القوات العراقية تحرر حي التأميم وتقترب أكثر من وسط الرمادي

مصادر أمنية: مسلحو تنظيم داعش يهربون غربًا متنكرين بملابس نسائية

جنود عراقيون داخل مجمع جامعة الأنبار في الرمادي أول من أمس (رويترز)
جنود عراقيون داخل مجمع جامعة الأنبار في الرمادي أول من أمس (رويترز)
TT

القوات العراقية تحرر حي التأميم وتقترب أكثر من وسط الرمادي

جنود عراقيون داخل مجمع جامعة الأنبار في الرمادي أول من أمس (رويترز)
جنود عراقيون داخل مجمع جامعة الأنبار في الرمادي أول من أمس (رويترز)

بدأت القوات العراقية المشتركة الصفحة الثانية من العمليات العسكرية لتحرير مدينة الرمادي من الجهة الغربية بعد تحريرها مجمع جامعة الأنبار في الضواحي الجنوبية من المدينة.
وقال نائب رئيس مجلس محافظة الأنبار، فالح العيساوي، في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «القوات المشتركة استطاعت في المرحلة الأولى للعمليات من السيطرة على بعض المناطق من الجهة الغربية والشرقية لمدينة الرمادي من خلال السير وفق خطط تكتيكية مرسومة فرضت من خلالها سيطرة كاملة على مجمع جامعة الأنبار واستغلت قواتنا فرصة تقهقر مسلحي تنظيم داعش لتحقيق التقدم باتجاه حي التأميم في الجزء الجنوبي من داخل مدينة الرمادي وتمكنت من تحرير خمس مناطق تابعة للحي، وهي مناطق القادسية الأولى والثانية ومنطقة المعارض ومركز الحرية ومنطقة البنايات السكنية وهي تواصل تقدمها إلى داخل المدينة، حيث تقف قواتنا الآن في الجهة الجنوبية للمدينة على بعد 3 كيلومترات من المجمع الحكومي وسط المدينة».
وأضاف العيساوي أن «الحكومة المحلية والحكومة المركزية تدعم العمليات العسكرية الحالية في الأنبار وهي تسير وفق ما خُطط لها وستشهد المرحلة الثانية من العمليات العسكرية الحالية تحرير مدينة الرمادي بالكامل».
وبالنسبة للفلوجة، أكد العيساوي «توقف العمليات العسكرية بشكل كامل بغية فسح المجال أمام آلاف العائلات المحاصرة داخل المدينة للخروج منها، وقد ألقت الطائرات العراقية تعليمات للأهالي تدلهم على كيفية الخروج والابتعاد عن مراكز وجود المسلحين الذين ستستهدفهم طائرات التحالف الدولي عبر ضربات مركزة من أجل إضعاف قوتهم قبل دخول قطعاتنا العسكرية لتحرير الفلوجة».
من جانب آخر، قال مصدر أمني من قيادة عمليات الأنبار في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن القوات الأمنية التابعة للقيادة «تمكنت من محاصرة عدد من مسلحي تنظيم داعش في المناطق المؤدية إلى ناظم الورار بالقرب من خط المرور السريع في المحور الشمالي لمدينة الرمادي». وأضاف المصدر أن «عملية عسكرية نفذتها القوات الأمنية المشتركة ومتطوعي العشائر من أبناء الأنبار أسفرت عن مقتل عشرات المسلحين وحرق عجلاتهم قرب الناظم». ولفت المصدر إلى أن تلك القوات تمكنت من معالجة العبوات الناسفة والسيارات المفخخة الموجودة في المنطقة التي تقدمت فيها.
وفي سياق متصل، أعلنت قيادة عمليات الأنبار السيطرة على الطريق الدولي السريع شمال مدينة الرمادي بالكامل. وقال قائد عمليات الأنبار اللواء الركن قاسم المحمدي في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «قوة أمنية من قيادة عمليات الأنبار شنت هجوما مباغتا على أوكار مسلحي تنظيم داعش شمال الرمادي وفرضت سيطرتها الكاملة على الطريق الدولي السريع الذي يربط بغداد بمحافظة الأنبار ويربط العراق بثلاث دول مجاورة». وأضاف المحمدي أن «الجهد الهندسي التابع لقيادة عمليات الأنبار تمكن من رفع 49 عبوة ناسفة من الطريق الدولي السريع قرب منطقة البو فراج، وشرعت قوة أخرى بعملية نوعية نفذتها في مناطق حصيبة الشرقية والمضيق أسفرت عن قتل 31 إرهابيا من تنظيم داعش وتفكيك 158 عبوة ناسفة زرعها التنظيم الإرهابي وسط المناطق السكنية في المناطق المذكورة».
وأشار المحمدي إلى «استمرار تقدم القطعات العسكرية باتجاه الدخول إلى مدينة الرمادي من محاورها الأربعة الأساسية والمتمثلة بالمحور الشمالي من الثرثار باتجاه البوعيثة نزولا نحو الرمادي، والمحور الجنوبي من جنوب بحيرة الحبانية وباتجاه العنكور وبمحاذاة البحيرة باتجاه الطاش وصولا إلى الرمادي، والمحور الغربي من الكيلو 18 باتجاه الملعب الأولمبي في الزنكورة وثم الرمادي، فيما يكون المحور الشرقي بتقدم القوات من خط الصد الأول في حصيبة الشرقية باتجاه السجارية وصولا إلى الرمادي لتحقيق الأهداف المرسومة وتحرير المدينة».
من جهة أخرى، تمكنت القوات الأمنية وبمساندة أبناء العشائر من صد هجوم شنه تنظيم داعش على منطقة الصديقية شرق مدينة الرمادي في محاولة منه لاستعادة نفوذه التي كسرها دخول القوات العراقية وتحرير جامعة الأنبار ومنطقة حي التأميم جنوب المدينة. وقال سفيان العيثاوي أحد قادة العشائر لـ«الشرق الأوسط» إن «القوات الأمنية وبمساندة أبناء العشائر تمكنوا من صد هجوم واسع شنه تنظيم داعش الإرهابي على القطعات العسكرية المتمركزة في منطقة الصديقية 10 كلم شرقي مدينة الرمادي، وأسفر الهجوم عن مقتل العشرات من إرهابيي تنظيم داعش». وأضاف العيثاوي أن «القوات الأمنية تمكنت من قتل كثير من الانتحاريين ودمرت الكثير من العجلات والآليات المفخخة التي استخدمها التنظيم الإرهابي أثناء الهجوم».
من جهتها، كشفت خلية الإعلام الحربي عن حالات هروب جماعية لكثير من عناصر تنظيم داعش متخفين بأزياء نسائية. وأشارت الخلية في بيان لها، إلى أن «حالات الهروب الجماعية للعناصر المتخفية وراء البراقع والحجب، كانت باتجاه منطقة هيت، ومناطق البو نمر» في غرب محافظة الأنبار، لافتة إلى أن تنظيم داعش «فقد زمام السيطرة على عناصره، خاصة بعد الضربات المؤثرة ودخول القطعات الأمنية إلى جامعة الأنبار».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.