لماذا يتوقع العلماء زلزالاً في إسطنبول؟

مخاوف من تكرار حدث 1999 المدمر

بعض المباني التي تم بناؤها حديثاً تأثرت بالزلزال (أ.ف.ب)
بعض المباني التي تم بناؤها حديثاً تأثرت بالزلزال (أ.ف.ب)
TT

لماذا يتوقع العلماء زلزالاً في إسطنبول؟

بعض المباني التي تم بناؤها حديثاً تأثرت بالزلزال (أ.ف.ب)
بعض المباني التي تم بناؤها حديثاً تأثرت بالزلزال (أ.ف.ب)

بينما تسبب صدع «شرق الأناضول» في الزلزالين المدمرين اللذين شهدتهما تركيا مؤخراً، فإن صدعاً آخر يسمى «شمال الأناضول»، كان آخر نشاط مدمر له في عام 1999، ويخشى الخبراء أن أي نشاط زلزالي ناتج عن هذا الصدع، سيكون تأثيره مدمراً على مدينة إسطنبول، القريبة منه.
وتقع تركيا على هذين الصدعين الرئيسيين، ويتوقع باحثو الزلازل أن زلزالاً بقوة 7 درجات أو أقوى من المرجح جداً أن يضرب إسطنبول، القريبة من صدع «شمال الأناضول»، خلال الـ70 عاماً المقبلة.
وتتعرض الصفيحة الأناضولية الشمالية والشرقية لضغوط تكتونية من قبل الصفيحتين العربية والأوراسية، إذ يجري دفع الصفيحة الأناضولية باتجاه الغرب، وهذه الحركة يمكن أن تتسبب في حدوث زلازل كبيرة كل 100 عام أو أقل، مثل الزلزال الأخير الذي ضرب شرق تركيا.
وتسبب فالق شمال الأناضول في زلزال تاريخي، وصلت قوته إلى 7.8 درجة على مقياس ريختر عام 1939، وبعدها بنحو 60 عاماً، تسبب نفس الفالق في زلزال عام 1999، ويخشى أن يكون موعد الزلزال قريباً.
ويقول فاروق أوجاك أوغلو، أستاذ الهندسة الجيولوجية بجامعة «إسكي شهير عثمان غازي» التركية، لـ«الشرق الأوسط»، إن «السؤال هو متى سيضرب زلزال قوي إسطنبول؟ وليس إذا كان سيحدث أم لا».
ويخشى إحسان إنجين بال، الأستاذ في مجموعة الأبحاث حول الهياكل المقاومة للزلازل في جامعة هانزي للعلوم التطبيقية في هولندا، أنه «حال ضرب الزلزال مدينة إسطنبول، التي يبلغ عدد سكانها 15 مليون نسمة، فقد تحدث عشرات الآلاف من الوفيات، ما لم يتم اتخاذ إجراءات بشأن آلاف المباني في المدينة غير المقاومة للزلازل».
ويقول بال، في تقرير نشره موقع قناة «سي بي سي» الإخبارية الكندية في 9 فبراير (شباط) الجاري، إن «ما نراه اليوم في جنوب شرق تركيا، هو مجرد عينة لما سيحدث في إسطنبول، فما سيحدث في إسطنبول أكبر من ذلك بكثير».
وبينما بذلت الجهود لتحديث قوانين البناء والحماية من الزلازل بعد زلزال 1999، يقول بال إن «هناك تحدياً كبيراً في جعل المباني القديمة، التي بنيت قبل الزلزال، آمنة بما يكفي لتحمل الزلازل».
وقامت الحكومة التركية بتحسين لوائح البناء الخاصة بها بعد زلزال 1999 الذي قتل نحو 17500 شخص، حيث تم تحسين رمز التصميم الزلزالي التركي، وفي أواخر العقد الأول من القرن الحالي، أطلقت الحكومة التركية خطة تحول حضري واسعة النطاق لاستبدال بالمباني غير الآمنة للزلازل، أخرى محسنة زلزالياً، لكن بال «يشك في أن تلك الخطة تم تنفيذها بشكل جدي أو أن كل المباني التي بنيت بعد الزلزال التزمت بالمواصفات».
وقال بال إنه من خلال مشاهدة مقاطع الفيديو والصور من الزلازل الأخيرة، فقد انهارت المباني التي تم بناؤها قبل عام واحد فقط أو أقل، وهذا ليس من المفترض أن يحدث، فإذا كانت تلك المباني قد شيدت وفقاً لأحدث أنظمة الزلازل، حتى في ظل هذه الزلازل الكبيرة، فمن المفترض أن تتعرض لبعض الأضرار الجسيمة، دون أن يحدث لها انهيار كامل».
وتختلف التقديرات بشأن الخسائر المحتملة في الأرواح إذا ضرب زلزال إسطنبول، فبينما أجرت بلدية إسطنبول دراسة خاصة بها تقدر أن 14 ألفاً و500 شخص سيموتون إذا حدث زلزال بقوة 7.5 درجة في الليل، توقعت إحدى الدراسات التي أجراها مجموعة من الباحثين الأوروبيين مقتل ما بين 30 ألفاً و40 ألفاً.
ولكن بال يعتقد أن هذه التقديرات «منخفضة»، حيث قدرت دراسته الخاصة أنه سيتم تدمير 47 ألف مبنى، مع احتمال مقتل 150 ألف شخص.
من جانبه، يعتقد شريف الهادي، رئيس قسم الزلازل بالمعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية، أن «هناك تضخيماً في حجم المخاوف التي يمكن أن تتعرض لها إسطنبول، وهو أمر يعود إلى الخوف من دمار واسع تشهده هذه المدينة التاريخية». ولكن الهادي يعتقد أن نظرية «هجرة الزلازل» التي تم إثباتها علمياً، ترجح أن الزلزال المقبل، ربما يكون تأثيره على إسطنبول محدوداً.
ووفق هذه النظرية، فإن هناك هجرة تحدث للزلازل على نفس الفالق، فعندما يضرب زلزال منطقة ما، يحدث الزلزال التالي من نفس الفالق في منطقة أخرى.
ويقول الهادي إن «زلزال 1999 وقع في الجزء الغربي من منطقة مرمرة التركية، حيث تقع إسطنبول، ولذلك وفق هذه النظرية، يمكن أن يكون الزلزال التالي بعيداً عن تلك المنطقة». ويضيف أن «هذا لا يعني أن إسطنبول لن تتأثر به أو لن تشعر به، ولكن تأثيره سيكون محدوداً عليها، مقارنة بالمنطقة التي ستكون مصدراً للزلزال».
ورغم التوقعات التي تحدد مدى زمنياً لوقوع زلزال في أحد الفوالق، يؤكد الهادي أن «العلم الحديث لا يستطيع توقع الموعد المحدد». ويقول إن «هناك شبكات (جيودسية) تقول إن الفالق تحرك بمقدار معين، وأنظمة إنذار مبكر تشير إلى حدوث تجميع للطاقة في باطن الأرض في نطاق معين، لكن لا أحد يستطيع أن يحدد متى تسفر هذه الطاقة عن حدوث زلزال». ويضيف أن «هذا لا يعني التراخي، ولكن كل ما تستطيع أي دولة القيام به، هو الحرص على أن يكون البناء مقاوماً للزلازل».


