هل يُعجّل استمرار التقارب المصري ـ التركي بترحيل «الإخوان»؟

مصافحة الرئيسين المصري والتركي بحضور أمير قطر على هامش افتتاح كأس العالم نوفمبر الماضي (الرئاسة المصرية)
مصافحة الرئيسين المصري والتركي بحضور أمير قطر على هامش افتتاح كأس العالم نوفمبر الماضي (الرئاسة المصرية)
TT

هل يُعجّل استمرار التقارب المصري ـ التركي بترحيل «الإخوان»؟

مصافحة الرئيسين المصري والتركي بحضور أمير قطر على هامش افتتاح كأس العالم نوفمبر الماضي (الرئاسة المصرية)
مصافحة الرئيسين المصري والتركي بحضور أمير قطر على هامش افتتاح كأس العالم نوفمبر الماضي (الرئاسة المصرية)

أثار إبعاد أنقرة إعلامياً موالياً لتنظيم «الإخوان»، خالف «التهدئة» مع القاهرة وتعليمات السلطات التركية، تساؤلات حول هل هذه الخطوة تُعجل بترحيل عناصر من تنظيم «الإخوان» المتواجدة في تركيا خلال الفترة المقبلة؟ خاصة في ظل استمرار تواصل التقارب المصري - التركي.
ومطلع الشهر الحالي، أجرى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي اتصالاً هاتفياً بنظيره التركي رجب طيب إردوغان، للتضامن مع أنقرة عقب الزلزال المدمر الذي ضرب مناطق بسوريا وتركيا. الاتصال المصري جاء بعد المصافحة التي جرت بين الرئيسين على هامش المباراة الافتتاحية لكأس العالم لكرة القدم بقطر، نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.
ومن جانبه، شكر الرئيس التركي نظيره المصري على الاتصال الهاتفي والمشاعر الطيبة. موضحاً أنها «تؤكد عمق الروابط التاريخية التي تجمع بين الشعبين المصري والتركي (الشقيقين)»، وفقاً لبيان رسمي تركي. وسبق أن أكد الرئيس التركي أن مصافحته مع نظيره المصري في قطر كانت «خطوة أولى نحو مزيد من التطبيع في العلاقات بين البلدين».
ووفق الباحث المصري المتخصص في الشؤون الأصولية، عمرو عبد المنعم، فإن «الغمري أعلن عبر صفحته الرسمية أنه غادر تركيا؛ لكن لم يحدد وجهته»، لافتاً إلى أنه «طلب من إحدى الدول الأوروبية خلال رحلته بالطائرة حق (اللجوء السياسي)». كما لفت عبد المنعم إلى أن «ترحيل الغمري مؤشر جديد على أن السلطات التركية لن تقف عند حد ترحيل الغمري فقط، فهناك شخصيات إعلامية، وعناصر محكوم عليها في قضايا عنف وقتل بمصر، من المُرشح أن تكون في المقدمة للترحيل، سواء إلى القاهرة، أو إلى أي دولة أخرى».
وفي فبراير (شباط) 2019، ظهر أول خلاف بين «شباب تنظيم الإخوان» و«قيادات الخارج»، خاصة المقيمة في تركيا، عقب ترحيل الشاب محمد عبد الحفيظ (حكم عليه بالإعدام في قضية استهداف النائب العام المصري الأسبق) إلى مصر. وفي أبريل 2021، وعقب بداية الحديث عن التقارب المصري - التركي، أبدى بعض شباب التنظيم الذين صدرت بحقهم «أحكام قضائية» في مصر تخوفاً من الترحيل للقاهرة، خاصة أولئك الذين لا يحظون بدعم «قيادات جبهة إسطنبول».
