافق التحركات العسكرية الإسرائيلية مع ما كشفت عنه مصادر عسكرية في تل أبيب، بأن الممارسات التي يقوم بها الجيش في الجزء الشرقي من الجولان، تدل على أنه يستعد لإقامة طويلة الأمد في الأراضي السورية، التي احتلها إثر انسحاب قوات النظام السوري من مواقعها في المنطقة العازلة وفض الاشتباك في الجولان.

وتجرى هذه العمليات وسط موافقة أميركية صامتة، وهو ما يُقلق أوساطاً عدة تخشى من فتح الشهية لتدمير خطوط الحدود وتوسيع نطاق الاستيطان في سوريا.

وأشارت المصادر إلى أن هذه العمليات تتم من دون معارضة دولية علنية، باستثناء فرنسا التي نشرت بيان تحذير.

وكان الجنرال مايك كوريلا، قائد القوات الأميركية المركزية في الشرق الأوسط (سنتكوم) زار إسرائيل، الأربعاء، واطلع على تفاصيل العمليات، وعلى نتائج القصف الإسرائيلي، الذي دمر نحو 80 في المائة من مقدرات الجيش السوري، وحطم له سلاح الجو وسلاح البحرية والمضادات الجوية ومخازن الأسلحة، كما أجرى وزير الأمن، يسرائيل كاتس، مكالمة مع نظيره الأميركي، لويد أوستن.

بنية تحتية

وقالت مصادر عسكرية في تل أبيب، إن الجيش الإسرائيلي شرع بتحويل المواقع العسكرية السورية، التي احتلتها الكتيبة 101 من وحدة المظليين، إلى مواقع عسكرية إسرائيلية.

وذكر تقرير عبري أن «الجيش الإسرائيلي بدأ بتأسيس بنية تحتية لوجيستية شاملة، حيث تم إحضار حاويات تحتوي على خدمات مثل الحمامات، والمطابخ، وحتى المكاتب الخاصة بالضباط»، ورجح أن «يتوسع النشاط ليشمل أعمدة اتصالات».

وأفاد بأن الجيش الإسرائيلي أحكم سيطرته على المناطق الحيوية في المنطقة، واحتل قمم التلال التي تكشف مساحات واسعة من سوريا، خصوصاً في المناطق الحدودية، وأقام حواجز عسكرية في التقاطعات داخل القرى السورية، مثل الحواجز المنتشرة في الضفة الغربية.

ومع نشر أنباء تقول إن عمليات الجيش تدل على أنه يخطط للبقاء هناك لمدة سنة على الأقل، قالت المصادر العسكرية لإذاعة الجيش الإسرائيلي إنه «من المبكر تقييم مدى استدامة هذا الوضع، ولكن قادة الجيش يعتقدون أنه لا أحد يعرف كيف ستتطور الأمور الآن في سوريا مع القيادات الجديدة، التي تدل تجربتها على أنها تحمل تاريخاً طافحاً بممارسات العنف الشديد والإرهاب من جهة، وتبث من جهة ثانية رسائل متناقضة حول المستقبل».

وأضافت المصادر: «وفي الحالتين ستواجه إسرائيل تحديات مستقبلية تتطلب بقاء طويل الأمد في المنطقة وتعزيز عدد القوات، ما قد يتطلب استدعاء قوات الاحتياط».

اليمين المتطرف

وتثير العمليات الإسرائيلية في الأراضي السورية قلقاً لدى أوساط عقلانية من أن تفتح شهية اليمين المتطرف على توسيع الاستيطان اليهودي في سوريا. ففي الأراضي التي تم احتلالها سنة 1967 أقامت إسرائيل نحو 30 مستوطنة يهودية، وتبرر إسرائيل احتلالها الأراضي السورية الجديدة بحماية هذه المستوطنات.

وقد لوحظ أن نتنياهو الذي وقف على أرض الجولان يوم الأحد الماضي، وأعلن إلغاء اتفاقية فصل القوات مع سوريا، تكلم خلال محاكمته الثلاثاء عن «شيء بنيوي يحصل هنا، هزة أرضية لم تكن منذ مائة سنة، منذ اتفاق (سايكس - بيكو 1916)».

وبحسب متابعين لسياسته فإنه لم يقصد بذلك إعطاء درس في التاريخ عن اتفاق من عام 1916 بين الدولتين العظميين الاستعماريتين في حينه، بريطانيا وفرنسا، اللتين قُسّمت بينهما أراضي الإمبراطورية العثمانية في الشرق الأوسط، وأوجدت منظومة الدول القائمة حتى الآن؛ بل قصد أنه يضع حداً لمنظومة الحدود في المنطقة.

ولربما باشر تكريس إرثه بصفته رئيس الحكومة الذي وسع حدود إسرائيل مثل دافيد بن غوريون وليفي أشكول، وليس الذي قلصها أو سعى لتقلصيها مثل مناحيم بيغن وإسحق رابين وأرئيل شارون وإيهود أولمرت وإيهود باراك.