مقالات ذات صلة

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

علوم النموذج تم تطويره باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

أنتجت مجموعة من العلماء هيكلاً يشبه إلى حد كبير الجنين البشري، وذلك في المختبر، دون استخدام حيوانات منوية أو بويضات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم الهياكل الشبيهة بالأجنة البشرية تم إنشاؤها في المختبر باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء يطورون «نماذج أجنة بشرية» في المختبر

قال فريق من الباحثين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إنهم ابتكروا أول هياكل صناعية في العالم شبيهة بالأجنة البشرية باستخدام الخلايا الجذعية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

تمكنت مجموعة من العلماء من جمع وتحليل الحمض النووي البشري من الهواء في غرفة مزدحمة ومن آثار الأقدام على رمال الشواطئ ومياه المحيطات والأنهار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
علوم صورة لنموذج يمثل إنسان «نياندرتال» معروضاً في «المتحف الوطني لعصور ما قبل التاريخ» بفرنسا (أ.ف.ب)

دراسة: شكل أنف البشر حالياً تأثر بجينات إنسان «نياندرتال»

أظهرت دراسة جديدة أن شكل أنف الإنسان الحديث قد يكون تأثر جزئياً بالجينات الموروثة من إنسان «نياندرتال».

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

توصلت دراسة جديدة إلى نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات على كوكب الأرض مشيرة إلى أن نظرية «تبلور العقيق المعدني» الشهيرة تعتبر تفسيراً بعيد الاحتمال للغاية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

مسؤول إسرائيلي يوضّح كيف تسبب نتنياهو في قرار «الجنائية الدولية»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
TT

مسؤول إسرائيلي يوضّح كيف تسبب نتنياهو في قرار «الجنائية الدولية»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

صرّح مسؤول كبير لهيئة البث العامة الإسرائيلية، اليوم الجمعة، بأن قرار المحكمة الجنائية الدولية بإصدار أمرَيْ اعتقال ضد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، كان من الممكن تجنبه لو سمح نتنياهو بفتح لجنة تحقيق رسمية في هجوم حركة «حماس» الفلسطينية يوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 والحرب التي اندلعت بسببه.

وقد رفض نتنياهو دعوات إجراء التحقيق، مدعياً أن مثل هذا التحقيق يجب أن ينتظر إلى ما بعد انتهاء الحرب، مع اتهامات من منتقديه أنه يحاول تجنب المسؤولية عن الفشل الذي حدث خلال الهجوم، وفق ما ذكرته صحيفة «تايمز أوف إسرائيل».

وأوضح المسؤول الإسرائيلي الكبير، الذي لم يتم الكشف عن هويته، أن «الإجراءات التي تقررها المحاكم الدولية يتم اتخاذها ضد دول ليس لديها قضاء مستقل قادر على التحقيق بنفسه. وكان من شأن لجنة تحقيق أن تثبت أن إسرائيل مستعدة للقيام بذلك».

وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية، الخميس، مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وغالانت والقائد العسكري في حركة «حماس» الفلسطينية إبراهيم المصري المعروف باسم محمد الضيف، بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في الحرب الدائرة بقطاع غزة.