وقد أدرجت السلطات التركية من قبل عناصر «إخوانية»، بينهم مذيعون ومعدو برامج على ما يسمى بـ«أكواد الإرهاب»، وتم إبلاغهم بأنهم مطلوبون لمصر لانتمائهم إلى «تنظيم إرهابي». وقال مصدر مطلع إنه «بموجب (هذا الكود) تفرض السلطات التركية قيوداً مشددة على أنشطة هذه العناصر وتحركاتها».
وفي نوفمبر الماضي، برز تأكيد تركي بشأن ملف «تطبيع العلاقات» مع مصر، وفق ما أظهرت تصريحات مسؤولين أتراك. وقال نائب الرئيس التركي، فؤاد أوكطاي، في كلمة أمام «لجنة الموازنة» في البرلمان التركي، إن «اتصالاتنا مع مصر تستمر لـ(تطبيع العلاقات) في إطار (الإرادة المشتركة للجانبين والمصالح المشتركة والاحترام المتبادل)». وسبق حديث أوكطاي تصريحات لنائب وزير الثقافة والسياحة التركي، سردار جام، الذي وجَّه للمرة الأولى لمسؤول تركي، «انتقادات لـ(الإخوان)»، قائلاً، إن «التنظيم فَقَدَ مكانته بسبب الانقسامات واختراقه واقترابه من (جماعات العنف)». وأضاف في نوفمبر الماضي: «أصبح الآن هناك (جماعات الإخوان)»، في (إشارة إلى انقسام التنظيم إلى ثلاث جبهات متصارعة، هي «لندن» و«إسطنبول» و«تيار الكماليين»). كما لمَّح متحدث الرئاسة التركية، إبراهيم كالين، أخيراً، إلى «استمرار المشاورات على الصعيد الوزاري بين البلدين»، لافتاً إلى «إمكانية بلوغ مستوى تعيين سفراء لدى الدولتين، والإقدام على خطوات أخرى على صعيد الرؤساء».
في سياق ذلك، أشار عبد المنعم إلى «مخاوف عناصر الإخوان في إسطنبول من الترحيل من أنقرة مستقبلاً، وهو ما عبر عنه العديد من عناصر التنظيم في الخارج»، موضحاً أن «ترحيل الغمري رسالة لجميع الإعلاميين الموالين للإخوان في قنوات التنظيم، التي تُبثُّ من تركيا»، لافتاً إلى أن «لهجة الإعلامين الموالين للإخوان في تركيا أصبحت أكثر التزاماً خلال الفترة الماضية عند الحديث عن مصر، باستثناء قناة الشعوب الموالية للتنظيم، التي تُبثُّ من لندن».
واتخذت تركيا خلال الأشهر الماضية خطوات وصفتها مصر بـ«الإيجابية»، تعلقت بوقف أنشطة «الإخوان» الإعلامية والسياسية «التحريضية» في أراضيها، ومنعت إعلاميين تابعين للتنظيم من «انتقاد مصر». وفي نهاية أبريل (نيسان) 2021، أعلنت فضائية «مكملين»، وهي واحدة من ثلاث قنوات تابعة لـ«الإخوان» تُبثُّ من إسطنبول، وقف بثها نهائياً من تركيا. وكانت السلطات التركية قد طالبت في مارس (آذار) الماضي القنوات الموالية لـ«الإخوان» (مكملين، وطن، الشرق) بوقف برامجها «التحريضية ضد مصر، أو التوقف نهائياً عن البث من الأراضي التركية، حال عدم الالتزام بميثاق (الشرف الإعلامي) المطبق في تركيا».


مقالات ذات صلة

ضبط أجهزة كومبيوتر محمولة وأموال خلال مداهمة مقرّ جمعية إسلامية محظورة بألمانيا

أوروبا العلم الألماني في العاصمة برلين (أ.ب)

ضبط أجهزة كومبيوتر محمولة وأموال خلال مداهمة مقرّ جمعية إسلامية محظورة بألمانيا

صادرت الشرطة الألمانية أجهزة كومبيوتر محمولة وأموالاً، خلال عمليات مداهمة استهدفت جمعية إسلامية تم حظرها حديثاً، ويقع مقرّها خارج برلين.

«الشرق الأوسط» (برلين)
شؤون إقليمية إردوغان استقبل السيسي في مطار أنقرة في إسطنبول (من البث المباشر لوصول الرئيس المصري) play-circle 00:39

السيسي وصل إلى أنقرة في أول زيارة لتركيا

وصل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى أنقرة، الأربعاء، في أول زيارة يقوم بها لتركيا منذ توليه الرئاسة في مصر عام 2014

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي قوات من الأمن بميدان التحرير في القاهرة (أ.ف.ب)

مصر: توقيف المتهم بـ«فيديو فيصل» وحملة مضادة تستعرض «جرائم الإخوان»

أعلنت «الداخلية المصرية»، الثلاثاء، القبض على المتهم ببث «فيديو فيصل» الذي شغل الرأي العام، مؤكدة «اعترافه» بارتكاب الواقعة، بـ«تحريض» من عناصر «الإخوان».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
أوروبا الإعلامي بقناة «الشرق» الإخوانية عماد البحيري تم توقيفه بسبب التهرب الضريبي (من حسابه على  «فيسبوك»)

تركيا توقف إعلامياً في قناة إخوانية لتهربه من الضرائب

أحالت السلطات التركية، (الخميس)، المذيع بقناة «الشرق» المحسوبة على «الإخوان المسلمين»، عماد البحيري، إلى أحد مراكز التوقيف بدائرة الهجرة في إسطنبول.

سعيد عبد الرازق (أنقرة )
شمال افريقيا الرئيس عبد المجيد تبون (د.ب.أ)

الجزائر: فصيل «الإخوان» يرشح الرئيس تبون لعهدة ثانية

أعلنت حركة البناء الوطني (فصيل الإخوان في الجزائر)، الجمعة، عن ترشيحها الرئيس عبد المجيد تبون للانتخابات الرئاسية التي ستُجرى في 7 سبتمبر المقبل.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي، وبين مصر والمملكة خصيصاً. وأضاف: «كما يعد المشروع نموذجاً يحتذى به في تنفيذ مشروعات مماثلة مستقبلاً للربط الكهربائي»، موجهاً بإجراء متابعة دقيقة لكافة تفاصيل مشروع الربط الكهربائي مع السعودية.

جاءت تأكيدات السيسي خلال اجتماع مع رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ووزيري الكهرباء والطاقة المتجددة، محمود عصمت، والبترول والثروة المعدنية، كريم بدوي. وحسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية»، الأحد، تناول الاجتماع الموقف الخاص بمشروعات الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، في ظل ما تكتسبه مثل تلك المشروعات من أهمية لتعزيز فاعلية الشبكات الكهربائية ودعم استقرارها، والاستفادة من قدرات التوليد المتاحة خلال فترات ذروة الأحمال الكهربائية.

وكانت مصر والسعودية قد وقعتا اتفاق تعاون لإنشاء مشروع الربط الكهربائي في عام 2012، بتكلفة مليار و800 مليون دولار، يخصّ الجانب المصري منها 600 مليون دولار (الدولار يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية). وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، خلال اجتماع للحكومة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن خط الربط الكهربائي بين مصر والسعودية سيدخل الخدمة في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) المقبلين. وأضاف أنه من المقرر أن تكون قدرة المرحلة الأولى 1500 ميغاواط.

ويعد المشروع الأول من نوعه لتبادل تيار الجهد العالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من مدينة بدر في مصر إلى المدينة المنورة مروراً بمدينة تبوك في السعودية. كما أكد مدبولي، في تصريحات، نهاية الشهر الماضي، أن مشروع الربط الكهربائي مع السعودية، الذي يستهدف إنتاج 3000 ميغاواط من الكهرباء على مرحلتين، يعد أبرز ما توصلت إليه بلاده في مجال الطاقة.

وزير الطاقة السعودي يتوسط وزيري الكهرباء والبترول المصريين في الرياض يوليو الماضي (الشرق الأوسط)

فريق عمل

وفي يوليو (تموز) الماضي، قال وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، خلال لقائه وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، في الرياض، إن «هناك جهوداً كبيرة من جميع الأطراف للانتهاء من مشروع الربط الكهربائي المصري - السعودي، وبدء التشغيل والربط على الشبكة الموحدة قبل بداية فصل الصيف المقبل، وفي سبيل تحقيق ذلك فإن هناك فريق عمل تم تشكيله لإنهاء أي مشكلة أو عقبة قد تطرأ».

وأوضحت وزارة الكهرباء المصرية حينها أن اللقاء الذي حضره أيضاً وزير البترول المصري ناقش عدة جوانب، من بينها مشروع الربط الكهربائي بين شبكتي الكهرباء في البلدين بهدف التبادل المشترك للطاقة في إطار الاستفادة من اختلاف أوقات الذروة وزيادة الأحمال في الدولتين، وكذلك تعظيم العوائد وحسن إدارة واستخدام الفائض الكهربائي وزيادة استقرار الشبكة الكهربائية في مصر والسعودية.

ووفق المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، الأحد، فإن اجتماع السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول تضمن متابعة مستجدات الموقف التنفيذي لمحطة «الضبعة النووية»، في ظل ما يمثله المشروع من أهمية قصوى لعملية التنمية الشاملة بمصر، خصوصاً مع تبنى الدولة استراتيجية متكاملة ومستدامة للطاقة تهدف إلى تنويع مصادرها من الطاقة المتجددة والجديدة، بما يسهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

وأكد السيسي أهمية العمل على ضمان سرعة التنفيذ الفعال لمشروعات الطاقة المختلفة باعتبارها ركيزة ومحركاً أساسياً للتنمية في مصر، مشدداً على أهمية الالتزام بتنفيذ الأعمال في محطة «الضبعة النووية» وفقاً للخطة الزمنية المُحددة، مع ضمان أعلى درجات الكفاءة في التنفيذ، فضلاً عن الالتزام بأفضل مستوى من التدريب وتأهيل الكوادر البشرية للتشغيل والصيانة.

وتضم محطة الضبعة، التي تقام شمال مصر، 4 مفاعلات نووية، بقدرة إجمالية تبلغ 4800 ميغاوات، بواقع 1200 ميغاوات لكل مفاعل. ومن المقرّر أن يبدأ تشغيل المفاعل النووي الأول عام 2028، ثم تشغيل المفاعلات الأخرى تباعاً.

جانب من اجتماع حكومي سابق برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)

تنويع مصادر الطاقة

وتعهدت الحكومة المصرية في وقت سابق بـ«تنفيذ التزاماتها الخاصة بالمشروع لإنجازه وفق مخططه الزمني»، وتستهدف مصر من المشروع تنويع مصادرها من الطاقة، وإنتاج الكهرباء، لسد العجز في الاستهلاك المحلي، وتوفير قيمة واردات الغاز والطاقة المستهلكة في تشغيل المحطات الكهربائية.

وعانت مصر من أزمة انقطاع للكهرباء خلال أشهر الصيف، توقفت في نهاية يوليو الماضي بعد توفير الوقود اللازم لتشغيل المحطات الكهربائية. واطلع السيسي خلال الاجتماع، الأحد، على خطة العمل الحكومية لضمان توفير احتياجات قطاع الكهرباء من المنتجات البترولية، وانتظام ضخ إمدادات الغاز للشبكة القومية للكهرباء، بما يحقق استدامة واستقرار التغذية الكهربائية على مستوى الجمهورية وخفض الفاقد.

ووجه بتكثيف الجهود الحكومية لتعزيز فرص جذب الاستثمارات لقطاع الطاقة، وتطوير منظومة إدارة وتشغيل الشبكة القومية للغاز، بما يضمن استدامة الإمدادات للشبكة القومية للكهرباء والقطاعات الصناعية والخدمية، وبتكثيف العمل بالمشروعات الجاري تنفيذها في مجال الطاقة المتجددة، بهدف تنويع مصادر إمدادات الطاقة، وإضافة قدرات جديدة للشبكة الكهربائية، بالإضافة إلى تطوير الشبكة من خلال العمل بأحدث التقنيات لاستيعاب ونقل الطاقة بأعلى كفاءة وأقل فقد.